الفصل الحادي والعشرون

4.3K 117 0
                                    

الفصل الواحد والعشرين





تمتمت أمان بجزع :- رباه ... هل أنت متأكد بأن أمل بخير ؟؟ أم أنك تخبرني بهذا فقط تحاشيا لإثارة قلقي ؟؟
قال عصام بصبر :- أمل بخير يا أمان ... أقسم لك ... بل أنها آمنة الآن في منزل عائلتها كما يجب عليها أن تكون .. بل ومخطوبة لابن خالتها المتأنق طارق منصور .. أنت تذكرينه .. صحيح ؟؟
حدقت فيه غير مصدقة قبل أن تفلت منها ضحكة وهي تقول :- هل تمكن ابن خالتها أخيرا من ترويضها ؟؟؟ ... لا أصدق أنك قد سمحت له بهذا .. أذكر أنك ما كنت تتقبل طارق منصور على الإطلاق ..
ابتسم بتفكه وهو يقول متظاهرا بالتذمر :- لقد استغل وجودي في المصح وضرب ضربته القاضية ..
ثم تلاشى التهكم عن وجهه وهو يقول :- لقد كنت مخطئا في حق طارق منصور ... لقد أعماني غضبي من والدك .. فجعلني أحكم على كل رجال طبقته ضاما إياهم إلى الحلقة ذاتها ..
ثم نظر إلى أمان بتمعن قائلا :- أنت أيضا يجب أن تتوقفي عن فعل هذا يا أمان ....
قسا وجهها وهي تقول :- أتدافع عن أبي الآن ؟؟؟ أظنك ستخبرني بأنك موافق تماما على إبعاده لي ونفيه إياي هنا بعيدا عن عالمي ...
تنهد عصام بعمق وهو يمد ساقه المصابة أمامه ... وقال :- ربما أنا لست موافقا على إبعاده المتطرف لك بهذه الطريقة .. إلا أنني أفهمه ..
زمت فمها والغضب يشتعل في عينيها الداكنتين بتلك الطريقة التي كانت تذكره دائما بأن تحت الدفء .. والمرح .. والشقاوة .. والعناد .. كانت تكمن داخل شقيقته امرأة نارية متزمتة للغاية في قناعاتها ... فأوضح لها بهدوء :- أمان ... لقد كنت شاهدا على المرتين التي تعرضت فيما لمحاولة قتل ... أم تراك نسيت هذا ؟؟ وقد كانت تجربة لا أتمنى أن أمر بها مجددا ما حييت ..
شحب وجه أمان تلقائيا وهي تتذكر المرة الأولى التي شهد فيها عصام مقتل دنيا بسكين كان موجها نحوها هي ... والمرة الثانية التي تعرض هو للخطر في محاولته دفعها عن مرمى النيران .... ويارا .. التي كانت برفقتها آنذاك ..
:- لو أنك ابنتي يا أمان ... لو أنني أمتلك نصف إمكانيات عصام غالي واتصالاته .. لبذلتها كلها في محاولة حمايتك ...
قالت بصوت أجش :- كل ما أريده هو العودة إلى البيت ..
قال برقه وهو يداعب شعرها المعقود على شكل ذيل حصان :- ستفعلين يا أمان ... في الوقت المناسب ..
أحست بدموع الوحدة والوحشة تحرق عينيها وهي تتخيل رحيله من جديد تاركا إياها وحدها هنا ... قالت بصوت طفولي :- ماذا إن وعدت بأن أقعد عاقلة ... ماذا إن تعهدت بأن أحبس نفسي في البيت فلا أخرج أبدا ؟؟
قال عابسا :- كيف لسجنك في غرفتك أن يكون أخف وطأة من سجنك هنا ... على الأقل أنت هنا تتمتعين بقدر من الحرية دون خوف من أن يعرفك أحد أو يؤذيك ..
في البيت ما من وجود لفراس بهدد أمنها وسلام روحها .. قالت بلهفة :- ماذا إن وعدت بألا أتصل بأحد ... بألا أسمح لأي أحد من الكلية بأن يعرف عن عودتي ..
تنهد وهو يقول :- أمان ... مشاكلك مع طلاب الكلية باتت آخر مخاوفك الآن .. الشاب الذي حاول قتلك مات منذ أشهر .. المشكلة في الأشخاص الذين كان يعمل لصالحهم ..
توقف عقلها عن العمل عند ذكره للجزء الأول من كلامه ... رددت مصدومة :- أتعني كريم ... هل .. هل مات كريم ؟؟ .. كيف ؟؟
ظلل الحزن وجهه وهو يقول :- لقد قتل ... أثناء اختطافه لفتاة ما ومحاولته اغتصابها .. من السخرية أن يموت في النهاية بعد كل ما فعله على يد فتاة عاجزة في سبيل دفاعها عن نفسها ...
لم يخطيء عصام فهم تباعدها وهي تنأى بأفكارها عنه ... أي فتاة أخرى غير أمان ... كان عصام ليفضل تمويه الحقائق عنها ... إلا أن أمان كانت مختلفة ... بعد سنوات من العمل معه ... وعلى إصرارها على التورط مع معظم قضاياه ... أمان كانت مطلعة على كل أشكال وأصناف البشاعة الموجودة بيننا ... قالت بجمود :- هل أعرف تلك الفتاة ؟؟ أهي طالبة معي في الكلية ؟؟
من غير المجدي إخفاء الأمر عن أمان ... إلا أنه كان يفضل إبقائها بعيدة عن التفاصيل البشعة .. لأجلها ... ولأجل الفتاة المذكورة .. قال بهدوء :- معرفة من تكون هو أمر عقيم في هذا الوقت يا أمان
قالت بصلابة :- أريد أن أعرف ... في الكلية .. كنت أراه وهو يوقع فتيات كثيرا بين حبائله ... فتيات عرفتهن .. تحدثت إليهن .. صادقتهن .. إلا أنني لم أستطع إنقاذ معظمهن ... إذ كان قويا ... بخبثه .. بأساليبه .. لقد كان أقوى مني ...
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تتذكر ذلك اليوم الذي تعرضت فيه للضرب على يده .. وعلى يد بضعة فتيان وفتيات كانت تعرف بعضهم جيدا .. لقد كانوا زملاء لها بحق الله .. إلا أنهم لم يجدوا صعوبة في إلحاق الأذى بها وقد خدر فيهم بسمومه وأفكاره كل قدرة لهم على التفكير المستقل ... فتاة واحدة لم ينجح كريم في الإيقاع بها ... على حد علمها على الأقل ... قالت بصوت مكتوم :- أخبرني يا عصام ... أريد أن أعرف من تكون ...
صمت للحظات قليلة قبل أن يقول :- اسمها هزار الشاعر ...







رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن