الفصل الثاني عشر "ارقد في سلام"

885 52 9
                                    

و في هذة اللحظة عزم الرشيدي على أن يقفه عند حده و رفع يده ليصفعه صفعة لن ينساها مدى حياته.
أوقفته يد شخص ما تزامنًا مع يد الرشيدي.
نظر الرشيدي لهذا الشخص الذي منعه من تهذيب هذا الولد ، أردف بغضب : أنت بتعمل ايه يا عبدالرحمن ، سبني أربي الواد اللي مترباش دا.
سَخَرَ ضياء بقوله : يعني أنا اللي متربتش!
ضمَّ الرشيدي حاجبيه بإستعجاب : تقصد إن أنا متربتش .. أنت عبيط يا أبني.
لملم عبدالرحمن هذا الحوار الذي سيطول و هو لا خُلق له : انا اللي متربتش يا جماعة خلاص.
أهدأ الرشيدي نفسه و عاد إلى ركوزه : اومال فين الكبير العاقل .. لا يكون ربنا هداه و راح الشركة مثلًا.
قال الرشيدي هذا الكلام تزامنًا مع دخول شاهين و هو يطرق الباب رغم أنه مفتوح ، و قال ببلاهه : شركة ايه يا رشروشة .. أنا كنت فوق في الأوضة بلعب.
و أكمل و هو يجلس على المقعد الخاص بالرشيدي و يضع ساق فوق الأُخرى : تعرف يا جدي...
انتظر قليلًا ليجيبه جدة لكنه لم يجبه ، فأكمل بإحراج : المهم .. تعرف يا جدي ، انا دخلت اوضة زينة كفضول يعني مش أكتر ، لقيت دولاب كبير كدا فيه حاجات أشكال و الوان و روائح بقا ، فـ و أنا بمشي كدا ايدي اللي منها لله وقعت الحاجة غصب عني و اتكسروا..
قاطعه الرشيدي بملل : عايز مني ايه بعد القصة القصيرة الأليمة دي.
وقف شاهين متوسلًا : غطي عليا و متقولش إني أنا اللي عملت كدا إلاهي يسترك دنيا و آخرة.
قلَّب الرشيدي عينه بملل : مش هقول لها خلاص.
ثم نظر إلى هيئة شاهين بتعجب : إيه اللي أنت لابسه دا!
كان شاهين يرتدي منامته وردية اللون متصلة بقبعة عند الرأس ، و جوارب سميكة بيضاء بها أنف و أُذنين مثل الأرنب.
نظر إلى نفسه بإعجاب بالغ و هو يقول : بس إيه رأيك يا جدي في البجامة دي ، شياكة صح.

عبدالرحمـٰن و هو يُبدي برأيه : أقيم البيجامة ٩ من ١٠ يا شاهين ، ملاقيش عندك واحدة زرقاء.
تدخل الرشيدي و صاح فيهم بغضب : اطلعوا برا.
إمتثلوا إلى أوامره بذعر و خرجوا سريعًا ، لكنهم توقفوا عند سماع الرشيدي و هو يشير بسبابته نحو ضياء : و أنت يالا لو شوفتك بتحاول تخرج برا مش هيحصل كويس.
إستدار له ضياء و هو يحاول فهم سبب هذة القواعد الجديدة عليه : أنا عملت إيه عشان كل دا.
تحدث الرشيدي بصوت عالٍ نسبيًا : البنت اللي أنت كنت ماشي معاها يا بيه...
قاطعه عبدالرحمـٰن : اي بنت فيهم .. ما هو ماشي مع كتير.
رمقه ضياء بغضب فصمت الآخر.
استكمل الرشيدي حديثه : البنت اللي كنت ماشي معاها طلعت بنت شريكي اللي هدخل معاه في صفقة ، و أما عرف أنك بتلعب بيها فسخ عقود الصفقة و شغلي باظ بسبب واحد زيك.
صمت ضياء قليلًا محاولًا إيجاد حُجة ، لكنه لم يجد فإكتفى بالإعتذار و خرج ليصعد إلى غرفته.
بينما ذهبا شاهين و عبدالرحمـٰن و قبلا رأس الرشيدي بحنو و خرجا من الغرفة.

أثناء صعود شاهين إلى غرفته إصتدم بوالدته هيام
شاهين : خلي بالك يا ماما و أنتِ ماشية.
تجاهلته هيام ، ثم نظرت إليه بتعجب : إيه دا .. اطلع غير هدومك بسرعة قبل ما خطيبتك تيجي.
شاهين و كاد أن يبكي بالفعل : هي جاية .. جاية ليه .. مش المفروض هي زعلانة.
هيام : هي جاية عشان أنت تصالحها على اللي عملته معاها.
ضمَّ حاجبيه بإستعجاب : مش المفروض أنا اللي اروح و أصالحها .. ولا الأدوار اتبدلت.
ربتت هيام على كتفه : بتوفر عليك وقت.
زفر شاهين بضيق ثم صعد إلى غرفته.


في منطقة أُخرى بالقاهرة
بالتحديد في منزل جاسر الشمال

كان يجلس على المقعد الخشبي بجانب سرير عمه المُلقي عليه دون حركة ولا نفس ، عيناه اغرورقت بالدمع و يداه ترتجف هو يسمك يد عمه ، امسكها و ضمها إليه يحاول أخذ القليل من حنانه ، نظر له بعمق يحاول أن يتشبع من ملامحه اللذي بث فيها اللّٰه نورًا ، قد مات .. قد مات العم تاركًا وراءه جاسر الذي كان له سندًا و عون عن شقاء و صخب العالم.
في هذا الوقت أدرك جاسر أنه وحيدًا تمامًا ، لا أب ولا أم ، حتى عمه قد مات.

أخذ جاسر يضم عمه و هو يبكي بحرقه قائلًا بحروف مُبعثرة : ربنا يرحمك يا عمي .. كنت و نعم السند .. ربنا يصبرني على فراقك .. مُت و أنت لسة ماشوفتش بنتك .. بس هجبهالك ، والله هجبهالك.

ارقد في سلام أيها العم ، ابن أخيك سيحقق لك ما كنت تتمنى.

_____________________

كومنت و ڤوت و رأيكم في البارت❤️

 قصر الرشيدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن