نظرت لها ملك بعيون باكية و ضمتها إلى صدرها بقوة، و هي تتلفظ و لم تكن تقدر على إخراج الحروف من حلقها:
-" خالد مات يا رزان، ابوكي مات يا رزان"
توسعت حدقتا رزان بصدمة، و انتابها شعورٍ غريبٍ، هل تحزن أم لا، ابوها الذي لم تتذكره و حتى لم تعرف شكله قد مات، فهل تحزن كونه ابيها، أم لا تتأثر كونه شخص لا تعرفه ولا تتذكر معه اي ذكريات.
و وقتها لاحظ شاهين الورقة التي بيد ملك، أشار عليها إلى رزان، فسألتها رزان بصوت مكتوم:
-" ايه الورقة دي يا ماما؟"
لم تجبها ملك، بل أعطتها الورقة.
امسك رزان بالورقة و بدأت قراءة ما فيها :-
" أشعر أن تلك هي اللحظات الأخيرة لي، فقررت أن أكتب تلك الرسالة إلى رزان، التي من المفترض أن تكون ابنتي، لكن في الحقيقة هي ليست ابنتي، فهي ابنه زوجتي من زوجها الأول، الذي تركها يوم مولد رزان، تزوجت ملك و ربيت ابنتها، و لم ننجب اطفالًا لأني عقيم، لا أنكر أنني كنت احب رزان، لكن لم يكن لدي شعور ابوي تجاهها، كنت اعملها حسنًا فقط لأجل ملك، و عندما بُعثت لي صورًا و هي في السرير مع شخص آخر، صدقت الصور و لم اصدقها، انهلت عليها بالضرب، و بعدها تركت المنزل و لم اعلم عنها شيئًا، و قد اكون ميت الآن و أنا لا أعلم عنها شيئًا، و بعدما تركت رزان المنزل أنا أخبرت الناس أنا قد ماتت بحادثة، بل و نصبت عزائها، و علمت بعدها من أحد أصدقائي أن تلك الصور مركبة و ليست حقيقية، و شعرت كم أنا سئ، اريدك أن تسامحيني يا رزان، و تدعي لي بالرحمة إن مُت، اعلم أنني اخطأت لكن سامحيني يا ابنتي"
صدمة وراء صدمة تعرضت لها رزان، تركت من يدها الورقة، و رمقت ملك بعيون تترقرق منها الدمع:
-" يا ترى لسة هكتشف إيه تاني، خايفة في يوم تطلعي إنتِ كمان مش امي"
و تركت الجميع و اتجهت مسرعة إلى غرفتها.
كان يقف شاهين يتابع الحوار ولا يدري ما الذي يجب أن يفعله، كان يريد أن يذهب وراء رزان لكن خشى من ملك، شعرت ملك بتوتره و اخبرته بعينها أن لا يخف و يذهب ورأها، فهم شاهين ذلك و اتجه نحو الغرفة و طرق الباب و دخل و ترك الباب مفتوح.
سألها بتعجب عندما رأها تضع ملابس و اغراض و تضعها في حقيبة:
-" بتعملي إيه يا رزان؟"
ردت بغضب:
-" مش عايزة اقعد هنا يا شاهين، هريح اعصابي في أي حتة و ارجع، أو مرجعش مش فارقة، الله اعلم دي امي اصلا ولا لأ"
حاول أن يهدئها:
-" طب اهدي، اهدي و اقعدي عشان عايز اقولك حاجة"
جلست و هي تعبث في أظافرها، و جلس أمامها شاهين:
-" بصي، أنا قررت إن خطوبتنا هتكون مع زينه و جاسر، أنتِ إيه رأيك"
تركت ما كانت تعبث به و تحدثت باهتمام:
-" بجد!"
اكَّد على حديثه:
-" ايوا، ولا انتِ مش موافقة عشان اللغبطة اللي عندك دي، و وفاة باباكي"
ضحكت ساخرة:
-" جوز امي مش ابويا"
تنهد بحزن:
-" انتِ كويسة طيب"
تحدثت بلا مُبالاة:
-" يعني مش حاسة بحاجة، مش عارفة ازعل اصلا ولا لأ، بس المهم اننا هنعمل الخطوبة كمان اسبوعين مع زينه"
ابتسم و نهض:
-" تمام، عيزاكي تهدي بس و متعمليش حاجة، و أنا هعدي عليكي كل يوم نجهز تجهيزات الخطوبة"
و تركها و ذهب إلى ملك في الخارج
بدأ حديثه بحمحمة دلت على خجله:
-" أنا عارف إن الوقت مش مناسب أبدًا، بس أنا عايز أخطب رزان "
ردت باختصار شديد:
-" موافقة"
قدّر شاهين ما هي فيه حاليًا و فضّل أن لا يزعجها بالأسئلة و أخبرها:
-" إن شاء الله الخطوبة هتكون كمان اسبوعين "
و حاول أن يرحل، لكن سمعها و هي تقول:
-" بس أنا مش هحضر "
استدار و سألها باستفهام:
-" ليه؟ هو حضرتك مش موافقة "
قالت بحده :
-" يعني جوزي ميت و انت بتقولي تعالي احضري خطوبة بعد اسبوعين"
و هدأت من نفسها :
-" أنا موافقة عليك يا شاهين، اعملوا الخطوبة و افرحوا، بس انا مش هاجي"
-" تمام يا طنط، عن اذنك"
و كان ذلك رده الوحيد، لم يجادل كثيرًا، فكان قد قرر أنه لم يهتم بحضور أحد أو حتى بموافقة أحد، و ستتم الخطبة على أي حال"
أنت تقرأ
قصر الرشيدي
Mystery / Thriller"حادثةٌ غير مُرتب لها ، قلبت الموازين رأسًا على عقِب ، جعلتها ترى حياتهم عن قُرب ، ترى معاناتهم الأليمة من غصة الحياة و تحزن عليهم ، حتى تتذكر آلامها." تدور أحداث هذة الرواية في النطاق الكوميدي الإجتماعي البسيط ، تُسلط الأضواء نحو المشاكل العائلية ،...