الفصل الثامن والعشرون

3.6K 106 2
                                    

الفصل الثامن والعشرين ...







تعلقت أسرار بذراع قائد وه تقول له بدلال :- لنرقص معا يا قائد ..
حدق بها غير مصدق وهو يقول :- أسرار ... أنا لم أرقص في حفل زفافنا ... فلماذا تتوقعين مني أن أفعلها الآن ؟؟
:- لم لا .. لن يهتز وقارك قليلا إن سايرت زوجتك الجميلة والحامل ... إنه أقل ما تستطيع فعله مقابل نفخك إياها كالبالون بطفلك المنتظر ..
أتاهما صوت أفكار التي كانت تقف إلى جانب قائد وهو يقول بملل :- هلا توقفتما عن غزلكما المبتذل ... يقدمون الطعام بعد قليل .. وأنا لا أريد لشهيتي أن تتأثر ..
تقبلت أسرار وقاحة أفكار برحابة صدر وهي تقول باسمة :- أعرف بأن وجودك هنا يثير الذكريات لديك يا أفكار ... يوما ما سقتحم حياتك رجل جيد . سيطيحك عن قدميك .. ويزيل كل هذه السخرية عنك بلمح البصر
نظرت إليها أفكار جامدة للحظات .. ثم التفتت نحو قائد قائلة :- زوجتك بحاجة إلى طبيب ....... الآن ..
ضحك قائد بينما عبست أسرار وهي تقول :- هذا ما أناله مقابل كوني زوجة أخ جيدة .. قائد ... أختك باتت مغرورة منذ اقترب موعد إصدار كتابها الموعود ...
ثم تفكرت قائلة :- ربما علي أنا أن أجرب حظي في مجال الكتابة ... لدي الكثير من الأفكار الكفيلة بإثارة جنون أي ناشر ... ما رأيك يا قائد ؟؟؟
قالت أفكار بتبجح قبل ن تتاح الفرصة لقائد كي يرد :- لن ينفع الأمر يا أسرار ... أنت أكثر جمالا من أن تتمكني من كتابة كلمة .. بناء على مقولة ( كوني جميلة واصمتي ) .. هي لم تأت من فراغ كما تعلمين ..
ضحكت أسرار بصوت مرتفع جعل أفكار تعبس بغيظ .. لقد أهانتها بحق الله ... ماذا عليها أن تقول أكثر كي تقنع زوجة شقيقها المجنونة بأن تغضب فتتركها وشأنها
قالت أسرار دون أن تتوقف عن الضحك :- يؤسفني أن أخبرك يا أفكار ... بأنك جميلة ... حتى وأنت ترفضين الاعتراف بهذا .. واليوم الذي يقيدك فيه رجل بطوق الزواج .. وهو يوم قريب جدا ... سيكون يوما مشهودا ..
تنحنح قائد وهو يمسك بمرفق أسرار مبتعدا بها وهو يقول :- أممم .. أسرار .. من الافضل أن نبحث عن أمي لنتحدث إليها عن ... ذلك الموضوع ..
قائد بحكمته المعهودة ... لو أنه لم ينقذ أسرار في اللحظة الأخيرة ... لانتهى بها الأمر ممزقة الشعر ... مخدوشة الوجه ... هه ... هي ... جميلة !!!
( أنني قد رأيت شعرك الطويل الأسود حرا وراء ظهرك بدون قيود .. بأنني قد عرفت بأنه ناعم أملس .. يصل حتى خصرك .. وأنني لولا حرمة المنزل الذي كنت أقف فيه .. ولولا احترامي لك .. ولمبادئك .. وحشمتك .. وحجابك .. لما منعت نفسي من مد يدي ولمسه )
تململت أفكار وهي تتذكر كلمات ذلك الرجل الوقح وعديم الحياء ... فور أن يتم إصدار كتابها .. هي ستغير دار النشر ... ولن تضطر بعدها لرؤيته أو السماع عنه مجددا ..
ثم وكأنها تحاول نزعه من عقلها ... لحقت بقائد وأسرار أيضا بحثا عن أمها ..







:- الحقيرة .... سارقة الرجال ... الوقحة المغرورة ...
نظرت السيدة هدية بعجز نحو بيان التي لم تتوقف عن البكاء منذ عرفت هذا الصباح بأن عزيز قد خطب هزار .. وأن خطبتهما تتم الآن ... كانت تبكي ... ترمي الأشياء بغضب .. ثم تعود لتبكي مجددا .. وهي توجه الكلمات البشعة اتجاه هزار .. بينما تقف إيمان في الزاوية ... تنظر إلى جنون بيان بارتباك .. ثم إلى أمها وكأنها تنتظر منها أن تجد حلا للمشكلة ... تنهدت وهي تقول برفق :- بيان ... يجب أن تكوني فرحة لأجلهما .. عزيز كان دائما بمثابة أخ لك .. بينما ...
قاطعتها بيان بشراسة :- لا ... عزيز أحبني ... أحبني أنا .. لقد سمعته يخطبني منك .. ما كان ليفعل لو أنه لا يحبني ...
أجفلت السيدة هدية وهي تعرف للمرة الأولى بأن بيان قد شهدت ذلك الحوار الخاص بينها وبين عزيز ... لقد عرفت منذ جاء إليها ذلك النهار طالبا منها يد بيان بأنه لم يعني حقا الخطوبة .. وأنه قد فعلها فقط كي يتمكن من حماية بيان وقد صدمه موت ليان بتلك الطريقة ...
لقد كان الإحساس بالذنب لأنه لم يتمكن من إنقاذ ليان هو دافعه ... إن لم يستطع حماية حبيبته ... فليحمي شقيقتيها على الأقل ..
هي نفسها عندما عرفت بخطوبة عزيز وهزار ... أحست بتلك الغصة داخل قلبها وهي تتذكر ليان ... ابنتها الكبرى الجارحة الجمال ... لقد كان مقدرا لها هي أن تتزوج بشاب رائع كعزيز ... إلا أنها لم تقدره حق قدره .. ولم تتمسك به كما انبغى لها ...
مازالت السيدة هدية تتذكر تلك الأيام التي كان فيها عزيز يتصل بليان .. فتقفل الهاتف رافضة الرد على اتصالاته ... عندما كان يأتي للزيارة ... فتحبس نفسها في غرفتها متظاهرة بالنوم ...
لقد عانى عزيز معها كثيرا ... ويستحق أن يجد فتاة لطيفة تسعده .. إلا أن هذه الفتاة ... لم تكن بيان ...
بيان الطفلة المدللة والعنيدة ... مازال الوقت مبكرا للغاية على ان تفكر في الزواج ... وجنونها الآن هو أكبر دليل على طفوليتها هذه ...
:- لقد كان يحبني أنا ... أنا ... قبل أن تأتي تلك الساقطة فتأخذه مني ..
حسنا ... هذا يكفي .. قالت بحزم وهي تقف :- بيان .. أنا لن أسمح لك مهما كنت غاضبة بأن تخطئي في حق هزار ... الزواج قسمة ونصيب .. وأنت يجب أن تكوني ...
عادت بين لتقاطعها قائلة بجنون :- مازلت تدافعين عنها ... مازلت مخدوعة بها ... أنت أيضا يعميك مظهرها الخارجي .. نظراتها المدروسة الخادعة فلا ترين شيئا من عيوبها ...
:- بيان ....
:- أنت لا تعرفين ... وعزيز أيضا على الأرجح لا يعرف ... إنما أنا أعرف ... لقد سمعتهم يتحدثون في الكلية .. وأنا لم أصدقهم .. إلا أنني أصدقهم الآن ..
توترت السيدة هدية وهي تقول :- ما الذي تتحدثين عنه يا بيان ؟
:- عن هزار ... وعشيقها السابق .. الرجل الذي قتل ليان ...
ساد الصمت في الغرفة إلا من شهقة إيمان التي أفلتت من فمها فاضحة وجودها المنسي .. أسرعت السيدة هدية تلتفت نحوها هاتفة بحزم :- إيمان ... اذهبي إلى غرفتك وأغلقي الباب ..
لم تتردد إيمان قبل أن تنفذ أمر والدتها فتسرع للاحتماء بجدران غرفتها ... فور أن أغلقت الباب ورائها ... التفتت السيدة هدية نحو بيان وهي تقول بتوتر :- بيان .. أنا لا أحبذ أن ترددي الأكاذيب والشائعات على مسمع من شقيقتك الصغرى ...
قالت بيان بغل :- هي ليست أكاذيب ... لقد سمعتهم يتحدثون عن هزار .. عن تعرضها للاختطاف قبل أشهر من قبل صديقها المجنون ... صديقها المهووس بها ... لقد كانت عشيقته .. هذا ما قالوه .. لقد قالوا أيضا أنه قد قتل صديقتها كي يتمكن من الوصول إليها ..
انتفضت السيدة هدية وهي تهتف بدون تردد :- كذب ... كذب ..
اغرورقت عينا بيان بالدموع وهي تقول :- أنا أعرف أكثر مما تظنين .. أنا أسمع كل ما يدور حولي .. وأعرف كل ما تحاولين إخفاؤه عني .. وأعرف أيضا ما لا تعرفينه .. بأن هزار .. الطاهرة البريئة التي تتشدقين دائما برقتها وإخلاصها .. مجرد عاهرة حقيرة قامت بقتل شقيقتي ثم سرقة الرجل المقدر له أن يكون لي ..
:- توقفي ... توقفي الآن
هتفت بها أمها بجزع ... ثم ازدردت ريقها وهي تحاول قلب كلمات بيان في عقلها ... قبل أن تقول من بين انفاسها :- كلماتك لا تعني شيئا يا بيان ... أي شيء .. حتى لو افترضت أن هزار قد تعرضت حقا للاختطاف على يد الشاب الذي قتل ليان .. هذا لا يعني سوى انها قد عانت .. ولا تستحق أبدا كلماتك الجارحة هذه ..
تدفقت دموع ليان وهي تقول :- مازلت لا تصدقينني .. لا تصدقين ما أقوله لك عنها .. هزار ليست كما تبدو أمي .. افهمي هذا .. كما سرقت منا ليان .. كما سرقت مني عزيز .. سيأتي يوم تسرق منا ما هو أغلى .. ما هو أغلى بكثير ..
تركت والدتها تقف مذهولة .. مرتبكة .. مكلومة بذرى قطعة من كبدها واراها الثرى بدون أي تمهيد .. واختفت داخل غرفتها مغلقة الباب ورائها بعنف شديد ...







رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن