الفصل الرابع عشر

4K 106 7
                                    

الفصل الرابع عشر





رسالة من سراب ...

سأقضي هذه الليلة بدون نوم ....
إذ أنك قريبا ستكونين لي ...





أوقف عزيز السيارة أمام منزل آل شاعر بعد دقائق طويلة من الصمت المطبق والمشبع بالتوتر بينه وبين هزار التي اكتفت طوال الطريق بالتحديق عبر النافذة وكأنها لا تطيق صبرا كي تقفز خارج السيارة مبتعدة عنه ... سمع صوت قفل حزامها وهي تحله قائلة باقتضاب :- شكرا على التوصيلة ..
أوقفها قبل أن تفتح الباب قائلا :- انتظري ... أرغب بالتحدث إليك ..
قالت بخشونة :- إن كان ما ستقوله مرتبط بفرح فأنا أطمئنك إلى أن ما تريده قد حدث .. لقد أخبرتني فرح هذا المساء بأنها لا تريد أي صلة بي بعد الآن ...
ازدرد ريقه وهو يستشعر المرارة والألم في صوتها ... مطمئنا بالفعل لأن فرح قد وفت بعهدها له ... وغاضبا في الآن ذاته لاضطراره لانتزاع ذلك العهد منها في المقام الأول .. قال بتوتر :- أردت أن أعتذر منك لا أكثر ... على ما بدر مني ذلك المساء ... لم يكن من حقي معاملتك بتلك الطريقة أثناء وجودك في منزلي ... وبحضرة كل من والدتي وشقيقتي .. وقطعا لم يكن من حقي إخافتك كما فعلت بعدها ..
رأى وجهها يزداد شحوبا وكأن الذكرى بحد ذاتها كانت تعيد إليها الإحساس نفسه بالخوف .. بينما قالت من بين أنفاسها :- لا بأس .. أنت كنت غاضبا .. الأمر لم يكن مهما ..
أغمض عينيه للحظة وهو يقول بحدة أجفلتها :- لقد كان مهما بحق الله ... أنا أخفتك .. أنا تهجمت عليك فعليا في منتصف الشارع .. وأنا ..... أنا لا أفعل أشياء كهذه أبدا ...
صمتت للحظات وهي تتحاشى النظر إليه .. ثم قالت بصوت مكتوم :- لا نسيطر دائما على أفعالنا .. الغضب .. والخوف .. وغريزة البقاء ... تدفعنا أحيانا لفعل أشياء .. لا نفكر أبدا بأننا قادرين على فعلها ..
نظر إليها متعنا وهو يتساءل عما اضطرت هزار لفعله مدفوعة بغريزة لا يد لها فيها .. قال بهدوء :- أنا لا أستحق تفهمك ..
قالت بخشونة :- وأنا لا أستحق تعاطفك .. و لا أفهم أين تريد أن تصل بهذا الحديث ..
أسرع يقول :- صنع هدنة بيننا ... أنا أعرف بأنك لن تتوقفي أبداعن زيارة عائلة ليان .. حتى لو طلبت منك أن تفعلي هذا بأدب ... صحيح ؟؟
تمتمت بعد لحظات من الصمت :- صحيح ..
:- أنا أيضا لن أتخلى عنهم .. أو أتوقف عن زياتهم .. مما يعني أننا يجب أن نجد أرضا ثابتة نقف عليها معا دون أن نتشاجر في كل مناسبة تجمعنا ..
راقب جمودها وكأنها تحاول استيعاب ما يريده منها ... ثم سألته ببرود :- ما الذي تريده بالضبط من هذا العرض الغير مقنع بالصداقة ...
زفر بقوة متساءءلا إن كان مكشوفا للغاية لها .. أم أنها فقط لا تثق بأن يمتلك أي شخص أهدافا خالصة بدون نوايا دفينة ... قال بتوتر :- لقد .... تبا .... لقد كنت أتصفح منذ أيام صفحة ليان على الفيس بوك ..
مرر يده عبر شعره المائل للتجعد وهو يقول :- أفعلها بين الحين والآخر .. عندما تكون ذكراها أقوى مما أريد ... عندما أشعر بالعجز .. بالإحباط .. بالقهر لأنني لا أستطيع أن أعود بالزمن إلى الوراء فأغير شيئا مما حدث لها ...
ساد الصمت ثقيلا للحظات طويلة .. قبل أن تقول بهدوء :- أفعل هذا أنا أيضا أحيانا ..
نظر إليها بيأس وهو يقول :- أنت مختلفة ... أنت كنت صديقتها .. أنت عرفتها كما لم تسمح لي بأن أفعل .. أنت كنت معها خلال السنوات الأربع السابقة .. بينما كنت أنا مضطرا لتتبع آثارها عبر النت كلما أردت أن أعرف عنها شيئا بحق الله ..
أشاحت بوجهها نحو النافذة وهي تقول بصوت مكتوم :- لا أظن أحدا على الإطلاق عرف ليان كما يجب ... فلا تظن أنني كنت أمتلك الأفضلية ..
سمعته يأخذ نفسا عميقا قبل أن يقول :- أخبريني عنها ..
التفتت إليه تنظر إليه بارتباك .. فكانت قادرة على رؤية العذاب في عينيه السوداوين وهو يقول :- القليل الذي عرفته عنها على الأقل ... عن ليان التي كانتها خلال السنوات السابقة ..
عندما بدا عليها التردد قال بصوت أجش :- أرجوك ...
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تقول :- أنت قصدت الشخص الخطأ ...
أحس بغصة تقف في حلقه وهو ينظر للألم في وجهها الرقيق وهي تقول :- أنا ... أنا ظننت بأنني أعرف ليان جيدا ..إلا أنني كنت مخطئة .. لو أنني عرفتها كما يجب .. لو أنني ... لو ....
توقفت للحظة .. وكأن الكلمات كانت تجد صعوبة في الخروج من فمها .. فأحس بدموعه تحرق عينيه دون أن يعرف السبب .. أطلقت شهقة قصيرة وهي تقول :- لقد كنت صديقة سيئة ... سيئة للغاية ... لقد كنت أنانية .. عمياء .. لم أر سوى نفسي .. لم أستطع أن أساعدها .. لو أنني عرفت ..
بدون مقدمات فتحت الباب وترجلت من السيارة .. فلحق بها بسرعة وهو يهتف بها بخشونة :- انتظري





رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن