" فصـل 20 "

2.6K 125 12
                                    

- فصـل 20 -

بالصباح..
تجمع افراد سلام علي الطاولة عدا عمر..
المختفي منذ الأمـس..
كان الصمت هو ما يسيطر علي الطاولة..
يتناول الجميع الطعام بصمت قطعه أويس وهو يشرق بالماء بعدما قرأ الخبر المنشور علي الانترنت..
مـد الهاتف لرائف سائلًا " هل هذا عمر؟ "
وقبل ان يرد رائف سحب طيف الهاتف سريعًا بقلق ظنًا منه ان سوءًا ما أصاب الاخر..
رأي الصورة التي جمعت بين عمر وفجر بسخرية..
قرأ ما فوقها بتهكم قبل ان يعطيه الهاتف مرددًا " كما توقعت تمامًا "
سأل أويس بدهشة " ألم يكونا اعداءًا؟ "
اجابه طيف " وهل صدقت؟ منذ متي وعمر يهتم بالاشاعات التي تطولنا! كانت حجة.. هي كانت تعجبه واخذ الامر حجة ليقترب ويبدو انه نجح "
نهض عن مقعده واقترب من ليالي يقبل جبينها " ذاهب الي العمل.. أتحتاجين شيئًا؟ "
" يكفي ان تكون بخير " ابتسم وغادر..
***
اليوم..
كان يوم الموعود..
يوم زفاف طيف وليالي..
طيف حالته عكس السابق تمامًا..
هو رغم كل شئ سعيد بداخله مشاعر كثيفة تسيطر عليه.. الحيرة والضيق والارتباك والشوق
لكن أهمها هي السعادة..
ساعات وتكون ليالي زوجته للأبد..
لوقوع الكلمة علي قلبه صدي غريب.. يفرحه
تنهد وهو ينظر الي انعكاسه ببدلته السوداء الفخمة.. كانت ملامحه وسيمة..
ليست الي حد كبير.. لكن جاذبيته كانت تكفي لأن تلفت العين..
ملامحه كانت جادة دومًا وحادة..
مـد يده نحو ياقته يضبط رابطة عنقه قبل ان يجد يـد تتسلل وتفعل ذلك وما كان سوي عمر الذي قال بملامح منقبضة " مازال كل شئ كما السابق، لم ارضى علي الزفاف بعد "
" ولم ارضى انا عنك "
" لكني قد قطعت وعدًا منذ الصغر اني سأربط ربطة عنقك يوم زفافك علي مَن تحب "
" لم تجرؤ وتربطها يوم خطبتي علي روجينا لأنك كنت تعلم اني لم احبها "
" اجبت نفسك.. كانت خطبة وليس زفاف "
" انا احب ليالي "
" احيانًا الحب لا يكفي "
" واحيانا الامر لا يحتاج سوي الحب ليكتمل "
" طيف.. هذة الزيجة متعبة.. انا خائف عليك "
" لا تخف.. كما ان ليالي تستحق لأتحمل "
" الي اي مدي ستتحمل؟! سيكون صعبًا عليك ان تري العيون تحاوطها من كل مكان والهمسات.. "
في اي وقت اخر.. سابق
اي كلمة من ذلك الحديث كانت لتقلب رأس طيف رأسًا علي عقب..
تجعله يعود في قراره فورًا..
يغضب ويفور ويثور..
ويذهب الي ليالي ليجرحها
لكن..
الان..
فات كل الاوان علي تلك الاشياء
" لا يهم كل ذلك.. لم يعد هناك سبيل للعودة علي اي حال.. عمر.. ليالي حامل، هل تستوعب هذا؟ "
" وهذا ما يغضبني، سيتحمل ابنكم الكثير بسبب اخطاؤكم.. الجميع سيعلم انه جاء قبل الزفاف.. جاء ك خطيئة طيف "
حاول طيف التماسك " لن اسمح ان يجرحه احد "
" ليتك لم تتسرع منذ البداية، ليتك لم تري ليالي ابدًا "
ابعد يداه عنه " انتهيت؟ "
بطريقة ما اخبره ان يكتفي من حديثه والافضل لو يغادر..
وبالفعل غادر.. بعد ان رمقه ببعض الحب!
***
وبالغرفة المجاورة..
كانت ليالي ونايا قد جمعتهم صداقة طيبة طوال الايام الماضية..
ونسج بينهم انسجامًا نوعًا ما..
وانضمت لهم مؤخرًا شمس..
التي نظرت لملامح ليالي بنظرات متفحصة..
مركزة
قبل ان تهتف " سعيدة ومرتبكة وخائفة؟ "
ابتلعت ليالي ريقها الجاف " اخاف ان يكون كل هذا حلمًا سأفوق منه عاجلًا "
الجميع كان يعلم الحقيقة..
وان ليالي وطيف جمعت بيهم علاقة لسنوات..
طيف وليالي لم يحاولا ان يكذبا هذا واثبتوا صحة الاشاعات بطريقة ما بين افراد العائلة التي كان يمتكلها بعض الشك حول صدق الامر.. ك شمس ونايا وحمزة مثلًا
ولذا منذ ان اعلنوا عن الزواج ونايا تتحدث عن الامر بصورة غير مباشرة كي لا تفتح جروحًا..
وشمس تحاول ان تفعل المثل..
الامر يدعي الي الخزي للاسف بكل حال من الاحوال
اردفت شمس بصراحة نوعًا ما " أنتِ مَن اوقعتي نفسك في تلك الحالة منذ البداية ليالي، انتِ من جعلتي ابسط حقوقك حلمًا صعب المنال.. "
" انتِ لا تعرفين شيئًا "
" انا بحثت كالجميع عن ليالي، وجدت فتاة يتيمة تلاعبت بها الحياة يمينًا ويسارًا ولجأت الي الرقص "
" لم يكن امامي سواه حتي يشبعني شمس.. "
" القليل يشبع بدلًا من الكثير ويكون ملئ بالأثام "
" كنت مطمع شمس.. حاولت في كل السُبل لم اجد سوا الطامعين بي.. وللحظات ضعفت واخترت الطريق السهل بعدما فاض بي "
" وأكملتي في طريقك رغم هذا.. لم تحاولي الهرب والبدء من جديد "
" لم يكن هناك جديد ينتظرني.. انا بيدي طريق معروف مساره لما أحيد عنه وابحث عن الشقاء مرة اخري! "
" وعندما ظهر طيف؟ "
" لم اختاره طمعًا به.. كنت قد اكتفيت من المال لم اكن بحاجة له.. احببته "
" ولم يفعل.. "
" بل فعل.. منذ زمن فعل ولا يجرؤ علي الاعتراف "
" منذ زمن! "
" منذ زمن.. منذ ان ادركت انه لم يكتفي مني ولن يكتفي كما فعلت..
منذ ان ادركت انه يصاب بالجنون كلما تذكر الماضي وتحرقه الغيرة ادركت انه وقع لي "
" لكن صعب الاعتراف.. لان الماضي وقف حائل بينكم "
" والان انا اقول ياليتني ما سلكت دربي.. هو فقط من جعلني اتمني ذلك "
" وكيف كنتي ستقابليه؟ "
" لو كان مقدر لي ان اكون له.. كان سيجمعنا الله بأي طريقة كانت..
لكن الان..
فات الاوان..
لا ينفعنا البكاء علي الاطلال..
علينا تخطي الماضي والمتابعة "
" أمل ان تنجحوا في فعل ذلك "
تنهدت " انا ايضا أمل "
***
سمعا طرق علي الباب..
خرجت شمس لتري مَن الطارق وجدته أويس الذب أبتسم ما ان رأها
" كيف حال شمسي؟ "
رمقته بضيق هاتفة " أخبرتك لا تضيف ياء الملكية هذة ابدًا "
اقترب بضعة خطوات منها " لما! انتي بالفعل شمسي.. ملكي.. " زفرت بضيق وعادت خطوة للوراء " دعك من هذا الحديث الذي لا فائدة له كالعادة واخبرني لما انت هنا؟ "
" لأراكِ " ثبت عيناها امام عيناه و " اشتقت لأن أراكِ فجئت.. عيناكِ جميلة هل تعرفين ذلك؟ "
ابعدت يداه عنها " اعرف.. دون ان تقول، سأدخل لست متفرغة لأستمع لسخافتك تلك "
وكادت تغادر..
لكنه مـد يده يسحبها من ذراعيها ليثبتها امامه من جديد " اخبرك اني اشتقت وجئت لاجلك وعيون جميلة وانتي تسمينها بسخافة! "
" لانها كذلك.. أويس منذ اسبوع وانت تخرج من كل مكان لتتغزل بي.. قليلًا وسأحلم بك ايضًا "
" لا تنكري ان هذا يسعدك "
" لم يفعل.. فقط يضايقني "
رمقها ببسمة عبث " عيناي في عيناكِ واخبريني بهذا "
نظرت له بجراءة " ها هما.. "
" اخبرني؟ "
فتحت فمها بدهشة " بما؟ "
" بأن قربي منك يضايقك.. "
سكنت واستكانت..
عينا أويس ناعسة..
تشعر انها شبة مغلقة وترمقك بنظرات غرامية طوال الوقت..
ترسل لك رسالات عبثية علي الدوام..
هو لم يفعل لكن عيناه توحي بذلك..
كلما تطلعت بها تغرق فيها اكثر..
بها احاديث اكبر من عمره
ابتلعت ريقها وهي تغرق في دوامتها اكثر همست بخفوت " أويس.. "
" عيونه.. "
" عيناك بها شيئًا ما "
" ما هو؟ "
" بها سحر.. "
اقترب منها اكثر.. وبخفوت سأل " ماذا يفعل؟ "
" يغرقني فيك.. " ابتسم بثقة عندما استمع لها..
اعتدل في جلسته وقال قبل ان يغادر " طيف يقول تجهزوا دقائق وسيأتي ليأخذ ليالي ونهبط لأسفل "
وتركها تلملم اشلاءها التي بعثرها بعيناه..
***
رغم انه يحفظها..
يعرفها..
رأها في كل لون وشكل امامه من قبل..سعيدة وحزينة.. باكية وخجولة..
لكن وهو يراها الان بفستان الزفاف الأبيض جعله يشعر وكأنه يراها لأول مرة.. وقف مزهولًا.. مبهوتًا
عيناه جالت عليها كثير من المرات بغير تصديق..
جمالها اليوم كان غير.. صعب علي قلبه ان يتحمل ان يراها بكل ذلك الجمال والبراءة..
للمرة الاولي اليوم يراها بريئة خالية من أي آثام..
يري ليالي الحقيقة التي هو يعرفها ويرفض الاعتراف بحقيقتها الطيبة..
شكوكه وتخبطاته الماضية كانت تجعله يري فيها بعض التشوهات..
لكنها اليوم..
تظهر له كما تمني ان يراها دومًا..
تظهر له علي العلن.. بثوب أبيض محتشم جعلها ملكة في عيناه..
ابتسم وهو يتمني لو كان هذا اول لقاء جمعهم..
لقصر عليهم كثير من الوجع..
لكن لا بأس.. سيعمل علي تضميد كل الجروح وسيتعب كي لا تنزف لها جروحًا اخري..
وهل ينجح؟
ربما يفعل..
اقترب منها..
مـد يداه ليمسك بيدها..
نظرت له فتواصلت عيناهم سويًا..
كان هناك الكثير من الكلام الذي يريد ان يقوله..
عبارات اعجاب وسعادة ومباركة..
لكنه ابتلعها كالعادة..
امامها لم يستطيع ان يعبر بما يجول بخاطره..
فرمقها ببسمة طفيفة فقط..
جعلت بسمتها هي توسع أكثر وقلبه هو ينبض بعنف أكثر..
تنهد وهو يشعر انه سيموت من فرط سعادته اليوم بلا شك..
هتف رائف " لنهبط؟ "
اؤما له وسار بها..
وصلا الي درج فسيح يطل علي القاعة التي ابسط كلمة تصفها انها ملكية..
هبطا درجات السلم..
هو يتطلع الي الجميع الذين حضورًا بشموخ وسعادة وهي تتطلع الي الارض بخجل
وبتوقيت نزولهم انفتح باب القاعة ودخل وجه..
لم يكن حضوره في الحسبان ابدًا!!!

نهاية الفصل العشرون....

' أغلال من العشق 'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن