- فصـل 19 -
جاء صوت من الخلف " هل تظن بعد حديثك هذا أننا لم نخسر بعضنا البعض؟! "
ألتف عمر فجأة وهو يشعر بأن صاعقة ما قد أجتاحته.. وجد طيف يقف علي بُعد خطوات منه وملامحه مكفورة..
همست ليالي بأرتبـاك " طيف.. "
أقترب طيف ووقف أمام عمر هاتفًا بسخرية " أذن لم تكن تريد ان تبعدني عنها لانها لا تليق بي "
صمت قبل ان يتابع بملامح غاضبة " بل لأنك راغب بها.. وتريدها "
هتف عمر بصدق " كنت أريدها لكني لم أعد..
كان كل ذلك بالماضي.. انا الان لا اهتم لها.. هناك اخري بقلبي "
" لم يعد لك مكان بيننا " هتف بها طيف جامدًا
" ليس بأمرك ان تنهي الامور دون توضيح "
" لا يحتاج الامر لتوضيح.. كل شئ بات واضحًا "
هتف بها طيف قبل ان يصرخ " أنت تريد زوجتي ترغب بها وتفكر فيها عمر..
هل تظن انه يمكن ان يجمعنا مكان بعدما علمت ما يجول بخاطرك نحوها؟ "
همس عمر وهو يشعر ان الأمور تتأزم " كان بالماضي صدقني سحرتني كما حال كل مَن رأها..
لكن بعد ذلك ذهب سحرها عني طيف..
أعلم انه من الصعب عليك تعدية الامر وان لا يجول بخاطرك افكار سوداوية بالمستقبل كلما ترانا سويًا لذا حاولت ان ابعدها عنا..
لكن بما انك تصر علي وجودها بيننا أذن عليك ان تتفهم انها لا تعني لي شئ..
واني لم اعد أراها كما الماضي.. طيف انا احب اخري واريد الزواج منها "
لكم مرة اعترف انه يحب دون شعور؟!
ولكن..
كأن طيف لا يستمع له..
بل كلماته كأنها هراءًا بالنسبة له..
ليحيا بسعادة دون تفكير يغنص عليه حياته عليه ان يضحي بوجود احدهم..
وبالطبع لن تكون ليالي هي الضحية..
" ستعود من حيث أتيت.. ستعود الي امريكا عمر "
" لا يمكنك فعل هذا وسير الامور كما تريد.. انا لن اغادر من هنا "
صاح وهو يقترب ليلكمه " بل ستفعل.. ستغادر من هنا اليوم قبل غدًا "
تعالي الصراخ تزامنًا مع دخول رائف وأويس ونايا الذين وصلوا تـوًا من المشفي
هتف رائف بدهشة " ما الذي يحدث هنا؟ "
اقتربت نايا من ليالي التي تراقب ما يحدث ببكاء وأرتعاش..
حالة طيف الغاضبة تلك هي لا تراها كثيرًا..
بل عندما يغضب معها يحاول بكامل جهده الا يريها وجهه المخيف هذا..
الان علمت انه كان صادق عندما كان يقول لها انه يبذل قصاري جهده كي لا يخيفها..
أبعد رائف طيف المجنون عن عمر وامسك أويس بعمر الذي كاد أن ينهار أرضًا لعصبيته المفرطة..
وللضرب الذي تعرض له من طيف..
هتف رائف مرة اخري صارخًا " قولت ما الذي يحدث هنا بحق الله.. هل كل يوم ستتنازعون سويًا هكذا! "
أبعده طيف عنه وهو يهتف " لا تقلق لا نزاع بعد اليوم، اليوم سنسوي كل ما بيننا بعد ان ظهرت الحقيقة "
سأل رائف بعقود حاجبين " اي حقيقة؟ "
" حقيقة ان عمر كان يرغب بليالي من قبل..
كان يحاول ان يبعدها عني لينالها هو "
شهقت نايا بصدمة بينما اردف عمر " لم يحدث.. ما ان علمت انها باتت لك لم افكر فيها أبدًا..
لكنها بالفعل لا تناسبك "
" كفي عبثًا.. انت نذل " قالها طيف بغضب
بينما صاح رائف " اصمتا " فصمتا!
وجه رائف حديثه لعمر " لما لم تخبرنا بهذا من قبل ياعمر؟ "
طيف ساخرًا " يخبرنا بماذا؟ انه معجب بأمرآتي "
عمر " لم تكن امرأتك لحتي يومان فاتوا، كم مرة اخبرتك هل تفكر بالزواج منها وانكرت "
" لانك احد اسبابي رفضي.. كلماتك السامة كانت تمنعني من التقدم "
" لا تلقي اخطاءك عليِ.. انت تعلم انها لا تناسبك بكل الاحوال "
هتف رائف محذًرا " عمر.. "
لكن الاخر تابع " انت تعلم ان هناك الكثير حالهم مثل حالي معجبين بليالي.. بل مجانين بها..
ما يوجعك انت انك قابلت واحد منهم وجهًا لوجه..
انت تخاف الان ان تواجه الامر فتجد انك لن تحتمله وليس كما صبرت نفسك انه بشئ هين..
اعلم ان داخلك محترق لتلك الافكار..
وبقارورة نفسك تعلم اني لن أنظر لها اي نظرة مسئية بعد ان باتت ملكك..
انا لا تريد ليالي لك لانها ستحرقك طيف انت لن تتحمل اي نظرات عليها..
ربما سيراها احدهم للمرأة الاولي ويعجب بها لكنك ما ان تراه يطالعها بنظرات الولة ستعتقد انه كان من الماضي وسيحترق داخلك أكثر..
ماذا ستفعل حينها؟
ستسجنها هنا؟ بدلًا من شقة بثلاث غرف ستسكنها في قصر بحديقة ومسبح للابد؟ "
وصمت طيف وجموده عرف الجميع ان الافكار تجول بداخله والعواصف بلا توقف..
أكمل عمر " ساغادر القصر علي اي حال لعدة ايام ليس أكثر ترتب فيها افكارك ثم سأعود، هذا قصر سلام وانا من احفاده ليس انت مَن بيده امر طردي ياطيف.. ليس انت ابدًا "
وغادر..
تاركًا خلفه صمت موحش.. وبخفة غادر اويس خلفه
اشار رائف لنايا بأن تتابعه..
فربتت بخفة علي ظهر ليالي.. مشجعة قبل ان تغادر معه
تاركين خلفهم..
ليالي وطيف والوجع ثالثهم..
***
سنـد عمر علي سيارته وتتطلع الي طابقها المظلم..
كان يعلم انها بالداخل لكنها لا تفضل مقابلته..
كما كان يعلم انه في كل مرة يزور فيها الشركة تكون في الداخل ايضًا وترفض ان تراه..
كل مرة كان يحترم رغبتها
لكنه أكتفي..
اشتاق لأن يراها..
تنهد وهو ينظر الي الارض بقلة حيلة وافكار مبعثرة.. غير شاعرًا بتلك التي تقف خلف الستائر تتطلع له بحال يشبه حاله تمامًا..
كان هو علي أدراك ان علاقته بطيف لن تعود كما السابق بعد ان يخرج هذا الاعتراف للوسط..
رغم انه من الماضي..
زفر بضيق قال ما يجب ان يقوله رغم قسوته..
طيف يظن ان الامر سيكون هين..
وحبه سيجعله يتحمل لكنه أكثر العالمين بغيرة طيف وتملكه المجنون..
لن يستطيع ان يتحمل كل هذا..
كان عليه مواجهته بمواجهة ك تلك حتي يستفيق ويعرف خلاصه
تذكر الامر الطفل فزاد همه..
مسح علي وجهه بتعب..
ماذا فعلت عمر بحق الله!
ماذا الان ان ادرك طيف فظاعة ما كان سيفعله و يلغي الزفاف!
كيف سيكون مصير ذلك الطفل الان؟
هو لا يريده..
ولايستسغيه ان يأتي الطفل بذلك الوقت ابدًا.. فستنوله التساؤلات والاشاعات للأبد..
ولكن.. حدث ما حدث ولا يوجد مفر الان..
تنهد وقد بدأ يشعر بفداحة ما فعل..
وكانت تتابع هي حيرته تلك وما يعاني منه من اجهاد.. فـ قررت التضحية أخيرًا..
توجهت نحو باب شقتها ومدت يدها لتفتح الباب.. توقفت في اخر لحظة لتفكر لكن القرار كان قد اتخذ من جهة قلبها..
فـ ها هي تنزل درجات العمارة الان!
توجهت بخطواتها نحوه..
شعر بها فرفع رأسه..
عندما لمحها توسعت عيناه بدهشة قبل ان يركض لها ويأخذها بين احضانه..
كان غيابها عنه قد طال..
واشتياقه قد زاد..
وفي حالته المتحيرة لم يكن يرغب الا بأحتضان
همس أسمها بتأوه موجوع خافت " فجر "
وشـدد من احتضانه لها هامسًا " كم انا بحاجتك الان.. كم انا ايدك "
لاعبت خصلات شعره وهي تهمس " انا هنا.. "
" لا تبتعدي مرة اخري..
انا احبك.. لا اريدك ان تكوني في حياتي لفترة..
لا اريد ان نتواعد بل ان نتزوج.. اريد ان نتزوج فجر.. انا احبك "
أبتسمت وهي تسمع اعترافه..
بينما تابع هو " لقد أخربت الامور فجر.. خربتها للغاية ولا أعلم كيف احلها "
ابتعدت عنه وجعلته يسير معها لحيث مقعد يوجد علي جانب الطريق..
جلسا سويًا واخذت يده بين يداها تمسد عليها وهي تجعله يحكي..
واخيرًا بدأ يحكي ويفيض عن ما بداخله وهي تستمع له..
غير شاعرين بأحدي السكان الذي سرق لهم عدة لقطات واودعها علي الأنترنت..
وهو يسأل بدهشة " متي تحولت العداوة الي نهرًا لا يفيض من الحب؟! "
***
وفي غمر الاجواء المشحونة..
دخلت نايا غرفة رائف وبيدها حقيبتها واشياءها..
تطلع الي ما بيدها بعدم فهم وتسأل فقالت وهي تفتح الخزانة وتبدأ في توضيب ملابسها " ألم نتفق اننا سنعطي انفسنا فرصة؟ "
سأل بدهشة " ستمكثين معي؟ "
" تأخرنا في اخذ الخطوة لكن لا يهم.. "
من جديتها في الحديث ادرك انها لا تمزح..
تنهد بقلة حيلة ولكن بداخله يشعر بالسعادة لذلك الامر
" اين ستنامين؟ اترك لكِ الفراش واخذ الاريكة! لكنها قصيرة عليِ "
سألت بتعجب " ولما نتفرق! سننام سويًا علي الفراش.. ألسنا زوجين؟ "
هتف بوجه أحمر " لكن.. "
صاحت " بلا لكن.. سننام سويًا علي الفراش متجاورين بعضنا البعض "
هتف بارتباك " حسنًا.. حسنًا، كنت اظنك ستخجلين "
" لم افعل، انت الخجول "
" انا لستُ بخجول "
هتفت بسخرية " واضح.. بالطبع واضح، زوجي العزيز جرئ مع كل نساء العالم ومعي يتحول لبطة بلدي، يا لحظك يانايا "
" انا لست ببطة " هتف بغضب..
رمقته بسخرية وتابعت توضيب اشياءها
" انتِ انا احدثك.. انا لست ببطة بلدي وليس بخجول انا فقط احاول الا اؤذيكي واغضبك "
هتفت " بعدك عني هو ما يؤذيني يارائف.. حاول ان تقترب سعادتي تقبع في قربك "
وابتسمت له قبل ان تتوجه الي الحمام لتغير ملابسها.. ظل ينظر لأثرها وهو يهتف بداخله انه سيقترب طالاما هي ترغب..
ليثبت لها انه ليس بخجول ابدًا.. سـ.. سـ..
" ما هذا بحق الله؟ " هتف بها ذاهلًا وهو يراها تتقدم منه مرتدية ملابس نوم قصيرة..
لا يستطيع ان يقول علي الملابس انها مثيرة ولكن عليها هي.. باتت كذلك
أبتلع ريقه ببخفة وهو يسأل بداخله " هل ستنام بجواري هكذا؟ "
وعندما اجاب بنعم..
توسعت عيناه وهتف بصوت عالِ " سأنام اليوم بجوار أويس فهو مريض وقد يحتاجني "
وكاد يغادر لكنها اسرعت بأمساكه " أي مرض؟ ستكذب الكذبة وتصدقها ام انك.. "
وغمزت له " خجول.. اعترف انك خجول "
صاح بغضب " اخبرتك اني لست كذلك "
وتوجه نحو الفراش وتسطح عليه " اغلقي الضوء لننام "
فعلت كما قال وتسطحت جواره..
وضع وسادة بينهم فقالت بضحكة مشاكسة " اخبرتك انك خجول "
صاح بغضب وألقي بالوسادة بعيدًا واقترب منها لحظات ووجدته يحتضنها..
جسدها كله بين ذراعيه وصدره سكنت عن الحركة للحظة بدهشة..
تستوعب الامر..
ضحك بخبث وهو يسأل " مَن الخجول الأن؟ "
اودعت ذراعيها حوله تقربه منها أكثر وهي تهتف ضاحكة " لا انت ولا انا "
وظلا علي تلك الحالة..
التي وجدت هي فيها راحة طالاما بحثت عنها ووجد هو نفسه سعيدًا بتلك النومة..
وهو يشعر بها بين ذىاعيه وبذلك القرب منه..
تنهد واستنشق رائحتها بسكر..
ظلا علي حالتهم تلك حتي غفي هو..
بينما هي..
تتمني الا يأتيها النوم ابدًا اليوم وتظل مستكينة بين احضانه لتحيا كل تلك اللحظات وتعيشها لأطول فترة ممكنة..
فهي تخشي الا تحيا مثلها مرة اخري ابدًا
تنهدت وهي تميل تقبل وجنتيه " أحبك رائف.. أحبك "
ولحظات وغفت هي الاخري..
وهي تشعر بسعادة لم تشعر بها من قبل..
***
وبالقرب منهم..
في جناح ليالي..
كان طيف وليالي يتبادلون النظرات بصمت عجيب..
لم يجرؤ اي منهم علي كسره..
حتي تنهدت هي واقترب منه..
ربتت علي كتفه لتستدعي انتباهه وكالعادة كلما لمسته كلما اصابته كهرباء في كامل جسده..
تطلع لها
" سأخبرك بما قولته سابقًا طيف.. لو انك لا تريدني انا وابني دعنا نغادر ولن ترانا مرة اخري "
" اخبرتك مَن قبل ان هذا لن يحدث ابدًا.. اخبرتك اننا سنواصل العيش سويًا وسنتخطي الصعاب معًا.. "
تطلعت الي عيناه تسبر اغواره و " ستستطيع؟ "
أبعد عيناه عنها فأمسكت وجهه وقربته منها وهي تسأله مرة اخري " اسألك.. تستطيع؟ "
" لما تهتمين بمشاعري ولا تهتمين بمشاعرك انتي؟ "
" أعتدت ان اتحمل الوجع لكن لا احب ان يتحمله غيري "
أمسك وجهها بين كفاه..
تجول عيناه علي ملامحها المغرم بها..
يطالع كل أنشًا فيها وهو يشعر انه يغرق بها
مـد يده يلامس شفتيها المكتنزة " انا لا اعلم غير شئ واحد ليالي..
وهو اني لا استطيع ان احيا في مكان انتي غير موجودة به..
مهما كان ما سأواجهه..
ما سأتحمله.. لا يهمني.. طالاما انتي موجودة اذن كل شئ اخر بخير "ربما كلماته لم تكن صادقة مئة بالمئة..
لكنه اراد ان يريح لها بالها..
هي تحملت الكثير منه ولاجله وبسببه..
عليه ان يكون مختلفًا تلك المرة معها..
عليه ان يأتي علي العالم لأجلها
وليس عليها لأجل العالم..
ليالي تستحق منه الأفضل..
الافضل وفقط..
كل الافضلنهاية الفصل التاسع عشر...
أنت تقرأ
' أغلال من العشق '
Mystery / Thrillerألي متي ستتحمل بعد؟! قسوته وجنونه... تملكه وسيطرته.. نوبات غضبه وعنفه.. الي متي ستتحمل بعد كل ذلك وهي بلا صفة رسمية في حياته تلك، هي خارج حدود حياته الشخصية.. رغم كل ما تفعله هي هامش! مجرد دمية يمتلكها.. يتلاعب بها.. يرفض التخلي عنها.. يتمسك به...