" فصـل 25 "

2.4K 124 6
                                    

- فصـل 25 -

كانا يتناولان الدرة المشوية..
وهما يتطلعان الي القمر بشرود..
دون حديث..
يكفي الصمت أحيانًا ولا نحتاج سوى القرب من مَن نحب لنكون بخير
" لم يهتم أحدًا منهم بالزوبعة التي خالفتيها أثر حديثك عنا سوى انا.. لم اهتم لانك اسئتي لي.. بل لأني اردت الاقتراب منك "
كانت ما زالت تتطلع الي السماء وتستمع له " لفتت انتباهك حين سمعت اللقاء ام قبلها؟ "
" قبلها بكثير..
كانت تلفت انتباهي جراءتك وشجاعتك.. استمع لبعض الاحيان دون شعور لمقاطع صغيرة لكِ علي الانترنت.. لاحظ الانترنت اهتمامي بكِ فكان لا يظهر لي سوا مقاطعك.. "
ضحكت قبل ان تجيب " كنت اكرهك.. واحقد عليك "
قالتها وتطلعت الي الاسفل بشرود " كنت أحقد علي اربعتكم.. اغنياء فشلاء..
ولدتهم وبفمكم معلقة من ذهب..
كل شئ مباح وكل البلد بين ايديكم..
لا يستطيع احدًا ان يلومكم..
خلق في هذا شيئًا من الحقد..
لما الحياة تكون سهلة لتلك الدرجة للبعض.. ومستحيلة لأخر؟ لكن.. بعدما اقتربت منك.. ادركت.. "
صمتت..
وحثها " ادركتِ ماذا؟ "
" ان الله يعطي شئ بكثرة لعله يعوض به شئ اخر ناقص..
اربع شباب دون ام واب واحد في ظهورهم.. لا يملكون سِوا انفسهم..
يجدون صعوبة لتحقيق صداقات في جو يشحنه الخوف من مكانتهم.. الحب صعب والمرح صعب وكل شئ بحساب.. ادركت ان المال لا يعوضكم حتي وان لم تشعروا انتوا بهذا "
" كنتِ مصّرة علي ان تتحدثي عن ليالي وطيف قبل زواجهم كنت أعلم ذلك.. ما الذي غير رأيك؟ "
" عدة اسباب منهم أخيك.. "
" طيف! هل هددك؟ "
" بلا.. "
نفت برأسها قبل ان تعاود النظر له " في فترة غضبي منك كنت قد نويت بأني سأجازف بالخطوط الحمراء.. وقررت مراقبته حتي أصل لمكان ليالي واصور لحظة دخوله وخروجه واعرضها..
صورت..
لكنه بعد ان ذهب لها ذهب الي مكان نائي فقررت ان اتابعه..
رأيته كيف كان يتألم في سيارته ويضرب رأسه بعنف في المقود ويشـد خصلاته بقسوة..
كيف كان يلوم نفسه بالقسو عليها..
كان يظهر عليه كم هو حزين ومتألم.. ويبـدو من حالته انه يتذكر شيئًا سيئًا فعله او قاله لها ويلوم نفسه عليه.. ادركت حينها ان احزانه تكفيه..
و.. سيكون من اللطف مني لو تركته وشأنه وألا أزيد الطين بلة..
ثم كيف سيكون حالي بعد ان أجعل سيرة فتاة علي كل لسان؟ اعتقد بأني سأكون حزينة.. "
اؤما لها موافقًا
" فحذفت الصور.. "
" متي وقعتي بحبك لي؟ "
" لا اعلم.. لكني في لحظة ما سهوًا مني وجدت كل كراهيتي لك تحولت..
ونظرتي السوداوية نحوك تغيرت..
وتركت للصورة مساحة لتظهرك كاملة بين عيناي فأحببتك.. "
ابتسم لها و " أريد ان نتزوج فجر.. "
أبتسمت " لنتزوج عمر.. "
***
هي مَن طلبت البُعاد..
اذن لما هي حزينة الي تلك الدرجة بدونه!
تشعر ان يومها ناقص بدون وجوده حولها تعاودت علي مشاركته طعام الافطار وعلي ايصاله لها..
تنهدت وهي تدخل الي المدرج تبحث عنه بخيبة وهي تعلم انها لن تجده كالعادة منذ ان طلبت الفراق..
لكنها تفاجئت به يجلس..
ليس حزين مثلها كما تظن..
بل سعيد وللغاية..
لكنه ليس وحيدًا!
تجاوره فتاتين.. يتضاحكون معه ويتمازحون.. فتحت فمها بصدمة
و.. غيرة.. غيرة حارقة سيطرت علي قلبها واخذت تنهش به..
انتبه لها ورمقها بطرف عيناه..
حاولت ان تخفي عنه ما يجول بخلدها..
لكنه بالاساس لم ينتبه بل هي فقط نظرة رمقها بها قبل ان يعاود المزاح..
بدأت تشرح بفكر شارد..
ومضطرب..
تطالعهم اغلب الوقت بعصبية وغيرة حتي ما عادت تستطيع التحمل.. فصاحت " اويس.. "
انتبه لها وطالعها بتساءل فقالت " اما ان تحترم نفسك انت ومَن معك اما ان تخرج من محاضرتي.. "
ظنت انها تهدده..
وسيضحي ليبقي معها..
لكنها تفاجئت وهو يبتسم بسخرية ويخرج بينما تمسك كلا من الفتاتين احدي ذراعيه..
اغمضت عيناها تحاول التماسك لكنها لم تستطيع فخرجت خلفه..
صاحت " انت.. " وقف وتطلع لها..
رأها تقترب منه بتهور وجنون فأشار للفتاتين بالمغادرة وبقي ينتظرها وهو يضع يداه بجيوب بنطالعه ببرود.. مستفز..
وقفت امامه اخيرًا " ما الذي بحدث هنا؟ "
اجابها بتعجب " ما الذي يحدث..! "
اشارت بعصبية للخلف " الفتيات والضحك والمسخرة التي كانت بالداخل.. "
" وما دخلك انتِ بها؟ " هتف بتعجب..
قبل ان يتابع " لم يعجبك ما بدر مني بكونك دكتورتي وانا اخذتهم وخرجت.. لما تتابعيني! "
هتفت بعصبية وقد تجمعت الدموع في عيناها " انت.. انت تتلاعب بي "
" انا مَن يتلاعب! " هتف بأستنكار
" علي اساس انك تحبني! "
" وعلي اساس انكِ طلبتي مني عدم الاقتراب منك مرة اخري والمفارقة..
ماذا تريدين اذن؟ ان ابقي طوال عمري في انتظارك..
ام اترهبن لأجلك؟ "
" ان كنت تحبني بصدق ستفعل.. " قالت بدموع
وألمه قلبه ولكنه جمد ملامحه " اظن لا يهمك ان ابقي بدونك او مع غيرك طالاما لا تحبيني.. وانتي لا تفعلين صحيح؟ " قال اخر كلماته بتسأل ساخر
تطلعته له بصمت طويل..
قرأ فيه حيرتها وحبها وعجزها..
رغبتها وقلقها وخوفها
قبل ان تهمس " نعم لا افعل.. وافعل انت ما يحلو لك لكن ليس في وقت محاضرتي.. "
وغادرت..
معها خيبتها وخيبته!
***
وكلما اراد الابتعاد..
وزادت المسافات.. ومر الوقت
في النهاية يعود.. لكنه دومًا ما يختار الوقت الخطأ!
فتح باب جناحها ودخله بخطوات بطيئة..
مترددة ناويًا ان يقطع ما حدث بينهم من فجوة.. مدركًا ان البُعد يزيد مشقتهم لا يعطيهم الراحة المناسبة للتفكير الجيد كما يظن..
وصل الي باب غرفتها..
مـد يده ليطرق ويدخل لكن تجمدت يداه في الهواء.. بل كل حواسه وهو يستمع لصوتها ينادي بصوت كم يكرهه " ثابت ناجي.. "
تثبتت اقدامه بالارض وشعر فجأة بأنه لا يستطيع الحركة او التفكير..
كل الذي يدور حوله الان من افكار تؤدي جميعها الي شئ واحد..
قتل ليالي!
قتلها لعله يرتاح..
لعله يجد الراحة التي لا يجدها منذ ان ألتقى بها..
فاق من حالته.. وقد تلبسته حالة من الجنون.. فتح الباب بعنف ودخل..
انتبهت له فوقفت بفزع من دخوله عليها بتلك الطريقة تقدم منها وهو يري الهاتف بين يداها " تتحدثين مع مَن؟ "
انتبهت لما بين يديها فـ زاد رعبها..
نهضت من جلستها وهي تردف بتوتر " لا احد.. انا كنت.. "
لم يترك لها فرصة بل اقترب واخذه من بين يداها بقوة..
كان يتفحصه وملامحه تزداد سوداوية..
وهي تراقب ملامحه برعب.. عادت بصعوبة عدة خطوات الي الخلف وهي تراه يطالعها بعيون محمرة.. تضع يدها علي بطنها التي بدأت بالانتفاخ لعلها تحمي طفلها منه..
كانت عيناه تحمل..
الخذلان وخيبة الامل!
هذا ما سيطر عليه وهو يُطالع اسم " ثابت ناجي " علي هاتفها وان هناك عدة مكالمات جمعتهم..
وللسخرية هي المتصلة!
رفع الهاتف يوجهه لها وهو يسأل بعصبية " ما هذا؟ "
اردفت بأرتباك " سأفهمك كل شئ.. "
صاح وهو يلقي الهاتف بعرض الحائط " ما الذي ستفهميني اياه واللعنة! ما الذي يحتاج لشرح! كل شئ يظهر للعيان انتي كما انتي..
ليالي التي لا تريد ان تبقي نظيفة ابدا ليالي التي تبحث عن الرخص بنفسها.. انتي ليالي وستبقين ليالي التي اتيت بها من الكابريهات.. ليالي التي قبلت ان تكون عشيقة.. ليالي التي حملت مني في الحرام "
قال اخر عباراته وهو يلقي بأحد التحف الزجاجية علي الارض بالقرب منها..
مما جعلها تصرخ بفزع..
اقترب منها ممسكًا بخصلات شعرها الطويلة الغارم بها.. يكاد ان يقطعهم بين يداه " منذ متي تستغفليني..
منذ متي وانتي تحادثيه.. "
هتفت من بين دموعها وصراخه " انت لا تفهم شئ.. "
القاها بقوته بعيدًا عنه فوقعت علي صوفية بالقرب منهم.. " ما الذي يحتاج للفهم سوي اني غبي..
الجميع كان معه حق.. انا الغبي هنا..
انا الغبي الذي ضحى بأسمه وبكل ما يملكه لأجلك.. انا الغبي الذي احب فتاة مثلك.. انا الغبي الذي يحاول الابتعاد عنك كي لا يؤلمك وانتي.. انتي مصّرة علي ان تكوني هكذا مليئة بالخطايا والآثام "
زادت شهقاتها وارتفع صراخه يؤنبها ويلومها..
يفتح حديثًا كان قد اغلقه منذ زمن..
يتحدث عن شكوك وظنون كان قد ادرك انها مجرد شكوك..
وهو يكسر كل ما تطوله يداه بينما هي كانت علي حافة الانهيار..
لم ينتبه لصراخ اخوته بالخارج يطالبونه بفتح الباب.. حتي نفذ صبرهم وكسر عمر الباب عليهم..
اقتربت نايا سريعًا من تلك التي تكاد تفقد انفاسها من شـدة البكاء..
ابعد طيف يـد رائف عنه واقترب منها ناويًا الفتك بها بينما يصرخ " اخبرتك ان لن يفرق بيننا سوى الموت وسأفع ذلك ليالي.. سأقتلك لعلي ارتاحي منك ومن وجعك لي "
وبلحظة سهو من الجميع اختطفها من بين يدي نايا ولف يداه حول رقبتها يضغط عليهم بجنون وتفكيره في عالم اخر..
يتذكر ثابت ونظراته وحديثه عنها..
تدور الشكوك حوله بألاف السينوريهات التي من الممكن تكون قد جمعتهم..
من احاديث وغيره..
لم يفقه الا ورائف يبعده عنها وعمر بكل قوته يلكمه بقوة..
والاخيرة صوتها العالي بالنواح بدأ يخبو..
حتي اختفي
وصراخ نايا العالي بأسمها " ليالي.. ما تلك الدماء!! "

نهاية الفصل الخامس والعشرون...

' أغلال من العشق 'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن