الفصل الخامس والعشرون (الجزء الثالث)♥️
انشات، وربما أقل.. تنام جواره وتضع رأسها على وسادته
تشاركه الأنفاس الهادئة، وظلمة الغرفة الدامسة، وبؤس حالهما.. ظهران متقابلان والوجوه مختبئة من بعضها
يخشى الضعف وتخشى العتاب.عيناه مغمضة ولكن قلبه مستيقظ ولكن صامت
لم يعد هو ذاته القلب الذي كان يدفعه لها بتهور وجنون
لقد أطفأت جنونه، وحينما يموت جنون الفنان يموت فنه
وهي كانت فنه الخاص، كانت الوقود الذي يدفعه للمواصلة، ولكن ما عادت.. نعم ما عادت فنه أو حياته أو حبيبته.. ما عادت سوى ابنة عمه، حالها كحال كل بنات العائلة، لا شيء يميزها سوى جرحها بكرامته.أطلق تنهيدة عميقة رغمًا عنه فضحت سِتر تمثيله للنوم أمامها.. فمنذ أن وافق يشاركها الغرفة، يتصرف وكأنه صنم لا يأبه لأي شيء حوله ولا يشعر بأي مشاعر إنسانية
تظهر كونه بشر يشاركها فراشه الذي دفأتهعاد يغمض عينيه مره أخرى إلا أن صوته الهادئ وصله بوضوح لم يشعر بها قريبة منه قبلا كما الآن...
-(هل تفكر فينا ؟!)سؤال باهت، لم يترك صدى في قلبه الذي كان يدق برتابة
يفكر فيهم! متى جمعتهما النون !؟.. متى كان لهما مستقبل واحد لتسأل سؤال متأخر جدا كهذا !
خرج صوته الجاف يقطع أي حديث قد ينشأ...
-(لقد توقفت عن التفكير في هذا الأمر منذ وقت طويل)صفعة قاسية لم تُطبع على وجهها المستكين على الوسادة
بل على كرامتها التي تجعدت خشية من أن يقول ما هو أقسى.. كلماته كالسهام التي تتوجه لظهرها المقابل لظهره
رفضت عيناها للحظات قبل أن تتمالك نفسها وتقول بصوت خاوٍ من غرورها...
-(هل هناك ولو احتمال بسيط جدًا أن يكون كل هذا مجرد كابوس وسينتهي ؟!)مرارة ساخرة ارتسمت في عينيه وهو يسمع نبرة الندم في صوتها.. ألم يخبرها أحد أن الندم لا يرمم كرامة رجل قد أحبها في الماضي.. الندم لا يليق امرأة بغرورها، ولا يساعد رجل مصاب العقل والقلب مثله
لذا لم يجد صعوبة في إلقاء ندمها في وجهها دون أن يؤذيها كما فعلت هي في الماضي...
-(سينتهي الكابوس قريبًا وتصبحين حرة)ارتعشت وكأنها سقطت في بئر من ثلج، لقد فقدته كليًا، ما عادت تجد عنان الذي كان يموت فدائها كما الماضي، لقد فقدته بأكثر الطرق قسوة وجهل، وها هي تندم على الأطلال.. ولكنها لن تذل كرامتها له أكثر، لن ترجوه أن يبقيها على اسمه، كرامتها أغلى من حبٍ لا نصر له
كانت كمن يراهن على خيل مكسور الرجلين، كما حبها في قلبه واحترامه لنفسه، لقد أهانته بما يكفي وجارت عليه هي وعائلته وزمانه.. عنان لن يبقيها معه ولو توسلت له على ركبتيها، وهي لن تركع مادام لن يسامح من البداية.كان عقلها يحرقها بالحقائق التي غفلت عنها بعد نقاشها مع فيدرا الحالمة، التي لم تتوقف عن الحب الصادق والغفران رغم كل شيء.. لقد صدقت خرافات لتنوم ضميرها المثقل وروحها المتعبة.. ولكنها الآن تدرك أن ما بينها وبين عنان لقد اختفى للأبد ولن يعود أبدًا.
أنت تقرأ
(غصونك تُزهر عشقًا)
Romanceيناديها يا حفنة العسل فيسيل الحب في قلبها حارًا غصونك تُزهر غشقًا الرواية الأولى في سلسلة (لعنة تسمى العشق)