الفصل الثامن 1

4K 336 25
                                    

الفصل الثامن " الجزء الاول"

ظلا ينظران لبعضهما بسكون غريب، سكون يسبق العاصفة.. كان في عين نُصير رجاء صامت ألا يسير خلف شيطانه.. غفل عن أن شيطان أخذ جسد فراس مسكنًا في هذه اللحظة.. فكانت نظراته حادة سوداء، زادت من وحشيته، وخرج صوته خفيض مُنذر وهو يغمغم...
-(الأصدقاء يصبحون أعداء، والأعداء لا يصبحون أصدقاء
فلا عداوة وصداقة تجمعنا، عليك الاختيار الان، إما عائلتك وأرضك وأنا، أو هذه المرأة.. لك الخيار إما أن تكون صديقي أو عدوي)

كان فراس غاضب، مجروح، متوتر.
كل علامات جسده تُشير لمشاعره في هذه اللحظة، وكانت هذا المشاعر كفيلة بجعله أعمى عن معنى كلماته وعظمها.
ولكن نُصير كان أقل انفعالًا منه.. يدري أنه بكلمة واحدة سيهدم كل الجسور ويحرق كل السفن بينه وبين فراس.. أخيه ورفيق عمره وتوأم روحه، بكلمة واحدة منه، سيخسر نصف ممتلكاته في الدنيا، وهو فراس.

صوت ما داخله أخبره أنه سيعوض المال لو ذهب.. سيعوض الأرض، وسيجد ألف امرأة يُحبها.. ولكنه لن يُعوض يوم واحد من أيام صباه او مراهقته وشبابه مع فراس.. لا شيء يعوض أخيه، لا شيء
لذا تحدث نُصير بهدوء حاد يناقض وحشية فراس قائلا..
-(رغمًا عن أنفك لن تكون عدوي يومًا، لن ادعك لشيطانك يا فراس.. ولو اخترت أنت العداء لن أختاره أنا.. ولو كنت تجهل معنى الاخوة والصداقة التي تجمعنا، فأنا لا اجهلها)

قرأ فراس ما دار في عقل نُصير.. فتنهد بثقل وهو يدور حول نفسه بعجز.. يعلم أن نُصير سيختاره حتى لو وضع أمامه ألف اختيار.. ولكنه أيضًا لازال يتمسك بمرام.. يتمسك بها متغاضيًا عن كل العلامات الحمراء التي تلوح أمامه.

خرج صوته محذرًا وقد تخلى عن بعض وحشيته..
-(نُصير)

عاد صوت نُصير مره أخرى، يقنعه بنبرة عقلانية وصوت واثق لا يقبل التشكيك...
-(أمهلني الوقت لأصلح كل شيء)

-(وهل ستصلح ما حدث لي  ولك)

-(سأنقذ ما يمكن انقاذه، أمهلني بعض الوقت فقط وسأتركك تحاسب المذنب الحقيقي.. بدلا من مـرام. حسنًا !؟)

صمت فراس للحظات قبل أن يقول بوجوم...
-(خذ الوقت الذي تريد، ولكن انت تعرف حجم الصبر عندي، فلا يغرنك محبتي لك يا نُصير)

كاد يتنفس الصعداء من انتهاء تلك الموجة العاتية، التي كادت تطيح بالأخضر واليابس قبل أن يقول بهدوء...
-(دعنا الأن نصلح ما افسده عنان الاحمق.. ونجد حلًا للمشكلة، وبعدها سنرى مايحدث)

استطاع نُصير التغلب على شيطان أميرة الذي كاد يتلبس فراس.. ويدري أنها لن تتقبل الهزيمة
***
بعد مرور ثلاثة أيام

جالسة في غرفتها.. تتربع على فراشها متشحة بالسواد من بداية رأسها لاسفل قدماها، الطبقات السوداء حجبت جسدها الموصوم بالكدمات؛ التي حصلت عليها من سوط والدتها، ولكن وشاح وجهها لم يخفي كدمة عينيها الزرقاء، لم يخفي خواء روحها.

(غصونك تُزهر عشقًا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن