حسمت قرارها و قالت بقوة و هي تُعدل من أنفاسها:
-" أنا .. أنا خلاص قررت إني هروح مع ماما..."
و أوطأت رأسها بحزن بعدها لتتجنب نظرات ما في القصر ، كانت حزينة على فراقهم، إذًا لما اختارت أن تذهب مع والدها ولا تبقى معهم؟، في الحقيقة كانت تشعر هي أنها عبء عليهم، فردًا جديدًا تدخل في حياتهم و تعرف عليهم و تعمق في مشاكلهم، فكانت تظن أنها علمت أكثر مما ينبغي أن تعلمه.
بالطبع قرارها هذا كان كالصاعقة عليهم، اقترب منها شاهين بنظرات ترجي:
-" ليه .. ليه يا رزان، أكيد إنتِ بتهزري و هتقولي إنك هتفضلي معانا، حتى لحد ما صحتك ترجعلك "
عادت إلي الخلف عدة خطوات، و حاولت أن تُجمع كل ذرة ثقة و شجاعة بداخلها و قالت :
-" لأ يا شاهين، أنا عايزة ارجع لحياتي و لأهلي تاني، مش عايزة اكون مع ناس غريبة معرفهاش بيعاملوني برسمية و مُجاملة، مش عايزة اكون مع ناس مش مرتاحة معاهم ولا متعودة عليهم، و ياريت تحترموا قراري دا"
و أدارت رأسها، و عادت إلى ضعفها و حزنها من جديد، و أشارت إلى ملك بأن يذهبا، دون حتى أن تسمع رد شاهين.مازال شاهين على حاله في الداخل، يقف دون أن يرمش له جفن، فقط يفكر في حديث رزان، هل لهذه الدرجة كانت تكرههم؟ ، عندما وجدت فرصة أُخرى لتفتك منهم انتهذت هذه الفرصة دون تفكير! ، هل كانوا هم غرباء عنها فعلًا؟ ، و هل كانت تشعر هي بعدم الإرتياح معهم؟.
يا له من مُغفل حقًا، أكان يريد أن يعترف لها بحبه غدًا، قد جهّز طريقة الإعتراف، و تخيل ردة فعلها و كم ستكون سعيدة في تلك اللحظة.
لقد فعل كل ما فعله مع مي من أجلها، قد فسخ خطبته مع ريهام من أجلها، و هي تتخلى عنهم بتلك السهولة!.-" شاهين .. يا شاهين"
فاق شاهين من شروده و من نظره للباب دون هدف على صوت زينه التي كانت تربت على كتفه.
انتبه لها و قال محاولًا لإسترجاع رشده :
-" نعم "
تحدثت زينه بهدوء بعدما حاولت بقدر الإمكان أن تخفي آثار البكاء :
-" ينفع تطلع اوضتك دلوقتي.. "
شاهين :
-" تمام .. كدا كدا أنا كنت طالع "
استدار و توجه ليصعد، فسمع هيام و هي تهمس :
-'' الحمد لله مشت لوحدها من غير ما اعمل حاجة "
سمعها شاهين فلم يُبالي و أكمل طريقه.
و بعدها انْفض المكان و ذهب كل واحد إلى طريقه، زينه إلي غرفتها و كذلك ضياء، و ذهبت هيام للشرفة لتهاتف مي، و الرشيدي إلى مكتبه.
____________عِند هيام
كان هيام تهاتف مي و تحكي لها عن ما حدث بالكامل :
-" ف بس يا مي، بعد ما هي مشت، شاهين طلع اوضته من هنا، ف يعني كنت عايزة اقولك يعني..."
قاطعتها مي بشك :
-" بتفكري في إيه يا خالتو "
تحدثت هيام بتوتر :
-" يعني كنت بفكر بما إن البت دي مشت، إني احاول اخطط عشان ترجعي لشاهين تاني"
أبعدت مي الهاتف من أذنيها بغضب و بعدها قالت بتهكم :
-" خالتو .. موضوعي أنا و شاهين انسيه، مش بعد ما رمى الدبلة في وشي ارجعله، دا غير إن هو مش هيوافق اصلًا "
حاولت هيام تهدئتها و قالت بإطمئنان :
-" من ناحية شاهين متشغليش بالك، إنتِ لما تجيله دلوقتي و تقولي كلمتين حلوين، و معلش و متزعلش و أنا جنبك، هو هيبدأ يفكر فيكِ تاني، و يندم إنه خسرك عشانها و هيرجعلك، إنتِ بس أسمعي كلامي و هتكسبِ "
زفرت في ضيق شديد من خالتها، تتمنى أن تفهم خالتها أنها لم تعد تود شاهين :
-" يا خالتو .. يا خالتو يا حبيبتي، أنا لا عايزة اطبطب ولا ادلع، و اسفة يعني مش عايزة شاهين اصلًا، عايزة اشوف حياتي بعيد عن المؤامرات و عن التفكير و التخطيط إزاي شاهين يحبني و يتجوزني، عايزة بس اعيش بسلام و اشوف حياتي مع حد تاني من غير لا خطط ولا مؤمرات"
تعجبت هيام من ردها ذلك و تحدثت بضيق:
-" مش عجباني بقالك فترة يا مي، و كلام بقى زي كلام امك، بتتكلمي بالموعظة و الحسنة، اتظبطي يا مي، و هستناكِ تيجي"
و بعدها أغلقت المكالمة، منعًا من أن تسمع مهاجمة مي لها.
____________في غرفة زينه
كانت جالسة على طرف فراشها تفكر في أمر رزان، لقد اعتادت عليها و اعتادت أن تراها كل صباح، يجلسون يحتسون القهوة السادة التي تشاركا في حبها، إلى أن يأتي إليهم شاهين و يأخذن من إحدهن القهوة و يحتسيها هو ببرود مع تذمر من أخذ منها القهوة.
يا لها من جلسة ممتعة و مرحة، كانت تفيق كل صباح بنشاط_على عكس عادتها_ و تنتظر رزان و يبدأن يومهما.
ألن تكن موجودة بعد الآن؟ ، هل ستفيق الصباح التالي دون أن تراها؟ ، كيف سيمر يومها دون رزان؟.
قاطع شرودها صوت رنين هاتفها، في بداية الأمر لم ترد، لكن ألح المتصل في الرنين فأمسكت بهاتفها و وجدت جاسر هو المتصل، حاولت إعادة هدوئها و تعديل نبرة صوتها، و أجابت:
-" خير .. في حاجة"
تعجب جاسر في البداية، فلم تكن عادة زينه أن ترد عليه هكذا لكن أجابها:
-" لأ مافيش، بس كنت برن على شاهين عايزه في موضوع كدا بس مش بيرد عليَّ، فـكنت بسأل بس هو في حاجة ولا إيه"
تحدثت بهدوء:
-" لأ بس حصل شوية مشاكل و هو مدايق شوية"
فكر بأن يسألها ما الأمر، فظن أنها ستقول عليه فضولي فتراجع، لكن لأنه فضولي فعلًا فسألها:
-" طب خير في إيه، و بعدين إنتِ صوتك متغير ليه؟"
تنهدت و بدأت أن تحكي له، كانت تحتاج في ذلك الوقت شخصًا يسمعها، يسمعها فقط:
-" فاكر البت اللي كانت معانا في المطعم "
اومأ فأكملت :
-" ف المهم رزان دي اصلا كانت عاملة حداثة و فاقدة الذاكرة و شاهين كان السبب، و بقالها تقريبًا شهرين معانا أو اقل، اتعلقنا بيها، و تقريبًا شاهين بدأ يحبها لدرجة إنه فسخ خطوبته اصلًا عشانها، و النهاردة بكل لا مُبالاة قررت إنها تسبنا على الرغم من أنها لسة تعبانة و رجعت لأهلها اللي لسة هتتأقلم عليهم من تاني و تبدأ تتعرف على ناس تاني و تتواكب مع حياة جديدة تاني "
استمع لها بإنصات ثم قال بعد ما تأكد أنها أنهت حديثها:
-" طب ما يمكن هي مش مرتاحة "
ردت في حزن:
-" المشكلة إنها قالت كدا فعلًا، بس سيبك أنت من مشاكلنا دلوقتي، كنت عايز شاهين ليه"
عاد إلى جوه المرح :
-" اسرار يا ستي، هكلمه بكرا و اجهزوا عشان هيكون عندكوا فرح قريب"
و أغلق المكالمة، فتحدثت هي مع نفسها:
-"هو بيتكلم بالألغاز على أساس إني هفهم يعني، دا أنا مش بفهم الكلام العادي أصلًا"
____________في غرفة شاهين
كان يجلس و يمسك بباقة الورد الذي وعدها بها من قبل و كان ينوي أن يهديها إياها اليوم، لكنها رحلت قبل ما يعطيها باقة الورد.
لم يفهم إلى الآن لما اخذت ذلك القرار، و هل هذا الكلام الذي تفوهت به كان حقيقًا أم أنه يتخيل.
سيفتقدها، سيفقدها...
و هو لا يريد أن يفقدها.
وضع وجهه في راحة يديه و سمح لدموعه بالعنان، ظل متماسكًا في الأسفل لكن فكرة أنه ممكن أن يفقدها في يومًا من الأيام جعلته يرتعب، و هو في الأساس لا يخاف.
أتعرفون ما معنى أن يبكي رجلٌ على إمرأة، أتعرفون ما ألم الدمع الذي يترقرق من عين رجلٌ لإمرأة، أتعرفون ما معنى أن يرتعب رجل من تخيل فقدان إمرأة.
أهذا هو الحب؟
لا، بل هذا هو العشق.__ __ __ __ __ __ __
مش عارفة اجيلكوا بأي وش والله، بس بجد كان عندي إمتحانات، و خلصت و اخدت الأجازة، ف القطعة دي مش هيحصل تاني بإذن الله❤️
كدا كدا اصلًا الرواية على مشارب إنها تخلص ف هحاول انتظم الفترة دي و نخلص الرواية على خير🩷
أنت تقرأ
قصر الرشيدي
Mystery / Thriller"حادثةٌ غير مُرتب لها ، قلبت الموازين رأسًا على عقِب ، جعلتها ترى حياتهم عن قُرب ، ترى معاناتهم الأليمة من غصة الحياة و تحزن عليهم ، حتى تتذكر آلامها." تدور أحداث هذة الرواية في النطاق الكوميدي الإجتماعي البسيط ، تُسلط الأضواء نحو المشاكل العائلية ،...