الفصل الرابع و العشرون "اختيار"

599 37 21
                                    

بعدما أنهت ريهام مُكالمتها مع ملك خرجت إليهم و استأذنتهم بلطف بأن تغادر :
-" استأذنكم يا جماعة همشي دلوقتي عشان عندي شغل و جامعة ، و إن شاء الله تتكرر تاني "
سلّمت على رزان و زينه و ودعت ضياء.
ضياء و هو على باب القصر و يودعها :
-" كلميني لما توصلي ، متنسيش "
ابتسمت له و هي تقول :
-" عيوني "
فتذكر ضياء شئ و قال له بجدية :
-" ايوا صح ابقي حددي ميعاد مع أهلك "
قالت بعدم فهم :
-" ليه؟ "
ردّ بسخرية :
-" لأ عادي هاجي الف ورق عنب مع الست الوالدة "
اومأت برأسها :
-" اه تمام .. ثانية! .. تلف ورق عنب! "
كان هذا ردها عندما استوعبت ما قاله ضياء
فقال ضياء مبتسمًا :
-" حددي ميعاد مع أهلك عشان اجيب اهلي و نفرح و نبل الشربات كلنا "
ابتسمت ريهام بحرج و خرجت.
بينما كانو هم في الداخل يتسايرون و يتحدثون و يبدون رأيهم في ريهام، فتوجه إليهم ضياء و قال و هو يجلس :
-" ها ، كويسة صح؟ "
اجابه شاهين برسمية :
-" ايوا، شكلها كويسة و باين عليها محترمة، و كمان محجبة فـدا شئ كويس"
قاطعته زينه و هي تريد فهم وجهة نظره :
-" لأ ثانية ، يعني إنتَ تقصد إن هي محترمة عشان محجبة! .. طب مانا قدامك اهو مش محجبة و انت اللي مربيني على إيدك"
ابتسم بهدوء و حاول توضيح ما قال أكثر :
-" لأ أكيد دا مش قصدي، و لعلمك أنا أكيد مش مبسوط إن أختي لحد الآن مش محجبة، و أنا فاهمك يا زينه إنتِ ليه مش عايزة تتحجبي، لإنك عايزة تكونِ حرة و شايفة إن الحجاب هيمنعك عن حاجات كتير، و بيني و بينك دا صح، فعلًا الحجاب هيمنعك، بس هيمنعك من المعاصي و من خطوات الشيطان، و زي ما في خطوات شيطان، في برضو طريق للجنة، الحجاب هيساعدك تبعدِ عن خطوات الشيطان و تقربِ من طريق الجنة يا زينه"
و بعدما أنهى حديثه نظر إلى رزان و قال :
-" الكلام دا ليكِ برضو على فكرة ''
أومأت رزان برأسها بخفة، بينما كانت زينه شاردة في ذلك الحديث، الذي يُمكن أن يؤثر فيها و لو بقليل.

بعد نصف ساعة تقريبًا، أخبرهم أحد الحراس أن هناك سيدة في الخارج تريد الدخول.
سأله الرشيدي :
-"مين دي يا محمود؟ "
أجابه محمود برسمية :
-" هي أول مرة تيجي هنا حضرتك، و بتقول إن اسمها ملك "
تحدث الرشيدي بعدم اهتمام :
-"دخلها على مكتبي يا محمود، نشوف عايزة إيه "
دخلت ملك إلى المكتب عن طريق الباب الخلفي للقصر، فمكتب الرشيدي يُمكن دخوله من القصر أو من خارج القصر.
انتظرت ملك حوالي خمس دقائق و هي تأمل أن ما قاله لها ذلك الشخص المجهول يكون حقيقي و تعود ابنتها إلى ضلوعها من جديد.
مرت تلك الخمسُ دقائق و كأنها خمسُ سنوات، كم اشتاقت للقاء ابنتها رزان، تخيلت للحظة مشهد لقاءها برزان، و تمنت لو كان حقيقة.
دخل عليها الرشيدي و وقفت هي باحترام، مدت يدها و صافحته ثم جلست و هو كذلك.
بادر الرشيدي بالحديث و هو يقول:
-" اتفضلي يا استاذة يا ملك "
حمحمت ملك بحرج و قالت :
-" أنا الحقيقة مش عارفة اجيبها لحضرتك ازاي، و أنا عارفة إن هو طلب غريب شوية "
الرشيدي بملل :
-" اتفضلي حضرتك بدون مقدمات"
قالت ملك و هي تسرد له القصة من بدايتها :
-" من حوالي ساعتين في حد رن عليّ و قالي إن بنتي عندكم هنا، و دا لأن بنتي رزان من شهرين و نص حصل مشكلة كبيرة بينها و بين والدها فخرجت من البيت و منعرفش عنها حاجة "
صمت الرشيدي لوقت طويل و هو يطالعها و يتذكر رزان في الخارج، فعلًا كان في موقف لا يُحسد عليه، هل يقول لها على أمر الفتاة التي في الخارج بنفس الأسم و جاءت في نفس الوقت، أم يصمت لأنه رأي أن حفيده شاهين تعلق بها، لكنه اتخذ قرار و قام ليقف و هو يقول :
-" تعالي معايا كدا"
تبعته و هي يملؤها الأمل، إلى أن وصلا إليهم في الخارج.
و لكن لم ترَ ملك رزان بعد، حيث كانت تجلس رزان و ظهرها للوراء.
ناداها الرشيدي بصوته الحاد من خلفها :
-"رزان.."
إستدارت رزان له و وجدت بجانبه امرأة، تعجبت منها، لم تكن تعلم أنها أمها.
بينما كانت ملك لم تصدق أعينها، كم كان ذلك الشعور لا يوصف!، فقط كانت تريد أن تحتضنها و لا تُفرط فيها مهما يحدث.
ركدت إليها بسرعة البرق و ضمتها بشدة، إذ كانت ضلوع رزان تنطق كانت ستصفعها صفعة لن تنساها.
ابعدتها رزان بكامل قوتها و هي تقول بغضب:
-" في إيه حضرتك، محسساني إني بنتك و تايهة منك"
لمعت عينا ملك و اردفت بخفوت :
-" أيوا "
قالت بتعجب و هي لم تعِ ما قالته تلك المرأة :
-" هو إيه اللي ايوا؟ "
تحدثت ملك و هي لم تحرك أعينها من عليها، اشتياقًا لرزان :
-" ايوا، إنتِ بنتي يا رزان و تايهة مني! "
وقف شاهين بجانب رزان و قال متلعثمًا قلقًا :
-" في إيه يا جدي، حد يفهمنا حاجة "
و عاد ليبادل رزان النظرات، و هي أيضًا بادلته نظرات القلق و عدم الفهم.
زفر الرشيدي بعدم ارتياح و قال :
-" دي والدتك يا رزان، والدتك اللي متعرفش عنك حاجة من يوم ما فقدتي الذاكرة و جيتي عندنا "
تجمعت الدموع في عينا ملك و هي تُمسك أيدي رزان و تتحسس و تتفقد وجهها و تُمسد على شعرها بحنان :
-" رزان، رزان يا بنتي إنتِ مش فكراني، أنا مامتك يا رزان، افتكريني يا حبيبتي"
و بعدها مسحت ملك دمعها و قالت و هي تجذبها من يدها :
-" طب يلا يا حبيبتي .. تعالي معايا "
تدخل شاهين و جذب رزان وراء ظهره و هو يقول بشك :
-" و إحنا إيه اللي يضمن لنا إنك فعلًا مامتها، رزان مش هتتحرك من هنا"
طالعت ملك الرشيدي بتعجب و قالت بغضب :
-" هو إيه دا، دي بنتي، يعني إيه اضمن منين "
تحدث شاهين و مازلت رزان تختبأ رواءه :
-" أنا قولت اللي عندي، رزان مسؤوليتي، و أنا أكيد مش هسلمها لأي حد"
صمت الرشيدي لأن شاهين معه الحق فعلًا، فأثار صموته غضب ملك أكثر.
أخرجت هاتفها و فتحت صور لها و لرزان و والدها منذ أن كانت طفلة إلى الآن، و مرّت عليهم الهاتف واحد واحد حتى يروا الصور و يتأكدوا أنها فعلًا ابنتها.
قالت بجنون بعد ذلك :
-" اهو، اهو، أعمل إيه أكتر من كدا، والله بنتي، بقالي شهرين معرفش عنها حاجة، شهرين و الناس وهمتني إنها ماتت لدرجة أنهم اخدوا عزاها، و ما صدقت لقتها و طلعت عايشة، ليه عايزين تحرموني منها"
كانت تتحدث مع انهيارها و سيل دمعها على وجنتيها، حتى أبعدت شاهين من أمام رزان و هي تقول بترجي :
-" يا رزان والله أنا أمك، حتى تقدروا تيجوا معايا اوريكوا شهادة الميلاد، يا رزان على الأقل حسي بيَّ"
و أكملت بقوة و صوت عالِ :
-" أنا مش همشي من هنا غير و رزان معايا "
كانت رزان تبكي و صوت شهقاتها يرتفع مع كل حرف تتفوه به ملك، فرأتها زينه بتلك الحالة و ضمتها إليها و صارت تحاول أن تهدئها.
فقرر الرشيدي حين إذ أن ينهي ذلك التوتر و قال :
-" دلوقتي يا رزان الاختيار في إيدك، يا تفضلي هنا معانا و مع الناس اللي حبتك بجد و حياتك الجديدة مع الناس الجديدة، يا ترجعي لحياتك الطبيعية وسط عيلتك و صحابك..."
قالت ملك بتهكم و صراخ:
-" إنت بتقول إيه إنت، رزان هتيجي معايا غصب عن أي حد، دي بنتي محدش ليه الحق أنه يتحكم في حياتي مع بنتي ولا يفرقني عنها "
زفر بضيق و كاد أن يغضب لكنه تفهم حالتها و قال بهدوء مصطنع :
-" مدام ملك، لو سمحتي سيبي البنت على راحتها، هل هي عايزة ترجع لحياتها و جامعتها و صحابها و بيتها و ترجع لها الذاكرة و تعيش حياة هادئة، ولا تفضل معانا هنا وسط الناس اللي بتحبها برضو و ترجع لها الذاكرة إن شاء الله و اللي في دماغي يحصل، خدي قرارك يا رزان... "
نهضت من مكانها و هي ترتجف و اخذت وقتًا كبيرًا لتتخذ قرارها المصيري، بادلت نظرها نحو كل فرد يوجد حولها، تذكرت مواقفها في ذلك القصر السئ منها و اللطيف منها، كما أنها تخيلت حياتها مع تلك المرأة التي يبدو عليها الطيبة، تخيلت الحياة الدافئة، فكرت في أمر شاهين، حتى أنها لم تجرؤ على رفع نظرها عليه حتى لا تتأثر بنظراته.
بينما هو لم تحمل قدماه و لم يتحمل ذلك التوتر و جلس على أقرب مقعد، لكنه اهدأ من نفسه قليلًا و طمئنها أنها بالتأكيد سوف تختاره، سوف تختار الذي يحبها،
نعم، الذي يحبها!
حسمت قرارها و قالت بقوة و تُعدل من أنفاسها:
-" أنا...................."

_____________________

للمخرج محمد سامي😂😂
سوري إني قفلت البارت على الحتة دي بس لزوم التشويق و كدا🚶🏻‍♂️
توقعات بقى من هنا للصبح، و هل البارت كدا طويل ولا اطول اكتر و اوصله لألفين كلمة ( البارت دا ١٧٠٠ كلمة)
و دمتم سالمين❤️✨

 قصر الرشيدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن