الفصل الحادي والثلاثون

3.9K 121 3
                                    

الفصل الواحد والثلاثون







كان همام يراجع بعض الأوراق عندما دخلت سكرتيرته بعد أن طرقت الباب قائلة بارتباك :- سيد همام .. إنها الآنسة شيرين مجددا ..
رفع همام رأسه وهو يزفر بقوة قائلا :- لقد سبق وطلبت منك إخبارها إن جاءت للزيارة أنني مشغول ..
:- لم أعهدك كاذبا قط يا همام ..
هز رأسه وشيرين كالعادة لا تنتظر دعوة كي تقتحم مكتبه فتطل من وراء السكرتيرة وهي تقول زامة فمها بحنق طفولي .. فقال متأففا :- أنت قادرة على دفع قديس للخطيئة بإلحاحك ..
ابتسمت بتلاعب وهي تقول :- هذا خبر جيد .. ويعني أنني سأصل إلى شيء في النهاية على اعتبار أنني أعرف بأنك لست قديسا ..
أشار لسكرتيرته كي تتركه بمفرده مع شيرين .. وانتظر حتى أغلقت الباب ورائها كي يقول بنفاذ صبر :- ما الذي تفعلينه هنا ؟؟
:- أزورك ... ما الأمر يا همام .. لقد كنا صديقين حميمين مرة .. أما عدت تحتمل أن تراني الآن ..
تنهد وهو ينهض قائلا :- شيرين ... أنا كنت واضحا معم في لقائنا قبل أشهر .. كما كنت واضحا عندما زرتني في مكتبي المرة الماضية ... لقد كنت دائما أعز صديقة لي .. إلا أنني إن خيرت يوما بين صداقتنا .. وعلاقتي بزوجتي .. فأنا لن أتردد في اختيارها هي ..
قالت وهي تقترب لتسند وركها إلى حافة مكتبه قائلة وهي تهز كتفيها :- لا أفهم لماذا تشعر زوجتك بكل هذا التهديد اتجاهي .. هي تعرف بأنني قد زرتك في مكتبك .. صحيح ؟؟
قال من بين أسنانه :- نعم ... تعرف .. إذ أنني لا أخفي عن ليلى شيئا .. وكما سبق وقلت .. أنا لست بكاذب .. ولا .. أنت تعرفين جيدا لماذا أفضل بقائك بعيدة عن حياتي .. فلا تتظاهري بالغباء ..
قالت وعيناها الواسعتان ترفرفان نحوه ببراءة :- كل ما أريده هو أن أستعيد صداقتنا يا همام ... نحن معا منذ عشر سنوات بحق الله ..
قسا وجهه وهو يقول :- هذا اختيار سيء للكلمات يا شيرين ... نحن أبدا لم نكن معا ... لقد كنا صديقين وشريكي عمل لا أكثر ..
عندما رأى فمها يتوتر .. قال بهدوء :- عودي إلى الولايات المتحدة يا شيرين ... فما من سبب يبقيك هنا ..
نهضت وهي تتمطى بكسل ... سامحة له بأن يلقي نظرة شاملة نحو جسدها الرشيق والمغري بالملابس الأنثوية التي كانت ترتديها وهي تقول :- مممم ... سأعود في النهاية .. في الوقت المناسب طبعا .. ألم أخبرك بأنني أستمتع للغاية بالوقت الذي أقضيه في استعادة جذوري في الوطن ؟؟؟
غمزت وهي ترمي نحوه قبلة طائرة متجهة نحو الباب :- أراك قريبا يا همام ...
تنهد عندما غادرت مقفلة الباب ورائها ... مهما كان هدف شيرين .. ومهما كان ما تسعى إليه .. هو لن يسمح لها أبدا بأن تعبث بعلاقته الوليدة مع ليلى ... حتى وهو لا يعرف لها طريقا واضحا بعد ...









:- ما فهمته منها أنها قد عرفت جنس الجنين ... تقول بأنه صبي .. وبأنه سيولد بعد أسابيع قليلة ... وأنها سعيدة جدا بعد زواجها من عمر ..
ابتسمت أمان وهي تراقب زينب أثناء تقطيعها الخضار استعدادا لطهيها ... جالسة فوق المنضدة الرخامية .. تلوح بساقيها وكأنها طفلة صغيرة بينما تأكل قطعة بسكوت مخبوزة حديثا .. وقالت :- هذا جيد للغاية ... أنا سعيدة جدا لأجلها ...
قالت زينب وهي تضع الخضروات المقطعة في القدر :- انا سعيدة أيضا لأجلها .. إلا أنني قلقة بشأن جدتها .. إذ أنها امرأة كبيرة في السن .. ووحيدة الآن بعد سفر شكران ..
قالت أمان بقلق :- ألا تستطيع شكران استقدامها للبقاء معها حيث هي الآن ...
:- سيكون الأمر صعبا .. فجدتها أكثر مرضا من أن تحتمل سفرا طويلا ومرهقا ..
قالت أمان بحزن :- ليتني أستطيع الذهاب لرؤيتها والاطمئنان عليها ..
أسرعت زينب تقول بقلق وهي تلوح بملعقتها الخشبية :- إياك يا آنسة أمان ... لن تتمكن إحدانا من مساعدتك هذه المرة في التسلل .. وإن تمكنت من فعلها وحدك .. فالسيد فراس لن يكون سعيدا .. وأنا لا أريد أن ينالك شيء من غضبه ..
تنهدت أمان وهي تقول :- ألا أعرف هذا ؟؟
:- آنسة أمان ...
دخلت عائشة إلى المطبخ وهي تقول بتوتر :- السيد فراس هنا ... يقول بأنه ينتظرك كي يتناول الغداء برفقتك ..
هكذا وبلمح البصر ... انقلب مزاج أمان 180 درجة وهي تعقد ساعديها أمام صدرها هاتفة بتمرد :- لا ...
تنهدت زينب وهي تقول :- ها أنت تفعلينها مجددا ... وتقطعين أنفك نكاية بوجهك .. معاندته لن تعود عليك بالخير ..
:- أنا لا أريد أن أراه .. ولا أهتم أبدا إن غضب مني ... فليفعل ما يريد إذ أنني لا أخافه ..
تبادلت كل من زينب وعائشة نظرات تفاهم :- هل عليك أنت إخبارها ؟؟
:- لا... فلتخبريها أنت ... أنت الاكبر سنا ..
عبست أمان قائلة :- عم تتحدثان بالضبط ؟؟؟
قالت زينب بجدية :- عن تصرفاتك الطفولية والمفتقرة للنضوج ..
ارتد رأس أمان إلى الوراء وهي تهتف باستنكار :- أنا . ؟؟؟
:- نعم ... أنت ... كم عمرك بالضبط ... إثنان وعشرون ؟؟؟
:- ثلاثة وعشرون ...
:- هذا أسوأ ... أنت ما عدت طفلة بعد الآن .. أنت امرأة ... فتصرفي كواحدة ...
نظرت إليها أمان بحيرة ... فأوضحت لها عائشة بصبر :- ما تقصده زينب ... هو أن المعاندة والتحدي ... ليسا الطريقة الممثلى للتعامل مع الرجال ... خاصة مع رجل كالسيد فراس .. إذ أنه عنيد .. قاسي .. مخيف ... ووسيم جدا جدا ..
قالت أمان بغيظ :- لاأفهم ما علاقة وسامته بالأمر ..
هزت زينب رأسها بأسف من سذاجة المبتدئين وقالت :- علاقتها بالأمر ... أنه شاب وسيم معتاد على النساء الجميلات الناضجات والمحنكات ... و المستعدات لفعل أي شيء لأجل إرضائه ...
هل ستغضب زينب ان انتزعت منها أمان الملعقة الخشبية وضربتها بها على رأسها .. قالت من بين أسنانها :- و ......
:- تصرفي كطفلة ... عاملك كطفلة ... تصرفي كامرأة ... لاحقك كما على أي رجل حار الدماء أن يلاحق امرأة ..
صمتت أمان للحظة وهي تتشرب الكلمات .. ثم قالت :- ما الذي تقولينه يا زينب ؟؟
قالت عائشة هذه المرة بصبر :- ما تعنيه زينب ... أن العناد الطفولي ... لن يمنحك ما تريدينه من السيد فراس ...
قالت أمان بغضب :- أنا لن أرمي نفسي عليه كما تفعل النساء الرخيصات المحيطات به على الدوام
أدارت زينب عينيها وهي تقول :- ساعدني يا الله ... لم تأت إحدانا أبدا على ذكر تصرفك كباقي النساء .. ما تقصده عائشة .. هو أن تتصرفي كامرأة ... إنما لا كأي امرأة أخرى ... امرأة تثير جنونه .. بحيث يمنحها في النهاية كل ما تريده منه ... فيصبح كالكلب اللاهث حين تغريه بعظمة .. دون أن تمنحيه إياها حقا .. سيلحق بك إلى أي مكان ..
لم يعجب امان وصف زينب لفراس بالكلب اللاهث ... إلا أن المبدأ بحد ذاته كان .... مثييييييرا للاهتمام ..
قالت عائشة بابتسامة متلاعبة :- وأنت تريدين منه شيئا ... صحيح ؟؟
نعم.... أمان تريد الانتقام منه ... أن تؤلمه بقدر ما آلمها .. سواء قبل خمس سنوات ... أو الآن .. وفي سبيل رؤيته خاسرا أمامها لمرة .. لمرة واحدة فقط ... لاهثا ورائها كما قالت زينب .. هي مستعدة لفعل أي شيء .... أييييي شيء ..
بحزم وتصميم قالت :- ماذا علي أن أفعل بالضبط ؟؟؟









رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن