الفصل الأربعون
قالت جيرين متأففة :- لا أفهم ما الذي ننتظره حتى الآن ... أنا أشعر بالتعب .. وأريد العودة إلى البيت
قال خلدون دون أن يزيح عينيه عن مدخل الفندق :- ستفعلين ... امنحيني دقائق أخرى بعد ...
كانت تعرف ما الشيء الذي كان خلدون ينتظره بالضبط .. وهي نفسها رغم كراهيتها للأمر .. كانت تتوق لإلقاء نظرة أخيرة نحو فراس مغادرا حتى لو كانت تلك الفتاة البلهاء متأبطة ذراعه ...
سيكون من الممتع أن تتمكن من رؤية نتيجة عملها المتقن مباشرة قبل أن تسمع عنها لاحقا ... فراس الحولي سيعود عازبا من جديد خلال فترة وجيزة .. وهي لن تكون جيرين إن لم تحرص على هذا ..
قسا وجهها وهي تراقب برفقة خلدون المدعوين يبدأون بالانصراف .. ثم فراس الحولي يغادر برفقتها محاطين بموظف الأمن الذي لم يفارقهما لحظة داخل الفندق .. وآخر كان ينتظرهما خارجا حيث كانت السيارة السوداء الثمينة تقف .. راقبت بجمود فراس وهو يفتح الباب الخلفي بنفسه لها ... يحرص على أن يتأكد من صعودها السيارة قبل أن يلحق بها .. ثم شهدتها أخيرا ...
في اللحظة التي كانت فيها أمان غالي تستعد لصعود السيارة ... تمكنت جيرين من رؤية تعابير وجهها التي تشنجت بألم للحظة قبل أن تعود فتستقيم وهي تختفي عبر الباب الخلفي ..
أعادت رأسها إلى الوراء وهي تتنفس بعمق قبل أن تقول لخلدون :- هل أنت مرتاح الآن ؟؟؟ هل تأكدت بأن فتاتك الصغيرة آمنة داخل السيارة برفقة فراس الحولي .؟؟؟ هل نستطيع الرحيل الآن ؟؟؟
أومأ برأسه واجما ... فانطلقت بالسيارة أخيرا عبر الطرقات يلفهما الصمت للحظات ثم قالت :- لا أفهم سبب إصرارك على مراقبتها بهذا الهوس .. أي مكروه قد يصيبها وهي هناك في حماية فراس الحولي نفسه ..
قال باقتضاب :- أنا لا أخاف مما قد يصيبها معه .. أنا أخاف مما قد يصيبها بعيدا عنه .. لأمان عادة سيئة في التسلل هاربة بين الحين والآخر للقيام بإحدى مغامراتها الحمقاء .. دائما .. لسبب أو لآخر .. تعرض نفسها للخطر ..
قالت بنزق :- أي خطر قد تستطيع فتاة صغيرة مثلها أن تعرض نفسها له .. أنت تبالغ يا خلدون ..
قال بجفاف :- هذه الفتاة الصغيرة التي لا تعجبك ... تعرضت العام الماضي فقط لمحاولتين قتل .. لملاحقة من عصابة دولية تتاجر بالمخدرات .. وللضرب .. مرتين .. الأخيرة كانت هنا في استانبول قبل ما يقل عن شهرين .. مما يعني أنني عندما أقول بأنها تحتاج إلى الحماية من نفسها قبل الآخرين .. فأنا لا أبالغ إطلاقا ..
هتفت مستنكرة :- هنا في استانبول !! .. أنت تمزح .. لقد ظننت بأن فراس يحاصرها فلا يسمح لها بأن تغيب عن عينيه .. فكيف لها أن تتعرض للضرب ..
تنهد قائلا :- هذا ما أقصده بالضبط ... لا أحد يستطيع إيقاف أمان أو حجزها إن ظنت أن شخصا ما يحتاج إليها .. هكذا هي دائما ... تفضل مصالح الآخرين على مصالحها .. وأمانهم على أمانها ..
صمتت للحظات وهي تتابع القيادة ثم قالت بهدوء :- تبدو شخصية مميزة للغاية ..
قال بحنان لم يخف عنها :- لقد سبق وأخبرتك بهذا ... لن تجدي مثيلا لأمان في أي مكان .. إنها فريدة من نوعها ...
تململت في ججلستها وأصابعها تشتد حول المقود حتى ابيضت سلامياتها .. ثم قالت :- إذن .. هل تساعد الآخرين ضمن وظيفة تقوم بها .. أم أنها تقوم بالأمر كهواية ..
ضحك بجفاف قائلا :- مساعدة الآخرين أسلوب حياة بالنسبة لأمان .. حتى وهي حبيسة المزرعة تمكنت من العثور على من تساعده من بين الخادمات .. لقد كادت تتعرض لأكثر من أذى جسدي لو أننا .....
تابع الحديث بانتشاء حول أمان وحماسها اتجاه مساعدة الآخرين دون أن يدرك كم كان انتشاؤه هذا يغضبها .. يثير جنونها .. أن تعرف بأن تلك الفتاة العادية مميزة حقا .. أو أن فراس ربما يراها بنفس الطريقة المثيرة للغيظ والتي كان خلدون يراها فيها ... لقد كان يقتلها ..
فراس سيكون لها ... يوما ما سيكون لها .. وتلك الفتاة ستخرج من حياته إلى الأبد قريبا جدا ...
أنت تقرأ
رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملة
Romanceرواية بقلم المبدعة blue me الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للكاتبة blue me