الفصل الثالث و العشرون "تخلص من الذنب "

537 34 8
                                    

على العشاء

كانوا بعض الخدم في المطبخ حتى يحضروا العشاء ، لكن أصرت هيام أن تفعل هي "الأكلات الخفيفة" كالسلطة و العصائر و غيرها ، و أيضًا أن تحضّر الأطباق  و أخبرتهم أنها تود أن تفعل ذلك بمفردها ؛ فخرجوا كل الخدم من المطبخ.
بدأت هيام في غَرف أطباق الطعام ، بالطبع كانت مجبورة على ذلك لكن لتنفذ خطتها لابد من أن تفعل ذلك.
اخرجت زجاجة السم من جيبها و أمسكت بطبق مختلف عن باقي الأطباق و قررت أنها هذا سيكون طبق رزان.
بدأت في سكب القليل من ذلك السم ، و لكنها شعرت بشئ ما غريب ، شعرت و كأن أحد يقف يراقبها ، اخبأت السم و ذهبت تتفقد من في الخارج و لم تجد أحد ف أمرت الخدم بأن يكملوا تحضير الطعام.
و بعد وقت ليس بكبير وُضعت الأطباق على الطاولة ، جلس الجميع و كاد أن يأكل ، لكن تحدث عبدالرحمن :
-" طنط هيام .. بقولك ، ما تاخدي الطبق دا ، شكله أحلى "
و كان يشاور على طبق رزان.
تعجبت رزان و قالت بملل :
-" عبدالرحمن بطل هبل الله يسترك عايزة أكل "
أردف عبدالرحمن بجدية :
-" استني أنتِ دلوقتي "
و أكمل و هو يرمق هيام :
-" إيه يا طنط ، قولتي إيه "
ظهر التوتر على هيام و مي ، و النظرات القلقة الغير ثابتة بدت على أعينهم ، فقالت هيام بلهجة مهزوزة :
-" إيه يا عبدالرحمن شغل العيال دا "
قام هو بنفسه و أمسك طبق رزان و أبدله بطبق هيام و أكمل حديثه و هو يجلس :
-" معلش بقى أنا عيل ، يرضيكوا تكسفوني يعني ، يلا يا رزان كُلي براحتك ، و أنتِ كمان يا طنط هيام اتفضلي "
بدأ الجميع في تناول طعامهم عادا هيام ، فقط كانت تُمسك الملعقة و تعبث بالطبق لكن لم تجرأ بأن تضع لُقمةً واحدةً في ثغرها.
تحدث عبدالرحمن ببرود :
-" مالك يا طنط هيام مش عايزة تاكلي ليه "
تركت هيام الملعقة من يدها بغضب و وضعتها على الطاولة و هي تقول :
-" عايز توصل لـ إيه يا عبدالرحمن "
قال عبدالرحمن بتحدٍ :
-" أنتِ عارفة أنا عايز أوصل لـ إيه ، لكن مافيش داعي إني أقول ، ولا أقول؟ "
تدخل شاهين بتهكم ليدافع عن والدته ، فـ شئت أم أبيت هي والدته ولا يسمح لأي أحد أن يتخطى حدوده معاها :
-" ما تتلم يا عبدالرحمن ، اتكلم مع ماما عدل بدل ما اعدلك "
نظر له عبدالرحمن نظرة ساخرة ، لو يعلم ما كانت تنوي هيام فعله في رزان فلم يتفوة بهذا أبدًا ، و قرر أن يحكي لهم ما حدث :
-" طب يا جماعة أنا هفهمكم الحوار كله ، رزان عندها حساسية من الشطة و التوابل ، و طنط هيام صممت أنها تغرق الطبق شطة عشان الحساسية تزيد عند رزان ، و بس هو دا الموضوع "
كادت رزان أن تتحدث و تقول أنها تحب الطعام الحار من الأساس ، فكيف يكون لديها حساسية منه ، لكن رمقها عبدالرحمن نظرة جعلتها تصمت.
أخرجت هيام شهيقًا بارزًا ، فحمدت ربها في سرها أن عبدالرحمن لم يفصح بسرها.
بالطبع بدأ أن يَكثُر الحديث و يُبعثر هُنا و هُناك ، كل شخص يُلقي بكلمة ، لكن المهم أن اليوم إنتهى بسلام دون أن تتعرى أمام الجميع.
نظرت مي لريهام نظرةً حانقة و استأذنت بلطف و خرجت و كذلك عبدالرحمن بعدما أخبر هيام بنظراته أنه صمت اليوم لكنه لم يصمت بعد.
صعدت رزان لغرفتها و هي شاردة تمامًا ، حتى أنها اصطدمت بشاهين الذي كان يصعد الدرج أمامها.
فاقت رزان من شرودها على ذلك الإصطدام و هي تقول :
-" معلش اسفة ، مأخدتش بالي "
إبتسم بحزن و قال بلطف :
-" متزعليش من ماما يا رزان ، أكيد مكنتش تعرف انك عندك حساسية من الشطة"
قاطعته بشرود :
-" ماهو دا اللي هيجنني أنا معنديش حساسية أصلًا ، بس مش عارفة ليه عبدالرحمن صمم إنه يبدل الأطباق "
قال بتفكير ليحاول طمئنتها لكنه لم يطمئن هو :
-" جايز عبدالرحمن فكر إنك عندك حساسية فـ عمل كدا ، المهم إنتِ متشغليش بالك و نامي ، تصبحي على خير "
ردت و هي أمام غرفتها :
-" و إنتَ من أهل الخير "
قال في سره قبل ما تدلف إلى غرفتها :
-" أهل الخير! .. اللي هو إنتِ يعني "
حمحمت بحرج لأنها سمعت ما قاله :
-" قولت حاجة يا شاهين؟ "
رد بإستنكار :
-" لأ ولا حاجة ، بستغفر ربنا بس "
ضحكت بخفة :
-" طب يا أخويا أستغفر ، اهو تكفير ذنوب "

صباح اليوم التالي ، سيكون يومًا مليئ بالأحداث و المشقة.

كانوا على طاولة الإفطار ، لكن تفاجئ الجميع عندما هبط شاهين من الأعلى ببدلة رسمية و شعر مُرتب ، فسأله الرشيدي بتعجب :
-"رايح فين كدا باللبس دا يا شاهين "
رد شاهين بفخر :
-" هنزل معاك الشركة ، لأن من هنا و رايح حامدة تاني خالص و قررت أتغير "
رد ضياء بسخرية :
-" طب يا حمادة أنا خطيبتي المستقبلية جاية النهاردة ، ابقى اتغير من بكرا بقى "
جلس شاهين و مثَّل الحزن :
-" حمادة مش مكتوب له يتغير "
جلسوا و تناولوا أفطارهم ، و بعدما انتهوا من الطعام ، انتظروا قليلًا حتى جاءت ريهام.
استقبلها ضياء على باب القصر ، فكانت تمشي معه و هي مبهورة من ذلك القصر العظيم ، كم هو واسع و أنيق ، و تذكرت ذلك المكان المتهالك الذي تعيش فيه فتحصرت على حالتها و صممت على قرارها أكثر فـأكثر.
رحب بها الجميع بحرارة ، لكن تأكدت زينه من شكوكها أن الذي يريد أن يخطبها اخوها هي صديقتها التي بدت في الآونة الأخيرة غريبة الأطوار و تتصرف تصرفات غريبة خاصة آخر موقف مع رزان.
كما أن رزان كانت غير مُطمئنة لتلك الفتاة ، شعورًا اتنابها فجأة لكنها تخطته و رحبت بها قائلة :
-" أهلًا بيكِ ، ملحقناش نتعرف على بعض المرة اللي فاتت بس جتلنا الفرصة اهو "
توترت ريهام جدًا ، فهي ترتبك و تتوتر إذا تذكرت رزان و ما فعلته بها ، ماذا إن رأتها امامها ، فأبتسمت إبتسامة خافتة و لم تجيب.
جذبت زينه ريهام من يدها و قالت بغضب حقيقي لكن بصوت خافت حتى لا يلاحظ عليهما أحد:
-" ريهام إنتِ إزاي متقوليش حاجة زي كدا ، بتتكلمي مع اخويا و المفروض إني صاحبتك و أنا آخر من يعلم "
حاولت ريهام تبرير موقفها و قالت :
-" مجتش فرصة إني اقولك يا زينة والله ، و لما حاولت إني اقولك اخوكي فاجئني بالخطوبة و كل حاجة جت بسرعة "
قالت زينة بغيظ :
-" ماشي يا ريهام .. ماشي "
جلست ريهام معهم و كانت سعيدة جدًا بتلك الجلسة ، تخيلت حياتها المستقبلية في ذلك المنزل الكبير ، وضعت أحلام وردية و حياتها الجديدة المقبلة عليها ، لم تسعد بضياء لكنها سعدت بحياة ضياء.
كانت من فترة إلى أُخرى تنظر لرزان نظرات شفقة ، ندم و حزن ، شعرت بذنب تلك الفتاة التي أصبحت مثل الطفلة التي أُنجَبت للتو ، لا نفقه شئ عن حياتها ولا حتى أهلها ، هل أولائك الناس يُعاملوها معاملة حسنة أم لا ، حتى أيضًا جاء في خاطرها أهلها ، كيف حالهما الآن و هما لا يعرفان عنها خبر.
قررت قرار متهور ، نعم متهور و قد تندم عليه لكنها تود أن تُصلح خطأها على أي حال.
استأذنت منهم و خرجت للشرفة ، أخرجت هاتفها و بدأت في الإتصال على رقم ملك والدة رزان (بالطبع من رقم آخر) ، جاءها صوت ملك و هي تقول بإستفهام :
-" السلام عليكم ، مين معايا "
ردت عليها ريهام و قد غيرت نبرة صوتها قليلًا :
-" بنتك رزان موجودة هنا ، موجودة في قصر الرشيدي ، اللوكيشن هتلاقيه في رسالة على الواتساب ، و لو عايزة تشوفي بنتك تعالي و هتلاقيها "
انتهت من تلك الكلمات و أغلقت المكالمة ، بل و أغلقت الهاتف أيضًا.


___________________

نصلي الفجر و نقرأ ورد القرآن و بعدها تقرأوا البارت
رأيكم في البارت و أظن إنه طويل أهو
دُمتم سالمين🖤✨

 قصر الرشيدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن