****
كانت كعادتها تجلس في الشرفة الخارجية لمنزل الشاطئ
تحدق في الفراغ بسكون غريب، تحاول التأقلم على الخواء الذي تسبح فيه دون إرادة
تحاول فك رموز عقلها المُقفل على ذكرياتها المفقودة منها
تحاول استرجاع نفسها التائهة في فراغ عجيب!تنهدت بثقل وأراحت وجنتها على يدها المستندة لسور الشرفة، وتسأل نفسها بذهول واستنكار
تملك منزل بديع مقابل للبحر وأمواجه، زوج مُذهل يخطف أنفاسها خفية، وطفل رائع يجعلها تبتسم للحياة
شقيقة حنونة وخالة بنكهة الأم
إذًا لماذ تشعر ان هناك شيء ما ينقصها.. لا شيء مكتمل
تشعر أن هناك شيء في غير نِصابه الصحيح.زوجها المُذهل بعيد كل البُعد عنها.. يسافر لأيام ويعود لساعات ثم يغادر مره أخرى، وكأنه يسكن فندق ويأتي له للضرورة، رغم معاملته المهذبة لها، وكياسته اللا محدودة
إلا أنه لا يبدو وكأنه زوجها أبدًاشقيقتها لا تنفك عن النظر لها بشفقة وحزن، تطلب منها أن تسامحها على شيء لا تعلمه، تعاملها على أنها طفلة صغيرة تحتاج العناية، وكأن فاتن هي الشقيقة الكبرى وليس العكس.
وكذلك نجاة التي تفعل المثل، تودها دائمًا في الفراش لترتاح.. رغم مرور أسابيع على خروجها من المشفى وتحسنها الملحوظ، إلا أن نجاة تحاصرها بخوفها وقلقها المبالغ فيه.الوحيد الذي لا تشعر معه بالتحفظ هو براء
هو الشيء الوحيد الطبيعي في يومها وحياتها
ولدها الحبيب يشعرها براحة ويزيل عنها أي ثقل أو ضيق
هو الوحيد الواضح معها ولا يجعلها تتصرف بنزق أو حنق
ليت الجميع بسيط كبراء.تنهدت مطولاً قبل أن تنتبه للسيارة السوداء الذي ارتفع صوتها في الارجاء، صوت تعرفه جيدًا رغم قلة سماعها له
ولا سيارة تكون قريبة من المنزل سوى سيارة نُصير فقط
استقامت مستعينة بعكازها، وقد انعقدت ملامحها في ضيق واضح.. لقد سافر منذ اسبوعان تقريبًا.. كما غادر سابقًا وكما سيرحل في المستقبل.. لا تظن انه رجل مستقر في منزله.حاولت اخراجه من عقلها كي تُنقذ نفسها من التفكير السلبي، الذي لن يعود عليها سوى بألم شديد في رأسها ونومه طويلة في فراشها وانتهى الأمر
لذا قررت أن تخرج لتسير على الرمال الذهبية وتتأمل غروب الشمس.. عله يهدأ رأسها الذي كاد ينفجر من كثرة الأسئلة.ولكن في طريقها للخارج سمعت أحدهم يهتف خلفها...
-(إلى أين تذهبين وحدك يا مرام)
جاء صوته العميق من خلفها يوقف خطواتها العصبية وضربات عكازها على الأرض.. كادت تلتفت له وتضع عكازها في فمه كي لا يتحدث بكلمة واحدة، فهي لا تتقبله في هذه اللحظة، شيء ما غير متسامح نحوه داخلها.. حاولت تهذيب صوتها وجعله بارد قبل أن تجيب بهدوء سطحي
-(أردت استنشاق بعض الهواء)كادت تتابع طريقها وتقطع تلك اللحظات الثقيلة عليها
ولكنه اعترض طريقها وقبض على مرفقها بحدة واندفعت كلماته العصبية في وجهها وكأنه هو الغاضب منها وليس العكس
-(كيف تتركك نجاة وحدك، لمَ لم تخرج فاتن معكِ)
أنت تقرأ
(غصونك تُزهر عشقًا)
Romanceيناديها يا حفنة العسل فيسيل الحب في قلبها حارًا غصونك تُزهر غشقًا الرواية الأولى في سلسلة (لعنة تسمى العشق)