الفصل الحادي والخمسون

3.9K 122 5
                                    

الفصل الواحد والخمسون







:- هزار !!
هب همام من مقعده فور أن رآها واقفة عند باب غرفة الطعام .. وجهها كما كان منذ أيام ... لوحة رخامية شاحبة .. الهدوء في عينيها العسليتين يثيران فيه خوفا لم يعرف أبدا أنه من الممكن أن يشعر به .. اقترب منها ببطء وهو يقول برفق بينما يشعر بأحاسيسه تخنقه وهو يفكر بأنها قد خرجت من غرفتها أخيرا .. بأنها قد بدأت تحطم قوقعتها :- هل أنت بخير يا عصفورة ؟؟ هل تحتاجين إلى شيء ؟؟
قبل أن يصل إليه هو أو والدته التي لحقت به نحوها على الفور .. قالت بهدوء :- لا ... سأخرج قليلا إلى حديقة المنزل ...
نهضت نوار وهي تقول بصوت أجش .. بدا واضحا أن دموعها المكبوتة كانت سببا فيه :- سأرافقك ..
:- لا ..
لم تتغير ملامح هزار أبدا وهي تقول :- أريد أن أكون وحدي ..
بدون انتظار لأي رد كانت قد تحركت بطريقتها الشبحية متخفية عن الأنظار وكأنها لم تكن واقفة أمامهم منذ لحظات فقط ..
قطعت والدته الصمت وهي تقول باكية :- لقد خرجت .. لقد خرجت من غرفتها ..
استدار همام ليقابل عيني نوار الدامعتين بينما تقول :- لقد سبق وأخبرتك ... لعزيز تاثير إيجابي عليها ..
للحظات ظل صامتا ... وكأنه يحتاج إلى الوقت كي يتمكن من تمالك مشاعره .. ثم قال بخشونة :- هذا لا يصنع فارقا ... عزيز لن يعود إلى حياة هزار حتى ترغب هي بذلك ...








عند باب مكتبه الجديد ... استندت يارا إلى الإطار الخشبي وهي تراقبه أثناء انشغاله بمحادثة هاتفية بدت مهمة .. على شفتيها شبح ابتسامة وفخر وهي تفكر بأن هذا الرجل الرائع ... هو خطيبها هي .. وسيكون زوجها خلال أسابيع قليلة فقط ...
رغم رفضها للانتظار قبل إتمام الزواج ... كان عصام مصرا على أن ينتهي العمل في المبنى الجديد قبل أن يتزوجا كي يتمكن من أخذها في رحلة شهر عسل .. مصرا على ألا يترك ورائه أشخاص في حاجة لمساعدته دون أن يؤمن احتياجاتهم أولا .. وفي الآن ذاته .. هو لن يقبل بأن يسمح لأي شيء أن يشغل أحدهما عن الآخر بعد زواجهما خاصة وقد عانا كثيرا حتى وصلا في النهاية إلى بعضهما ...
حبها له كان ينمو مع الوقت كلما ازدادت يقينا بروعته وتفرده ... ما الذي فعلته يارا كي تستحق رجلا مثله ... ربما والدتها تعتقد بأن يارا تتنازل عن الكثير في سبيل هذا الارتباط ... إلا أن يارا ترى العكس تماما ...
فلماذا قد يربط رجل بوسامته .. بمميزاته ... بشعبيته الكبيرة .. بامرأة مطلقة وأم لطفلتين ؟؟
الإجابة واضحة ... لأنه يحبها ... ولأنها تحبه ... رفضت تماما أن يغير اسمه من المهدي إلى غالي لأجلها .. بل أصرت على أنه حين يفعلها ... فإنه سيفعلها لأجل نفسه قبل كل شيء .. لأنها لا تهتم بمن يكون ... وبما يكون اسمه .. هي أحبت الرجل ... بكل ما فيه .. بماضيه وحاضره .. بكل مزاياه وعيوبه ...
المكتب الجديد كان أكبر حجما من ذاك القديم ... إلا أنه لم يقل عنه فوضى ... كالعادة لا يتمكن عصام من العمل دون أن تحيط به العشرات من الصناديق ... وتغطي مكتبه الملفات والأوراق ...
أنهى مكالمته ثم التفت إليها ... منحها ابتسامته الدافئة المألوفة وهو يرمقها بنظرات الشوق التي لا تتوقف أبدا :- تعالي وأغلقي الباب ورائك ..
قالت بتلاعب :- لماذا ؟؟ أهناك سر تريد إخباري به بعيدا عن مسامع الآخرين ..
ضحك وهو يخطو نحوها قاطعا المسافة بينهما بسهولة ... ساحبا إياها دون أن ينتظر استجابتها لأمره ... مغلقا الباب وهو يدفعها لتستند إليه محاصرا إياها بينه وبين جسده .. أطل عليها مقربا وجهه من وجهها وهو يقول بصوت أجش :- أسراري كلها معك وأنت تعرفين هذا ...
قبل أن تستمر بممازحته كان قد مال ليقبلها بشوق وشغف جعلاها تذوب كما في كل مرة يلمسها فيها .. عندما رفع رأسه كانت وجنتاها متوردتان وهي تغمغم :- ممم ... ذكرني مجددا بالسبب المنطقي الذي أجلنا لأجله زفافنا ...
ابتسم والتسلية ترتسم في عينيه وهو يقول :- أسبابا ... لا سبب واحد .. إلا أنها توشك على النفاذ أخيرا .. لن يطول الوقت الآن قبل أن أحظى بك أخيرا لنفسي ..
ثم بهتت ابتسامته وهو يقول :- كما أن أمان هنا الآن ... وستتاح لها الفرصة كي تحضر زفافنا ...
اختفت ابتسامتها وهي تقول بقلق :- لقد لمحتها قبل لحظات ... عصام ... أمان تبدو ... تبدو مختلفة ..
تمتم :- أعرف ...
:- لا ... لا تعرف .. إنها أشياء لا تميزها في امرأة سوى امرأة أخرى ... ما يعتري أمان الآن .. ذبولها وحزنها ... لا يمكن أن ينتج إلا أن قلب مكسور ..
تنهد بحرقة ... ثم قال وهو يربت على وجنتها :- لا تقلقي يا يارا ... سأتحدث إليها .... لكن ليس الآن .. هناك عمل علي أن أقوم به أولا ... هلا غطيت غيابي لساعة أو اثنتين ؟؟؟







رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن