الفصل 17

3.3K 85 0
                                    


*في الساعة التاسعة والنصف صباحا كانت سهيلة تتريض كعادتها الصباحية عندما دق هاتف منزلها جففت عرقها و رفعت سماعه الهاتف تجيب وهي تلهث :
_صباح الخير
_صباح الخير مدام سهيلة....ارجو مكنش قلقتك.
*دمدم السيد مالك بصوته الهادي الذي يحمل بين طياته نبرة من الأمل والتفاؤل جعلت سهيلة تبتسم قائله :
_لا ابدا مفيش قلق ولا حاجه انا متعوده اصحى بدرى يعني مفيش اي ازعاج....سيد مالك حاسه من صوتك أن في شيء جديد طمني من فضلك.
*أجاب السيد مالك بإشراق يظهر بنبرته التي تدل علي نجاحه في المهمة المكلف بها ووصوله الي نيرة التي يبحث عنها منذ شهور:
_فعلا في اخبار حلوه جدا....الحمد لله قدرت اعرف مكان مدام نيرة حسن أيوب الناجي وعايشه فين اطمني مدام سهيلة كل حاجه تمت بنجاح....
*توقف مالك عن الحديث فجأة عندما وصله عبر الأثير بكاء سهيلة وشهقاتها العالية....لقد أصبحت ساقيها كأعواد المكرونه هشة لا تحملها جلست فوق أقرب مقعد وهي ترتجف ولا تكاد تصدق ما تسمعه اخيرا بعد تلك السنوات الكثير استطعت الوصول إلى ابنتها...صغيرتها ابتسمت من بين دموعها ورددت بخفوت :
_مد...ام ب...نت...ي انا متجوزه.
_ابن عمها الكبير حمزه حسين أيوب الناجي مهندس ذراعي وكبير قبيلة الناجي في الصعيد....ده غير أنه مترشح لعضويه البرلمان من أهل بلده لأنه شخصيا محبوبه جدا... التحريات الا عملته عنه وعن مدام نيرة أظهرت انهم متجوزين عن حب برغم رفض الدكتورة أميمة فاخر الشديد له.
*بدقة منتهية وتفاصيل شديدة الأهمية أجاب مالك بكل وضوح وعملية على تساؤل السيدة سهيلة....التي جزت فوق أسنانها وذكر اسم أميمة فاخر جعل ابتسامتها وسعادتها بالعثور على ابنتها تختفي وتتلاشي عندما ذكر مالك اسمها اللعين :
_تنحنح مالك يسالها :
_مدام سهيلة حضرتك معايا ؟
*ابتلعت سهيلة ريقها وهي تحاول أن تسلط تفكيرها على ابنتها فقط وتسعد بالعثور عليها اما بالنسبة إلى أميمة فحسابها معاها لن ينتهي ابدا بل بدأ وقت الحساب:
_معاك...معاك يا سيد مالك من فضلك قولي شوفتها قدرت تصورها نفسي اشوفها.
*ابتسم مالك وحك مؤخرة راسه قائلا:
_جميله جدا...فيها شبه كبير جدا منك مدام سهيلة قدرت اشوفها من بعيد قصر أيوب الناجي حواليه حراسه كبيره ومش اي حد يقدر يقرب منه....تقديري تقولي إمبراطورية كبيرة.
*سحبت سهيلة نفساً عميق تفكر ثم همست بصوت قلق :
_وده هيصعب الموضوع علينا خاصه انا معنديش اي دليل ان انا ام نيره الحقيقة....أميمه الحقيره قدرت تخفي كل حاجه.
*مطت الرجل شفتيه وزمة خفيفة خرجت من بين شفتاه دلالة على التفكير في الأمر ليهمس لها بجدية :
_اعتقد هيكون صعب شويه خاصة أن محديش يعرف بجواز حضرتك من دكتور حسن يعني ممكن يتقال طمع في الورث أو نصب عملية نصب زي الا بتحصل دلوقتي كتير..
*أخرجت سهيلة سيجارة تشعلها برغم امتناعها فترة طويله عن التدخين الا انها عندما تشعر بالتوتر لا تستطع السيطرة على رغبتها في نفث غضبها في دخان السجائر:
_والحل يا سيد مالك؟ انا عارفه ان بتعبك معايا لكن....
*قطعها مالك بلهفة قائلا :
_لا ارجوكي متقوليش كده يا مدام سهيلة انا تحت امرك وفي خدمتك دايما...الحل الوحيد لو لازم الأمر هنضطر نطلب تحليل DNA..
*انعقد حاجبي سهيلة برفض وهي تتمتم بملامح واجمة متجهمة تمتلئ بالحزن:
_مفيش حل تأنى غير DNA مش ممكن بعد السنين ديه أعرض بنتي للموقف ده.
*هز مالك راسه يفكر ليقل بعدها :
_هو ده الحل الوحيد والا حضرتك تقدري تثبتي بيه انك ام مدام نيرة...ملهاش حل غير كده صدقيني أميمة فاخر اخدت كل احتياطاتها وعرفت ازاي تخفي كل أثر لحضرتك...الست ديه فعلا عقلية شيطانية.
*تأوهت سهيلة وارتخت أكتافها بثقل شديد وهي تشعر بالإحباط من القادم...وعندها تكلم مالك بكلمات إعادة لها الأمل من جديد :
_مدام سهيلة خلينا بالأول نفكر ازاي هتقدري تظهري في حياه مدام نيره وعائلة دكتور حسن ونسيب موضوع النسب ده لبعدين....خلينا نمشي خطوه خطوة.
*أخذت سهيلة نفسا عميقاً يساعدها على الارتخاء من تلك الرجفة القوية وهتفت :
_عندك حق لازم نمشي خطوة خطوة وأول خطوة هخدها هي سفري لمصر وأول مقابلة ليا هتكون مع جوز نيرة لازم اتكلم معاه هو قبل أي حد حتي
قبل ما شوف نيرة بنتي...اسفه سيد مالك حضرتك قولتلي اسمه ايه...
*أجابها مالك بتأكيد:
_حمزة....حمزة الناجي.
*ابتسمت سهيلة وهي تقل بحرارة اشتياق :
_ النهارده ان شاء الله هحجز علشان اسافر على مصر.
_وانا هكون معاكي أن شاء الله يامدام سهيلة ومن فضلك مش عايز اي اعتراض ده شغلي.
*صرح لها مالك بتأكيد جعلها تبتسم بنعومة وهي نشكره:
_ميرسي سيد مالك....فعلا انا محتاجه وجودك جنبي.
*أغلقت سهيلة الهاتف وهي تطير فرحا وتهرول حتى تستعد لتحضيرات عودتها إلى مصر ولقاء ابنتها التي تشتاق إلى رؤيتها وضمها بقوه إلى
صدرها.
*..................... *................ *
*خلعة حليمة طرحتها وهي تهتف متهجمة :
_جطيعة تجطع الحر وسنينه بت يا ورده لافيني بج ميه أروى ريجي.
_انتي عودتي ياماى....حمدلله ع السلامه.
*همهمت سمية وهي تضع بين يدها كوب من الماء البارد...ارتويت حليمة ودمدمت بخفوت:
_الف حمد وشكر ليك يارب...ايوه عودت ياروح امك فيكي ايه جلبه بوزك شبرين جدامك كانك
شردانه.
*هزت سميه رأسها تهمس :
_انى زينه اهه ولا انتي عايزه تزعليني وخلاص ياماى.
*بشفتيها المضمومتان أصدرت حليمة صوت خفيف يدل على حنقها وقالت:
_ولد خالك راح يتفج مع المخبل ولد ابو السعود اني اشترط عليه أن يكون لكي دار لحالك امال ايه
هو فاكريني هوافج اجعدك مع جوز النسوان وجرطة العيال الا مخلفهم...
*لم تكد حليمة تنتهي من كلماتها الا وكانت سمية تبرر:
_امي ابوس يدك التنين انى منجصاش انى فيني الا مكفيني خلاص ياماى هو جال هيكون ليا دار
وحدى انا لازمته الحديت ده عاد.
_لازمت الحديت يا بت صابر اني ماعيزاش الجواز الواعرة ديه تتم من الأساس يابنيتي انا منجصاش يد ولا رجل عشاني تتچوزى راجل على ذمته تنين انتى سمية حفيدة أيوب الناجى كان لازمتها ايه
الجوازة ديه ولا هو عند ومكابرة وخلاص.
*أنهت الحاجه حليمة حديثها بتقطيبة مرتابة وهي تهتز بجسدها فوق الاريكة:
*ارتسم الحزن على وجه سميه قليلا ولكنها سريعا ما بدلت ملامحها الحزينه بأخرى عادية مبهمة لا تدل على أي مشاعر متقلبة داخلها:
_مش انتي دايما كنتي تجوليلي خدي الا يحبك يا سميه الا عشجك وريدك في الحلال...ماتتشعلجيش في الحبال الدايبه الا هتاخدك وتجع بيكي من سابع سماء لسابع أرض مش ده كان حديتك دايما وياي ياماى ايه الا اتغير..
*حولت امتصاص غضب والدتها التي ترمقها بشك وتكاد تجزم بأنها تتعذب من أجلها:
_اديني هه سمعت كلامك كلاته واخدت الا ريدنى وبيحبني ويتمنالي الرضا عشان أرضا.
*لوت حليمة شفتيها بسخرية وعقدت وركيها أسفل بعضهما وصاحت وهي تضرب عليهم بخفة:
_شايفني عيلة صغيره عاد مفهماش عليكي وعلى الا بيدور جوه راسك يابت حليمة لا انى متوكده انك ماعيزاش ولد ابو السعود ولا طيجه خلجته
في سماء ولا أرض بس نجول ايه لراسك الا كيف الحجر الصوان....ياحمزة ولد خالك يا سلمان أني جولت الا الخالي مش المتجوز تنين...
كتير جوي جولتلك ونصحتك يا سمية ولد خالك مابيعشجش غير نيرة وبس كلاتنا واعين ع الحديت ده من زمان....لولا جدك الله يرحمه حكم عليه يتجوز من غاليه مكنش اتجوز غير نيرة وبس
بس انتى مشيتي ورا حديت بوكى وهه اخرتها هه
مع راجل متجوز.
*وقفت سمية تصيح بدموع وقهره قلب مازال يعشق ويتمني شخص واحد فقط:
_يامرك ياسمية اولع في نفسى جدامك ياما عشان ترتاحى لازمن كل شويه تفكرني أن ولد خوكى مرضاش يتجوزنى وفضل عليا غاليه....ولا أنه
عشجان ست الحسن والجمال بت الضاكتور والضاكتوره اشج خلجاتى من همى.
*تابعت بغضب وهي تلهث وتبكي معا:
_خلاص ياما المولد انتفض وانى هتجوز من سلمان حتى لو على ذمته 100 مش تنين.
*هزت حليمة رأسها بحزن وهتفت خلفها:
_اندعجي انا وهو يكش يتجوز عليكي تانى وتالت بس وجتها لو جيتي وجولتلي ياما ملكيش عندي
غير المركوب{الحذاء}الا في جدمي يابت صابر.
*...................*..............*
*صهيل خيوله العربية الاصليه تعالت بداخل اسطبل الخيول حينما شعرت بقدومه ورائحته المميزه ابتسم بجاذبية رهيبة ومد كفه الكبير بداخل إحدى العلب الكرتونية يلتقط الكثير من مكعبات السكر وأمام فرس اسود غطيس سبحان من ابدع في خلقه مد كفه بقطع السكر فحرك الفرس ذيله الناعم كالحرير وأطلق صهيل يرحب بصديق عمره وصاحبه الحنون :
_اتوحشتك يا صجر كيفك يا صديجي.
*دمدم وهو يداعب غرة الفرس الكثيفة و اكمل وهو يضع باقي مكعبات السكر أمامه:
_معيزاكش تزعلي مني بس الضاكتور جال لازمن نفصلك عن بسكوته اصلك شجي جوي وهي حامل
وجربت تجوم بسلامة.
*اتسعت ابتسامته شديده الوسامة لتكشف عن صفين من الأسنان المتساوية ناصعة البياض واسند جبهته فوق جبهة صقر فرسه الأصيل وهمس :
_اجولك على سر كبير جوي ياصجر أني كنت بحسدك والله جولت في عجل بالي صجر هيبجا اب جبل منى...واه مالك زعلت ليه ياصحبي خلاص متزعلش اكديه.....اني كماني هبجا اب زي زيك...نيرة حامل ياصجر البسكوته بتاعتي انا حامل وهتجبلي الولد الا متمنتهوش غير منيها هي وبس....
*قاطع حديثه دخول مناع المتهجم الوجه قليلا وهو يقول :
_ياكبير ضاكتور جرجس لساتوا ماشي دلوكيت وجال بسكوته جدامها كام يوم وتجوم بسلامه.
*ملس بحنو فوق ظهر الفرس صقر الذي حرك ساقيه كتحية له كما دربه حمزه منذ الصغر ثم اشاح بوجهه بعيدا وهو يحاوط أكتاف مانع بذراعه
ويمشي بجانبه وبعد دقائق قليله تنحنح حمزه وقال بصوته الحازم:
_مكنتش عرفان انك عشجنها اكديه من عشية امبارح وانت ع الحال دهو جالب وشك وكانك في ميتم وعايز تبكي زي النسوين.
*هز مانع راسه برفض وتماسك وقال بنبرة مهزَزه يعلمها حمزه جيدا:
_انى أبكي ليه يعني ياكبير....انى مليح اهه وتحت امرك في أيتها حاجه تؤمرني بيها.
*توقف حمزه...فاتوقف مناع مقابله واحني راسه سريعا حتى لا يكتشف حمزه من خلف زجاج نظارته الشمسية دموعه المتجمدة داخل مقلتيه
والحزن المرسوم فوق ملامحه :
_ارفع راسك فوج يامناع مش راجل حمزة الناجي
وصديجه وخوه كماني الا يطاطي راسه اكديه مثل الحريمات.
*رفع مناع راسه متفاجي كبير الناحية والبلدة كبيرهم الذي يهابه الكبير قبل الصغير والشيخ قبل الشاب يقل بأنه صديقه ولم يكتفي بها بعد فقد وضعه بمثابة الأخ....من اسعد منه اليوم ولكنه حزين....يشعر بألم لفراقها:
_لا سمح الله يا كبير هي العين تعلى على الحاچب
بردك انت سيدي وتاج را.....
*رفع حمزه كفه بوجه مناع وجلس أسفل تعريشة العنب القريبة من اسطبل الخيل وتحدث إلى مناع
بعد أن افسح له بيده ليجلس بجانبه:
_مناع بزيداك حديت ماسخ ملوش ايتها عازه انت
عارف مليح غلوتك عندي جد ايه انت خوي ولا ناسيت اني راضع وياك من نفس الصدر....كل حديتي وياك عشان ماعيزش اي جرار اخده يأثر عليك انت وبهية.
*هز مناع راسه بغضب واضح وهو يدمدم :
_بهية خلاص راحت لحالها الجاموسة ديه كيف تسوى{تعمل} اكديه يا كبير.
_مناع انت مصدج أن بهيه ممكن تسوي اكديه جوابني بأه أو لاء.
*سأله حمزه بهدوئه المعتاد وهو يشعل سيجاره ليدخنها لأنه ممنوع من التدخين داخل السرايا :
_ماعرفش يا كبير.
*هتف مناع دون أن ينظر إليه.
*هز حمزه راسه وهو يبتسم وأعاد عليه السؤال مرة أخرى بمكر:
_يعني خلاص ماعيزيش تتجوزها اني جولت لو انت ممصدقيش ان بهية تسوي اكديه اخليها تعاود تاني ع السرايا.
*انحني مناع أمامه وهو يقل برجاء بعد أن شعر بان بهية يمكن أن تعود مره اخري :
_وعزة جلال الله يا كبيرنا البت بهية ديه جاموسه معرفاش أيتها حاجه يمكن الست غاليه اضحكت عليها...ديه روحها في الست نيره احب على يدك
تسامحها.
*نظر له حمزه و زم شفتيه بتشنج قليلا وهتف فيه وهو يقبض على ياقة جلبابه بقوه جعلت ركبتي مناع تصدم ببعضهم من الرجفه:
_وأما انت ياولد المحروج خابر انها متسويش اكديه وأنها بريئة مجولتيش ليه فالح بس تنوح زي المره...
*تركه حمزه بقوه فتراجع مناع إلى الخلف وسحب
هو نفساً طويلاً من سيجارته ثم نفث دخانها الكثيف وأكمل بغيط:
_ده انت كنت حبتين وتجلب هانى شاكر ولا عمرو دياب و تعيط زي النسوين يبجا تجف اكديه جدام راجل لراجل وتجولي بصوت جوي في بالحج بهية متعملش اكديه واصل....بهية مظلومة يا وتراجعني مش يمكن اني ظالم وظلمتها.....مش تجعد حزنان كيف الولاياء جبر يلمك.
*تسمر مناع للحظات واقفا في مكانه قبل أن يستدير يطالع حمزه قائلا بتشكيك فيما سمعه:
_يعني ايه الحديت ده...اباي كاني جلبت بهيم
ولا ايه.
*اوما حمزه برأسه وهو يقف حينما لامح عمار يقترب من بعيد وهو يحمل حمزه الصغير بين ذراعيه:
_لا العفو بهيم وبس ده صجر بيفهم عنيك....ع العموم الخالة حفصة هتدلي على بيت خال بهية
وتعاود بيها واعمل حسابك دخلتك السبوع الجاي
عشان اخلص منيك انت كماني.
_السلام عليكم ياخوي..
*إلقاء عمار السلام وهو يجلس وفوق فخذه يضع الصغير الذي أصدر الأصوات الشقية والغنج عندما
ابتسم له عمه وأشار له أن يأتي إليه:
*َلم يستغرق حمزه الصغير الثواني الا وهو يحتضن بذراعيه الصغيران رقبة حمزه ويتمسح بها والآخر ينهال عليه بالقبلات:
_كنت عايزني في حاجه يا خوي....حمزة.
*هتف عمار يسأل أخيه الذي هتافه منذ قليل يستعجله بالحضور...بصوت أعلى سأل عمار شقيقه
المنشغل بالضحكات مع صغيره ولا يبالي:
_حمزه خليك وياي ياولد ابوي:
*زفر حمزه أنفاسه بحنق ووضع حمزة الصغير النسخة الثانية منه بين ذراعي مناع قائلا له:
_مناع خد حمزة لعم بيومي في الأسطبل جوله بيجولك الكبير عايزك تعلمه كيف ماعلمني وانا صغير وخليه يركبه المهرة فلة.
*هز مناع راسه وهو يحمل حمزه فوق اكتافه بسعاده وشعور بانه يطير يسيطر عليه...اما الصغير
فكان في أشد لحظات فرحه وهو يحرك ساقيه المكتنزين فوق أكتاف مناع :
_أمر جنابك....عيوني.
*هتف عمار بلهفة :
_مناع خد بالك منيه...أوعاك تهمله مع عم بيومي الراجل خلاص كتر خيره كبر.
*هم مناع وهو يحمل الصغير يهتف :
_اطمن يا ضاكتور مش ههمله واصل.
*راقب حمزه بوضوح مناع حتى اختفى داخل الأسطبل والتفت إلى عمار فوجده مشغول بالكتابه
وشبح ابتسامه يعتلي شفتيه:
_بجولك....انت يا استاذ حماجي.
*دمدم بخفوت:
_اباي ايه موضوع الحب إلا انتشر في السرايا كلاتها ربنا يستر على عمتي وامي كماني.
*رفع عمار راسه ولازالت الابتسامه عالقة فوق شفناه :
_ايوه يا حمزه معاك يا خويا:
*رفع حاجبيه بمداعبة خفيفة :
_بتتحدت ويه العروسة.
*ابتسم عمار يهز راسه موافقا :
*وقف حمزه يحمل عبائته ويضعها فوق اكتافه قائلا :
_وصلها سلامي وجولها اول يوم الجمعة أن شاء الله هنزرهم في البيت انت اتحدت ويه حماك واني هتحدت مع آدم حصلني ع العربية عندنا مشوار لحد سلمان.
*تحرك حمزه سريعا....وهتف عمار المتسمر في مكانه:
_جاى ورائك على طول يا خوي.
وسريعا ع الواتس اب كتب كلمات اشتياق حاره إلى حبيبته يقل فيها:
_حبيبتي هكلمك اول مارجع عندي مشوار مهم مع حمزه...
_ايموشن غاضب عبره به روجي تكتب :
_عمار انا ماصدقت نتكلم شويه حبيبي.
*ايموشن قبلات إرساله إليها وهو مبتسم يتخيل احمرار وجهها كعادتها :
_انا إلا ببوس على فكره...هتصل باباكي بليل علشان يوم الجمعه ان شاء الله هتيجي نزركم
ونطلبك بشكل رسمي..
*رساله صوتيه إرسالها لها قبل أن يصعد إلى السياره بجانب حمزه الذي تأففت من ملل الانتظار:
*ايموشن وجه مبتسم أرسلته روجي وكتبت كلمة وحده تعبر عما بداخلها من فرحة وسعاده وحب
واشتياق إلى رجل أحببته بقوة:
_انا اسعد بنت في الدنيا كلها...بحبك يا عمار...بحبك جدا.
*.................... *.................. *
*تنهدت روح بعمق ونظرت إلى مساعدتها فوزيه بقلق شديد...ابتسمت لها فوزيه تطمائنها وسألت الطبيب الذي يتطلع علي تقارير الاشاعه والتحليلات:
_خير يا دكتور الست روح كويسة.
*هز الطيب راسه ثم رفع رأسه مبتسم وهو ينظر إلى روح المتلبكة:
_تقارير الأشعة والتحاليل سليمة جدا اطمئن يا مدام روح.
*اتفرجت اسايرها وشعرت روح بالارتياح فهمست بخجل إلى الطبيب :
_طيب ليه َمابيحصلش حمل يا دكتور...طالما معنديش اي حاجه.
*سألها الطبيب وهو يكتب الوصفات الطبية:
_انتي متجوزه من أمتي؟
*تلبكت روح وتعلثمت الكلمات فوق شفتيها فاجابت فوزيه عنها:
_بقالها كام سنه دكتور يجي 5 سنين بس بعيد عنك جوزها سابها ولسه راجعين لبعض بقالهم
اسبوع كده.
*رفع الطبيب عيناه يرمق روح صحبت الخدود المتورده وقال :
_انتي مكسوفه تتكلمي ولا ايه ياست روح عادي قولي الا عندك....عامة انتي عندك شويه التهابات عامه ع المبيض ومحتاجه ننشط البويضة علشان
كده كتبتلك كورس...
*حدقت فيه روح بعدم معرفة ودمدمت :
_هه اسمالله على مقامك كو...رس ده يطلع ايه؟
*تنحنح الطبيب يرفع نظارته الطبيه بطرف اصبعه
وقال لها :
_كتبتلك على مجموعه ادويه فيها 8 حقن هتاخدي
كل أسبوع حقنه وده منشط عام للمبيض مع أقراص عشان علاج التهابات واشوفك بعد اسبوعين.
*سألته روح بلهفة وكأنها تستنجده:
_طيب هيحصل حمل ولا لاه سايجه عليك النبي يادكتور انا نفسي في حتت عيل....خايفة جوزي
يتجوز عليا:
*أكد لها الطبيب بكلماته المطمئنة:
_امشي انتي علي العلاج الا كتبته بانتظام وأهم حاجه معاد الحقنه الأسبوعية وان شاء الله النتيجة
هتكون خير ويحصل حمل على طول.
*خرجت روح برفقة فوزيه من عياده الطبيب وهي سعيدة تشعر بأنها قريبا سأتصبح ام ولها طفل من
الرجل التي تحبه همهمت بسعادة :
_تعالى يا فوزيه نشتري العلاج وبعديها بقا هاكلك حتته أكله عند الحاتي تآكلي صوابعك وراها.
*قفزت فوزيه بفرحة وهي تهلل:
_انشالله يسعدك وينولك الا بالك ياست روح ويكرمك عند الحاتي مره واحده يعني كباب وكفته
ونيفه وكده ياحلاوه ياولاد.
*صمتت روح قليلا ثم التفتت إلى فوزيه تحذرها
بتأكيد :
_فوزيه اوعي تنطقي بكلمه قدام مهدي أو تغلطي يالهوي ممكن يموتني لو عرف...اوعي يا فوزيه
اعملي معروف.
*أشارت فوزيه إلى عيناها وقالت بوجه متهجم :
_عيون ياست الستات بس يزعل ليه هو يطول يبقا
عنده عيل منك ده انتي الست روح الا بإشارة منها
شنبات تتحلق...الصراحة بقا في كلمتين واقفين في
زوري ياست روح بس خايفة تزعلي.
*ابتلعت روح ريقها الجاف وأرجعت رأسها للخلف تستند على مقعد سيارتها وهمست :
_قولي يافوزيه ومتخافيش مش هزعل.
*عوجت فوزيه شفتيها باستهجان تقل:
_بصراحه بقا ياست روح مهدي ده مش بيحبك ده بيستغلك وبس وبيحب لسه بنت عمته شوفيلك راجل تاني يبقا ابو بنتك ولا ابنك راجل يستهلك
ويستأهل جمالك.
*غفرت روح شفتيها واختنق حلقها بغصة من الدموع ولكنها قاومت نزولها تنهدت بعمق تهمس:
_عارفه كل الكلام ده يا فوزيه....
*وضعت رأسها فوق عجلت القيادة وبكت لم تتحمل كبح دموعها أكثر من ذلك:
_بس اعمل ايه يا فوزيه بحبه...روحي متعلقة فيه من زمان من إيام ماكنت عيله صغيره عندها 16 سنه بالف في الموالد مع امي وجوزها وبرقص
عشان كام قرش يسترونا.
*أكملت وهي تشهق ومازلت رأسها منحنيه فوق
عجله القيادة:
أو ما شوفته راجل ملو هدومه بدر يقول للقمر قوم وانا أعقد مطرحك حبيته وقلبي اتشعلق فيه برغم انه قالي بيحب بت عمته وهيخطبها بس انا مقدريتش امنع نفسي من حبه والفاس وقعت في الرأس يا فوزيه.
*ملست فوزيه فوق شعرها سلاسل الدهب تهتف:
_هقولك ايه بس يا ست الستات احنا كده منعلقش
نفسنا غير بالاحبال الدايبه وقلوبنا متشوفش غير
العوج وتروحله ربنا يسترها معاكي ياست روح
ويرزقك منه وساعتها كده يتربط بيكي غصب عنه
ويكتب عليكي كمان.
*ابتسمت لها روح وعي تقوم بتشغيل محرك سيارتها تقل:
_يسمع منك ربنا يافوزيه.... وساعتها لكي الحلاوه
وهتكون كبيره اوي.
*.....................*................*
*رفعت غالية رأسها تنظر إلى شقيقها الذي يصفر و
الارتياح يبدو عليه فقالت بغلظة وهي تشدد على
كلماتها:
_ايوه امال ايه؟ بتصفر ومبسوط ورايج يا خوي
ولا على بالك خيتك والا حوصل وياها.
*هز مهدي راسه وجلس بجانبها يقل :
_عايزه اعملك ايه يا غاليه يعني اجعد جارك ابكي واعدد كيف النسوين ولا اروح اجتل حمزة عشان
نرتاح منيه ولد الفرطوس دهو.
_يالهوبالي..
*صاحت غاليه بشهقة قويه وهي تضع اناملها فوق فم اخيها وتسكتو وأكملت بوجه شاحب وصوت مختنق بالبكاء:
_اهه هات الا عنديك يا مهدي كل إلا يهمك تتخلص من حمزه وبس لكن المحروجه الا خربت بيت اختك واتجلعت منيه بسببها متهمكش في أيتها حاجه منك لله ياخوي.
*غضب عنيف وشرس ارتسم على وجه مهدي فامسك بها من اكتافها يهزها بقوه وهو يصرخ
فيها:
_بجا اكديه بعد كل إلا عملته علشانك ياغاليه اني مني لله....ليه هو اني الا خليت المدعوج ولد الناجويه يتزوج عليكي ولا اني الا جبت مرته
البيت فوجي لنفسيكي يا غاليه....فوجي وحياه
والديكي حمزه الناجي مش بيحبك.
*نفضت يده بقوة عنها و حولت الوقوف تهتف:
_بعد يدك عني يا مهدي....اني الا استاهل مشيت وراك كيف البجرة ناسيت انك بتكره حمزه ولساتك
حاقد عليه وشايفه السبب.
_ايوه هو السبب....هو الا وجف في جوزي من سلمي طول عمره وهو بيكرهني شايف نفسيه احسن مني وراجل عليا...بعد ماكان الكل موافج عليا وسلمى كماني كانت موافجه وحباني..
راح ماوجعني زي الدبيحة وسطيهم ولد الكلاب.
*ظل مهدي يصرخ ويضرب فوق كل ما أمامه بغيظ
شديد وغل أشد:
*رفعت غاليه حاجبيها في استهجان:
_كانت عايز يعمل ايه لما يعرف انك بتلعب جمار ومرافج غازيه وكل يوم والتاني عنديها...وياريت
اكديه وبس وكماني بتسرج وتنصب ياما جولتلك
ونصحتك وبوي الله يرحمه بس انت كانت شيطانتك غالبك يا مهدي.
*ضحك مهدي باستفزاز ولوي وهو يهمس بجانب
اذنيها:
_لو بيدي اجتل والد الناجي ميت مره ومره واحرج جلب أمه عليه زي ماحرجت جلوبنا على امي وخليت بوي يطلجها....جوام اكديه ياخيتي ناسيت
امك والا اتعمل فيها.
_منسيتش يا مهدي ولا عمري هنسي....بس حمزه لا يا خوي ابوس يدك.
*همهمت غاليه بدموع متحجره داخل مقلتيها.
*............... *.............. *
*جلست نيره بجانب الحاجه دهب وهمست وهي تنظر في الوقت :
_خالتي حفصة اتخرت جدا ممكن تكون بهيه رفضت ترجع معاها.
*ابتسمت الحاجه دهب وقالت لها وهي تربت فوق بطنها المستديره بشكل ملحوظ:
_بهية ترفض لا يابنيتي متجلقيش زمانتهم في الطريج بهيه متربية أهنيه وعارفه زين اننا كلاتنا
بنحبها...ارتاحي انتي عشان الولد الا بطنك.
*طوقت نيره بطنها بذراعيها وقالت بفرحة:
_البيبي بيكبر بسرعه وبطني بيقت كبيره.
_اللهم صل على نبينا محمد....ايوه كبرنا ولد الغالي
مايته معادك وياي الضاكتوره.
*سالتها دهب وهي تملس فوق بطنها وتبتسم
فاجابت نيره بنفس الابتسامة الناعمة.
_كمان اسبوع أن شاء الله وقالتلي ممكن نعرف نوع البيبي....ماما تفتكري حمزه ممكن يزعل لو بنت.
*كشرت دهب قليلا ثم دمدمدت معترضه:
_واه كأنك معرفاش جوزك مش ولدي الا يعترض ولا يزعل يابنيتي كله حاجه من عند ربنا خير وبعدين لو جت بنته النوبه ديه....النوبه الجاية
يكون صبي بإذن الله.
_المهم انتي تجومي بالف سلامه ياحبيبتي.
*تنهدت نيرة ووقفت تجول بالغرفه الواسعة وهي شارده قليلا ثم جلست بجانب حماتها مره اخري
وقالت لها:
_ماما دهب ممكن اسالك عن حاجه؟
*هزت دهب رأسها موافقا....فتنحنت نيرة وهمست بخفوت:
_هي أم غاليه عملت ايه عشان عمتي تقول عليها كده...
*رفعت دهب رأسها وقد تحولت ملامح وجهها إلى
الغضب الشديد....فتراجعت نيرة للخلف قائله:
_انا اسفه لو بدخل ؟ انا هقوم أشوف الغدا جهز ولا لسه.
*تحركت نيره ناحية باب الغرفة وقبل أن تخرج منها سمعت صوت دهب الناجي الحزين يصدح خلفها بحزن:
_سحرت لخوي الله يرحمه لحد ما جننته وخليته كيف المخبول....زي ماالمدعوجه بتها كان عايزه
تسحر لولدي.
*التفتت نيره إليها وهي تشهق وقد تسربت دموعها فوق وجهها من الخوف وبحركه امومية لا اراديا منها لفت ذراعيها حول بطنها.... أشارت لها دهب
أن تقترب منها وتجلس:
_جربي مني ومتخافيش واصل اني عيوني على بت فاطمه ويوم ماتفكر تأذي والدي أو تجرب منك
أو من ولدك بيدي ديه هجتلها وتاوي جتتها.
_انا خايفة....
*تمتمت نيره بشفاه مرتجفة وهي ترتمي فوق صدر
دهب الحنون....ملست دهب فوق خصلاتها الناعمة
وهدرت بقوة:
_واه بجا مرت حمزه الناجي تخاف بردك.
*حاوطت وجهها بين كفيها بقوه نظرت لها بقوة امرأه لا تعرف الاستسلام أو الخوف:
_اسمعيني زين وحطي حديتي ده في رأسك إياك
تخافي غير من الا خلجك وسواكي هيجي عليكي يوم في السرايا ديه وتكوني انتي أهنيه مكاني لما رب العالمين ياخد امانته.
*ضربت فوق يد المقعد الخشبي وأكملت.
_هتكوني انتي كبيرة العايلة ديه والأمر النهي أهنيه في السرايا عشان انتي مرت الكبير ولازمن تكوني
كبيرة وكلمتك مسموعه...
_بعد الشر عنك ربنا يخليكي لينا.
_الموت مش شر يابنيتي....الموت خير للناس الا تعرف رب العالمين وتخاف من مجابلته.
_لازمن تجوي وتعرفي الحج دايما فين ودوري عليه
اوعاكي تظلمي أو تنصري الباطل خليكي دايما واثجة في حالك وفي جوزك وفي ربنا جبل الكل
انتي مرت حمزه الناجي وجدك أيوب الناجي يعني
انتي الكبيره من بعدي.
*ارتجفت نيره أكثر وقالت ببكاء رقيق:
_انا مش خايفه على نفسي انا خايفه على حمزة وعلى ابني أو بنتي حاسه ان غاليه ممكن....
*صمتت وهي تبكي بخوف لعين تملك منها ولكن صوت دهب الناجي القوى جعلها تتوقف عن بكائها
ورجفة جسدها الصغير:
_جولتلك متخافيش من أيتها حاجه إياك مفكره دهب الناجي مش واعيه عن غاليه وخوها لا يا نيره
اني ليا عيوني في كل حته وعرفانه ايه الا بيحوصل.
_في الزمنات جولت لأخوي وحذرته زين من فاطمه بت جناوي بس كان الوجت فات وسحرتله لحد ما وجع فيها واتجوزها وخلف منيها غاليه وبعديها بسنه خلف المحروج مهدي....عمك حسين جالي
خلاص يادهب ديه مرت خوكي وأم عياله جفلت
خشمي وجولت خلاص طالما خوي مبسوط بس
ياحسرة جلبي عليها فضلت وراه بالأعمال والسحر
النجس لحد ما ادها الا حيلته وبجا كيف الخاتم في
صبعها ويوم مافكر يتجوز من مره تانيه عشان يبعد
عنيها وعن غلها خليته مجذوب وجننته لحد ما كفر
بربه وجتل حاله.
*اتسعت عينان نيرة وهتفت بذهول:
_موت نفسه بسببها ومين الست الا كان عايز يتجوزها ديه.
*جزت دهب فوق شفتيها بقهر والدموع تراقصت داخل مقلتيها ولكنها أبت عن النزول:
_نعميه الله يرحمها....ام بهية.
*......................*....................*
*كاد أن يقتلع سعر راسه من غضبه المخيف وصرخ
بشقيقته:
_لو كنتي فاكره مكنتيش روحتي وتربيتي في بيت دهب الناجي الا حرجت أمك حيه....حرجت امنا عشان الخادمة نعيمة الا بوي كان عايز يتجوزها
على امي.
*لهيب من النيران أشتعل بغاليه وهي تصرخ:
_طول عمري واني بحلم اكون مكان دهب الناجي
اكون اني الأمر النهي في السرايا وفي البلد كلاتها
جولت موتها هيكون على يدي وانتجم لأمي الا أمرت بموتها وحرجها وهي حيه.
*ضحكت بشرور وهمست وهي تقبض فوق جلبابها
الا برد نار جلبي هو موت نعيمة وجوزها على يد امي.
*التوت شفتي مهدي بابتسامة خبيثة:
_بس دهب الناجي حرجت امي كيف ماهي جرحت دوار سعد الكلاف ومرته ومنجاش من الحريجه ديه غير البنته الصغيره بهية....وجتها كل البلد
جالت أن أمي مرفجه عفريت وهو الا بينفذ كل
اؤمرها وبعد بوي ماجتل نفسيه.
*أكملت غالية بغل:
_دهب الناجي حبستها في الذريبة وجال ايه الذريبة ولعت بيها.....عشان اكديه كنت صابره لحد
مامموتها بيدي واحرج جتتها بسم.
_بس انت جيت وخربتها.
*حاوط مهدي اكتافها وبرغم تهجم ملامحه القاسية الا ان شبح ابتسامه ماكره اعتلى شفتاه وغمغم:
_اصبري يا غاليه واتفرجى على خوكي وهو بيحرج
جلب الناجويه كلاتهم....نفر نفر.
*..................... *............. *
*أكملت دهب وعش شارده في ذكرياتها المؤلمة:
_وجتها نعيمة كانت بتشتغل الدوار أهنيه كانت صغيره وزينه جوي....ولما خوي شافها وفكر يتجوزها وياخد عياله ويربيهم بعيد عن شر المره
الا معاه.
_انجلبت الدنيا والجناويه كلاتهم وجفوا عشان بنتهم والدنيا كان هتولع نار وتبجا حريجه وجتها
جدك أيوب الناجي جال لا نعيمة هتجوز من سعد
كلاف البهايم حدنا واتجوزها سعد وانجهر خوي
بس سد خشمه واستحمل عشان عياله.
*مسحت دهب دموعها التي تسربت منها رغم اردتها وهتفت:
_حبك لبهية وتعلجك بيها بيفكرني بنعيمة كنت زيكي اكديه متشعلجة فيها كنت خيتي وحبيبتي
وحمزه اتربي على يدها...ولما حملت ببهية وولدتها
كانت بهية بنيتي كيف سلمي وعمار.
*ابتمست وأشارت للبهو:
_كانت بتلعب أهنيه في الدوار وتحبي كيف البسه
{القطة} وعمار وسلمى يلعبوا وياها ويوم مش تطلعوا نهار انحرج بيت نعيمة وسعد وبجا كوم
نار جايده ومن ستر ربنا بهية كانت في السرايا
وماتوا التنين.
_والسبب كان فاطمه وسحرها وبعدها انتحر خوي
ومات ومكنتش جدامي غير ألم لحمنا غالية ومهدي
الولد جال لا اني هجعد في بيت ابوي وغاليه جت
عروسه حلوه اتربت وسطنا.
*قبضت دهب يدها وهدرت بوجع شديد يمزقها: وجدك أمر أن فاطمه تتحبس في الذريبة لحد ما تروح الخانكه عشان بدت تهلفط في الحديت بسبب الا عليها بسم الله....ومابين يوم وليله انجرحت بيها الذريبة وماتت محروجه هي كمان
وسمعت حديت كتير من أهلها الا جال دهب الناجي
الا حرجتها والاجال الا عليها.
_بس الغريب أن الجناوية سد خشمهم ومحديش فيهم اتحرك من مطروح وكأنهم كانوا عارفين ان
بنتهم مرفجه من تحت الأرض.
*علامات من الذهول والا وعي ظلت مرسومة على ملامح نيره فقد شحب وجهها وشعرت بضربات قويه في بطنها حتى جائها صوت بهية وهي تركض
عليها وتعناقها حتى قبل أن تعانق دهب الناجي:
*.................*..............*
_يا مراحب بيكم نورتنا.
*كلمات تراحيب استقبل بها سلمان ابو السعود ضيوفه بفيلاته الفخامة....ربت حمزه على كتفه
يعناقه وجلس بجانب شقيقه عمار يقل:
_بلال جالي انا خرجت بكير بس مش لساتك محتاج راحه ولا ايه.
*فتح سليمان بيده الحره علبه مستطيله من الفضه
وقدمها لحمزه الذي سحب منها سيجاره يشعلها ثم
عمار والذي اعتذر بلباقه عن التدخين وجلس سليمان مكانه يشعل هو الآخر سيجارته قائلا:
_بالأول لازمن ناكل سوا لجمة هنية اكديه.
*طبطب حمزه على صدره الصلب في حركة تعني
الشكر أو الامتنان :
_الجايات اكتر من الرايحات ان شاء الله نخليها لبعدين المهم انت كيفك وكيف ذراعك طمني عليك
اني عارف انك جدها وجدود.
*ارجع سلمان ظهره إلى الخلف ونظر إلى ذراعه المعلق في حامل طبي:
_والله كماني حتت الجماش ديه ماعايزاها حاسس انها طبج على نفسي....اجولهم في المستشفى اني مليح يجول لا لازمن.
*أكد عليه عمار يقل:
_طبعا لازمن عشان لساتك مجروح الوجايه خير من العلاج.
*ضحك سلمان وهز راسه بطاعه:
_واه امرك ياضاكتور مانت بيجت زميل ولا يا كبير خوك راجل وكان واجف معايا واجفة أسد كأنه حافظ الجبل شبر شبر إياك.
*وضع حمزه كفه فرق ساق أخيه وقبل أن يتكلم رفع عينه إلى الواقف من بعيد ينظر له....التفت
سلمان ينظر بتجاه نظر فوجد متولي حارسه الشخصي يقف قطب سليمان وقال:
_واجف عنيدك بتعمل ايه يا متولي.
*تمتم متولي وهو يقترب منه:
_أني جولت اجف يمكن تعوز مني حاجه يا بيه.
*أشار له سليمان باصابعه أن يرحل دو أن يلتفت إليه:
_لا روح انت واني لو عوزت أيتها حاجه هعيط عليك.
*خرج متولي تحت نظرات حمزه الصاخبة التي لاتخيب...ثم رسم ابتسامة هادئه على شفتاه والتفت إلى سلمان يقل:
_هه ماتيه هتجدر تتجدم يا نسيب اني اتكلمت مع عمتي وبجول من الأصول أن تتكلم وياه الحاج صابر ابو سميه.
*أطلق سليمان تنهيده حاره يفرك عقب سيجارته في المطفاه ودمدم بخفوت بعد أن فرك عيناه:
_اسمع يا كبير وانت كمان ياضاكتور اينعم اني كنت رايد سميه في الأول وكانت نيتي مش زينه
بس اجسم بالله اول مارجل خطت عتبه دواري
كل إلا بينتنا انتهى...
_ولم خبروني بالاحوصل وياك جولت لازمن اني اجف واساعد والحمد لله ربنا جدرني انا والضاكتور
عشان اكديه دلوكيت بجولكم اني مش هغصب ع الست سميه ابدا وكله جسمة ونصيب.
*رمق عمار شقيقه الصامت بطرف عيناه ثم التفت إلى سلمان وقال بهدوئه المعتاد:
_بس جدام الكل الحاجه دهب وجدي عبد المجصود وعمتي ورجاله الناجويه كلاتهم سميه
جالت موافجه لما يخرج حمزه بسلامه.
*أومأ سلمان برأسه إلى عمار ثم مط شفتاه ودمدم:
_هو ده الا اني اجصده الست غاليه كانت وجتها رايده اي مساعده عشان ابن خالها يخرج بسلامه
وجالت....
*وقف حمزه ومن بعده عمار ليرفع لهم سلمان راسه
قائلا:
_واه على فين؟
*عدل حمزه من وضع عمامته البيضاء والتي تخفي خصلات شعره السوداء وتزيده هيبة ووقار تجعل منه رجل كل العصور وقال بصوت لا رجوع فيه
ولا جدال:
_هنتظر منيك تليفون تجولي مايته هتيجي وتتقدم
أن شاء الله....بس اعمل حسابك ام العروسه طلباتها واعره جوي اولهم دار لحالها.
_حاضره...كل حاجه حاضره لأجل عيون العروسه وامها سرايا من بابها مستنياها أن شاء الله.
*دمدم سليمان مبتسماً....ليكمل حمزه.
_السبوع الجاي عمار كماني راح يتجدم لعروسه اني بجول يبجا الفرح فرحين ليله عرس الضاكتور
تبجا ليله عرسك انت كماني واني الا عليا كل التجهيزات.
*صافح سلمان كبير الناجويه بقوه قائلا:
_تسلم...تسلم يا خوي.
*تحرك حمزه وعمار خلفه ناحيه باب البيت الكبير وبنظره غير مقصوده لامح حمزه من الزجاج النافذه العاكس المدعو متولي يتحرك سريعا
من جانب النافذه المطلة على حديقة المنزل
قبل أن يراه احد.
*صافح سليمان مبا من حمزه وعمار وقبل أن يخرج حمزه امائل على سليمان يهمس فاتسعت عينان سلمان وهز راسه موافقا:
*.................... *................. *
*أزاح عمامته من فوق رأسه بغضب ودمدم لتلك الباكيه أمامه بأنها الروماني الصغير:
_لا حول ولا جوه الا بالله وبعدهلك يابت الناس كل
ماتحدت واجول كلمتين تغضبي وتيعطي كيف الاصغار...ماتجولي حاجه ياما الا يرضى عنيكي.
*وقفت دهب قائله :
_امك هتهملكم المطروح انتم التنين اني منجصاش وجع جلبك هه.
*وخرجت دهب بالفعل من المقعد الكبير تركا نيره تجلس فوق الاريكة تلوي ساقيها تحت جسدها الرشيق وراسها ملتفت للجهة الأخرى تنظر للخارج
أشعة الشمس البرتقالية عند الغروب تلفحها فتجعل
بشرتها الحلبية شديده النقاء حمرا بلون الورد فزادت جمالا ورقه تذهب العقل.:
_نيره.
*نادها بهدوء ولكنها لم ترد ظلت متشنجت الملامح
منقلبه الشفاه.....فصاح بصوت أعلى جعلها ترتجف قليلا:
_نيره لما عيط عليكي أو انطج اسمك تردي عليا فاهمانه ولا لاه آخر مره تعمليها.
*هزت رأسها بطاعة ودموعها تتدحرج فوق خدودها الوردية شهية المذاق....جلس أمامها
فهو لن يتحمل دموعها الغاليه يشعر بأنه يتمزق
بطعنات قويه تضرب قلبه رفع ذقنها من أسفل
فتقابلة عيناه البنيه الحاده مع عيون زرقاء متوهجه زرقاء تنافس المحيط في عمقها
رموشها الطويله مبللة بدموعها الغالية همس وهو
يتماسك بقدر الممكن عن التهم فمها المقوس الصغير بقبلاته:
_بتبكي ليه دلوكيت مش جولتلي بهيه شيعت وجبتها ومش بجولك لا على أيتها حاجه واصل
لازمتها ايه الدموع ديه.
_عايزه اسافر معاكم مصر...مش عايزه أفضل هنا لوحدي من فضلك حبيبي.
*مرر أصبعه فوق شفتيها برقته المعهودة وهمس لها:
_لا يا حبيبتي لا....الضاكتوره جالت متركبيش طايره دلوكيت غلط عشانك وبعدين احنا رايحين يوم واحد وهنرجع تاني يوم يعني مش هنجعد
هناك يا نيره....ابوس راسك ويدك خافي على حالك وع الولد الا بطنك.
*ازحت يده عنها بعنف ووقفت تصيح فيه بصوت ذات نبره عاليه:
_ايوه انت مش خايف عليا انت خايف على ابنك وبس اقولك اروح معاكم لا...اركب خيل براحه لا
اخرج مع سلمي لا...مش ممكن اتخنقت.
*مره واحده اطبقت شفتيها وابتلعت آخر كلماتها وهي تعترف بأنها تمادت وقد بدأت التخيلات تصاحبها:
_ربما يخنقها الان....او يصفعها صفعة تؤدي بحياتها أو يطلقها.
*هزت رأسها وابتعدت عنه خطوتان للخلف ولكنه قبض فوق ذراعها بقوة وقد تصاعدت الدماء الي
راسه واظلمت عيناه ببريق رجولي حاد جعلت
الدم تجف في عروقها:
_انجلعي من جدامي عشان اني صبري طال عليكي جوي.... يظهر أن دلعي وحبي لكي خلوكي ترفعي صوتك عليا يا بت اميمه والله لو ماكان ولدي الا بطنك لكان حسابي وياكي واعر.
_حمزه انا...
*همست بتوتر وهي تقضم شفتيها حتى توقفهم عن الارتجاف:
*وضع كف فوق فمها يضغط واقترب منه وجهها وشدد على كلماته التي تخرج من بين أسنانه بغضب شديد:
_سدى خشمك دهو...كلمه تانيه يانيره هتكوني متحرمه عليا اني دلوكيت عفريت الدنيا والاخره بتنط جدامي....اتجي شر غضبي وانجعلي على فوج فاهمه.
*عيونها تستعطفه أن يضمها الي صدره الدافء أن يقبلها أن يضربها حتى ولكن لا يتركها هكذا تشعر
بالخزي والخجل اللون القرمزي الأحمر يزحف نحو
وجنتيها لتحمر خجلاً من لسانها السليط الذي خانها
ولم تستطع النطق تقربت منه أصابعها تلمس كتافه
فتشنج تحت وطأة لمساتها فتجهم وجهه وعبس
يصرخ فيها صرخة صدحت في جميع أرجاء السرايا الكبيره :
_بعدي عني دلوكيت جولتلك لأحسن ميحصلش
خير واصل يانيره.
*همهمت تشهق من البكاء:
_انا اسفه...متزعلش مني حبيبي.
*نفض جلبابه الكشمير وسحب شال عمامته وهو يهم بالخروج من الغرفه بل من السرايا اجمعها يهتف:
_اني هخرج من البيت كلاته عشان ترتاحي عشان لو فضلت أهنيه مش ضمان نفسي يا نيره....ابعدي
عني إلله يرضى عنك.
*تركها تهتف خلفه وخرج سريعاً وهو غاضباً.

يتبع

أهـــــــــــــــواك قـــــــــــــــلبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن