الفصل التاسع والعشرون

4.2K 118 7
                                    

الفصل التاسع والعشرون







عبس فيردي وهو يقول :- أنت تغشين مجددا ..
قالت السيدة هوليا بتشدق :- لا ... أنا لا أغش ... بل أنت من يسرح عني مجددا فيتركني أفوز ..
من حيث يجلس إلى جانب سرير أمه.. كان قادرا على الإحساس بالحركات المكتومة للمرأة التي كانت تتحرك بخفة وراءه ... مرتبة بعض الأغراض مدركة هوس والدته بالترتيب من حولها .. وحاجتها لرؤية أشيائها الخاصة مكانها لا تتحرك ..
قال معيدا تركيزه نحو والدته وهو يعيد لملمة أوراق اللعب بغية خلطها وتوزيعها من جديد :- كيف لي الا أسرح وأنا أرى أفعال حفيدك المجنونة .؟؟؟
:- أتعني فراس ؟؟
:- وكم حفيد مجنون لديك ؟؟ طبعا أعني فراس .. أتقولين بأنك لا تعرفين حتى الآن ما فعله ؟؟؟
:- إن كنت تتحدث عن زواجه من أمان .. فأنا أعرف بهذا الأمر منذ البداية ...
صمت محدقا في والدته مصدوما .. فقالت بنزق :- لا تفتح فمك كالأبله أمامي ... هل كنت تتوقع من فراس ألا يشرح لي الوضع كله حين يأتي للفتاة لتقيم معي هنا ؟؟ هو أكثر تهذيبا واحتراما من هذا .. من الأفضل لك أن تتعلم منه شيئا من حسن الخلق ..
الضحكة المكتومة التي أتت من خلفه ... والتي وصلت إلى مسامعه رغم محاولاتثها الحثيثة كبتها .. أثارت غيظه وهو يقول مخاطبا والدته :- وهل أنت موافقة على الطريقة الفظة التي يعامل فيها أمان ؟؟ إنه يتصرف كرجال الكهوف ..
هزت كتفيها قائلة :- لا تحب المرأة الرجل الخانع ... أنا نفسي لم أقع في حب أبيك حقا حتى المرة الأولى التي صفعني فيها على مؤخرتي عقابا على تواقحي معه ..
سد أذنيه على الفور وهو يقول متظاهرا بالألم :- أمي ... أرجوك ... آخر ما أريد سماعه هو تفاصيل علاقتك الشائنة بأبي ...
:- أنت لست ولدا ... ستعرف ما اعنيه يوما ... عندما تثير غضبك امرأة إلى حد رغبتك بصفع مؤخرتها .. فاعلم أنها امرأة مميزة في حياتك ..
ألقى نظرة جانبية على جان التي اقتربت حاملة دواء والدته مع قدح من الماء وهو يقول من بين اسنانه :- ربما أعرف شخصا سيسعدني للغاية أن أصفعه على مؤخرته ...إلا أنني لا أفهم علاقة الأمر بالتميز في حياتي ..
احتقن وجه جان بالحمرة حتى وهي تحتفظ بملامحها ثابتة ... وتحرص على أن تبتلع والدته دوائها .. ثم تعتذر بكلمات مبهمة كي تذهب لتأتي لها بعشائها ..
راقبها فيردي وهي تختفي عبر الباب بينما كانت والدته تكرر :- سيأتي يوم تفهم فيه ما اعنيه ... اترك فراس وأمان وحدهما ... إن لم يكن مقدرا لهما أن يكونا معا ... فلا قوة على الأرض قادرة على إبقائهما معا ..
وإن كان مقدرا لهما أن يتصالحا .... سيفعلان حتى لو علقها من قدميها من ثرية الصالة ... ونتفت هي شعيرات لحيته واحدة واحدة أثناء نومه ...
نظر إليها مبهوتا للحظة ... ثم قال وهو يهز رأسه بأسف :- من الأفضل أن تتوقفي عن متابعة المسلسلات الخالية من الواقعية ...
:- أشاهدها أنا وجان كل مساء ... ربما أحداثها غير واقعية ... إلا أنك لا تستطيع أبدا أن تنفي وجود الحب . صحيح ؟؟؟
قال متهكما :- آه ... نعم .. إن كنت قد نسيت .. أنا أحببت امرأة كان كل ما أرادته مني هو مال أبي .. ثم تخلت عني عندما عرف بأنني لن أطول منه شيئا.. نعم أمي .. أنا من كباااار المؤمنين بالحب ...
هزت رأسها بأسف قائلة :- أمثالك هم من سينتهي بهم شهداء في سبيل امرأة لا يستحقونها ... ما رأيك يا جان ؟؟
التفت نحو جان التي كانت تحمل صينية الطعام وتدخل عبر الباب لتوها ... محدقة فيهما بارتباك وهي تقول :- مـ ..ماذا ؟؟
:- هل تؤمنين بالحب ؟؟
عقد ساعديه وهو يرمق الممرضة التي احتقت وجهها بحمرة التوتر والحرج .. وهو يردد :- آه .. نعم .. أخبرينا أرجوك يا آنسة جان ... هل تؤمنين بالحب ؟؟
دون أن تنظر إليه ... تحركت لتضع الصينية ذات القاعدتين الجانبيتين فوق ساقي السيدة هوليا وهي تقول باقتضاب :- طبعا أؤمن به .... الحب واقع ... إنما هو ترف لا يتاح للكثيرين ...
ثم اعتدلت وهي تخاطب والدته :- نادني إن احتجت إلي ...
عندما عادت لمغادرة الغرفة .... لم يبد على والدته أن لاحظت تلك الظلمة التي كست وجهه وهي تمسك بشوكتها وسكينها وتقول :- هي .... ستجد الحب بسهولة ... أما أنت ... فالأمر مستبعد ...
تطلب الأمر من فيردي الكثير من الجهد ... كي لا يقوم بتصرف طفولي أمام والدته كضرب قدميه على الأرض بقوة ... فقد كانت جان محقة ... الحب ترف ... دائما يقع على عاتق الشخص الذي لا يحتاجه أو يطلبه إطلاقا








رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن