الفصل السابع عشر "قرار زواج"

654 40 7
                                    

كاد أن يخرج ليلحق بها قبل ما تضيع من يده للأبد لكن أوقفه صوت مي و هي تحذره من عدم الخروج ورأها بقولها :
-"شاهين .. رايح فين"
إستدار لها بنفاذ صبر و اقترب منها ليصرخ في وجهها بضيقٍ شديدٍ :
-" عايزة إيه ، عايزة إيه مني ، سبيني في حالي اروح الحقها "
رفعت سبابتها أمام وجهه لتهددة :
-" إياك ، إياك يا شاهين تخرج وراها "
حرك أصابعه بين خصلات شعره بغضب كاد أن يملئ مدينة بوسعها ، ثم أردف بشك بسبب إصرار مي على عدم خروجه :
-" عملتي إيه يا مي ، البنت كانت الصبح معايا زي الفل و روحنا و جينا بنهزر عادي ، أول ما حضرتك جيتي معرفش عملتي إيه خلتيها كدا"
تجاهلت مي حديثه بتوتر و حاولت بعدها الثبات لتقول :
-" أنا كنت لسه هحاسبك على موضوع خروجك معاها ، أنت تخرج معاها ليه اصلًا"
عَلِمَ شاهين بمحاولة تجاهلها لسؤاله  و زادت شكوكه نحوها أكثر فقرر بينه و بين نفسه أن يتخلص من تلك الخطبة السامة ، لتصدمه مي بعدها :
-" شاهين ، أنا عايزة إننا نتجوز بأسرع وقت"
أنصت إلى كلمتها تلك بصدمة ، ترددت كلمتها في أذنه مرارًا و تكرارًا ، زواج ماذا تتحدث عنه مي ، ألم يقل بين نفسه منذ ثوان معدودة أن يفسخ خطبته ، فكيف الآن له أن يتزوج منها.
قال بعدها و هو يكتم غضبه بداخله :
-" لأ يا مي ، أنا مش جاهز"
جاءت هيام وراء مي لتُكمل حديثها :
-" مش جاهز ليه؟ ، بتشتغل عشان تجهز نفسك ولا تكونش لسه بتكون نفسك "
فأكملت مي و هي تُبدل نظرها نحو هيام مرة و نحو شاهين مرة قائلة بنبرة ساخرة :
-" أو يمكن يا خالتو في واحدة تانية في حياته"
نفذ صبره حقًا ، لم يعد يحتمل أي كلمة بعد الآن ، فقال بأعلى صوت له لينهي ذلك الحوار :
-" كفاية ، كفاية أنتِ و هي ، إيه هتجوزوني غصب"

كان يستمع الرشيدي لتلك المشدة الكلامية خلف باب مكتبه إلا أن فتح الباب مرَّةً واحدة ليصيح فيهم بغضب :
-" هو إيه محدش عامل إحترام للبيت دا ولا لوجودي ، و من بجاحتكم بتتخانوا قدام مكتبي"
ادعت مي البُكاء و هي تستدير للرشيدي و أعطت علامة لهيام بأن تبدأ الحديث ، ففهمتها هيام و قالت بتأسف :
-" أنا أسفة يا عمي ، لكن الموضوع أن مي حبت تكلم شاهين في موضوع الجواز عشان هم مخطوبين بقالهم سنة و نص تقريبًا ، فقولنا أنهم طولوا و خلاص المفروض يتجوزوا ، لقيت شاهين فضل يزعق و رافض الموضوع و مش فاهمة ماله" 
و أكملت مي هي الأُخرى تلك الحديث الغير صادق ، تمكن الرشيدي من تصديق حديثها بسبب تمثيلها العالي و تمثيلها للبُكاء أو إعدى ذلك فإنه كان ينصت لكل كلمة ، فقالت و هي تزيل دمعها المزيف بسبابتها :
-" أنا خايفة يا جدو يكون مش بيحبني أو واحدة لعبت عليه و خلته يكرهني ، هو لو عايز يسبني أنا مش هقدر يا جدو" 

اجتمع الجميع على أصواتهم العالية بما فيهم زينة و ضياء و أيضًا الخادمون الذين كانوا يتسمعون للحديث اولًا فأخرًا منظرين قرار الرشيدي.

لم يتفوه شاهين بأي كلمة منذ بدأت والدته و خطيبته في التبلي عليه و سرد أحاديثهم لم يقولها ، فحتى إذا تكلم و دافع عن نفسه ، الرشيدي سيصدق حديثهما حتى و إن دافع عن نفسه فلا داعي لتبرير موقفه.

 قصر الرشيدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن