الفصل الخامس عشر " إنصات "

688 56 11
                                    

جلس شاهين بجانب أخيه قائلًا بخفوت و هو يمسد على ظهره :
- براحة كدا و أهدى و عايزك تحكيلي مالك.
أخذ زفيرًا ثم أخرجة في شهيقٍ قوي و كان ينوي أن يحكي لشاهين ما بداخله لكن سرعان ما تراجع عن ذلك القرار قائلًا ببروده المُعتاد :
- مافيش
حاول شاهين الصمود و عدم نهره و قال بهدوء مصطنع بعدما أقنع نفسه في داخله أن يهدأ و يحدثه بهدوء :
- يا ضياء ما تحكيلي ، أنا أخوك مش جوز أمك والله.

تنهد تنهيدة طويلة ، تعني الكثير و الكثير ، تحمل في طياتها الكثير مما نتطوي عليه نفسه من الألم المحاط به.
أحس بعد تلك التنهيدة من أن حموله قد خفت قليلًا و أنه على وشك التحدث عما يشعر به قائلًا :
- هو أنا مش عارف أنا مالي ، تعبت من البيت و مشاكله و قرفه ، جدك محسسنا إننا عيال صغيرة بيلعب بيهم زي العروسة اللعبة ، ولا هيام هانم اللي تقريبًا نسيت إنها امي ، و لا أنت يا شاهين ، كان نفسي إني يكون عندي أخ نخرج و نهزر ، بس مالقتش دا ، عارف إحساس أن غيابك زي وجودك ، مش فارق مع حد ، أهو دا أنا ، يعني بالله عليك أنت تعرف عني إيه ، تعرف انا بحب إيه و بكره إيه ، متعرفش حاجة ولا هم يعرفوا و محدش مهتم يعرف اصلًا.
صمت قليلًا ليمسح دمعه الذي سال على وجنتاه دون أن يشعر ، فأكمل حديثه و عيناه لم تجرأ أن تقابل عين شاهين :
- شاهين .. انا من زمان عايز اخد الخطوة دي .. انا عايز اروح لدكتور.....
- يعالجنا من البرد  .. دكتور يعالجنا من البرد اللي هيجلنا .. كلنا هنروح والله لما نسافر اسكندرية و نيجي البحر الساعة ٨ بالليل في عز الشتاء.
هتفت بها رزان و هي ترتعش من شدة البرد ، من ثم أكملت :
- ما حد من الشباب يديني الجاكيت بتاعه.
خلع عبدالرحمـٰن معطفه و أعطاها إياه قائلًا :
- شوفتي حركة الجنتلة دي ، اي خدمة.
صاح فيهما ضياء بضيق مقاطعًا :
- انتوا إزاي كدا .. انا قاعد اشكي و انتوا بتتريقوا .. حسبي الله والله.
رفعت رزان كتفيها بإستنكار:
- أعمل إيه يا ضياء ، سقعانة والله ، غصب عني يعني .. المهم كمل أنت ولا كأن اي حاجة حصلت.
نظر لهم بدهشة من برودهم قائلًا بضيق : روحوني ، روحني يا شاهين قبل ما جدي يعرف.
جذبه شاهين بعيدًا عنهم ، حدثه بجدية و بهدوء على عكس توقع ضياء قائلًا :
- ضياء .. أنت لو بتتكلم بجد و عايز تروح لدكتور نفسي أنا معنديش مشكلة ، دا حقك يا ضياء ، لو حاسس إن دا هيريحك إعمله.
نظر له بتمعن متأملًا إياه ، استحس بخوف أخيه عليه ، لا ينكر أنه سَعَدَ قليلًا لكنه أكمل محاولًا إظهار عكس ما شعر به :
- مش عارف ، حاسس إني هرتاح.
ربت على كتفه مطمْئنًا الأخر و أخذه و ذهبوا للأخرين قائلًا بجدية تعجب منها الباقية :
- يلا نروح بسرعة.
هتفت رزان سريعًا قبل ما يغادروا المكان :
- طب مش هتأكلوني كبدة..
استوقفت للحظة تتفقد نظراتهم فأكملت :
- من عند الفلاح.
مدَّ شاهين في خطواته أكثر و هو يتمتم :
- عيال اختي .. جايب عيال اختي معايا.
أردفت الأُخرى بضيق بالغ :
- حسبي الله ، دورولي على أهلي.
لم يجيبها أحد فظلت هي تُتمتم بحديثٍ غير مفهوم.
             _______________________

وصلوا إلى مسكنهم بسلام فصعد كُلً منهم لغرفته ، و صعد ضياء متسللًا إلى غرفته دون أن يراه جده ؛ لأنه إذا علم بخروجه فـ حتمًا لن يتردد لِلحظة أن يطلق عليه رصاصة و يتخلص منه دون تفكير.
              ______________________

في غرفة زينة

كانت تستريح على فراشها بعد ذلك اليوم الشاق الذي طالت فيه الأحداث فـ أهلكها كثيرًا ، فعلت عادتها اليومية و هي أن تتصفح هاتفها قبل النوم.
استوقفها منشور -
( البقاء لله وحده ، عمي إنتقل إلى ذمة الله)
نظرت بقلق للناشر و وجدته جاسر الشَمَال ، تذكرت حديثه عِندما أخبرها أنه وحيد ، لا أب ولا حتى أم ، و تذكرت أنه يقيم مع عمه المريض ليرعاه ، تذكرت كاميليا فـ إنشغل بالها كثيرًا ، فهل وجدها و نفذ وصية عمه قبل مماته أم لا.
شعرت بالضيق و الحزن الشديد عليه ، تقلصت ملامحها بعدما مُلئ رأسها بتلك الأفكار و حزنت على حال هذا المسكين ، فأصبح رسميًا وحيدًا..

كتبت رقمه حتى تطمئن عليه ، إنتظرت ثوانِ حتى أتاها ردًا من الآخر.
زينة بنبرة رسمية بدى عليها الحزن :
- السلام عليكم يا جاسر ، أنا زينة ، مش عارفة فاكرني ولا لأ ، كنت عايزة أقولك البقاء لله ، أنا لسة شايفة ال post دلوقتي ، و بجد ربنا يصبرك على فراقه.
أجابها جاسر بنبرة تائهة ، فـ هذة هي حالته هذة الفترة ، ضائع في تلك الحياة الكبيرة ، فقدان عمه قد أثر عليه بشدة :
- البقاء لله وحده..
تابعت حديثها بتردد :
- و نعم بالله .. كنت عايزة اعرف بس العزاء هيكون إمتى
زفر الآخر بحزن :
- هو توفى النهاردة الصبح ، و العزاء هيكون بكرا.
أنهت زينه حديثها بالأقوال المُعتادة التي تُقال في مثل هذه المواقف :
- هو أكيد في مكان احسن ، أنت ادعليه كتير يا جاسر و تصدق على روحه.
فضَّل جاسر أن يُنهي الحديث قبل ما ينهار باكيًا :
- اكيد هعمل كدا .. سلام.

_______________

توجهت زينه لغرفة شاهين وجدته على فِراشه و ظنت أنه نائم ، لكنة فاجأها قائلًا :
- خير يا زينة ، حصل حاجة.
أزالت من فوقه الغطاء و جلست على طرف السرير :
- شاهين ، فاكر جاسر اللي قابلناه في المطعم.
اعتدل في جلسته ليقول بتعجب :
- ماله؟
أكملت حديثها بحزن :
- عمه اتوفى النهاردة الصبح ، و هو يا شاهين وحيد مكنش ليه غير عمه و اتوفى ، فـ عزاه بكرا و لازم اروح أهون عليه على الأقل.
أخذ شاهين يفكر لبضع دقائق من ثم قال :
- تمام يا زينه ، هنروح الصبح ، دا غير إني مش هحاسبك دلوقتي على كلامك معاه لأني مش فايق ، افضالك يا زينه.
دخلت في أحضانه بقوة ، و شعر ببُكائها فـ مسد على شعرها بحنان قائلًا :
- في إيه يا زينه ، اهدي في إيه مالك
قالت من بين شهقاتها :
- مش بحب سيرة الموت .. بخاف.
- إستهدي بالله يا زينه و صلي على النبي كدا  ، و روحي نامي دلوقتي عشان ماما قالت إن مي جاية بكرا بدل النهاردة و شكله هيكون يوم طويل و عريض....

_________________

بجد مش فاهمة إيه المواعيد اللي انا بنزل فيها دي ، يعني إيه انزل البارت الساعة واحدة بالليل!!
يلا كدا كدا كتر خيري يعني.
المهم عايزة اقول إن الثلاث أو الأربع فصول اللي جايين في حاجات كتير هتتغير ، هيكون في تشويق بالمعنى الحرفي.
و دعواتكم عشان الكتكوت ( اللي هو انا ) بدأ دروس ، فـ إدعولي اخلص الرواية على خير أثناء الدراسة.
و اه صح حاجة اخيرة ، تعالوا إنستجرام ( اللينك في البايو ) يا جماعة في هناك كل جديد و انا وصلت لحد فين و كل الكلام دا ، دا غير إني بصيح كتير على الرواية في الأستوري و كمان برشح روايات و بعمل ريڤيوهات.
دُمتم سالمين هستنى رأيكم كالعادة👈👉✨

 قصر الرشيدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن