(الفـــصل الســـابع والعـــشـــرون)

3.1K 289 17
                                    

(الفـــصل الســـابع والعـــشـــرون)

كانت نائمة على فراشها بسكون تام
تحدق في العقد الذي أُرسل لها كدليل على فسخ التعاقد للفيلم الذي لم تستطع تصويره، وقد فعل عبدالعزيز ما أراد ودفع عنها الشرط الجزائي من ماله الخاص.
بدت أنفاسها بطيئة في صدرها وهي تحاول ألا تبكي، لا لن تذرف دمعة واحدة عليه... يكفيها ما حدث لها بسببه
يكفيها جرح كرامتها وكبريائها، ناهيك عن تلطخ سمعتها بين الناس.

صدح صوت ضعيف داخلها بهمس بنبرة مقيرة للشفقة
وجُــرح  قلـبك يا فاتن.. هل هناك أقسى من جراح القلب !
اندفعت الدموع لعينيها وهي تسترجع كل لحظة كانت جواره.. كل محاولاتها المستميتة لتكون جواره.. كل أفعالها المثيرة للسخرية التي افتعلتها فقط لينظر لها نظرة حب ورضا.
ولكنه لم يفعل.. في البداية كذب عليها وتركها تثرثر عن عقدتها النفسية نحو الأثرياء.. ثم انتظر اللحظة المناسبة ليتباهى بحسبه ونسبه وأمواله.
تأوهت وهي تدفن رأسها في الوسادة، تحاول الهروب من الذكرى الجارحة حينما أخذها لمنزله وسرد تاريخ عائلته ونفوذهم بكل فخر، وفي عينيه أسوء نظرة ازدراء قد رأتها في حياتها كلها.. ليتها تنسى شعور الانكماش والتضائل الذي ضربها فجأة.
بدت كفأرة صغيرة أمام أسد معتد بنفسه.. وما عليه سوى أن يسحقها بأظافره القاسية ليثبت لها عدم التكافؤ بينهما.

لقد ألقى مشاعرها في وجهها بأكثر الطرق حقارة، ليته رفضها بشكل مباشر غير مهين وانتهى الأمر بدلا من تركها كالغبية تعبر له عن مشاعرها بلا تردد، ليتها ما سعت خلفه كامجنونة أعماها الحب.

كان ندمها نقطة في بحر مشاعرها نحوه.. لذا لم تغضب بقدر ما بكت، تركت دموعها تسيل ببطئ وحزن تشبع بها وسادتها المسكينة.. فلا كتف تبكي عليه الآن.. لا شقيقتها مرام ولا نجاة... ولا حتى هو.
أين تبكي والي التي أعتادت على سكب دمع عيناها على صدره... فأين تسكب دمعها منه...

على الجانب الأخر
كان يجلس على مائدة الطعام مع عائلته بصمت تام
كان العشاء هو الوجبة الرئيسية التي لا يفوتها أبدا بسبب تعليمات والده.. انه الوجبة التي تلم شملهم إذا انشغلوا جميعا في أوقات الصباح.
ورغم انشغاله بما يكفيه وعدم رغبته في تناول أي شيء
أصرت والدته على عدم تغيبه عن هذا العشاء تحديدا
لأنها تريده أن يتعرف على أذكى طالبه لها وأصغر معيدة في كلية القانون !!
كتم زفرة حادة وهو يتلاعب بطعامه دون أن يمسسه
كل عقله بمكان أبعد من تلك النقطة الان.. مكانه مع فتاة صغيرة جدا زجها دون قصد منه في مصائب أكبر مما توقع... ستتزوج فاتن الصغيرة لأن الناس رأوها في سيارته !!
تكالبت الناس على خدش شرفها مستندين على الماضي الخفي لعمتها.. وكذلك زواج مرام وغيابها عن القرية !!
كل هذا بسببه ما كان عليه أن يوصلها بنفسه للقرية
ما كان عليه ان يغضب عليها في المكتب ويلقيها بكلماتٍ جارحة تجعلها ترحل غاضبة.
أتى صوت نفسه تخبره بأكبر مصائبة
ما كان عليك أن تخبرها حقيقتك بتلك الطريقة القاسية !
ما كان عليك أن تصمت كل تلك الأشهر وتتركها تنسج أحلامها حول البطل الفقير المكافح ابن البلد
ما كان يجب أن تتركها تتعلق بك دون أن تكون مستعد لجعلها جزء من حياتك... ولكنك تراخيت يا عبد العزيز

(غصونك تُزهر عشقًا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن