الفصل الثاني والخمسون
قال عصام بهدوء :- أنا آسف لأنني لم أكن عصام غالي الذي كنت تأمل رؤيته ..
لم يحتج فراس إلا للحظات قليلة كي يتغلب على المفاجأة .. إذ سرعان ما اكتسى وجهه بالبرود التام وهو يقول :- إلا أنك لم تتورع عن استخدام اسمه كي تتمكن من الدخول إلى هنا ..
لم يبد على عصام المهدي الحرج أبدا على فعلته هذه .. إذ هز كتفيه قائلا :- هو اسمي أيضا .. وقد فهمت خلال لقائنا السابق بأنك تعرف هذا جيدا ...
راجع فراس كل ما يعرفه عن عصام المهدي والذي جمعه عنه خلال السنوات ... الرجل لا يخاف أبدا أو يخجل من شيء يؤمن به .. ولا يتراجع أبدا عن مهمة يضعها نصب عينيه ...
قال فراس بجفاف :- ما أعرفه هو أنك تنكر هذا الاسم على نفسك وترفض الاعتراف به ... ما الجديد ؟؟
تصلب وجه عصام وهو يقول :- علاقتك المتينة بعصام غالي لا تمنحك الحق في مناقشتي في أشياء لا تعنيك .. أنا هنا لا لأتحدث إليك عن علاقتي مع والدي ... بل عن علاقتك مع شقيقتي ..
كان فراس يدور بالفعل حول مكتبه ... يتحرك بحذر كي لا يسبب أي ألم مجفل يفضح ضعفه لخصمه عندما أوقفه ذكر عصام لأمان .. ودفع قلبه الخائن ... ذاك الضعيف .. الذي لم يكن بحاجة أبدا إلى طعنة سكين أخرى كي يئن الما ... توقف وهو يرفع رأسه سائلا بوجوم :- هل حدثتك أمان عني ؟؟
قال عصام بجفاف :- لا ... على الإطلاق ... هي لم تتحدث عنك أبدا منذ عودتها .. وهو ما دفعني للمجيء ... وفقا للطريقة التي انتهى فيها الأمر بينكما في استانبول على مرأى مني ... أظن الوقت قد حان كي نضع النقاط على الحروف .. ووضع نهاية لهذه العلاقة العقيمة ..
ببطء .. جلس فراس فوق مقعده .. وجهه جامد تماما وخالي من أي تعبير .. بينما هو ينظر إلى عصام الذي بدا مصمما للغاية وهو يجلس مواجها إياه .. ثم قال أخيرا ببرود :- الا تظن بأن أمان ناضجة بما يكفي كي تتعاطى مع أمورها الشخصية بنفسها ؟؟
قال عصام بدون تردد :- أنت ووالدها لم تفعلا هذا عندما أسرتماها بهذا الزواج بدون علمها لخمس سنوات كاملة .. صحيح ؟؟ فلم هذه الغيرة المفاجئة الآن على حقوق أمان ؟؟
أحس فراس بالغضب يزحف بين عروقه وهو يكبح رغبة عارمة في أن يتجاوز هذا المكتب الفاصل بينهما فينهال على شقيق زوجته المتبجح ضربا .. هو حقا لم يكن بحاجة إلى هذه المحادثة الآن .. هو لم يكن جاهزا لها إطلاقا .. أن يفكر بمصير علاقته بأمان .. حتى وهو يعرف بأن الأمر مسألة وقت لا أكثر قبل أن يجد نفسه في مواجهة السؤال المصيري ...
لكن ليس الآن .... عصام غالي نفسه ... لم يفتح معه الموضوع في آخر مرة تحدث فيها إليه وهو يشكره بعمق على اعتتنائه بأمان .. لقد أظهر له امتنانه الشديد على التأثير الذي عاد على أمان نتيجة قضائها الأشهر الماضية في استانبول ..
( لقد عادت إلينا أخيرا يا فراس ... حتى الآن أنا غير مصدق لهذا .. أنا أو سمر ... هي حتى لم تعاتبني حتى الآن على موضوع الزواج الذي أخفيناه عنها طويلا ... لقد بدت عند وصولها وكأنها لا تكاد تطيق صبرا قبل أن تجتمع بنا أخيرا ...)
لقد شكره ... دون أن يشعر بكلماته تمزق فراس شيئا فشيئا تاركة أعماقه تنزف .. لقد كانت أمان سعيدة بالعودة إلى عائلتها ... هي حتى كانت مستعدة لنسيان كل خلافها مع أبيها مقابل أن تتركه وترحل ...
في نهاية حديثه مع عصام غالي .. أخبره الأخير متفهما ( أنا آسف لأنني لم أستطع حضور جنازة جدتك .. أنت تفهمني بالتأكيد ... ما كنت لأستطيع أن أذهب إلى استانبول دون أن أرى أمان .. وخلال تلك الفترة .. رؤيتي لها ما كانت لتنتهي على خير ... سنتحدث قريبا فور أن تجري والدتك عمليتها وتطمئن عليها .. ثم نتفق على كل شيء ... أشكرك من جديد يا فراس .. أعرف كم كلفتك مساعدتي مع أمان طوال تلك السنوات )
لا ..... لم تكن لدى عصام غالي أي فكرة عن الأمر ...
أنت تقرأ
رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملة
Roman d'amourرواية بقلم المبدعة blue me الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للكاتبة blue me