الخــــــــــــــــــــــــاتــــــــــــــــــــــــــمة

5K 105 29
                                    


(بعد مرور أثنا عشرعاما)

*ظلت نيرة تتحرك في بهو سراي الناجي الكبير ذهابا وإيابا والقلق يأكلها خوفا على صغارها من تهور جديد يصيبهم من والدهم بجحيم غضبه.....هتفت بقلق وهي تتقدم من أبنها حسن:
"حسن سيب اللي في أيدك ده وقوم شوف أخواتك فين قبل أبوك مايرجع ويقلب الدنيا كلها فوق راسنا"
"ثواني ياماما من فضلك بكتب حاجة مهمة وهقوم على طول"
*دمدم حسن بانشغال وهو ينظر إلي حاسوبه بدقة و بسبابته اليسرى يرفع إطار نظارته الطبية الأنيقة......كزت نيرة علي شفتيها بنزق وصرخت في وجه أبنها المنشغل عنها:
"أنت لسه هتقولي ثواني بقولك قوم حالا وأسمع الكلام يابني والله أنتوا هتموتوني ناقصه عمر"
*برغم الشيب والوهن الذين اعتليا ملامحها......إلا أنها لم تفقد ماتبقى من قوتها وشدتها فقالت الحاجة دهب بصوت ناقوسي حاد:
"جوم ياولد وأسمع كلام أمك....حرام عليكم"
*أغلق حسن حاسوبه ونظر إلى أمه الجميلة  وقال بتعقل:
"ماما حضرتك قلقانه من إيه أكيد بيلعبوا كوره كالعادة"
*هزت نيرة رأسها بنفاذ صبر ونظرت إلى ولدها الذي أصبح يفوقها طولا:
"يقطع الكوره وسنينها اشمعنى أنت مش بتحب الكوره.....فيها إيه لما يبقوا زيك ولا هما غاويين وجع قلب ومشاكل"
*هز حسن كتفيه ودمدم وهو يرتدي حذائه الرياضي:
"بالعكس أنا بحب الكوره جدا بس بحب أتفرج عليها بس لكن مش بحب العبها"
*تأففت نيرة من أبنها الذي يحلل كل شئ بالمنطق
وهتفت به:
"من فضلك ياحسن مش وقت شرح قصة حبك للكوره روح شوف أخواتك وجرهم من قفاهم الجوز دول عشان أنا جبت آخرى منهم"
"لاحول ولاجوة إلابالله مش بوهم جالهم مفيش المدعوجة الكوره غير في الإجازات.....مفيش فايدة
فيهم الچوز"
*هتفت الحاجة دهب وهي تجلس فوق الأريكة و تهتز بجسدها الممتلئ قليلا..فقالت نيرة وهي تجلس
بجوارها:
"متشغليش بالك أنتي ياأمي....أنا هحضر الأكل حالا
علشان تتغدى وتاخدي أدويتك"
*ربتت دهب بحنو فوق ظهرها وهمهمت مبتسمة:
"يباركلي في عمرك ياروح أمك....أني هنعس حبتين
لحد حمزه والولد مايعاودوا"
*وقفت نيرة تساعد حماتها الغالية التي ثقلت حركتها بسبب ألم ساقيها وتقدم عمرها......ولكن صوت زوجها الغاضب أستوقفها فجلست دهب في مكانها وهتفت نيرة بخفوت:
"شوفتي يا أمي اللي كنت عامله حسابه حصل"
"روحي بابنيتي شوفي چوزك.....وأني هجعد أهنيه
سترك ياكريم"
*همهمت الحاجة دهب بخفوت وهي تجلس في مكانها المعتاد فوق الأريكة الأرابيسك وتقرن حبات مسبحتها بالأستغفار.....بينما ركضت نيرة للخارج على صوت زوجها الغاضب:
"اجفل خشمك منك له.....معيزيش واحد فيكم ينطج بحرف واحد"
*ردد حمزه غاضبا وهو ينزع عبائته من فوق كتفيه العريضين ويدلف إلى الداخل......فتقابل مع زوجته التي هتفت متلهفة:
"في إيه يا حمزه؟"
*أشار إلى ولديه ذوا الثالثة عشر عاما قائلا بنفور:
"بتسألي حوصل إيه.....شوفي عيالك وأنتي تدري لحالك حوصل إيه"
*وتركها ودلف إلى داخل المجعد الكبير للإطمئنان على والدته كما تعود......بينما شهقت نيرة بارتياع حينما رأت  ولديها في حالة مزرية.....
عمر المتسخ الملابس بهيئة مبعثرة..........أما علي فكان كمن خرج للتو من معركة حربية بملابسه الممزقة ووجهه المتسخ وأعلى جبهته لاصقة طبية كبيرة تنضح ببقعة دماء كبيرة أقتربت سريعا من ولديها تتفحصهما بلهفة وهي تقول:
"حصل إيه.....وإيه الجرح اللي فى راسك ده ياعلي من إيه......في إيه ياعمر.....حد يفهمني"
*أحني الشابان الصغيران رأسيهما في حضرة والدهما الذي أستدار برأسه ينظر لهما نظرة تحذيرية مسبقة مسرعا  دون أن ينبس ببنت شفة.
*همست نيرة بخفوت:
"حصل إيه مش قولتلكم بلاش كوره وزفت"
*قال عمر بارتباك:
"مش من الكوره ياماما أنا وعلى أتخانقنا"
"والله ياماما كنا بنلعب بس قاسم البكري هو اللي جه وأتخانق معانا.......وقال إننا جبنا"
*صاحت نيرة بقلق وهي تملس فوق وجهه:
"تقوموا تتخانقوا زي بتوع الشوارع......أنا قولتلكم بدل المرة ألف ملكوش دعوة بالولد ده"
"كنا هنسكت يعني على أهانته لينا يا ماما ليه أحنا مش رجاله"
*صرخ على بغضب وهو يضجر  وقد تجهمت ملامحه فأصبح نسخة مصغرة من والده.
*ضربت نيرة فوق صدرها وقالت بقلق:
"وده بسبب إيه.....لوحده كده وأنتوا عملتوا  فيه إيه"
"ضربناه طبعا علقة مش هينساها عمره"
*صاح التوأم معا بشجاعة.....ضحك عمر قائلا:
"تعرفي ياماما حركات المصارعة طلعناها كلها عليه"
*وأكمل على وهو يقوم بتمثيل الواقعة:
"عمر كتفه وأنا أخدته سيف يد وبعدين ضربة في بطنه هااااا......بس واحد من اللي معاه ضربني بحجر في راسي بس برضه مسكتناش نزلنا فيهم ضرب"
*أندمجت نيرة مع ولديها وتناست زوجها الصامت عن الحديث خلف قناع من الجمود:
"اااه كده تمام أستنوا بقى عقاب أبوكم وأنا المرادي مش هعرف أعمل حاجة.....أديكوا شايفين هو ساكت أزاي"
*أمسكت برأس علي تتفحصها مرة أخرى وقالت له بحرص:
"مين اللي راح بيك المستشفى والجرح ده متخيط ولا إيه"
*غمز لها علي بطرف عينه وقال بلامبالاة:
"لا ده جرح سطحي عمتي سلمي عقمته وربطته وأديتني الأقراص دي.....قالتلي مضاد حيوي"
*تنفست نيرة بأرتياح وأشارت لهما برأسها:
"أطلعوا حالا على فوق غيروا هدومكم دي وخدوا حمام وأنزلوا من غير ولا كلمة"
"فين حسن ياماما؟"
*سأل عمر عن شقيقهما......وقبل أن تجيبه نيرة كان حسن يدلف من باب السراي الكبير.....وهو متسع العينين من مظهر شقيقيه الفوضوي يقل:
"أنا هَنا إيه اللي حصل محمود قابلني وقالي إنه كان معاكوا و......."
*وظل الثلاثة توائم يتحدثون ويثرثرون تحت نظرات نيرة الَمتلهفة عليهم دائما:
*وداخل جناحهم الكبير جلس حسن فوق سريره الخاص يستمع إلى شقيقيه وكل منهما يشرح له كيف قامت المعركة الدامية بينهما وبين قاسم البكري الشاب الصغير الذي يكبرهم بعامين تقريبا:
"كنتوا المفروض تقولوا لبابا مش تتصرفوا بالهمجية دي"
*قال حسن باعتراض......عقد على حاجبيه بضيق وهو يجفف شعره المبلل:
"أنت غبي يابني ليه أحنا شويه عيال أحنا ولاد الناجي.....أسكت وبلاش تبدأ دورس الأصول بتاعتك دي"

🎉 لقد انتهيت من قراءة أهـــــــــــــــواك قـــــــــــــــلبي 🎉
أهـــــــــــــــواك قـــــــــــــــلبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن