الفصل 27

3.2K 87 2
                                    

"أما أنت فقد دخلت إلى عروقي وانتهى الأمر...أنه
لمن الصعب أن اشفي منك"
*قالت الحاجة دهب بعبوس أمومي عفوي وهي تنظر إلى ابنها الغالي "ابو العيال" وهو يراقب بسكوتته الناعمة ترضع صغارها بخبرة قليلة لم تكتسبها بعد:
"اجعد على حيلك يا ولدي.....انت اكديه من عشية ليلة امبارح....اباي مرتك اه زينة وبترضع الصغار"
*ابتسم والدمع يترقرق داخل مقلتيه وااه من رجل كالطود العتيق يذرف دمعه ولعا بمعشوقته
الأبدية.....دمدم وهو يؤشر على حسن الصغير الذي يفتح فمه كعصفور صغير يكافح ليتمسك بالحياة وهو يلتقم قمة ثدى امه ليرتشف حليبها بلهفة وهي
تبكي وتضحك في آن واحد لو كان فنانا لرسم لها لوحة سرياليه بديعه تعبر عن جمالها ونعومة محياها كما يراهاو يذوب بها عشقا:
"اني مليح ياما ومرتاح الحمد لله....بس لازمن اعاود ع البيت اغير خلجاتي ديه اللي عليا من ليلة امبارح وكماني مش مرتاح في البنطلون والجميص دول بس جلبي يطمن على نيرة والولد وهتوكل على الله"
*التوت شفتا دهب الناجي يمينا وشمالا وقالت مبتسمة:
"جطيعه تجطع العشج وسنينه....ده اني لما ولدتك بوك مجاش شافك غير آخر الليل ويدوب جلي مبارك يا ام الولد.....الله يرحمك يا غالي انت وحسن كان ايه يساعكم دلوكيت وانتم شايفين احفادكم كيف البدر المنور"
"الله يرحمهم ويرحم الچميع"
*غمغم بخفوت وعيناه لا تفارقها.....شعر بالارتياح عندما راها تتعامل مع سهيلة براحة وكأنها تعرفها منذ أمد بعيد.....تنهد وهو يمسك بيد أمه ليستمد منها القوة كما يستمد أطفاله من صدر امهم الحياة:
"الحمد لله ياما........نيرة اخدت على الست سهيلة بسرعة عاد كأنها كانت حاسه وخابره"
*ملست دهب بيدها الحرة فوق وجهه الوسيم برغم شحوبه القليل وخطوط القلق التي ارتسمت بين زوايا عينيه:
"الجلب بيحس يا ولدي بتستهون عاد بصدر ام كبير يساع الدنيا كلاتها.....مش المرة التانية اللي واكله ناسها الا بالحج هتعمل وياها ايه"
*حك ذقنه النامية هاتفا بغضب عجز عن التحكم به ووجه أميمة البغيض  يتمثل أمامه:
"هسچنها واخلص العالم من شرها.....لو بيدي كنت جتلتها ورميت جتتها لكلاب السكك بس لازمن تنحط في السجن وتتعفن.....بس ناوي أوصى عليها مليح جوات السجن"
*احتضنت الحاجة دهب ذراعيه بكفيها وقالت بنبرة أكثر لينا:
"عين العجل يا ولدي.....خساره فيها عيار واحد من سلاحك النضيف خليها تدوج المر كاسات زي ما دوجته للولية الغلبانه ديه......وهتعمل ايه في موضوع عمك حسن"
*اهتز فكه بتشنج وهتف بحدة:
"اااه ياما لو هي سبب موته والله لخليها تجول حجي برجبتي قبل ما رميها جوات السچن....اني
اتحدت ويا المحامي وجال انه هيبعت اميل اجصد حاجة زي الچواب اكديه عشان يستلم ملف الجضية من السلطات الفرنسية ويفتح تحجيج أهنيه من اول وچديد.....ونعرف بجى ايه اللي حوصل وجتها"
"كنها بومة دخلت علينا بالحنچل والمنچل واتچوزت عمك....بس هنجول ايه والجول ضايع جدك هو اللي
صمم وجتها ان عمك يتچوز لما درى بموضوعه مع سهيلة وجسي عليه جوي جوي وجاله يايطلجها ويتجوز مره تانية يايغضب عليه ليوم الدين وبين ليلة ويوم دخل علينا حسن بوش الخراب واتريه بردك مطلجش الست سهيلة"
*عبست دهب بوجه واجم وهي تتذكر ثم قالت بلهفة:
"خد بالك منيها زين يا حمزة المره ديه كيف الحيه اللي بتلدع لدعتها وتتخبي في الشج معرفش ليه جلبي بيجولي أن جليلة الأصل غاليه وخوها بينتاهم وبين المرة ديه سر واعر جوي"
*التفت إلى والدته بجسد متصلب وقد ضغطت دهب الناجي على جرح  قلبه لتؤلمه:
"جوليللي ياما وريحيني عشان جلبي جايد نار ليه وجت ما سل.....بتك كانت عايز تهورب مع ولد المحروج ليه مجولتيش ياما كنتي خايفة عليها وهي كانت عتحط روسنا في الطين....يرضيكي يا حاجة دهب ولادك الرچالة يبجوا كيف الحريمات معرفنيش أيتها حاچه واصل"
*ارتجفت أوصال دهب الناجي وتمزق قلبها خوفا على سلمي من غضب شقيقها الاكبر والآخر حين يعلم وهتفت بضعف لأول مرة تعرفه:
"خوفت عليكم ياولدي.....كنت هتجتلها وتجتل ولد الحرام مهدي....خوفت على خوك يتهور.....وبوكم وجتيها يطب ساكت في مطروحه....خوفت من حنفية دم وتار  معينتهيش وهيحرج كل حاچه....هو اضحك على عجلها بس هي جالت لا مش ههروب بس هو كان......كان عايز يفضحنا يا ولدي بس الحمد لله ربنا سترها معانا ومع خيتك الغلبانه"
"غلبانه....كانت هتفضحنا وتجولي عليها غلبانه ااااخ
ياما ااااخ ليه تحطي راسي و راس عمار في الطين
بس اجسم بالله حساب مهدي وياي هيكون ملوش اول ولا اخر هاشرب من دمه واجطع لحمه نساير لديابه الجبل ولد الكلب الواطي.....طبعا بلال كان خابر عشان اكديه اتچوزها في سنتها صوح يا حاجة دهب"
*شهقت دهب بدموع واستدارت عنه لتنظر إلي نيرة من خلف الزجاج.........فتفاجئت بها تتابعهما بنظراتها الحائرة  وقد استنتجت ما يدور بينهما من حديث:
"بعدين يا حمزة احب على يدك..بعدين مرتك كانها
حسيت بحاجة وعم تتطلع علينا ياولدي"
*التفت يناظرها فوجدها تؤشر إليه أن يدخل إلى الغرفة وكانت علي وشك البكاء:
"هي كماني خايفة على سلمي من غضبك يا ولدي دي خيتك وملهاش غيرك انت وخوك"
*همست دهب الناجي برجاء جعل قلبه يهتز والدته هي تاج فوق رأسه ورجائها سيف علي عنقه:
*تنهد بتعب وهو يدخل الغرفة وينظر لها ثم إلى
الصغار النائمين في سرير خاص بهم بجانبها:
"كيفك دلوكيت يا حبيبتي"
*اهتز قلبها حين سمعت منه كلمة حبيبتي التي صدرت منه بعفوية رقيقة.....ليقترب منها واضعا قبلة أكثر رقة فوق جبهتها:
*تنحنت سهيلة واشتعلت وجنتاها بالأحمرار وطيف من ذكرى جميلة لن تنساها يمر أمامها في موقف مثل هذا تماما.....حسن حبيب العمر يتجسد أمامها الان بصورة حمزة الذي يشبهه كثيرا وصغيرتها التي لم تعتاد عليها وتشعر انها تتجنب الحديث معها برغم ابتسامتها التي ترسمها علي شفتيها حين تتطلع اليها.....لا تلومها فهي بالتاكيد مشتته الأن تحتاج إلى استيعاب مايحدث:
"انا هخرج شوية اتكلم مع الحاجة دهب"
*التفت لها حمزة وقد انتبه على وجودها حمد الله انه لم يتهور ويلتقط شفتيها أمام والدتها..........مط شفتيه قائلا:
"متتعبيش حالك ياست سهيلة اني ماشي دلوكيت بس جولت اطمن على نيرة والولد لاول جبل ممشي وتوكل على الله"
"رايح فين؟"
*شهقت تسأله بقلق.....ملس فوق وجهها الناعم و همس بخفوت:
"لازمن اعاود ع البيت واغير خلجاتي و......"
*انحني يهمس بجانب اذنها بصوته الاجش:
"واتسبح ولاوني معرفش هتسبح ازاي من غيرك"
*أحمر وجهها بشدة وهي ترفع عيناها تراقب سهيلة
ولكن سهيلة كانت بالفعل قد خرجت من الغرفة و
هما لايشعران....دفنت وجهها في صدره وهي تهز رأسها بالرفض حتى لايرحل:
"خليك معانا.....يا تاخدنا معاك انا بقيت كويسه الحمد لله"
*ضحك وهو يزيد من ضمها إليه مستمتعا بنعومتها التي تلهب مشاعره.....انه لايصدق حبيبته التي تمناها بين ذراعيه وأطفاله الصغار يهنئون بنوم عميق هادئ بجانبهم:
"ماعيزنيش اروح ليه في حاچه جلجكي متخافيش من أيتها حاچه والولد هيناموا أهنيه جارك في الاوضة"
*هزت رأسها نافيا وقالت بخوف:
"مش خايفة من حاجه هنا.....خايفه من عصبيتك على سلمي....مرعوبة من غضبك عليها حمزه سلمي كلمتني النهارده وكانت خايفه تيجي عشان كده بلال جه وحده"
*قال حمزه بعد فترة طويلة....طويلة جدا من الصمت:
"اني تعبان جوي يانيرة محدش فيكم حاسس باللي جوايا كل ماتخيل اني خيتي سلمي اللي جلبي متشعلج فيها كانت عايزه تهورب مع واحد صايع الله اعلم كان هيعمل وياها ايه......حتى انتي كماني
زيهم اضحكتي عليا ومجولتيش أن النجس دهه جه داري واتهجم على حريمي في غيابي"
*ارتجفت بشدة دون أن تستطيع النظر لوجهه وهي تجيب بصوت هامس:
"لو كنت قولتلك كنت هتروح عنده وممكن تقتله وانا مش عايزه اخسرك.....هتحمل منك اي عقاب بس اخسرك لا يا حمزه اعمل حسابك أن بئا عندنا تلات أطفال محتاجينلك.....وعلي فكره انا قدرت اوقفه عند حده كويس جدا"
*غامت عيناه بعاصفة من المشاعر وسالها وهو يمسح وجهه بفضول:
"عملتي ايه جوليللي"
*ضحكت بميوعة وأشارت باصبعها نحو وجهه وكأنها تصوب سلاح:
"رفعت عليه المسدس بتاع بابا الله يرحمه وقولتله هقتلك لو مخرجتش من هنا"
*وظلت تسرد له ماحدث يومها وهو ينصت لها بتركيز تارة يضحك وأخرى يستغرب حتى ثقلت اجفانها وغفت مستسلمة هي الأخرى للنوم مثل صغارها الرائعين:
          ********************
*افاقت على صوته وهو يتحدث مع شقيقه علي الهاتف وهو يقف أمام النافذه يوليها ظهره العريض توقفت أنفاسها وهي تراه يلف منشفة حول خصره.....بينما يظهر لها ظهره العاري رائعا همست بلسان حالها:
*خصلات شعر القصيرة يتساقط منها الماء ورائحة صابون المعطر تغمر انفها الصغير.....أنفاسها كانت تتصارع وصدرها يعلو ويهبط وهي تتذكر ليلة أمس
فقد كانت وقحة لدرجة لا تتخيلها.....ما الذي انتابها
انه وسيم....وسيم جدا لم ترى رجلا أكثر منه جمالا
وجاذبية ظلت تراقبه وتستمع إليه وهو يتحدث بلهجته التي تخرج منه برجولة مهلكة شهقت تخفي جسدها عندما التفت فجاءة وابتسم لها تمسكت بحافة الفراش وهو يقترب منها ويجلس بجانبها يمسك يدها الصغيره ومازالت ابتسامته تزين محياه:
"لا طبعا يا خوي انا وروجي لازمن نشوف نيرة والأولاد جبل مانسافر.....ولازمن كماني اشوف امي وحمزه الصغير بس انت عارف امي جعدت تجولي مينفعش واصل مرتك تزور نيرة وهي لساتها والدة عشان معرفش متخلفش ولا ايه.....عوايد زمان بجى"
*صمت قليلا يستمع إلى أخيه بينما يده تتوغل من أسفل الشرشف فشهقت وعيناها تتسع بذهول فكتم ضحكة عاليه كادت أن تفلت منه وأجاب شقيقه:
"أن شاء الله هنعاود على البلد طوالي اول مانوصل ياخوي متجلجش.....بالسلامه ياخوي"
*همست روجي بتلعثم وهي تبعد يده العابثة عن جسدها:
"على فك...رة.... مام....ما قالتللي كده"
"جاتلك ايه بعدي يد چوزك عن ممتلكاته"
*غمغم بمكر وهو يقبل عنقها الناعم....ضربته فوق يده بخفة وابتسمت تقل:
"لا طبعا....قالتللي مينفعش اروح أزور نيرة ممكن بس اشوف الاولاد"
*وقف منتصبا يفك عقدة المنشفة قائلا بتذمر:
"حتى حماتي كماني انا جولت دي عوايد عندينا احنا وبس....والحاچه دهب بتنفذها بحذافيرها"
*اغمضت عيناها بقوة تصرخ صرخة نفضته:
"انت بتعمل ايه...."
*نظر إليها باستغراب قائلا ببساطة:
"بفك الفوطة عشان البس واه"
*هزت رأسها وهي تشير الي غرفة الملابس الملحقة بغرفة النوم:
"لا غير جوه مش قدامي"
"وبعدهلك يابت الناس هو اني غريب عنيكي ولا ايه افتحي عيونك اكديه وخليكي شجاعة"
"عمار من فضلك"
*لم يسمعها بل فعل العكس عندما اندس بجانبها تحت الشرشف وضمها إليه بقوة:
"من فضلك انتي بلاش كسوف كفاية بجالي ليلتين دايخ بسبب كسوفك ده"
"انا جعانة"
*هتفت بخجل وهي تحاول الهروب من اسر ذراعيه
فاجابها بانفاس لاهثة:
"واني كمان بس نفسي اكلك انتي بالأول"
*اطلقت ضحكة صاخبة حينما سحبها أسفل  الشرشف الحريري وهو يلتهم شفتيها بجنون:
          ********************
*كانت روجي تعد مائدة الإفطار حينما وصل إلى سمعها صوت زوجها وهو يتحدث مع احد رجاله ويبدو أنه مناع الذي راقبها من قبل.....اقتربت من الشرفة وهبط قلبها بين قدميها عندما صاح عمار بغضب:
"مناع ملكش صالح انت اني جولت محدش يجرب منيه لحد ماعاود  البلد واعرف هعمل ايه وياه ولد المحروج دهو"
"امرك ياضاكتور بس اني ماعايزش توسخ يدك بدمه الزفر انت او الكبير هملهولي واني اعرف كيف
اجطع خلفه"
*قال مناع بصوت غليظ مغلول.....تنهد عمار بنفاذ صبر وقال من بين أسنانه المصطكه:
"يعني احب على يدك يخربيت اكديه ياواكل ناسك انت افهم الحديت زين وبلاش مخك اللي كيف البجر....ده تاري اني ولابد اخده منيه مانا لو اكديه كنت جولتلك خلص عليه انت او حتى كلب من كلاب المزرعة بس اني لازمن اجطع لسانه ويده"
*تلون وجه روجي بالخوف  فعمار
خلع زي التحضر والمدنية وعاد إلى طباعه الرجولية الحاميه واصله الصعيدى الحاد.....لا لن تسمح له بذلك على جثتها أن يضيع بسبب هذا الحشرة الحقير:
            ******************
*أغلق مناع الهاتف ونظر إلى ذاك القابع في زواية حظيرة البهائم  مهلهل الملابس مشعث اللحية يئن من ألم جسده المطالب لحقنة من الهيروين......وضع مناع أمامه صينية الطعام مع إبريق زجاجي من الماء وقال بحدة:
"اتسمم الوكل يا بغل الوسية والله لو بيدي كنت جطعت من جتتك نساير نساير بس هجول ايه الضاكتور رايدك حي"
*رفس رامي صينية الطعام بقوة وصرخ في مناع الذي اشتعلت عيناه كتنين غاضب:
"مش عايز زفت....انتم متعرفوش انا مين ياشوية عصبجيه انا هاوديكم في داهية ياولاد......يا ولاد.......
انا بابا مش هيسكت وانت والدكتور بتاعك وكبيركم هتروحو في ستين داهية"
*هب احد الغفراء ويدعى مرقس وهو يسحب أجزاء بندقيته الآلية ويصوبها بين حاجبي رامي الذي ارتعب:
"هملني عليه ياريس مناع اجطع خبره ولد الفرطوس"
*ابعد مناع يد غفيره مرقس وقال مبتسما بغلظة:
"همله يامجدس مرجس لساته ليه عمر لو راجل وجد كلامه يجوم بس يجف في وشي"
*وقف رامي بالفعل وقد اطمئن بانه لن يقتل على يد هؤلاء البهائم كما يصفهم وحمل ابريق الماء الزجاجي وبلمح البصر كان يضربه فوق رأسه مناع:
"قولتلك ابعد عني"
*صرخ رامي وهو يضحك بشماته ويلهث ولكن ضحكته تلاشت عندما مسح مناع خيط الدماء الذي ينحدر فوق وجهه وهو أيضا يضحك ضحكته الغليظة القوية:
"هع هع هع هع هع هو ده اخر ما عنديك ياتوتو"
*وللغرابة لم يهتز الغفير الآخر ويهرول ناحية مناع مثلا يسأله عن إصابته بل ضحك هو الآخر بقوة هكذا تفاجي رامي الذي ظل يبتعد عن مناع بخطوات مرتجفة للخلف:
"كان نفسك اجع جصادك وافرفر كيف الديك المدبوح لكن اجولك ايه اني يا صغير اخدت عيار جبل سابج من غفير أحول وعدت ع الدار اتغدي جبل ماروح ع المستشفى.....تجوم انت تضربني باللعبة ديه كأنك لساتك يويو اصغير يا حمادة اجعد اتسمم الوكل اللي خسارة فيك بس جبلها خد ديه عشان تعرف تاكل ونفسك تتفتح"
*وبراسه المتحجرة سدد مناع ضربة قويه لرامي جعلته يترنح ويقع في مكانه فاقدا الوعي....بينما التفت مناع إلى الغفير مرقس يقل له بهدوء:
"تعالى يا مجدس اكبسلي عليها بهبابة بن من صيدلية الزريبة"
"بس انت اكديه محتاچ عملية تچميل ياريس مناع كيف اللي بتعملها لهطة الجشطة غادة عبد الرازج"
*هتف مرقس بمزاح وهو يتقدم مناع الذي قال وهو يفرك راسه:
"حجه ياولد المدعوج ديه مهلبية معمولة بلبن چاموسى صابح"
             ****************
*قبضة جيلدية تعتصر قلب روجي أكثر وأكثر والدموع الحارقة تلسع عينيها رافضة أن تنحدر إلى وجنتيها قهرا.....لقد قررت أن تتحدث مع زوجها عن
رامي وتترجاه أن يتركه ولكن بعد تناول الإفطار وشرب قهوته وأثناء عزمها على هذا الأمر لفت انتباهها رنين هاتف عمار مرة أخرى وقبل أن تسأله عن المتحدث تفاجئت به يتحدث بالانجليزية قائلا بخفوت منصدم:
"قولت لكي لا تهاتفيني مرة أخرى.....ما بيننا انتهى منذ أمد بعيد....اللعنه اللعنة لماذا جئتي إلى مصر ماذا تريدين مني أيتها المخبولة"
*زفر أنفاسه مختنقا وشدد كلماته بخفوت:
"انتهينا عودي إلى بلدك سريعا لقد سئمت منك ومن مكالماتك تلك.....لا لم أعد اريدك انتهينا"
*تجمدت في مكانها وبسرعة فائقة ذهبت إلى غرفة الطعام قبل أن يكتشف انها كانت تقف خلفه واستمعت إلى حديثه....وهي تنتظر أن يصارحها مع من كان يتحدث ومن التي أتت إلى مصر لأجله وكأنها تضعه في أول اختبار في حياتهم الزوجية:
               ******************
حمد لله على السلامه ياخوي مبارك ماچالك يتربوا في عزك وخيرك يارب وعز نيرة"
*بتلك الكلمات السعيدة استقبلت سلمي شقيقها حمزه بالعناق والمباركات وأطلقت بهية زغرودة مجلجلة  و هى تهرول على حمزه تسأله عن صحة نيرة والأطفال وهي مشتاقة لرؤيتهم وشيماء أيضا زوجة سعفان التي شاركت الفرحة مع بهية..."
*ابتسم في وجه الجميع حتى اولاد شقيقته الصغار حسين وبسمة والذي كادوا أن يبكوا وهم يلحون على رؤية الصغار.....وهمهم لهم حمزه بأنهم مازالوا بالمشفي وأنه سيصطحبهم معه غدا لرؤيتهم:
*في حين تجمدت سلمي عندما أزاح حمزه ذراعيها عن خصره وقال لها بجمود:
"حصليني على جوه عايز اتحدت وياكي"
"امرك ياخوي"
*تمتمت سلمي وهي ترتجف وتشعر بالألم من إهمال حمزه لعناقها وفرحتها:
*اغمض عيناه وجعاً عندما صفعها بقوة لأول مرة في حياته.....صفعة افقدتها توازنها وجعلت خيط رفيع من الدماء يسيل من زواية فمها.....كتمت بكائها وتحملت حتى لا يصل صوتها الي خارج الغرفة وحمدت الله أن زوجها خرج بصحبة آدم و زياد:
*اما هو فقد قبض كفه بقوة يعتصره باعصاب ملتهبة وعينيه تنفث غضبا يحرقه ثم صرخ وهو يمسك مرفق سلمي بقوة:
"تعرفي حاسس بايه دلوكيت ياخيتي ياحته من جلبي.....حاسس اني لأول مرة في حياتي كلاتها ابجى مغفل وحمار وشوية نساوين اضحكوا عليا"
"سامحني ياخوي احب على رچلك سامحني"
*وانحنت أمام حذائه لتقبله وهي تذرف دموعا تمزقه.....قبض علي شعرها بقسوة لم يعرفها من قبل وأخذ يهزها بقوة شديدة حتى أنها شعرت بدوار شديد يطيح برأسها....وبقوة أكثر منحها الصفعة الثانية التي جعلتها تقع فوق الاريكة تتاوه بألم:
"أحمدي ربك اني ماسك حالي لحد دلوكيتى اللي زيكي فاچره تستحج الموت عشان انتي عار ولازمن كنتي تدفني حية.....انت والكلب الواطي والله ما هاسيبه وهاصفي وياه الجديم والجديد"
*بكت بحرقة وهي تغطي فمها الذي يؤلمها بيدها وقالت باكية:
"وحياة ولادك ماتعملها ياخوي....ده چبان وكلب ولا يسوي عشان خاطري ياخوي سامحني هو....هو اللي اضحك على عجلي وغواني وكنت وجتيها عيلة صغيرة معرفاش أفرج بين الصوح والغلط يا خوي
وندمت وحياة ولادي ندمت ياحمزة وجولتله لا لا
مش هاروح وياك وافضح خواتي وبوي...."
*التفت حتى لا يرى دموعها ووجهها الذي تلون بسبب صفعاته القاسية...وسالها بصوت مرتجف:
"وكان رايد منيكي ايه لما جولتللي لا مش هروح وياك....جوليللي ياخيتي"
"ملوش لازمه الحديت دلوكيت يا حمزة....سلمي مرتي ومكنش يصوح يارفيج عمري تمد يدك على مرتي في غيابي"
*صدح صوت بلال بحنق شديد وعيناه تنتقلان بين زوجته الباكية ووجهها المتورم من الضرب وبين حمزه الواجم الملامح.....اجابه حمزه بقوة وهو يصيح كالليث المجروح:
"بس هي خيتي اني كماني ياصاحبي ولازمن اني اربيها من لأول وچديد لما اعرف انها كانت راح تچيب العار للعيلة كلاتها"
*هز بلال راسه وهو يؤشر لها أن تقترب فاقتربت سلمي وهي ترتجف وعينيها لا تستطيع أن ترفعها بعيني حمزه الغاضبة:
*مسح بلال باصبعه طرف شفتيها الدامى وقال لها بهدوء:
"حضري حالك انتي والأولاد عشان هنعاود دلوكيت ع البلد"
*هتفت بخفوت وعيناها تلتمعان بالدموع الحبيسة:
"طيب هملني الليلة دي بس اطمن على نيرة واشوف ولاد اخوي و......"
"سلمي جولت هنعاود يعني هنعاود خلاص خلص الحديت"
*مسد حمزه راسه بوهن و انكسار وهو يجلس فوق أقرب مقعد......وتمتم بغضب مكتوم:
"اسمعي كلام چوزك....احنا هنعاود كمان يومين ان شاء الله"
*هزت سلمي راسها وخرجت من الغرفة تبكي....وخلفها بلال بينما فرك حمزه وجهه وقال بدموع تلمع بمقلتيه:
"لا حول ولا جوة الا بالله"

أهـــــــــــــــواك قـــــــــــــــلبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن