الفصل الرابع والخمسون

4.8K 112 2
                                    

الفصل الرابع والخمسون







انتقلت نظرات مريم الشاعر بين كل من نوار وآدم الجالسين جنبا إلى جنب فوق الأريكة في غرفة ضيوف منزل آل شاعر ... قبل أن تقول بهدوء :- لم لا تصعدي للاطمئنان على هزار يا نوار ..
كان عزيز قد أعاد هزار إلى منزل آل شاعر قبل ساعة تقريبا حاملا إياها بين ذراعيه بعد أن نامت في سيارته في الطريق .. وقد بدت في حالة يرثى لها من الإعياء إلى حد لم يجرؤ أحدهم على أن يعترض عزيز بكلمة وقد كان هو من أعادها إليهم في النهاية .. حتى عندما أصر على أن يحملها بنفسه إلى غرفتها .. وأن يبقى معها هناك كي ينهيا حديثهما .. حتى همام زم فمه غاضبا دون أن يقول شيئا .. مكتفيا بمراقبة عزيز يختفي بها صاعدا الدرج .. قبل أن يختفي عبر الباب الخلفي للمنزل كالإعصار ...
عندما عادت نوار فجأة إلى البيت برفقة آدم ... حسنا ... هي حقا ليست في مزاج جيد للتعامل مع آدم أمين الآن ... إلا أن تلك النظرة القلقة في عيني نوار وهي تخبر والدتها بأنها ستعود إلى آدم .. وكأنها حتى ومريم الشاعر تعرف بأنها ستفعل في النهاية ما تريد ... وأن أحدا لن يتمكن أبدا من منعها عن الرجل الذي ضحت بكل شيء لأجله .. ما تزال تعبأ برأي والدتها به .. وفي شوق لموافقتها عليه .. جعلت شيئا عميقا يتحرك داخلها ...
ترددت نوار وهي تقول بتوتر :- لا أظن أن ....
قاطعها آدم قائلا بهدوء :- اذهبي يا نوار ... أعرف بأنك قلقة على هزار ...
زمت فمها في نية للتمرد .. فربت على يدها وهو يكرر بهدوء .. عيناه الرماديتان تطالبانها بالثقة ... تلك الثقة التي طالبها بها قبل عام تقريبا فمنحته إياها إلى جانب حبها الخالص .. ثم أدركت بأن آدم لا يحتاج إلى حمايتها .. بأنه وقف إلى جانبها مرة كي تتمكن من أن تعثر على قوتها الداخلية التي كانت دفينة داخلها .. هي أيضا ستساعده بكل ما لديها كي يتمكن من استعادة قوته التي أحبتها فيه دائما ..
همست وهي تشد على يده :- لن أتأخر ...
راقبها آدم وهي تغادر الغرفة مغلقة الباب ورائها بهدوء ... ثم التفت نحو مريم الشاعر التي كانت تراقبه بإمعان شديد . وجهها الشبيه بوجه نوار إنما أكبر سنا غير مقروء على الإطلاق ... ثم تكلمت أخيرا وهي تقول بهدوء :- أظن الوقت قد حان بعد عام كامل كي نتحدث أنا وأنت .. وجها لوجه .. وللمرة الأولى .. وبكل صدق ...











:- همام ...
تنهد همام عندما عثرت عليه ليلى كما كان يتوقع في الحديقة الخلفية من المنزل .. حيث كان يبحث عن مكان منعزل يراجع فيها مشاعره وأفكاره .. بدون تردد .. انضمت إليه فور أن فتح ذراعه ليحتويها قريبا منه .. تريح رأسها فوق كتفه وهي تقول :- حسنا .. أنا أعرف بأنك لا تتعاطى جيدا مع الخسارة ..
زم فمه قائلا بضيق :- أنا لا اعرف عما تتحدثين ..
رفعت رأسها وهي تنظر إليه وعيناها تبرقان بالتسلية وقالت :- أنت تعرف جيدا بأنني أتحدث عن عزيز .. أنت غاضب لأن هزار قد لجأت إليه .. بأنها بذهابها إليه قد أوضحت تمسكها به .. أنت لا تملك أن تمنعه عنها بعد الآن ...
تنهد وهو يقول :- صدقي أو لا تصدقي .. مشكلتي ليست مع عزيز ... أنا ما كنت لأقبل منذ البداية بارتباطه بهزار لو أنني أشك بلحظة بجدارته بها ..
قطبت قائلة :- لماذا كنت تضطهده إذن .. ؟
هز كتفيه قائلا :- منذ البداية وأنا أفرضه عليها فرضا ... أعرف بأنها تتقبله .. تتواصل معه جيدا .. إلا أنها لم تختره يا ليلى .. لقد كنت أنتظر لحظة تشير إليه ... مؤكدة على أنه من تريد ..
قالت بهدوء :- وها قد فعلت ... ذهابها إليه يؤكد أنه من تريد يا همام .. أنها تثق به .. وتأتمنه على نفسها ..
تمتم :- هذا صحيح ..
:- أهذا ما يغضبك ... أن عصفورتك الصغيرة تحلق أخيرا بعيدا عنك ؟؟
هز رأسه قائلا :- قد يكون إحساسي هذا ساذجا ... إذ أن هزار أثبتت مرة بعد مرة أنها أقوى من أي شخص عرفته في حياتي ..
سرت قشعريرة على طول جسده وهو يتذكر ما مرت به حتى الآن ... تبا ... رغم كل شيء ... هي لم تتردد في تعريض نفسها للخطر مجددا في سبيل مساعدة تلك الفتاة الحمقاء ... أم تراها كانت تساعد نفسها هي ؟؟ أترى دافع هزار للذهاب كان أكبر بكثير مما يظن .. هل كانت صغيرته تشفي نفسها بنفسها دون أن يدرك أحدهم هذا ؟؟
تنهد قائلا :- فقط ... أتمنى لو أنني أفهمها كما يفهمها هو ..
قالت بتلاعب :- أنت تفهمني أنا ... ألا يكفي هذا ..
أدار عينيه وهو يشدها ضاما إياها إلى صدره وهو يقول :- أنت ... أخاف أن أموت بأزمة قلبية إن حصل وفهمتك يوما ... من الأفضل ان أظل جاهلا معك .. وأتمسك بالأشياء القليلة التي أفهمها ...
ضحكت عندما ألحق قوله بالفعل و قبلها .. إذ كان هو سببا لكل شيء حي فيها .. لقد كان حياتها ..









رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن