الفصل الثالث عشر "لِمَ الترك"

827 65 9
                                    

في قصر الرشيدي

دخلا رزان و زينة إلى القصر و عقلهما ينغمس في التفكير في غريبةِ الأطوارِ تلك ، و بالأخض رزان كان عقلها مُنشغل بـ ريهام ، فهي تظن أن ريهام لها صلة بها ليست مجرد زمالة في الجامعة كمان تدعي الأُخرى.

قابلا عبدالرحمن و شاهين اللذان كانا يجلسان في غرفة "الصالون" و يتناقشان في مواضيع مهمة .. لكن من وجهه نظرهما.
شاهين و يضع ساق فوق الأُخرى و يدعي الجدية و يتحدث مثل هؤلاء اللذين في نشرة الأخبار :
- عبرحما ، هو لية الإنسان رجله بتنمل في حين إن النملة رجلها مش بتأنس مثلًا.
صمت لوهلة من ثم إبتسم عبدالرحمـٰن على ذلك السؤال و نظر للآخر ساخرًا :
- يا ابني عشان النملة اصلًا معندهاش رجل.
صُعق شاهين من تلك المعلومة ، فهو لم يسمع بيها من قبل ، و قال و عيناه تفخر منه واضعًا يده على كتف عبدالرحمـٰن :
- فعلًا يا عبرحما التعليم بيجي بفائدة.
من ثم تحدث بجدية مطلقة تعجب منها عبدالرحمـٰن ، فهل صدق هذا الأبلىٰ كذبته :
- ما تعمل دراسات و أبحاث يا عبرحما
هتف عبدالرحمـٰن بصدمة :
- اعمل دراسات عن رجل النملة!!
قاطعتهما زينة التي كانت تستمع للحوار مُنذ بدأ :
- انتوا بتقولوا إيه .. نملة إيه اللي انتوا بتتكلموا عليها.
و وجهت حديثها لشاهين مشيرة له :
- و أنت يا بني ادم مش مي هتيجي ، قاعد ليه ماروحتش جبتها.
لوح شاهين بيده بضيق :
- أنتِ هتعملي زي امك ، على أساس يعني أن مي هتغلب و مش هتعرف تيجي.
همست رزان لزينة :
- هي مي دي جاية؟
اومأت زينة فتحدثت الأُخرى بضيق :
- طب منعًا للمشاكل أنا هطلع الأوضة لحد ما تمشي.
شعر شاهين بضيق رزان فتساءل بإهتمام :
-  في حاجة يا رزان؟
إبتسمت رزان : لا بس كنت بقول أن طالما مي جاية طلع الأوضة عشان المشاكل و كدا.
شاهين :
- سيبك منها يا رزان و اسمعي من هنا ، و طلعي من هنا.
و كان يشير في جملته الأولى على أذنه اليُسرى و الجملة الثانية على الأذن اليُمنى ،
و اكمل حديثه لزينه بجدية :
- زينة و النبي اطلعي لضياء كدا شوفيه محدش سامعله صوت من ساعة اللي حصل.
قبل ما تجيبه زينة قالت رزان سريعًا :
- شاهين .. لا يجوز الحلفان بغير الله ، ف بدل ما تقول "و النبي" قول "بالله عليكي"
إبتسم شاهين و عبَّر عن جهله بتلك المعلومة : بجد! مكنتش أعرف.
و شكرها بلُطف.
تدخلت زينة لتتساءل بقلق عما حدث لضياء :
- ضياء ماله يا شاهين .. ايه اللي حصل الصبح.
روىٰ لها ما حدث صباحًا في عجالة ، فتحركت هي لتصدعت لأخيها.

في منزل ريهام المتواضع.

بعدما عادت إلى منزلها و ولجت لغرفتها دون حديث ، فـ كيف رأتها مجددًا ، الم قالوا أهلها أنها قد ماتت في حادثة سير ، إذًا كيف رأتها ثانيتًا ، بل أيضًا رأتها مع زينة الرشيدي حفيدة أكبر رجل أعمال ، فـ كيف وصلت لها ، و كيف لم تتذكرها أو ربما تكون ادعت ذلك.
صدفة تمنت أنها لم تحدث قط.

في القصر

بعدما صعدت زينة إلى غرفة أخيها لم تجده ، بدأت تبحث عنه هُنا و هُناك ، يمينًا و يسارًا ، في كل جزء في الغرفة ، و في كل مكانٍ في الغرفة و هي تنادي بإسمه خوفًا.
سئمت من أن تجده في غرفته فـ ذهبت إلى غرفتها ، أيضًا لم تجده.
بحثت عنه في جميع الغُرف ، حتى في غرفة رزان ، فلم تجده في القصر بوسعه.
صاحت بأعلى صوتها و هي تنادي على شاهين ، فإنتفضوا جميعًا من صوت زينة ثم صعدوا إليها.
شاهين بلهفة و قلقل على صغيرته و أخته زينة :
- زينة في إيه ، حصلك حاجة.

  تحدثت هي بتلعثم و قلق على عكس عادتها الهادئة :
- ضياء مش لقياه يا شاهين.
تبادل عبدالرحمـٰن و شاهين النظرات مصدومين مما فعله ضياء ، فإذا عَلِم الرشيدي حتمًا لن يتركهم.
تحدث شاهين بجدية و قاطع تلك النظرات :
- هنعمل إيه.
عبدالرحمـٰن بتوتر بالغ :
- شوف يا شاهين إيه الأماكن اللي بيروحها و هو مدايق و دور عليه.
رجع شاهين إلى الخلف قليلًا و سند على الحائط :
- طب خرج إزاي يا عبدالرحمن .. جدي منبة على الحرس أنه ميخرحش من البيت .. خرج إزاي؟
زينة و على وشك البُكاء :
- يا شاهين مش مهم دلوقتي هو خرج إزاي المهم انكم تشوفوه هو فين .. ضياء متهور و ممكن يعمل في نفسه حاجة.

خرجت هيام على أصواتهم العالية حيث كانوا يقفون أمام غرفتها تقريبًا.
هيام :
- في إيه يا عيال .. مالكم واقفين كدا ليه .. و أنتِ يا زينة مالك.
تحدث شاهين سريعًا حتى تطمئن والدته و تدعهم يفكرون دون توتر :
- مافيش حاجة يا ماما .. إحنا بنلعب بس.
تدخل عبدالرحمـٰن رامقًا إياه بغضب :
- لا يا طنط فيه .. ضياء مش موجود في البيت و محدش يعرف هو راح فين.
زفر شاهين بقوة و لعنة في سره قائلًا :
- أنت يا ابني قولت لها ليه .. مش ناقصة توتر كفاية زينة.
تحدث عبدالرحمـٰن بضيق :
- و أنت عايزني ماقولهاش ليه.
شاهين بغضب و صوت عالِ مردفًا :
- يا عبدالرحمن هنلاقيه يا عبدالرحمن .. هو عيل صغير عشان يتوه مننا.
هتفت هيام بجمود :
- بس أنت و هو .. ضياء يجيلي على آخر النهار قبل ما جدكم يعرف و يبهدل الدنيا.
بعد ما أنهت جملتها إستدارت و ولجت إلى غرفتها و أغلقت الباب خلفها دون قول اي كلمة أُخرى.

تابعها شاهين بنظره حزينًا ، أيعقل أن ابنها ، فلذة كبدها  ضائع و الجميع يجهل عنه اي معلومة و اين يتواجد و هي تتحدث بكل ذلك البرود و الكبرياء ، و الّذي يشغل عقلها هو حديث الجد لا ابنها ، كيف تُدعى هي بالأم ، اتجهل هي معنى كلمة أم؟ ، نعم هي تجهل ، تجهل كل شئ من حنان و عطف و خوف ، تجهل كيف تظهر حُبها لهم ، من اين جاءت بكل تلك القسوة و الجمود!

______________________

شُكرًا على التفاعل بجد ، و هستنى رأيكم في البارت دا❤️

 قصر الرشيدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن