يا مسمى بالإسامي
كلها وهو المنزه
أنت في الكل مرامي
فيك عيني تتنزه
ساطع الطلعة أزهر
في شروق ومغيب
كل شيء عقد جوهر
حلية الحسن المهيب
***
استيقظت صباح اليوم التالي بصعوبة، وقد تلاعب بها الأرق حتى تركها قبيل الصبح بدقائق قليلة، فما كلن منها إلا أن غفت ساعتين لا أكثر، فتجمعت الدوائر السوداء حول عينيها وبدى الإرهاق واضح على وجهها المُسالم
وما كادت تتمطئ إلا وانطلقت صرخة صغيرة من فمها وهي ترى أحدهم يقف أمام النافذة ويوليها ظهره
وصرختها تلك جعلته يلتفت لها وينظر لهيئتها الناعسة المفزوعة قبل أن يهديها أحد ابتساماته الكسولة جدًا، التي تحوي مكر تخشاه...
-(صباح الخير يا مرام)
ابتلعت رمقها ووضعت كفها على صدرها الذي أخذ يرتفع وينخفض بفزع حقيقي من رؤيته فجأة في منتصف غرفتها دون أي مقدمات !!
شعرت أن الغرفة تضيق بها، وعادت أنفاسها تتهدج وهي تراه يقف أمامها بكامل ارتياحه وسكونه، يرتدي قميص أبيض وبنطال أسود، ووضع كفيه في جيوبه في وقفه مسترخية، تناسب نظرته الناعسة؟!
حاولت تنظيم أنفاسها قبل أن تقول بصوتٍ منفعل امتزج بالحرج والتفاجؤ...
-(هل هناك شيء طارئ يستدعي حضورك لغرفة نومي وأنا نائمة ؟!)
لم تتغير نظرته ولم يتأثر بالانفعال في صوتها
كان كمن سمع لحنً شجي جعله يسترخي أكثر فأكثر
حينها اقترب من فراشها وجلس أمامها يقول بهدوء مستفز...
-(لا شيء هام، ولكن أردت أن أخبركِ بما اريده وجهًا لوجه، كي نكون على وفاق منذ البداية)
زاغت عيناها لحظات وحاولت الهروب من النظر في وجهه
شيء ما ينفرها منه ومن النظر له، شيء ما يرتفع في نفسها ويسحب الدماء من جسدها لو نظرت له
فقالت بصوتٍ مضطرب.....
-(أنا لا أفهمك، ما الذي تريد قوله)
-(أريد أن أمحي أي سوء فهم في عقلك يا مرام)
صدح لعقلها ذكرى أمس، وهو يحاوطها ويطبع قبلاته على صدغها بقوة ناعمة، حينها ارتجف جسدها بقوة وشعرت بالألم يجعد بطنها كقبضة قوية عنيفة عصرت جوفها
ومن بين رجفتها بدى الأمل يرتفع في نفسها، حينما شعرت أنه نادم على وقاحته معها يوم أمس...بدى كشخص هادئ رزين..فقالت بصوت حاولت جعله متسامح قدر الامكان...
-(إن كنت تقصد على ما حدث أمس، لا بأس، ولكن أتمنى ألا يتكرر ولا تربكني بهذا الشكل مره أخرى)
حدق في وجهها مطولاً يراقب مشاعرها العديدة.. كانت امرأة شفافة جدًا، كصفحة ماء نقية يظهر فيها أثر الريح وخفة النسيم..وجهٍ حمل إمارات الحيرة والارهاق
لم تكن جميلة بشكلٍ يجعلها فاتنة في ساعات الصباح
ولكنها كانت ناعمة دافئة، كالسهل الممتنع
أرق التفاصيل وأجملها...
كان شعرها الأسود مشعث فوق رأسها كمن كانت تحارب في نومها، وجهٍ مرهق حمل احمرار من أثر النوم
منامتها البيضاء المحتشمة التي حملت رقة وذوق دقيق
يدها البيضاء التي عكست عروقها..كل ما فيها جميل ولكن جمالٍ خاص ومختلف
خرج صوته هادئ عميق، يحمل إنذار لا يمكن تحاشيه
إنذار يمحي أي شكوك قد تظنها فيه وهو يفجر قنبلته التي ستحصد إنفعالها....
-(ولكن ليس هذا ما أردت قوله، في الحقيقة عليكِ أن تعتادي اسلوبي يامرام، أود أن اوضح لكِ أن زواجنا ليس لمصلحة معينة ولا وقتٍ محدد، زواجنا صحيحًا مكتمل الأركان.. كما أنني أفكر في بناء أسرة خاصة بي)
اختفى التسامح من ملامحها، وبدت الصدمة واضحة على وجهها، أيقول أن زواجهما صحيح..يقول أنه يفكر في بناء أسرة خاصة به معها..يقول أن زواجهم ليس لغرض معين !!؟
أي جنونٍ هذا.. مالذي حدث لعقله كي ينفي اتفاقهم يوم أمس..أيخدعها كما فعل معها فايز.. هل ما فعله هذا يضرها.. هل له دوافع خاصة !!!
خرج صوتها مبحوح متأثر من الصدمة، متقطع من قوتها وهي تقول بغير فهم...
-(ولكن نحن.. أمس.. قلنا.. لقد ظننت..)
حرك رأسه بإيجاب ولازال ثغره يحمل ذات الابتسامة الهادئة.. كان النقيض منها في الثبات والثقة، وفي كل شيء..فخرج صوته هادئ رزين وهو يؤكد حاسمًا...
-(لذلك أنا جئت لأصلح لكِ ظنك يا مرام)
رأها ترفع يدها لصدرها تمسك السلسال المختبئ خلف منامتها وكأنها تحتمي به من جنون كلماته وجموح أفكاره
تحتمي بأخر ما بقى من فايز، الذي تركها وسط أمواجٍ عاتية ستقضي عليها بلا محالة... هل خانته بزواجها من أخر.. هل سقطت بكل سذاجة في فخ الأخر
اضطرب صوتها أكثر وخرج ضعيف مهزوز وهي تغمغم..
-(ولكن أنا وفايز، وأنت وخطيبتك و...)
حينها نظر ليدها مليًا وقد تغيرت نظرته بعض الشيء
شعرت أنه سيتحرك نحوها وينزع السلسال منها، ولكن لم يحدث أي شيء، بل ظل في محله ينظر لكفها الممسكة بالسلسال قبل أن يقول بصوتٍ حمل ما يكفي من القوة والتشديد على كل حرف يقوله...
-(الان أنتِ زوجتي أنا، زوجة نُصير.. أما خطبتي فلها أسباب بعيدة عن الطبيعية وما يدور في عقلك..ولست ممن يحبون التعدد اطمئني)
أنهى كلماته ووقف يستعد للرحيل، وقد تعكر صفوه بين الدقيقة والأخرى..ولكنها انتفضت من الفراش وتبعته سريعًا تمنعه من الرحيل وقد قبضت على مرفقه كي يقف
واندفعت تقول بإنفعالٍ واضح تشقق عنه الهدوء...
-(انتظر..انتظر.. ولكني لم أتزوجك إلا لبراء ولدي)
التفت لها وربت على كتبها القابضة على مرفقه وهو يقول بإيجابٍ مستفز حعل الدماء تغزو وجهها كنيران هادرة...
-(براء سيكون طفلي وسأحميه وأقدم له ما يقدمه أي أب لطفله، لذا فلا بأس... أليس كذالك يازوجتي!)
انفجرت في وجهه كبالون انتفخ لأخره وفجره دبوس صغير جدًا..فاندفعت ثورتها تخرج عالية دون أن تأبه لأي شيء ولا لرهبتها منه، فقالت بحدة وغضب...
-(أنت خدعتني، أنا لا أود الزواج مره أخرى، أنت أخبرتني أن الزيجة مؤقتة لو كنت أعلم أنك تزوجتني لأغراض أخرى لكنت...)
قطعت سيل كلماتها حينما رأته يقترب منها خطوة بعد أخرى، فما كان منها إلى أن تتحرك للخلف تبتعد عنه وتزيد المساحة التي يُقلصها بخطواته الواسعة
عاد قلبها يخفق ويؤلمها وعاد الارتباك يغلفها رغم خالة الغضب التي تسيطر عليها.
واكن هذا الرجل يملك تأثير مرعب عليها
يستطيع جعلها قطة خائفة في ثوانٍ معدودة
ويجعل الألم يموج في جسدها حالما ترى نظرته لها
تحدث وهو يخطو نحوها ويفرض هيمنته عليها بقوته الخفية...
-(لم أخدعك يا عزيزتي، بل هو فن التلاعب بالكلمات.. ثم أنني لست سيء لتفزعي هكذا.. هل رأيتي مني ما يخيفك)
ابتلعت رمقها وهي تحاول طرد صوته الناعم المؤثر في أذنها.. نُصير هو المسخة الذكورية من النداهة.. فهو يستطيع جذب أي شخص له من نبرته..شخص خطير جدا لا تستطيع العيش معه ولو يوم واحد
فقالت بصوتٍ مضطرب خفيض...
-(اقترابك مني خطوة واحدة يخيفني)
خطوتها الأخيرة كانت وقوعها على الأريكة الأنيقة التي تشغل أحد أركان الغرفة، فمال نُصير عليها وقلص أي مسافات بينهما وما عاد شيء يحول بينها وبين أنفاسه الساخنة على وجهها وهو يقول بهودء مثير...
-(يقولون أن مواجهة الظلام يساعد على إزالة الرهبة منه)
ابتلعت رمقها وسعرت بخفقاتها ضعيفة تزيد من ألم صدرها فقالت بخفوت متعب...
-(سيد نصير، أرجوك أن تربكني أكثر، أنت شخص جيد ومهذب وأنا كشقيقتك و...)
-(ولكن هذا حرام شرعًا يا مرام)
-(ماذا)
تجاهل سؤالها وانخفض أكثر يطبع قبلة قوية على صدغها المتشنج أثر الانفعال.. كانت رائحتة نعنع فواح اخترق رئتيها..والعطر العربي يفوح من قميصه ويتجانس مع النعنع في مزيج غريب..لم تكن تعلم إلا شيء واحد
ألم معدتها يزداد من وقاحة نصير، وجسدها عاجز عن الحركة أو دفعه بعيد عنها.
كانت كما الموتى.. أو كمن أعياه المرض
فحاوط وجهها المتعب ينظر له مليًا ونظر في عينيها المليئتان بالجزع والخوف.
كان وجهها دافئ، وأنامله باردة.. يشرف عليها بجسده، وقد ظهر صدره المُشعر من فتحة القميص حينما مال عليها..منا جعلها تنكمش في نفسها أكثر وتشعر أن الاعياء يلفها.. تشعر وكأنها ستفقد الوعي في أي لحظة من شدة فزعها.
لاح سؤال في نفسه..لمَ تخاف منه.. لمَ تخشاه لهذه الدرجة ؟!.. لا يذكر أنه بدر منه ما يجعلها تتشنج حالما يلمسها.. ما بها لتكون بهذه الحالة ؟!
حينها نظر لثغرها مطولًا قبل أن يقول بصوت خافت أربكها..
-(لو قبُلت شفتيكِ الان سيزيد فزعك وربما تكرهينني أليس كذلك !!؟)
صُدمت للحظات وظهر الفزع في عينيها.. فزع حقيقي وكأنها ترى شيء يهدد حياتها، وسيقتلع منها أغلى ما تملك
فخرجت صيحة أليمة منها تُثنيه عن أفكاره...
-(لا تفعل)
بالطبع لن يفعل
كيف سيُقبل امرأة تحدق فيه وكأنه شبح مرعب
ترتجف بين يديه خوفًا ورهبة
من المريض الذي سيقدم على فعلٍ كهذا مع امرأة مثلها في هذه اللحظة..
لذا اكتفى بطبع قبلة رقيقة على وجنتها اليسرى يتءوق فيها دفئ الحرج..ويربت على وجهها برقة وتحدث وهو يبتعد عنها قائلا بصوتٍ مازح من بين عبثه وعمقه..
-(رغم أنكِ تبدين كـ كعكة شوكلاة ذائبة التي أحبها.. إلا أن وجهكِ مرهق وعينيك فزعة.. عودي للنوم مره أخرى، سأرحل الان عندي عمل طارئ..سأعود مساء اليوم يا مرام)
ما ان ابتعد عنها وغادر، حينها فقط اعتدلت على الأريكة ووضعت كفيها على صدرها تحاول تهدئة نبضاتها العالية والفزع الذي يسيطر عليها..هل كان ينوي تقبيلها توًا
وهل وصفها بكعكة الشوكلاه التي يحبها ؟!
هل فقد عقله هذا الرجل؟
ارتمت على الأريكة مره أخرى بضعف.. تحاول طرد تأثيرة من عليها.. تحاول تنظيم نبضاتها وأنفاسها الذي بعثرهم نُصير وكأنهم أشياء لا قيمة لهم
-(نصير انتظر واسمعني.. أنا ما الذي فعلته بنفسي، كيف فعلت شيء كهذا، كيف استطعتي يا مرام كيف....)
في منتصف النهار...
كانت نجاة تقطع الخضراوات بهدوءٍ شديد لا يلائم طبيعتها الصاخبة، لم تكن ملامحها غاضبة أو ثائرة، بل هادئة تمامًا لا يظهر ما خلفها؛ وهذا ما جعل مرام تتأوه راجية وهي تقترب منها وتقول معتذرة...
-(يا نجاة بالله عليكِ كفاكِ تجاهلًا لي، أقسم بالله أنه فاجئني بالزواج، ولم أدري كيف مرَ كل شيء بسرعة)
لوت نجاة شفتيها ساخرة وأكملت ما تفعله وقد صدح صوتها هازئ مليئ بالتقريع والسخرية...
-(وهل أخذك من يدك وأنتِ نائمة وعقد القران فجأة ؟!
أم انه أسقاكِ شيء أصفر جعلكِ غائبة عن وعيكِ)
رفعت كفها تضعه على وجهها بلا حيلة وقد عجزت عن إيجاد رد مناسب على سؤالها الساخر، لن تصدقها لو أخبرتها بأن هذا ما حدث بالفعل، هي كانت مغيبة عن الواقع بشكلٍ أو بأخر.. كان عقلها مسجون في فزع التخلي عن طفلها.. كانت تعيش رعبً خاص جعل تفكيرها يتوقف، وعقلها يتعطل كليًا، وقد تولى نصير قيادة العقل والقرارات ؟!
إلى هذه اللحظة لا تستوعب أنها ذهبت معه لمكتب الزواج وعقدا قرانهما وخرجا زوجين بعد وقتٍ قصير
كل شيء بدأ حينما صمت للحظات وسألها بهدوء...
-(هل معكِ هويتكِ ؟!)
حينها حركت رأسها بحيرة وأشارت للمنزل قائلة بخفوت..
-(نعم معي في غرفتي، ولكن لماذا ؟!)
لم يجيب على سؤالها أو يطمئن حيرتها، بل جذبها وسار للمنزل يُدخلها ويقول بهدوء واثق جعلها تنفذ كلماته بألية دون أي شعور أو اعتراض...
-(بدلي ملابسكِ وأحضري هويتكِ وتعالي في أسرع وقت، ما سنفعله هو الحل الوحيد كي يبقى براء معنا)
ظلت واقفة محلها تنظر له نظرات تائهة لا نجاة فيها ولا هدى، حينها اقترب منها وحاوط كتفيها بأنامل قوية جعلتها ترتجف قلقًا وحرجًا.. أرادت أن تزيح يده عنها وتخبره أنه لا يملك الحق في لمسها بهذا الشكل، ولكن كلماته الواثقة نزعتها من أفكارها وألقتها في عالم أخر.. عالم يسمى " براء "..
-(أملك حل يُأمن الحماية لكِ ولبراء، حينها لن تستطيع خالتي المساس بكما، وكذلك فراس وباقي العائلة، لأن عائلة الغانم لا يؤذون امرأة رجلًا منهم.. لو كنتِ تودين الحفاظ على براء ليعيش معنا، نفذي ما اقوله)
تبخرت أفكارها، توقف عقلها، تشعب الأمل في نفسها
رغم أنها لم تفهم ما هو الحل الوحيد الذي لم يخبرها به
ولم تفهم معنى كلمة "معنا" وعلى من تعود في الأساس
ولكنها أطاعته وبدلت ثيابها بسرعة وأحضرت هويتها وخرجت له، حتى أنها نسيت أخذ طفلها من نجاة التي كانت تلاعبه بالمطبخ.
كان قلبها يقرع بسعادة خائفة وهي تشعر أن بينها وبين الأمان بطفلها خطوة واحدة، خطوة لا تعلمها بعد، ولا تعلم عواقبها ولكنها ستكون أهم خطوة في حياتها وحياة طفلها... لن ينزعه أحد منها، لن تعيش في قلق ورهبة.
توقق عقلها للمره الثانية حينما توقف بها أمام مكتب تصوير صور ذاتية، وأخبرها أن تجلس أمام المصور ليلتقط لها صور رسمية ؟!
عقد حاجبيها بتساؤل صامت لم يجيبها عليه، بل دفعها لتجلس وترك مهمة التصوير للمصور، وبعد لحظات جلس مكانها وترك المصور يلتقط له صورة هو الأخر.
مر كل شيء غريب، بل أقرب للعجب؟!
في دقائق معدودة أخذ الصور وسحبها إلى أقرب مكتب زواج، وهي في حالة ذهول واستنكار، لم تدري ما الذي يحدث.. بل ما الذي يفعله هذا المجنون الذي طوع العالم تحت إشارته ليفعل ما يريد.
انتبهت على صوت نجاة وهي تتحدث بنبرة حازمة بعدما وضعت السكين جانبًا ونظرت لمرام الشاردة وقالت بلهجة أم قلقه على أطفالها من نتاج أفعالهم....
-(اسمعي يا مرام، أنا لن أسألك ما بينك وبين نصير، سأخبركِ شيء واحد..البنت تعزز نفسها بزواجها بين أسرتها.. حينما رأيتكِ اول مره قلت لنفسي، ها هي التي ستجعل نصير رجلًا أخر، لن تسقط قتيلة في حبه ولن تنجذب لدهائه وعبثه... ومع الأيام تأكدتُ من ظني
ولكن زواجكِ منه فجأة يوم أمس، دون أن يكون معكِ أحد من عائلتك، هذا ما جعلني خائبة وانا أراكِ سقطتي لهوى نفسك.. انتي قدمتي نفسكِ له على طبقٍ من معدن صدئ، وهذا ما لم أتمناه لكِ أبدًا)
تنهيدة ثقيلة مليئة بالغضب والأسى والندم، خرجت من مرام التي أغمضت عينيها للحظات قبل أن تتحدث بصوتٍ خافت لاحت به الكأبة...
-(يا نجاة اسمعيني، لا شيء بيني وبينه، ولا حتى مشاعر عابرة، لازلت أحب زوجي الراحل.. أقسم بالله أنني لم أضعف أو أسقط لهوى نفسي كما تقولين.. أقسم بالله لايجمعني به سوى أنه يحميني من عائلته)
اختفت النظرة اللائمة من عين نجاة، وحلت أخرى قلقه وقد انعقد جبينها بريبة وقد صدقت كلمات مرام التي فتحت لها قلبها أخيرًا.. فقالت بصوت قلق مذهول...
-(هو أخبرني انكِ حالة انسانية، ولكن نظراته لكِ وتكتمك جعلاني أظن انكما تخفيان علاقتكما عن الجميع ؟!)
حركت رأسها نافية وتنهدت قبل أن تقول بخفوت متعب وقد تحاهلت احمرار وجنتها من ذكرها لنظرات نُصير لها
حاولت تجاهل ما دار بينهما صباحًا والقنبلة التي فجرها في وجهها دون أي تردد.. ولكنها تدري أنها مجرد نزوة عابرة وستمضي، وسينسى ما أراده.. فلا عقل يستوعب علاقتهما..ولا منطق يجمعهما..قالت بهدوء كادت تصدقه في نفسها...
-(هو محق، أنا مجرد حالة انسانية، يحميني من عائلته كي لا يأخذوا مني طفلي، فأنا زوجة فايز هادي أل غانم)
صدح صوت نجاة بذهول وهي تردد
-(فايز ولد أميرة ؟!)
اندهشت مرام من معرفتها بأميرة، ولكنها حركت رأسها بإيجاب تؤكد المعلومة التي خرجت منها مستنكرة
وكانت نجاة تنتقل من الذهول لاندهاش، لعدم الاستيعاب
رغم أنها مُقربة جدا من نصير، إلا أن طبيعته الكتومة تطغي على علاقتهما.. كتوم كوالده بالضبط..
حينها جلست على أقرب مقعد حول المائدة، وجذبت مرام لتجلس هي الأخرى قبل أن تقول بجدية حاسمة لاح فيها العطف على نرام الحزينة فقالت...
-(اجلسي أمامي الان وقصي عليّ كل شيء، من البداية للنهاية يا مرام)
وبالفعل بدأت مرام تقص كل ما حدث معها منذ زواجها بفايز حتى صباح اليوم.. كانت تخفف ثقل كاهلها وتفرغ مخاوفها وتلقيهما في حِجر نجاة الاي أخذت تستمع لها بذهول وتأثر تارة، وبغضب وفخر تارة أخرى، ولم يتوقف لسانها عن التعليق سلبًا وشتمًا حينما تسمع ما فعلته أميرة
ولكن لم يخفى على مرام ذاك الوميض الذي بدى واضحًا في عيون نجاة حينما قصت عليها موقف نصير وما فعله معها..حينها تنهدت بثقلٍ حزين قبل أن تقول بشجن...
(هكذا هو نُصير، كوالده رحمه الله، شجاع ويفعل الحق والصواب رغم أنف الجميع..رحمه الله وأسكنه الجنه)
عقدت مرام حاجبيها بحيرة وهي ترى مشاعر لا يمكن تجاهلها حينما ذكرت والد نُصير، فقالت بخفوتٍ حائر
(هل تعرفي والد نصير معرفة شخصية يا نجاة !؟.. أراكِ لازلتِ حزينة عليه)
تبسمت نجاة بحزنٍ اختلط بدمع الحب فقالت متأثرة
(وسأحزن عليه ما بقى من عمري يا مرام..ألا تحزن المرأة غلى فراق زوجها)
بدى الذهول واضح على وجهها وضوح الشمس.. لا لم يكن ذهول، بل كان شيء لا يستوعبه عقل ولا يألفه منطق
لو كانت مرام قد رأت العجب في الدنيا، فهي قد رأت العُجاب في عائلة أل غانم.. نجاة زوجة والد نُصير !!!
ملحوظة قلبوظة:
أنا هكون موجودة في معرض الكتاب يوم الخميس والجمعة بأمر الله لتوقيع روايتي (قلبك في العشق ضاري)
صالة 2 جناح B15
ملحوظة كمان : دا نص فصل، النص الثاني هنزله بكره في نفس الميعاد
لأني مش قادرةعلى تعديله في الوقت الحالي..يعني كدا عندنا تنزيل فصول يوم الأربع والخميس يافراشات ولو عرفت أنزل الجمعة كمان هنزل
🦋❤️❤️
أنت تقرأ
(غصونك تُزهر عشقًا)
Romanceيناديها يا حفنة العسل فيسيل الحب في قلبها حارًا غصونك تُزهر غشقًا الرواية الأولى في سلسلة (لعنة تسمى العشق)