الفصل السابع و العشرون "كوب الإعتراف"

434 27 24
                                    

ابتسم شاهين مكملًا :
-" و أظن مش محتاج إني اقولها، و إنتِ عارفاها كويس، بس أنا بحبك يا رزان، حبيتك"
أنتظر منها رد فـ لم ترد، أنتظر منها أن تقول له (و أنا كمان) لكنها لم تقلها، فقط كانت تنظر إليه بصدمة، لم تتوقع هي أن تتخالط مشاعرها هكذا عندما تسمعها منه.
جذبته من يده ورآها بقوة، و هو لم يفهم إذا كانت تبادله الشعور نفسه أم لا، لكن قال في نفسه أن ينتظر حتى يعرف ما تريده.
وقفا أمام المطبخ، فقال هو متعجبًا:
-" إحنا هنعمل إيه في المطبخ؟"
دخلت و هي تقول:
-" تعالى بس ادخل، البيت بيتك"
أومأ برأسه:
-" ما هو بيتي يا رزان فعلًا"
ابتسمت و هي تسحب كوبًا:
-" عايز تعرف ردي إيه، و إحنا بنعمل إيه في المطبخ صح"
أومأ برأسه بالايجاب، و طالعها بتعجب و هو يراها تأخذ بعض المكونات و تضعها في الكوب مثل ملح و سكر و خردل و بعض الخل و بيضة و بعض الحليب و خلطتهم و قدمت الكوب لشاهين بسعادة.
نظر للكوب و تراجع عدة خطوات إلى الوراء و هو يقول بخوف:
-" أعمل إيه، رزان .. رزان أوعي يكون اللي في بالي"
و رفع سبابته بتهديد:
-" والله .. والله يا رزان و لو اللي في دماغي هسيبلك البيت و مش هتعرفيلي طريق"
اقترب منه بالكوب و هي تقول بتهديد:
-" هتشربها يا شاهين، و مش هقولك ردي غير لما تشربها"
نظر بيأس و أردف:
-" يعني لازم اشربها يعني"
ابتسمت ابتسامة خبيثة و أومأت بالايجاب
مال بجسده على الطاولة و اتأك بيده عليها، حيث أصبح وجهه يقابل وجه رزان، و رفع سبابته و قال:
-" بس بشرط"
فعلت مثله تمامًا و رفعت أيضًا سبابتها:
-" قول، خلينا نشوف شرطك يا أستاذ شاهين "
قال و هو يقرب الكوب منها:
-"تشربي معايا "
عادت إلى الخلف:
-" مستحيل، ماهو طباخ السم مابيدوقش سمه"
قال بتحدٍ:
-" هنشرب يا رزان"
صححت له:
-" هتشرب يا شاهين"
صحح لها و هو يشدد على حروفه :
-" هنشرب يا رزان "
سئمت منه فقالت :
-" طب بص، عندي شرط أنا كمان، أنا لو وافقت على اللي قولته فوق هشرب، و لو ماوفقتش مش هشرب"
و مدت يدها و هي تقول:
-"تمام؟ "
مد يده هو الآخر و قال بموافقة:
-" تمام"
و بعدها أشارت له بعينها بأن يشرب و هي تقف و تعقد ذراعيها بشماتة.
فقال و هو يأخذ الكوب و ينظر لها بضيق:
-" ركزي كويس في اللحظة دي عشان مش هتتكرر"
حاولت إخفاء ابتسامتها و أشارت له و هي تقول:
-" متقلقش، مركزة كويس''
أقرب الكوب من فمه و هو يشيعها بنظرات حقد، و أخذ رشفة كبيرة من ذلك المشروب، الذي لم و لن يشرب مثله، في الحقيقة لم يستطع وصف تلك النكهة.
وضع الكوب بسرعة على الطاولة، و أتجه بأقصى سرعته، قبض على أكبر زجاجة مياه و تكرعها كاملة، و بعد ما أنهاها، تحرك ناحية رزان ببطئ و قال عندما وقف أمامها:
-" جالي تسمم بسبب الهانم، بس مش مهم"
و تابع بحماس:
-" يلا هتشربي ولا لأ "
ظلت تطالعه و لم تتفوة بحرف، فشعر هو بقلق من ردها، من ثم بدأت تبادل نظراتها بينه و بين الكوب و في لحظة سريعة، أخذت الكوب و رشفت رشفة صغيرة و وضعت الكوب مبتسمة.
عَلِم شاهين بتلك الطريقة أنها قد وافقت عليه، بادلها الإبتسامة في سعادة غامرة.
قال بعدها و هو يستعيد من ركوزه، ناظرًا لعيناها:
-" يعني أفهم من كدا إنك موافقة صح؟"
و لأول مرة تجرأت رزان بأن تنظر داخل عيناه دون أن تتهرب منهما، و أومأت رأسها و ابتسمت.
في الوقت ذاته ظهر عبدالرحمن و زينة و ضياء اللذين كانوا يختبؤون وراء الستائر، عندما رآهما شاهين و رزان رمقاهما بغضب، تجاهلوا تلك النظرات و بدأوا في مباركتهم.
اقترب عبدالرحمن من شاهين و همس:
-" كنت واثق إن دا هيحصل، بس مش واثق في اللي هيحصل بعد كدا"
طالعه شاهين بعدم فهم، و كاد أن يسأله عمّا يقصده، لكن بتر سؤاله رنين هاتف ضياء، و كانت المتصلة ريهام، تذكر ضياء موعده معاها، فقال و هو يتحرك خارج المطبخ بظهره:
-"طب اسيبكم أنا بقى عندي ميعاد مع خطيبتي، و مبروك يا أخويا و مبروك يا مرات أخويا "
عقدت رزان حاجبيها في إستنكار:
-"يوه، هي خلاص بقت خطيبتك، دا إنتَ لسة مقرتش فاتحة حتى"
غمز له شاهين قائلًا:
-'' ما تتأخرش ها، عشان اللي قولتلك عليه إمبارح"
طمئنه ضياء:
-" لأ متخافش مش هتأخر، و لو حصل و اتأخرت رن عليّ عشان ألحق آجي"
قاطعت زينه ذلك الحديث الملغم اللذان كانا يتحدثان به:
-" ليه هو إيه اللي هيحصل؟ و ميتأخرش على إيه؟"
اخترع شاهين لها أي حُجة حتى لا يخرب ما خطط له:
-" لا ولا حاجة يا زينه، دا في ماتش عادي متشغليش بالك"
لم تقتنع لكنها اومأت و حسب،
خرج بعدها ضياء و ظل شاهين و رزان و عبدالرحمن في المطبخ، اقتربت رزان من ماكينة القهوة و احتضنتها بقوة و هتفت:
-"وحشتيني يا غالية والله"
-" طالما القهوة بتاعتنا هتوحشك مكنتيش مشيتي من الأول" قالها شاهين في حين نكزه عبدالرحمن في كتفه
قالت بغضب و هي تسكب لنفسها كوبًا:
-" مابتضعيش فرصة يا شاهين عشان تقطمني بكلامك، برافو"
صمت شاهين، بينما خرجت هي بكوب القهوة إلى الشرفة.

 قصر الرشيدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن