الفصل الثاني والأربعون
اقتحمت بيان شقة والدتها كالاعصار .. مما جعل إيمان المنهمكة بكتابة دروسها تنتفض مذعورة ... ثم تحدق بعينين متسعتين في هزار وهي تلحق ببيان إلى داخل البيت وهي تقول من بين أسنانها :- انتظري يا بيان ... أنا لم أنهي كلامي معك بعد ..
أغلقت هزار الباب ورائها ... ثم التفتت نحو إيمان .. لتبتسم لها بتوتر قائلة :- مساء الخير يا إيمان ... كيف حالك ؟؟
أحست هزار وكأن دهورا قد مرت على المرة الأخيرة التي زارت فيها هذا المكان ثم غادرته بنية عدم العودة .. فجأة ..البيت الذي كانت تجد بين جدرانه السكينة بدا وكأنه يوشك على أن يطبق فوقها .. كان عليها أن تغادر .. أن ترحل .. إلا أنها لم تستطع .. إذ كان عليها أن تتحدث إلى بيان أولا ..
:- هل أمك هنا ؟؟
:- لـ ... لا ... لقد نزلت لتشتري شيئا من المتجر في نهاية الشارع ... إلا أنها ستعود قريبا ...
هذا جيد ... من الأفضل ألا تسمع السيدة هدية فحوى حوارها مع بيان .. اندفعت لاحقة ببيان إلى غرفتها .. فاتحة الباب الذي تعرف أن لا قفل له .. وهي تقول حزم :- بيان ... يجب أن تستمعي لما سأقوله لك ..
التفتت بيان نحوها هاتفة بشراسة :- أنا لست مضطرة للاستماع إلى أي شيء تقولينه ... أنت مجرد فتاة غريبة .. سارقة للرجال .. وأنا أريدك أن تخرجي من بيتي ..
اقتربت هزار وهي تقول من بين أسنانها :- منذ متى تصاحبين ناصر حسيب ؟؟
عقدت بيان ساعديها أمام صدرها وهي ترفع رأسها بعناد قائلة :- هذا ليس من شأنك ..
:- ليس من شأني ... أتعرفين من يكون ؟؟ هذا الشاب يدرس في الكلية منذ ... منذ عقد تقريبا دون أن يتخرج .. الكل في الجامعة يعرف من يكون إذ أن سمعته تسبقه إلى أي مكان ... ذلك الشاب تورط بفضائح خلال سنواتي أنا في الكلية يتجاوز عددها أصابع يدي معا ..
قالت بيان بتبجح :- هي شائعات لا قيمة لها ... يروج لها الحاقدون ..
نظرت إلى هزار بطريقة كانت توضح لها بأنها قد عنتها هي بالحاقدين ... فقالت هزار ساخطة :- هل غسل دماغك فما عدت تستوعبين ما يقال لك بشأنه ؟؟ الشاب معروف بعدد الفتيات اللاتي أوقع بهن في الكلية .. العشرات يا بيان .. العشرات .. اختفين فجأة وقد توقفن عن الدراسة دون أن يعترف أحد السبب .. إلا أن الكل كان يعرف .. لأن ناصر حسيب لم يكن يتوقف لحظة عن التغني بانتصاراته ... ذلك الرجل يعيش كي يلتقط الفتيات الساذجات فيحولهن إلى عاهرات يا بيان ...
قالت بيان وعيناها تبرقان بحقد :- لابد وأنك قد تخرجت على يديه إذن ... لأن هذا ما أراه الضبط في كل مرة أنظر فيها إليك ... عاهرة ... آه ..
أطلقت صرخة صدمة عندما هوت يد هزار على وجهها تصفعها دون أن تفكر ... هزار كانت لا تقل عنها صدمة .. لقد كانت تشعر بصدرها يعلو ويهبط وهي تتنفس بعنف في محاولة للعثور على أي أكسجين في المساحة الضيقة للغرفة ... إذ أنها عندما كانت تنظر إلى بيان في تلك اللحظة ... هي لم تكن تراها على الإطلاق ... لقد كانت ترى ليان ... ليان التي سقطت بين يدي رجل حقير وسافل دمرها قبل أن يقتلها دون أن تتمكن هزار من مساعدتها .. إلا أنها لن تكون هزار لو سمحت للشيء نفسه أن يحدث لبيان ..
قالت بصوت مثقل بالمشاعر الصارخة .. مشاعر كانت تبث الرعب داخل قلبها .. تفتح الأبواب من حولها .. تلك الأبواب .. رباه ... :- اعتبري ما أقوله تحذيرا يا بيان ... إن لم تبتعدي عن طريق ذلك الشاب .. فأنا سأخبر والدتك ... وأنا متأكدة من أنها لن تتردد في منعك من الذهاب إلى الكلية إن عرفت الخطر الذي تسيرين إليه بكامل إرادتك ..
كانت بيان تحدق بها من حيث تقف أمامها ... يدها تغطي وجهها المكدوم .. ينسدل شعرها فوق وجهها ليغطي إحدى عينيها ... بينما أطلت نظرة مظلمة بثت رجفة غريبة في أوصال هزار وهي تتراجع نحو الباب مرددة :- أنا جادة يا بيان ... أنا لن أسمح له بأن يؤذيك .. سأقاتله .. ولو كان آخر ما أفعله في حياتي ..
راقبتها بيان تختفي عبر باب الغرفة .. ثم سمعتها تتحدث إلى إيمان قبل أن تغادر الشقة .. فور سماعها صوت الباب الأمامي يغلق .. تناولت أول ما وصلت إليه يداها .. ورمته نحو الجدار ليتحطم بدوي قوي ...
لن تسمح لها ... لن تسمح لها أبدا بأن تقف في طريقها مجددا ... إن ظنت هزار بأنها ستأخذ منها ناصر كما أخذت منها عزيز ... فهي مخطئة تماما ..
أنت تقرأ
رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملة
Romanceرواية بقلم المبدعة blue me الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للكاتبة blue me