" فصـل 17 "

2.8K 133 4
                                    

- فصـل 17 -

بـوق سيارته أعلن عن وصوله هو وليلاه..
تحفز الجميع لهذا الاستقبال القادم..
اردف رائف الذي وصل توًا هو وزوجته لعمر " لا تتهور.. امسك لسانك.. لا تجرحها علي الاقل امامنا "
رمقه بسخرية ولم يرد..
انفتح الباب وطل طيف يمسك بيده ليالي بحماية عالية..
وبيده الاخري يحمل حقيبتها..
كانت السعادة وان حاول اخفاءها تنبعث من عيناه بشدة..
تلمع عيناه بوميض جميل..
آثر اويس الذي أبتسم بداخله عندما علم ان اخيه قد وجد راحته اخيرًا..
توقف امامهم طيف، هتف وهو يضع يداه علي خصرها بتملك " اعرفكم.. ليالي.. زوجتي المستقبلية "
حياتها أويس ورائف بكلمات بسيطة لطيفة، أقتربت نايا ومـدت يدها قائلة ببسمة واسعة " نايا.. زوجة رائف "
واشارت عليه ثم اقتربت وهمست له " سنكَون حلفًا رائعًا ضدهم "
ابتسمت ليالي بسمة خفيفة بخجل وتوتر زاد عندما وقعت عيناها علي عمر الجالس براحة كبيرة علي كرسيه..
الذي عندما رأها تنظر له رمقها ببسمة جانبية قبل ان ينهض ويتقدم نحوها..
وقف امامها " أهلًا ليالي.. أهلًا، أنرتي منزلها "
ثم اقترب يهمس بجوار اذنها " لكن اعدك ان وقت مكوثك هنا لن يطول.. ولن اسمح لكِ بالحصول علي ما تريدي "
وابتعد راسمًا بسمة مرحبة علي شفتيه..
رمق طيف ملامح ليالي التي تغيرت بضيق قبل ان يقول " نايا لو سمحتِ خذي ليالي لغرفتها حتي تستريح "
" علي الرحب "
ابتعدا الاثنان وما ان اختفت ليالي حتي أمسك طيف بياقة عمر يسأله بحدة " ماذا قلت لها؟ "
رد ببرود " لا شئ، فقط باركت لها "
" عمر.. لا تستفزني "
" لا افعل.. لكنك قريبًا ستكتشف دون جهد ان تلك الفتاة لا تناسبك.. ابدًا "
" لا دخل لك بذلك "
رفع يداه بأستسلام قبل ان يغادر
رمق طيف أثره بضيق..
تقدم رائف وربت علي كتفيه " دعك منه، مع الوقت.. سيستسلم "
" أمل ذلك، لان لو تسبب لـ ليالي بأي حزن او أذي، لا أعلم كيف ستكون رد فعلي "
                                *****
جلست بجوارها علي الفراش " كان لدي فضول من نار لأن أراكِ وجهًا لوجه وان اتعرف عليكِ..
لكن الحقيقة أنتِ أجمل من كل التخيلات التي رسمتها عليكِ.. من حقه طيف ان يجن بكِ "
أطرقت ليالي برأسها ارضًا.. بخجل.. وحرج
بينما تابعت نايا وهي تمرر يداها علي خصلات شعر ليالي الطويلة " خصلاتك لوحدها حكاية.. انا مبهورة بكِ، ياالهي هل ينظر لكِ رائف كما انظر انا لكِ الان؟ هكذا سيطلقني فورًا اين انا واين انتِ "
ضحكت ليالي عاليًا فتوسعت عينا نايا أكثر.. " هل هذة ضحكة طبيعية.. اها قلبي.. "
بينما قالت ليالي " لا تبالغي.. كما ان انتِ ايضًا جميلة وجدًا "
" ولكن الاعتراف بالحق فضيلة..
لا اساوي جمالك ابدًا..
علي كل حال دعنا من ذلك الامر..
منذ ان علمت انكم ستتزوجان قريبًا وانا سعيدة..
لكن ما الذي غير رأيكم فجأة؟ سألت رائف لكنه لم يجيب "
توترت ليالي..
لا اتعلم اتخبرها بحملها أم لا!
كادت تجيب " بالحقيقة... "
لكن حمحمت طيف جعل نايا تنهض وتستأذن بصوت منخفض قبل ان تخرج..
دخل طيف فنظرت له بعرفان انه انقذها
جلس علي مقعد مقابل الفراش الجالسة عليه " أعلم انك متوترة "
قاطعته " بل خائفة "
تنهدت قبل ان تتابع وعيناه تنظر لها تحثها بالمتابعة " الان سأواجه كل ما حاولت جاهدة بألا اواجه..
ساواجه أسئلة لا اجد اجابة لها..
نظرات لا أعلم كيف اتحملها، كل العيون سترسل لي حديث لن يستطيعوا ان يقولوه بشفتيهم..
الان انا علي مقربة من دخول جحيم جديد عليِ..
اشـد قسوة من كل ما مر عليِ "
" لكنني هنا، لن تمري بكل هذا وحدك..
ولن اسمح بأن تحملي كل العناء وحدك..
كنت جزءًا من ما حدث بل العامل الاساسي كذلك.. لذا.. سأتحمل الكثير معك..
كما ان عليكِ تذكر شئ واحد..
كما قولتي عيناهم ستتحدث لكن لسانهم لن يستطيع.. لما؟
لانك ستكوني ليالي سلام..
حرم طيف سلام..
جميعهم بالنسبة لكِ اشياء لا تري..
لا تستحق ان تشغلي بالك بهم..
ولا ان تعطيهم قيمة.
. تجاهليهم سيضعون لسانهم داخل فمهم.. او انظري لهم بحدة..
فقط بحدة سيفرون هاربين..
لكن.. ان نظرتي لهم بأي نظرة غير تلك.. لن يدعوكِ وشأنك.. "
وضعت وجهها بين كفيها " ولما من الاساس عليِ تحمل كل هذا! لما جعلنا كل هذا يحدث من البداية "
اقترب منها..
ابعد يداها عن رأسها وأمسك هو بوجهها يتطلع الي عيناها التي ومضت ببريق لامع لأثر الدموع التي غلفتها فبقي مسحورًا بها.
قبل ان يردف بنبرة نـدم جديدة عليه " كان خطاءًا كبيرًا.. علينا الان ادراكه واصلاحه.. ليس لأجلنا فقط بل.. "
مـد يده يتلمس بطنها " لأجله ايضًا.. ستتحملي اي شئ لأجله ليالي.. كما سأتحمل انا اي شئ لأجلك "
مدت يدها لتحمي دموعها " لم اتوقع ان يكون الطفل سبب لكل هذا.. وانك ستكون متحمسًا لأجله الي ذلك الحد "
" حتي انا لم اتوقع إني سأكون هكذا عندما اعلم اني سأصبح اب وليس لاي طفل بل منكِ إنتِ، لم اتوقع اني سأكون بكل تلك السعادة "
ومال يقبل شفتيها بينما يهمس " وانتِ ليالي.. فقط أنتِ السبب بتلك السعادة "
                                *****
فتحت باب غرفته ودخلت سريعًا فتفاجئت به يقف امام مرآته يصفف خصلاته المبللة ولا تغطيه سوي منشفة صغيرة..
صرخت بتفاجئ " ما هذااا "
نظر لها فصاح هو ايضا..
اعطته ظهرها " ارتدي ملابسك سريعًا.. ارتدي "
كان يركض من هنا لهناك يبحث عن اي شئ ليستره
" انتهيت "
نظرت له فوجدته يرتدي بنطال قصير مشجر بالوان ذاهية وتي شيرت ليموني فاتح..
" كيف تجرؤ وتخرج من الحمام عاريًا وتتجول في غرفتك بهذا الشكل؟ "
" اجبتي نفسك بـ نفسك.. غرفتي التي دخلتيها دون استئذان "
لم تهتم بأخر ما قاله بل توجهت له وشـدته من خصلاته ليميل لها وهي تقول بشرر " ولو.. المنزل لا يوجد به شباب فقط.. فيه خادمات وحاليًا ليالي.. ان كنت لا تهتم فأنا اغار علي زوجي "
ارتسمت بسمة جانبية علي شفتيه " مازالت تقول زوجي.. "
" وسأقول للأبد رائف.. "
غير مجري الحديث " لماذا جئتي؟ ماذا تريدين؟ "
تذكرت ما جاءت لأجله، فوضعت يدها بخصرها وهي تقول " قولي لي..
اني اجمل انثي كنت رأيتها في حياتك قط لحتي الان.. وان لا يوجد في عيناك مَن هي أجمل مني "
توقف مزهولًا من طلبها.. بل امرها
قبل ان يردف " لكني لا استطيع ان اكذب "
صاحت " ماذا؟ هل رأيت مَن هم اجمل مني؟ "
اردف فورًا " بكثييير "
صاحت بغضب ووجه احمر انفعالًا " رائف.. "
كتم ضحكاته وهو يسأل " ولما تريدني ان اخبرك بشئ ك هذا؟ "
" لا لشئ.. اريد ان اسمع تلك الكلمات منك بلا سبب "
" حتي وان كانت غير صادقة؟ "
قالت بألم حاولت اخفاؤه " حتي وان كانت غير صادقة.. يكفي ان اسمعها منك "
ظهر عليه التردد..
فقالت بالحاح وتوسل " ارجوك رائف ارجوك.. ارجوك "
بلحظة غير متوقعة مد يده وسحبها من خصرها لتقابله نظر لعيناها التي تعجبه بقوة وهو مسحورًا..
بدون وعي منه قال " قد تكوني ليست اجمل من مر عليِ لكنك في عينايِ حقًا اكثرهم جاذبية..
جمالك جمال مميز..
لعيناكِ لمعة لم أراها بسواكِ..
ورائحتك مسك لم يمر عليِ أعطر منه..
أنتي بالفعل أجمل مَن مر علي عيناي نايا "
كانت ترتعش بين يداه تأثرًا وهي تسمع لحديثه الذي شعرت بصدقه عكس ما توقعت..
كادت عيناها تتدمع لكنها حاولت ان تسيطر علي حالها
ابتعدت عنه واردفت بمرح قبل ان تهرب سريعًا " شكرًا لك.. لمجاملتك اللطيفة تلك زوجي العزيز "
وبقي ينظر لأثرها مدهوشًا غير مصدقًا انه قال ما قال هكذا..
بدون تفكير..
وبدون تخطيط..
وبصدق!
                               *****
قرأ دعوة الزفاف عدة مرات..
وكلما سقطت عيناه علي أسم العروس تجمدت اصابعه علي الدعوة وارتفعت دقات قلبه..
وتزغللت عيناه..
ليالي.. أسم ظن انه نساه ومحاه من ذاكرته..
تناساه للأبد ولم يعد يؤثر فيه
لكن كل تخيلاته كانت كاذبة..
ما زالت تؤثر فيه..
ما زالت ناجحة في التحكم في انفاسه والسيطرة علي دقات قلبه فتجعلها تدق كالطبول عند ذكر أسمها
ليالي.. الفتاة الوحيدة التي قالت " لا " لثابت ناجي
الفتاة الوحيدة التي لم يرد ثابت أحد كما ارادها..
ولم يتمني ان يتزوج بأحد كما تمناها..
تمني ان تكون علي اسمه..
له..
ملكه..
ولكن عندما حدث ما حدث واخذها طيف..
واختفت اخبارها ظن انه فاق من جنونه بها..
وانها ما عادت لها في قلبه شئ..
لكن..
ها هو ما ان قرأ اسمها.. حتي عادت الذكريات تتدفق من جديد.. واللمحات..
عادت نظراتها الناعسة تغزو رأسه..
خصلاتها الطويلة..
خصرها.. واها من خصرها..
الذي سيموت وهو يتمني ان يتلمسه مرة واحدة فقط..
أرتعشت شفتاه من فرط تأثره بما يتذكره وبما يجيج بداخله..
تأوه بتعب.. ما زال يحبها.. ما زال يريدها ويتمناها..
كانت وبقيت هي الوحيدة التي شغلته.. واشعلته
تنهد وقد قرر الحضور..
ان لم يحصل عليها..
فيكفي انه سيراها من جديد

وكان يعرف عمر ذلك فأبتسم بمكر عندما علم ان الدعوة وصلت له..
همس بخبث " لن ادع اليوم يمر مرور الكرام عليكِ ليالي.. لن اجعلك تهنئ به ابدًا "
 
ثم امسك هاتفه وأعاد الاتصال بفجر..
التي تمنع النوم عن جفنيه بهجرها عنه..
لم ترد عليه..
تنهد بضيق وهو يعاود الاتصال ويعاود
حتي سأم كالعادة.. فتوقف عن الاتصال
ومن الناحية الاخري..
تطلعت هي الي اتصالته المتكررة بألم..
وما ان توقفت حتي زفرت وألقت الهاتف بملل علي الاريكة ونهضت
                               *****
في وقت الظهيرة..
طرق اويس علي غرفة مكتب شمس ودخل بعد ان سمحت له..
تنهدت عندما رأته قائلة " لو كنت أتـي لتتحدث في تفاهات كعادتك فأرحل.. انا لستُ متفرغة "
تقدم وجلس امامها " لما لا تفكرين بأني أتحدث بجدية؟ انا حقًا احبك واريد الزواج بك "
" بعيدًا عن كل المعوقات التي تقابلنا.. فأنا ارفضك، هل هكذا ارتحت؟ "
" لا.. شمس.. أسمحي لي، اعلم ان بدايتنا لم تكن جيدة وتصرفت بتهور، دعيني أثبت لكِ صدق حبي ونيتي "
تنهدت بملل " أويس.. مهما فعلت لن يغير شيئًا، العيب ليس فيك..
لكن.. انا لا أستطيع ان اراك في مكانة أكثر من طالب عندي.. انا لا استطيع ان اتخيل ان اتزوج برجل اصغر مني.. فهمت؟ "
" العمر ليس مقياسًا للحب "
" بالنسبة للبعض يعد مقياس.. وانا من اؤلئك البعض "
نفي بعدم أستسلام " سأغير مفاهيمك.. فقط أعطيني فرصة لأتوغل فيكِ ومعك وسأغير رأيك "
همست بتعب " رجاءًا.. لا تضغط عليِ "
همس هو بحزن " رجاءًا أنتِ.. "
نهضت لتغادر " يكفي لهنا اويس.. لدي محاضرة عليِ الذهاب وعليك نسيان افكارك تلك "
رحلت وبداخلها وجع غريب..
لا تعلم مصدره!
تنهدت بسأم هامسة لنفسها " لا عليكِ شمس.. فعلتِ ما عليكِ فعله، هذا هو الصحيح "

عاد هو لمنزله فقابل رائف الذي كان يهبط الدرج..
تفاجئ رائف من حالته الصامتة.. الواجمة..
سأله بدهشة عن حالته
فقال بصوت ميؤس منه " رفضتي حبي.. كالعادة "
ومَن غيرها؟ شمس..
كان رائف من القلة القليلة..
بل الوحيد الذي يعلم بحب اويس لتلك الشمس.. تنهد وربت علي كتفه مخففًا..
توجه أويس الي غرفته بانعدام أمل وانطفاء شغف كبير..
بحث بعيناه يمينًا ويسارًا حتي وقعت عيناه علي ما يريد.. أخذ شريط الدواء و...

بعد كثير من الوقت دخل رائف ليطمئن عليه..
فوجده متسطح علي الفراش بطريقة غريبة..
فارد كل اطرافه بكل ناحية بالفراش..
تقدم منه..
وحاول ان ييقظه لكن فشلت محاولاته..
لمح شريط الدواء الفارغ الساقط بجواره مسكه بيده تفحصه سريعًا قبل يصيح ببكاء " لا.. أويس لاااا.. أنتحرت اويس؟ سقطت ضحية الحب.. اها ياعزيزي اهاااا "
وحمله علي كتفه هابطًا به درجات السلم وهو يصيح..
قابل نايا التي سألته بفزع عن حالة الاخر..
صاح وهو يتركها..
و يجري بالاخر " انتحر.. انتحر بسبب قريبتك شمس واللعنة.. لن اسامحها.. ما ان اطمئن علي اويس حتي اقتلها واطلقك واريح عائلتنا من عائلتكم "
وغادر تاركًا نايا التي أمسكت هاتفها تتصل بشمس..
وما ان اجابت حتي صاحت " ماذا فعلتي له شمس بحق الله.. ليجعله يقدم علي الانتحار؟

نهاية الفصل السابع عشر...

' أغلال من العشق 'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن