- فصـل 27 -
" هذة عدالة السماء " نطقت بها بوجع.. بجمود.. بدموع!
لم تستطع ان تعطيه وجهها..
ابعدته عنه وهي تنطق بتلك الكلمات بعد ان دخل لها.. ودون ان تراه علمت مَن هو..
يكفيها ألف شئ لتعرفه دون ان تسمعه او تراه..
دقته للباب تعلن عنه..
صوت خطوته..
رائحته..
العديد من الاشياء تعلن عن طيف سلام.. اهمها قسوته!
" هل كنت ستظن ان الله سيمرر اخطاءنا دون عقاب؟ "
قالتها بشرود..
تنظر الي السماء من النافذة وتحدثه وكانها تحادث نفسها
" هذة ضريبتي علي كل اخطائي.. انا اتقبلها " قالتها وهي الكاذبة..
لا تستطيع ان تتقبل العقاب من وجه نظرها..
هناك قلب مفتت داخلها..
حزين وباكِ..
" الطفل كان اكثر ما اريده..
هو مَن كان سيعوضني.. احببته دون ان اراه..
رأيته مفتاح الفرج لعلاقتنا..
به ستغدو الحياة افضل..
لكني ادركت ان لا امل فيك..
لا شئ سيجعلك افضل معي..
انت كما انت طيف وستراني بنفس النظرة مهما حاولت بألا تفعل..
لا تقبل شيئًا ناقصًا.. تريد كل ما هو كامل.. تحبني؟ ربما..
لكنك تراني لا اكفي.. حبك لي لا يغفر اخطاءي..
بالايام السابقة كنت اصبر نفسي..
اقول سيتغير الطفل سيفعل سيفعل شيئًا بعلاقتنا.. لكنك اثبت في اخر لحظة ان لا امل..
الطفل ذهب ليثبت لي ان لا امل..
ويكفي لهنا محاربة.. طيف.. طلقني.. "
همس بضعف " لا استطيع.. ان كنت استطيع من البداية الابتعاد عنك لفعلت ليالي..
اعترف اوجعتك وألمتك لكني كنت اعاني الضعف صدقيني.. اعطيني فرصة اخيرة "
ومع اخر كلمة صاحت بغضب " يكفي.. كل مرة تطلب فرصة وتجعلني اندم بعدها واذوق الامرين.. لا فرص اخري طلقني.. "
ودخلت في مرحلة صراخ ووعيل..
حاول ان يهديها ولكنه فشل..
دخلت الطبيبة وبعض الممرضات واخرجوه عنوًة من الغرفة واخر ما لمحه ليالي تنظر له بنظرات غير معتادة..
كارهة..
باغضة..
متألمة..
وثم اغلقت عينيها نتيجة حقنة المهدء التي اخذتها..
***
خرجت الطبيبة وجدته يستند علي الباب بارهاق.. اعتدل ما ان رأها..
يتحدث بلهفة " ليالي.. "
قطعته دون ان يتابع " السيدة علي مشارف الدخول في انهيار عصبي سيد طيف.. ارجو بألا تغضبها "
اؤما عدة مرات قبل ان يتابع " تتحدث عن الطفل ك.. "
قاطعته مرة اخري " لم تعلم للان انها انجبت تؤام..
لم تعطينا فرصة لنخبرها..
لكن لا تقلق سنخبرها في اسرع وقت لعل ذلك يخفف من احزانها.. "
اؤما بتفهم قبل ان يسأل " هل يمكنني انا رؤية الاطفال؟ "
" الفتاة نعم.. " واشارت لممرضة ان تسير معه وتوجهه..
ثم تابعت " لكن الفتي الان صعب قليلًا.. "
اؤما بحسنًا وغادر مع الممرضة..
قليلًا وكان قد تجهز ليستطيع ان يدخل الي الحضانة.. دخل وداخله ثائر وعاصف بمشاعر لا يستطيع ان يصفها..
خوف وحب..
سعادة ورهبة..
اشياء واشياء وفكر واحد يسود عليه..
هل سيكون اب ناجح؟
سيستطيع ان يقدم لفتاته كل ما تحتاجه؟
لم يكاد يرد حتي وجد نفسه توقف امام فراش.. صغير
هتفت الممرضة ببسمة خفيفة " كيف علمت انها ابنتك؟ " لم ينتبه لها..
بل امعن النظر في تلك الكتلة الصغيرة التي تقبع امامه..
توقفت انفاسه واتسعت عيناه بأنبهار..
رمش عدة مرات بعدم تصديق لحقيقة الامر..
وان تلك الفتاة.. ابنته.. تخصه
خرج صوته بصعوبة " هل يمكنني حملها؟ " اؤمات بنعم..
مـد يده بارتعاش واخذها..
ما أن استكانت في احضانه حتي بكى..
تلك الصغيرة خطفته..
نزعته من نفسه نزعًا..
جعلته يشعر خلال لحظات فقط من الزمن بمشاعر لم يذوقها من قبل طوال حياتها باكملها..
بأصبع فقط بدأ يسير به علي ملامحها..
كانت بشرتها حمراء للغاية..
عيونها منغلقة وشفتيها مذمومة..
كفيها مضمومين بقوة..
وبأصبعه كان يمررها علي كامل ملامحها كأنه يحفظها وهو مسلوب الانفاس..
دقات قلبه متزايدة بشكل رهيب
في احلامه لم يظن ان شعوره سيكون هكذا..
تنهد..
وهو يشعر انه يريد ان يحتضنها اكثر..
ويضم عليها اكثر..
لا يريد اخراجها..
يشعر ومنذ اللحظات الاولي لها في الحياة انه يخاف عليها من الحياة..
اخرجه من حالته صوت الممرضة.. تخبره بأنه يكفي لهذا الحد..
نظر لها بتوهان وحزن يشعر بأنه لايستطيع ان يتركها.. هي باتت كنزه الثمين الذي لا يستطيع ان يفارقه..
لكن الاخرى لم تتعاطف.. تركها بصعوبة
وهو يشعر انه يترك شيئًا من روحه..
خرج من الحضانة لكن ليس كما دخل..
خرج بتفاءل وامل.. بسعادة..
بمشاعر مختلفة تكبله..
بخوف من نوع جديد..
خوف اب علي ابنته من الدنيا..
ورغبته في ان يجعلها بخير طوال العمر..
اليوم لـ طيف سلام هدف جديد..
ووحيد..
كيف يجعل ابنته سعيدة طوال العمر..
كيف يحميها طوال العمر..
قطع عليه افكاره صوت الممرضة " لحتي الان لم تعطونا اسم لنسجلها به سيد طيف؟! "
نظر لها وشرد..
لم يفكر في الامر..
لكن اسمها تم اختياره منذ زمن..
مَن يراها لن يجول في عقله سوي " ملاك.. ملاك طيف سلام "
***
كان يجلس رائف علي فراشه..
يتصفح هاتفه بعد عودته من المشفي والاخيرة في الحمام..
لحظات حتي وجد الباب ينفتح وتطل نايا بمنشفة صغيرة ويظهر عليها الغضب لانها تناست ملابسها بالخارج..
لنظرة سريعة رأي ان ملابسها بجواره علي الفراش..
اخفاهم سريعًا اسفل الغطاء وراح يكمل تصفحه وهو يصفر بأستمتاع..
بحثت نايا عن ملابسها يمينًا ويسارًا وهي متأكدة انها وضعتهم في مكان ما هنا..
اقتربت منه..
وبحثت حولها بتحير وهي تسأل " رائف هل رأيت... " ولم تكاد تتابع حديثها حتي وجدت مَن يسحبها لتسقط علي الفراش ويعلوها..
صاحت بأندهاش وخضة..
أمسك بطرف إحدي خصلاتها المبللة وقد ظهر الخبث علي ملامحه " عن ماذا تبحث حبيبتي؟ "
رددت خلفه بأندهاش " حبيبتي؟ "
رغم اعترافه بالحب لها الا انه ماذا يملك بعد التوجس والتحفظ في تعامله معها..
وتلك تعد من المرات القليلة التي يردد فيها هذا اللقب وفي كل مرة يقوله تنظر له ببلاهة كما تفعل الان..
ابتسم بسمته الرائعة وهو يهمس بينما يقرب شفتيه من وجهها يمشي عليه مقبلًا اياها بخفة " نعم حبيبتي.. جميلتي..
خاطفتي وسارقة قلبي.. ايتها اللصة اعيدي ما اخذتيه.. "
ضحكت وهناك فراشات تتراقص في معدتها وقد هتفت بدلع وهي تبعد وجهها عنه..
تتمنع وهي الراغبة " لن اعطيك.. "
وصل بقبلاته الي جانب شفتيها..
توقف عن التقبيل وعاد يهمس بصوت خافت " لا اريده..
لقد اعطيته لكِ بكامل ارادتي من الاساس.. " واقترب مقبلًا شفتيها مطولًا
حتي ابتعد وهو يتنفس بصعوبة..
غمر وجهه في رقبتها وقال بعد صمت قصير " نايا.. اريد ان يكون لي طفل منكِ مثل طيف.. "
رمشت عدة مرات تستوعب طلبه قبل ان يتابع هو بينما يقبل رقبتها بخفة " طفل يشبك في حنانك وطيبتك وقلبك الكبير..
يشبهك في جمالك..
اريد طفل يقاسمك كل ملامحك ليكون لدي نسختين منك نايا.. "
والان..
هنا فقط..
ادركت نايا انها بالفعل تسربت الي قلب رائف كما طلبت وتمنت..
معني انه يطلب طفل منها.. انه حقًا يحبها
ويريده شبهها.. انه ليس فقط يحبها..
بل واقع لها الي حد كبير
ابتسمت وهي تمسك رأسه وتقربه منها..
تطلعت الي عيناه مباشرًة و " ما الذي يمنعك؟ "
ابتسم وهو يردد جملتها بضحكة خفيفة " حقًا.. ما الذي يمنعني؟! "
قبل ان يميل مقبلًا اياها..
***
هل كان ممكن ان يرفض ثابت شى طلبته منه ليالي؟
هذا من سابع المستحيل..
يجلس في مكانه هذا.. علي كرسيه..
يستريح برأسه للخلف يعاود ذكرى الاتصال الذي حدث منذ يومان بنفس المكان..
وهو هائم.. مغمض العينين.. يحاول عيش اللحظة من جديد..
اتصالها برقم مجهول عليه لعدة مرات ورغم انه لا يرد علي اي رقم الا ان شئ بداخله جعله يفعل في النهاية.. ويشكر الله انه فعل يا اما لا يعرف كيف كانت ستكون رد فعله اذا لم يرد وعلم فيما بعد انها المتصلة..
صوتها الناعم الذي ما ان سمعه جعله ينتفض معتدلًا في جلسته..
اسئلة بسيطة تسأل فيها عن حاله قبل ان تطلب بخفوت منه خدمة.. ان يخرج فتاة من السجن اسمها " ناريمان "
هذا كل ما حدث ثم انغلق الهاتف في وجهه..
تلبسته حالة من القلق بعد ان سمه صوت طيف العالي.. لكنه فيما بعد هدأ نفسه بأن طيف لن يجرؤ علي احزانها..
لانه يحبها..
والان..
يتمني لو تعود الدقائق مرة اخري ويسمع صوتها مرة اخري..
تنهد بصوت مشتاق موجوع قبل ان يقطع عليه حالته صوت طرق علي الباب ثم دخول احدهم و " حدث ما اردت يازعيم.. وخرجت الفتاة "
اؤما بحسنًا واشار له بالخروج
حقق لها طلبها بالطبع.. هل كان يجرؤ علي ألا يفعل؟
أثبت ان المكان الذي أُمسكت فيه الفتاة لأحدًا اخر.. واعترف الرجل ان ناريمان حضرت هناك لأول مرة بدون غبتها..
عنوًة وغصبًا و خرجت
يتمني ان تكون ليالي سعيدة الان..
***
أحتضنت ناريمان شقيقها بقوة وهي تبكي بسعادة..
لا تصدق لحتي اللحظة انها خرجت..
ابتعدت عنه اخيرًا ونظرت لحمزة بأمتنان حقيقي وشكر اقتربت منه تسلم عليه " لا توجد كلماتك توفيك حقك.. وتعبر عن شكري لك "
ابتسم وهو يربت علي يداها بخفة وبسعادة تفوق سعادتها قال " انا لم افعل شئ.. "
" كيف؟ يكفي اهتمامك بشقيقي وتصديقك لي.. "
ابتسم قبل ان يقول " كنتي تستحقين البراءة.. تعرفين مَن سبب في اخراجك؟ "
تلبسها الفضول..
فأردف باسمًا " ليالي.. "
اتسعت بسمتها بعدم تصديق..
لا تصدق ان ليالي بنفسها تدخلت وساعدتها!
" اركبي.. " اخبرها وهو يفتح بابسيارته
" يكفي الي هنا.. سأدبر اموري "
" قولت لكِ اركبي.. شمس تنتظرك في البيت.. "
جمدت ملامحها وهي تفكر انها زوجته..
لكنه سرعان ما صحح عندما لمح ملامحها تلك وهناك سعادة تغمره بداخله لشعوره بغيرتها عليه " شمس شقيقتي اصرت علي ان تتناولي طعام الغداء معنا في اول يوم لكِ خارج القضبان "
اؤمات وهي تركب.. بفرحة!
يبدو ان هناك قصة حب تلوح بدايتها في الافق!
***
صاح بجنون " كيف يعني غير موجودة بالداخل؟ "نهاية الفصل السابع والعشرون...
أنت تقرأ
' أغلال من العشق '
Mystery / Thrillerألي متي ستتحمل بعد؟! قسوته وجنونه... تملكه وسيطرته.. نوبات غضبه وعنفه.. الي متي ستتحمل بعد كل ذلك وهي بلا صفة رسمية في حياته تلك، هي خارج حدود حياته الشخصية.. رغم كل ما تفعله هي هامش! مجرد دمية يمتلكها.. يتلاعب بها.. يرفض التخلي عنها.. يتمسك به...