الفصل 22

3.2K 91 2
                                    


*في وقت متأخر من الليل صف حسام سيارته امام
منزله الكائن بمنطقة الشيخ زايد وهو ثمل من آثار شرب الخمر والحشيش كعادته اليومية وترجل من سيارته برفقة فتاة روسية تعمل بإحدى الملاهي الليلة.....كانوا يترنحان من الثمل ويضحكان بصخب عالي حينما ظهر أمامهم ثلاثة من الرجال الملثمين
بشيلان بيضاء تخفي معالم وجوهم الا عيناهم المظلمة بسواد الليل:
*صرخت الفتاة بينما وقف حسام يتمتم بتلعثم وركبتيه تضربان ببعضهم البعض من الخوف:
_انتم....انتم مين؟ عايزين ايه مني....خدوها لو عايزنها.
*قال أحد الرجال بصوته الغليظ القاسي:
_احنا معيزينش نساوين بطالة....احنا عايزينك انت يا حيلتها..
*كانت الفتاه تصرخ وهي غير مدركة للغة هؤلاء الرجال فهي تعرف كلمات قليلة بالعربية تلاقيها على زبائن الملهي:
*صاح فيها رجل أخرى وهو يخرج من جيب جلبابه مسدس معمر بالذخيرة :
_خالي المرة ديه تسد خشمها جبل ما سيح دمها وانت تعالى ويانا من ساكت....
*صاح الثلاث الذي كان يراقب الطريق:
_واه انت لساتك هتجوله تعالى ويانا دجه بسلاح فوج راسه.
*وقبل أن ينطق حسام بشفه كلمة كان كعب المسدس الآلي يدق خلفية راسه بقوة ليقع مغشي عليه في الحال فوق كتف الرجل الثاني الذي حمله
سريعا والقاه في السيارة....ام الفتاة فقد وقفت ترتجف أمامها وهو تقل بتلعثم لغوي:
Please don't touch me...
_بتجول ايه المره ديه...
*قال الرجل الأخير هو يبتعد عنها فأجابه الأول:
_معرفش ايه بتبرطم بالفرنساوي ...
*استعانت الفتاه بكلماتها العربية التي تعرفها وايقنت انهم يريدون حسام وليس هي وفي الحقيقة لقد إعجابها الأمر فهذا الرجل لا يروق لها لولا الديلر المسؤول عنها لما كانت ذهبت معه فقالت بتلعثم:
_فلوس.... Money....عايز فلوس انا.
_واه ديه بتجول عايزه جرشنات ياريس سعفان:
*اخرج سعفان رزمة من النقود والقاها في وجه الفتاه وهو يصيح فيها من بين أسنانه ويشهر السلاح بوجهها:
_خدي الفلوس اهه وانجلعي من أهنيه جبل ما اخدك ويانا....واي رط كتير هعاود مخصوصي عشانك واجتلك فاهمانه عليا يا خواجية ياغازية انتي.
*لم تفهم عليه ولكنها ابتسمت إلى الرجل الضخم صاحب العينان الرمادية وهمست له بعربية متلعثمة:
_فلوس يس....كلام نو....باي بيبي.
*ركضت الفتاة بسرعة من أمام سعفان ليقل الرجل الثاني وهو يضحك بقوة:
_هع هع هع هع.....الحج ياريس بتجولك يابيبي.
*وما كان من سعفان الا ان ضربه كف أسفل راسه وقال له بغضب:
_انجلع ياوكل ناسك على العربية....جبر يلمك.
*وفي لمح البصر كان يقود سعفان السيارة بأقصى سرعة متجهه إلى البلدة بعد تنفيذ أوامر الدكتور
عمار وكبيرهم حمزة الناجي.
***************************
*أغلق عمار الهاتف مع رجله سعفان وابتسم بشرور وهو يحرك الهاتف ببطء فوق كف يده المنبسط والتفت فجأة حينما سمع صوت أمه الغالية من خلفه تهتف بنبرة قوية:
_طمني يا ولدي حوصل.
*ابتسم وتقدم بعض خطوات من أمه الغالية يقبل راسها وهمس:
_حوصل ياما....والمحروج ولد الكلاب ممدد في العربية مع سعفان والرچالة كيف خروف العيد.
*هزت دهب رأسها واقتربت تنظر إلى ساعة الحائط المعلقة بمقدمة الردهة وقالت بارتياح:
_الوجت جرب ع الفچر وخوك متحتدتش وياي لحد دلوكيت خير يارب....احدته اني ولا ايه.
*قال عمار وهو يفتح المبرد ويلتقط زجاجة مياه بارده يشربها لتهدئة جوفه الساخن من حر أغسطس:
_ياما تلاجيه نايم جنب مرته.....ديه بسكوته ولا ناسيتي متجلجيش كده هه على وحش الناجي.
*تهجم وجهه دهب بالنفور و بالأول وسادة توضع فوق الاريكة رمته بقوة وهي تهتف بقلب ام ملتاع يشعر بقلق ينهش أحشائها:
_هه بكره نجعد ع الحيطة ونسمع الزيطة يا مخبل
انت كماني كلاتها كام يوم وتنجعص "تجلس" في
حضن مرتك....وبردك جلبي يأكلني عليك حتى لو بجيتوا في أعلى المناصب هيفضل جلبي وكيلني وكل عليكم.....انا ام يا ولدي ولا فاكرني اني موخداش بالي منيك ده انت يوماتي صبح وليل
تطمن على حمزه الصغير وجلبك وكلك عليه.
*ابتسم عمار بحنو وجلس أمام والدته يحرك خصلات شعره القصيرة بأصابعه ويهمس:
_حمزة ده روح جلبي من جوه.....صوح ياما مفيش أغلى من الولد واللي مخلي جلبي دايما جلجان عليه انه من غير ام تاخد بالها منيه.
*ربتت دهب فوق ساقه وقالت بمطمئنيه :
_اباي ليه كفان الشر والدك عنده بدل الأم اربعه اني وعمته اللي روحها فيه....ولا نيرة بنت جلبي الواد متشعلج فيها كيف العلجة بيحبها جوي....وبكره تبجا روجي أمه هي كماني وتجبله اخ ولا اخت.
_خايف جوي ياما...
*دمدم عمار بقلق يصبغ ملامحه....فاروجي مازالت شابة صغيره مدللة فهل ستستطيع تحمل طفل صغير وهل ستنجح في القيام بدور الأم لطفل لا ينتمي إليها:
*استشعرت دهب خوف ابنها الظاهر على وجهه وعملت ما يدور بخلده من تفكير....لذلك أطلقت تنهيدة ناعمة وهي تسبح فوق أصابعها كعادتها قبل الفجر....ثم تمتمت بالاستغفار وهمست:
_مرتك هتبجا احن على ولدك من الخواچيه أمه وهتحبه كأنه ولدها تمام.... بكره تشوف و تجول امي كان عنديها حج لو كنت ميته تترحم عليا....ولو كان ليا عمر تيجي وتجولي كلامك صوح ياما...
_بعد الشر ياما....بعد الشر ربنا يبارك فيكي.
*غمغم عمار بالهفة....لتكمل دهب الناجي:
_الموت حج ياولدي مش شر....هه اجوم الحج ركعتين جبل الفچر.....وانت كمان ياولدي جوم صلى وادعي ربك بثبات النفس....ربنا يهدي سرك انت وخوك وختك جادر يا كريم.
****************************
*كانت آخر كلماته "بحبك....نيرة" قبل أن تلتهم شفتاه المنفرجة قليلا بغل ونارين شبت بجسدها وهي تستمع إلى همهمت صوته الاجش باسمها تقلصت عضلات وجهه وتنغصت وهو نائم في
ثباته العميق يحلم بها ويشعر انها تقبله بقوة وعنف
ولكن حتى في احلام يعرفها يشعر بها يستلذ بلمساتها......يتذوق بين شفتيه ريقها المسكر كالعسل المكرر:
*لا ليست هي.....ليست نيرته......كان عقله يعمل كتنبيه حاد كنقوس الخطر إلى جسده المستلقي بتعب........فجاءة فتح عيناه بقوة على اتساعهم
تجمد حمزه تماما ونظرته المذعورة تتعلق بالمنحنية أمامه بقميصها ذات شق الصدر المتسع
والذي يظهر كل شيء أمام عيناه المتسعة.......نظر
اليها بعيونه الحمراء المتوحشة وفجأة دفعها بكل قوته لتسقط فوق الأرضية الطينية الصلبة وتتاه بألم وهي تصرخ:
_انت....انت مجنون.
*هدر حمزه بغضب قاسي وهو يقف مستقيم ويمسح فمه بكم جلبابه بقوة ويصيح بأعصاب متفجرة:
_اني مجنون.....وانتي مره سافلة وحقيرة بنت كلاب مرة معندكيش دم ولا اخلاج....كيف تعملي اكديه يا واطيه يا زنيه يابنت الكلاب وبقوة رفسها بقدمه في خصرها جعلها تتلوي وهي تصرخ بشدة وشعرها الذهبي منثور حول وجهها بجنون:
_انت غبي زي عمك مش فاهم حاجه....عمك كان غبي زيك بيجري ورا الستات اللي ملهمش قيمة نيرة مش بتحبك.....نيرة مجرد عيلة صغيرة فرحانه بحمزه اللي ساب الدنيا وجرى وراها وبس.......لكن بكره هتندم لم تكبر وتفهم انها كانت فرحانه بلعبتها
وتشوف الدنيا بعيونها.....اللي انت لازم تعرفه انها
كانت بتستمتع بغزل نديم ليها عن جمالها وعيونها وشبابها وانت هه كل اللي يهمك.......
_أخرسي يافاچرة سدى خشمك العفش دهو عن الحديت عن مرتي اللي أشرف منيكي.
*صدح صوته عميق قاسي غاضب وهو يجذبها بشدة من تلابيب قميصها الفاضح وينزل بكفه الضخم فوق وجهها.....كاد أن يخنقها وهو يضغط على عنقها ويصيح من بين أسنانه:
_إياك فاكرني بحديتك الفاچر دهو هتغل ولا هطلج نيرة نچوم السماء اجربلك من اللي راسك الواعر.
*قالت وهي تحاول أن تفلت من قبضة يده بأنفاس لاهثة وعيناها جاحظتان من الاختناق:
_انت متعرفش بنتي اللي ربتها اكتر مني....
_بنتك....اتفووو عليكي صحيح يعملوها ويخيلو فاكرني معرفش حجيجتك اني بس ساكت بالضالين عن أفعالك الواعرة عشان مرتي وولدي بس....كل وجت وله أذان يا ضاكتوره.
*ابتعدت عنه وهي تمسح وجهها الدامي من أثر صفعات بأكمام مزراها الملطخ بطين ورفعت رأسها
بتوتر تقل:
_حقيقة ايه اللي عرفتها؟
*ضحك بشراسة ضحكة أظهرت أنياب غضبه العارم
واقترب منها خطوة....ابتعدتها هي بساق هشة كأعواد القش:
_بأه فيكي ايه عاد؟ معرفاش بتحدت عن ايه.....عن
حجيجتك اللي لازمن ولابد الكل يعرفها رحمك النتن اللي نزعوه منيكي....ولا الست سهيلة اللي دخلت السجن بسبب حجدك وغلك....ولا عمي اللي
مات في حادثة مدبرة....ولا نيرة اللي اخدتيها من حضن امها حتت لحمة حمرة.....تحبي تعرفي تاني ولا بزيداني عاد وخالي الطابج مستور.
*صدمة عارمة ارتسمت على وجه أميمة لتتحول إلى غضب شرس عنيف ودون مقدمات وبمكر حاد
هجمت على وجهه بأظافرها المدببة تنهشه ولكن نسبتنا إلى طوله الشاهق لما تطل اظافرها الا عنقه الظاهر من فتحت جلبابه فخدشته بقوه حتى بدايه صدره.....وهي تصرخ فيه:
_هدفعك التمن غالي اوي.....التمن هيكون قاسي عليك يابن الناجي بس البادي أظلم....انا واثقة انك خايف على الامورة بتاعتك ومش هتقدر تقولها عن حاجه ولا تصدمها....بس صدمتها فيك هتكون كفايه.
*كان يلوي ذراعها خلف جسدها وبهدوء يسبق العاصفة دمدم:
_لو بيدي أجلك و اتويكي أهنيه واخلي الدبان لازرج ميعرفلكيش طريج چرة ....بس نيرة وخوفي عليها حيشين يدي عنيكي يا فاچرة يا مره ناجصة تربية.
*كان صوت ارتفاع اصواتهم وصراخ أميمة يصل إلى عنان السماء حتى الخيول بدأت تصهل من شدة الصوت....انوار السرايا بدأت تنير والجميع
يخرج من الغرف متسائلين عن تلك الضجة القادمة من جانب حظيرة الخيول.....بخف منزلي ومنامة ركض بلال فوق الدرج وخلفه سلمي....اما الخالة
حفصة والدة مناع خرجت من الغرفة تعقد وشاحها الأسود فوق رأسها وهي تهتف:
_العوايل دهو جاي من وين يا سلمى يابنيتي...
_معرفاش يا خالة....باينه جاي من عند الاسطبل
خير يارب.
*صاحت سلمي بقلق وهي تتابع زوجها الذي ركض إلى حظيرة الخيول وفي طريقه اصطدم بقوه في أميمة التي تشبه المغتصبات في حالتها....شعرها
الاشعت..... ملابسها المتسخة....وجهها الدامي...و
بكائها بعنف وعندما اصطدمت به صرخت وهي تتمسك بمنامته:
_الحقيني يا بلال....حمزة كان عايز يغتصبني الحقو ده زي المجنون.
*تجمد بلال في مكانه وهو مصدوم....وصرخت سلمي من خلفه:
_خوي....اخرسي يا وليه يخارفانه .
*ولكن ما ذهل الجميع هو مظهر حمزة المبعثر ولهث أنفاسه....وجرح عنقه وصدره الذي ينزف بقوة من أثر خدشها المتوحش.....فكما تعمدت زوجه عزيز مصر في لصق تلك التهمة من الدبر لسيدنا "يوسف عليه السلام" وهي التي كانت تروضه عن نفسها......افتعلت أميمة نفس الفعل ولكن من الإمام بمنتهى الحقارة والانحطاط الأخلاقي حتى في شق جلباب من الإمام:
_هجتلها يا بلال بعد يدك..
*هتف بعنف وهو يصوب فوهة مسدسه إليها وبسرعة البرق كان يرفع بلال يده لتخرج الطلقة
فارغة تدوي صوت مفزع يهز سكون الليل:
_اهدا ياحمزة..
*صرخ بلال وهو يصده عنها بجسده القوى....لتبكي
الآخري وتصرخ وتقسم بالله كاذبة:
_والله كان عايز يغتصبني....ومنظره يحكم ما بينا .
*من حوله لم يشق سمعه ويجمده الا صرختها وهي تحتضن بطنها.....قائله:
_مش ممكن؟
************************
*ظلت جالسة أمام أميمة التي تعد حقيبتها وتستعد للرحيل وهي مازالت تبكي وتصرخ وتنوح بكذب وافتراء.....والاخري متجمدة أمامها في مكانها لا تقوي حتى على رفع عيناها والنظر في وجهها الملون من أثر صفعاته القوية:
_انتي لسه اعقده حاول يغتصب أمك ومرات عمه وانتي لسه في مكانك مش عايزه تتحركي....انتي
ايه مسحورة منه.....اكيد الحربية أمه سحرتلك عشان تعيشي مع الكلب ابنها.
*فغرت شفتيها اخيرا وقد بدأت تستعيد وعيها من تلك الصدمة المهولة وتمتمت بخفوت:
_ايه اللي وداكي عنده؟
*تلبكت أميمة عندما صدمتها نيرة بسؤالها المباشر وأخذت تلملم في اشيائها بغضب كأنها لم تسمع ما قالتله.....ولكن استوقفها صرخة نيرة عندما وقفت أمامها وامسكت بذراعيها بكل ما اؤتيت من بقوة وإعادة نص السؤال ولكن بصرخة أشد قوة:
_بقولك ايه اللي خالي تروحي عنده.....انا عارفه انه وصل من بدري وراح على مكانه واعقد فيه يعني
حمزه متدخلش السرايا....يبقا ايه اللي خلاكي تروحي لحد عنده انطقي؟
*دفعتها أميمة بقوة لتسقط فوق الفراش ولكنها تحاملت فوق ذراعيها حتى لا تؤذي جنينها ونظرت إليها بغضب وهمست من بين أسنانها:
_انتي كدابة.....انا بكرهك....بكرهك.....انتي مستحيل تكوني امي.....مستحيل.
*ضحكت أميمة بغضب واقتربت منها وهي تدمدم أمام وجهها:
_انا كمان بكرهك وبكره ابوكي وعيلتك كلها وهفضل وراكي لحد ما اخرب عليكي َاطربها فوق راسك ورأس العايلة ديه.....اللي عمله فيا حسن الناجي هيدفع تمنه انتي وبس.
*تراشق كل منهم نظرات نارية من الجحيم وهتفت نيرة بعينان تلمع من الدموع ولكنها أبت أن تسقط أمامها:
_يعني انتي بتتبلي عليه.....عايزه منه ايه ولا يمكن تكوني بتحبيه شايف فيه حسن الناجي تاني انا اخده بالي كويس من نظراتك له وانتي بتأكليه بعيونك.....بس كنت بكدب نفسي وبقول مستحيل
مستحيل يحصل كده....مش عشان بيقت بثق فيكي لا عشان عارفه ومتاكده من حبيبي....عارفه
انك بتكرهيني وبتكرهي ابويا من وقت ما كنتي بترميني عند خالو عصام وروحتي اتجوزتي واحد واثنين واخرهم دكتور لطفي.....
_عارفه انك بتحقدي على جدي عشان منعك من الميراث وكتب كل حاجه باسمي....عارفه كل حاجه
عن حقدك وغلك بس كنت بقول امي بس مكنتش اعرف انك بالحقارة والدناءة ديه......
_أخرررررررررسي ......
*صفعتها أميمة بقوة فوق وجهها....صفعة جعلت الدماء تغمر وجهها الناعم....ابعدت خصلات شعرها
و رفعت وجهها وهي تبتسم بهدوء قائلة:
_انتي عارفه ليه رفضت اني اسمع حمزه واطلع أجرى وراكي واعمل نفسي اني صدقتك عشان اكشف ملعوبك القذر ده......انا مش عايزه اعرفك تاني أخرجي من حياتي ومن بيتي وابعدي عني
اعتبرني موت زي ابويا وانا هعتبرك انتي كمان موتى.
*قوست أميمة حاجبيها والحقيقة تتلاعب فوق شفاها.....تريد أن تصرخ بها وتقل بعلو صوتها وحقد قلبها ونيرانها المشتعلة:
_انا مش أمك.....انتي مش بنتي.
*ولكن ليس الآن تلذذها في تعذيب حمزه الناجي ونيرة الناجي سيكون فائق الحد عندما تحرق قلوبهم ببطء شديد ووقتها يأتي وقت الحقائق الكاملة.....تعرف جيدا بأن الفارس الهمام لن يبوح
بالسر إلى معشوقته الان إذن فعليها الانتظار هي الآخري حتى تضرب ضربتها بسوط من حديد بالوقت المناسب جدا والتي حددته من الآن:
_انتي كمان هتندمي يا نيرة.....بكره تشوفي انا هعمل فيكم ايه؟ مش أميمة فاخر اللي تسلم بسهولة يابنت الناجي...
*تشنجت ملامحها وهمست لها وهي تقف بخيلاء وثقة أحرقت اميمه وجعلتها كالمسمومة:
_أخرجي من حياتي.....وعمري ما هندم صدقيني لأني باختصار معايا ربنا وحبيبي.....وغير كده.
*اقتربت منها وقالت بقوة وعينان لامعة:
_انا نيرة....نيرة حسن أيوب الناجي.
**************************
*لو كانت الأرض رجلاً لصرخت تحت أقدامه وهتفت أن يرحمها من قسوة خطواته التي تدب فوق الأرضية بقوة.....ماذا سيفعل إذا رحلت و تركته الان كيف سيعيش ويتحمل ويتنفس:
*دقائق مرت كدهر من الزمن وهو ينتظر حكمها عليه بالموت أو بالحياة.
_لا حول ولاجوه الا بالله ايه المصايب الا بتتحدف علينا ديه يارب.....ليه المرة ديه تجول اكديه عليك جطع لسانها الواعر.
*ظلت سلمي تهتف ببكاء وهي تقف أمام اخيها الغاضب كبركان من الحمم والنيران....اشار لها بلال برأسه أن تجلس وتصمت قبل أن يصمتها حمزه....وربما للأبد فهو الان لا يرى الا الجحيم:
*استدار نحو شقيقته و زوجها ليطمئن قلبه من نظراتهم بأنها لن تصدق.....ولن ترحل عل قلبه يهدأ قليلا:
_تفتكروا هتصدج اني ممكن اعمل اكديه....تفتكروا ممكن الحربية ديه تملأ رأسها بكلام الواعر دهو..... ديه تبجا مصيبة.....يابلال مصيبة ودجت فوج راسي.....اني.....معملتيش اكديه اجسم با....
*بيد قوية من فولاذ....ضغط بلال فوق كتفه الصلب ودمدم له:
_من غير ما تجسم يا خوي كلاتنا عارفين انك متعملهاش ..... بس ده الاختبار الحجيجي الا اجوي من الحب يا صحبي الثجة....ثم الثجة لو مفيش يبجا خلاصي جول على حياتك يرحمان يارحيم.....واني متأكد أن نيرة ماعتخدويش بحديت الولية ديه واصل.
*رفعت سلمي عيناها إلى زوجها.....ترسل لها نظراتها التي توحي بالحب والعشق....وكانها هي الأخرى تطالبه بتلك الثقة التي يتحدث عنها.....اما هو فأشاح بوجهه عنها قليلا.....وما لبث أن عاد ينظر لها بعد استمع إلى تنهيداتها المتعبة:
*الجو مشحون بالطاقات السلبية هناك شرارة من النيران على وشك الانفجار....يشعر بلال بان صديقه ورفيق دربه حمزة يكتم أمرا ما بداخله ولا يريد البوح به الآن وهذا الامر يكبله بسلاسل من حديد:
*واخيرا سمع صوت حديث عنيف أعلى الدرج وحقيبة تجر بسرعة لأسفل الدرج تصدر صوت مزعج....التفت حتى لا يراها وهي تخرج وتتركه وكل كتلة من عضلاته تنتفض خوفاً.....هذا القلب الذي ينبض بداخله ويضخ الدماء كاد أن يتوقف من قوة ارتجافه....امسك بحواف الطاولة بقوة حتى ادمت يده وهو ينتظر وينتظر :
*حولت سلمي الخروج من المعقد الكبير....ولكن يد زوجها كانت أسرع من جسدها....وحرك راسه قائلا بخفوت:
_اجعدي أهنيه....ملكيش صالح سبيها تقرر..
*ابتعد صوت عجلات الحقيبة الجرارة عن محيط السرايا ....واختفت أنفاسه....جبل الناجي وحش العائلة وسيدها على حافة هاوية الانهيار....رحلت....رحلت....اخذ العقل يردد والقلب يبكي حتى:
*ارتجف جسده الضخم على لمسة حنونه صغيرة وصوت ملائكي يغرد من خلفه:
_حمزة.....احضرلك العشا.
*فتحت سلمي عيناها على مصراعيها وهي لا تكاد أن تصدق ما تراه هل هذه نيره ام أخرى تتحدث و
قبل أن تعلق بكلمة.....كان بلال يسحبها خلفه وهو يهمس:
_جدامي على فوج همليهم لحالهم.
*تمتمت سلمي بذهول:
_انت كماني واعي وشايف اللي بيحوصل ولا اني بحلم ولا ايه.
*استمر بلال في سحبها وهو يكتم ابتسامته زوجته الفضولية جن جنونها.....فقال وهو يحملها من أسفل ذراعيها لتتحرك:
_ايوه شايف وكنت متأكد من اكديه.....جدامي وبزيدكي عاد رط.
*اما الآخرين فكان كل منهما في يسكن عالمه الخاص.....والعينان هي من تتحدث وليس الأفواه
ملست بيدها الحنونه فوق وجهه الشاحب باحمرار
وبرقة أكملت على عنقه ويشفيها لثمت هذا الجرح الغائر.....الغادر وهمست بدموع:
_انا واثقة فيك....تمام زي انت ما بتثق فيا حبيبي.
*العشق الذي تغسله عيون الرجل بدموعها يظل طاهرا وجميلا وخالدا إلى الأبد....وها هو الجبل الشامخ رجل المواقف الصعبة.....رجل يحكم قبيلة
وتخضع له الاشناب ويهبوا العجائز قبل الشباب يذرف دموعه في حضرة من عشقها قلبه واصبح أسير سلطان عشقها......انحني يدفن وجهه في غابات شعرها الثائر وهمهم بصوت يعتصره البكاء:
_معيزيش وكل ولا شرب ولا أيتها حاچه غير حضنك....عايزه انعس فوج صدرك وارتاح.
*ضمته أكثر لجسدها الصغير وطفلهم القابع بداخل بطنها المنتفخة محصور بين جسديهما وهمست هي الأخرى ببكاء ناعم:
_تعالى روحي ارتاح ونام على صدري وفي حضني وانسى كل اللي حصل....كانت كبوة وسحابة سودة ومرت وانتهت واحنا بخير وابننا بخير...وهنفضل بخير مهما حصل.
*وبعد وقت قصير وبغرفتهم كانت ترتكز أمامه فوق ركبتيها فوق الفراش تنظف جروح عنقه وصدره العاري برقة وتقبل كل انش بشفتيها وهو يتطلع فيها بعشق ممزوج بخوف أنه كان على شفا حفرة أن يفقدها ولكنها أمامه....تلمسه وتقبله وتبتسم له وتتنهد فتلهبه أنفاسها وتشعل جمر احشائه اي عشق هذا الذي يسكنه ويذيب روحه كشمعة تحترق.....ازاح ما بيدها وجذبها إلى صدره يسحقها بين ذراعه وفوق صدره الهادر بدقات عشقها وشفتاه تلتهم شفتيها باحتياج ويده تحررها من ملابسها لتبقى له... ويلتحم جسده بجسدها في حالة عشق لن تنتهي.

أهـــــــــــــــواك قـــــــــــــــلبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن