الفصل التاسع عشر 2

5K 335 30
                                    


جالسة معه في سيارته كعادتهم مؤخرًا، يتناولان الطعام على قارعة الطريق بسكون وهدوء
ولكنها لم تكن ساكنة المشاعر بل كانت تنظر له نظرات عميقة الحب، نظرات عبرت عن مشاعرها التي فاضت في قلبها دون أن تبوح له
رغم الأرق، والتعب، والارهاق
إلا أنها كانت عاجزة عن عدم السقوط في حبه يومًا بعد يوم.. عاجزة عن كف نظرها عنه، عاجزة عن من أناملها من الاشتياق لكفه القوي.

تنهدت داخلها، اكتفت بالامساك بشطيرتها دون أن ترفعها لفمها.. اكتفت بالنظر له وهو يقضم شطيرته ويأكلها بهدوء
وكفه الأخر يمسك بالهاتف، ويكتب بأنامل سريعة
جبينه منعقد بتركيز، وفمه مطبق يلوك الطعام بصمت
إلى أن انتهى من المحادثة القصيرة، وأغلق الهاتف فورا ووضعه جواره.

ولكن حالما نظر لفاتن، وجد وجهها لوحة من التعبيرات الحُلوة، عيون لامعة تتصيد لفتاته، ووجنتين ذوات حمرة
تبسم لها ابتسامته الهادئة التي تتلاعب في خافقها...
-(لمَ لا تأكلين!)

وجدت صعوبة في الأكل أو تحاشي النظر له، لا شيء له قيمة أمام الجلوس أمامه والنظر لوجهه لساعات طويلة
هكذا أخبرت نفسها وهي تضع شطيرتها جانبًا
وتنظر لعينيه مباشرة وقد تلحفت بالقوة والشجاعة لما ستقوله في هذه اللحظة....
-(أتدري بمشاعري نحوك يا عبدالعزيز !)

كلماتها جعلته يجعد وجهه للحظات، قبل أن يطوي الورق حول شطيرته هو أيضًا ويضعها جانبًا ويقول...
-(أدري يا فاتن)

نبرته واثقة، ثابتة، لا أثر فيها للعاطفة أو التأثر مثلها
كعادته مسيطر على الوضع وعلى انفعالاته، وهذا ما لم يساعدها أبدًا على إكمال ما بدأته لتوها
اطلقت تنهيدة مرتجفة، قبل أن تحاول اغتصاب ابتسامة واهية مُلئت بالتوتر والارتباك...
-(لا تخبرني أنها من طرف واحد)

لم يُجب على سؤالها المهتز، بل تابع النظر لها دون أن يُبدي أي استجابة أو فعل، فقط عينان ثابتتان ووجه مقتضب واجم
زاد ارتباكها أكثر وسعلت لتجلي صوتها قبل أن تهمس بصوت مسموع له وتشيح وجهها عنه بتوتر واضح....
-(لا ينبغي أن أقول هذا وأضغط على قرارك)

عاودت النظر لوجهه الهادئ مره أخرى، وكأنه صنم لا ينطق ولا يعقل، فقط ينظر لها بسكون غريب كاد يفقدها صوابها... وبصعوبة شديدة تماسكت وعادت تتشح بثوب الثقة والشجاعة النابعة من مشاعرها فقالت...
-(دعني أصيغ السؤال بطريقة أفضل، هل تكن أي شعور نحوي، أم اننا أصدقاء فقط
كن صريح معي كي أجد حل سريع قبل التورط أكثر)

انتهت كلماتها المفعمة بشعورها المضطرب، وخفقاتها تدوي كالرعد في أذنيها، وجهها يكاد بنفجر من كثرة الدماء فيه.. ورغم كل أعراض الحب الواضحة عليها
إلا أنه قابل كلماتها بهدوء بارد، زصوت ثابت وهو يقول ..
-(حل سريع لماذا !)

-(لا أريد أن أحبك أكثر، أشعر أنني أخطو على جمر في حديثي، ولكن لأكون واضحة أكثر، أخشى التعمق في شعوري نحوك وأنت لا تبادلني)

(غصونك تُزهر عشقًا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن