إقتباس ثالث

3.5K 133 17
                                    

#إقتباس٣
#وأصبحت_مئواه.

استيقظت بفزع تُقلّب أنظارها بالأرجاء بأعين متسعة، لم تكن هُنا! مَن أتى بها إلى هُنا؟!
كانت بأحضانه مَن أخرجها!!
نز'عت الدِثار بقوة وهبطت حافية القدمين تركض بسرعة لأسفل وقد بارت الحيّلُ لديها وتقطعت حِبال النجاة، كان من يسبق قدميها دموعها بعدما خاصمتها الراحة، لو رأيتها لأقسمت أنها ليست هي "أسوة" نفسها.
الوجه أصبح شديد الشحوب، والجسد أصبح أشد نحولًا ... أما مروجها فقد أصبحت غائرة تائهة وانطفأت شعلة الحياة بها..
هبطت الدرج بتعثر بينما تسقط وتقف من جديد، وقف الجميع بصدمة من هيئتها التي تزداد سوءًا كل يوم..
ركضت نحوها أميرة بلهفة بينما الأخرى تنظر للأرجاء وكأنها تبحث عن شيءٍ ما بتيهة..

هتفت أميرة بلهفة وهي تحاول التقرب منها:-
- ملاك .. حبيبتي مالك، إنتِ كويسة!

أمسكت رأسها وهي تدور هُنا وهناك وقالت بنبرة أقرب للهستريا بينما تنزوي بعيدًا عن مرمى يد والدتها:-
- كنت معاه .. مين جبني هنا ... أخدني في حضنه، رجع .. هو رجعلي ... مؤمن حبيبي رجع..

اتسعت أعين أميرة بصدمة، هل وصل الأمر إلى هذه الدرجة، بينما وهجت النا'ر بدماء عاصم وخيم الحزن على معالم وجهه فمتى يتخلصون من اللعنة التي تُسمى ... "مؤمن".
لقد أصبحت ابنته شبيهة بالأموت .. أصبحت شبح فتاة، لقد عادت ولم تعُد إليه.
بينما قاسم الذي التزم الصمت هو وجميلة التي لم تختلف حالتها عن أسوة، جاءت أميرة تقترب من أسوة مرةً أخرى والتي لم تتوقف وفرّت للخارج تحت نظرات الجميع المصدومة..
ركضت خارج المنزل بجنون ليركض خلفها عاصم بلهفة وأميرة التي خارت قواها وهي تشهد ذبول ابنتها وإنتهاءها على الأخير..
لقد مرّ عام ولم يتغير أي شيء بل التغُير يكون للأسوء.
خرج الجميع خلف أسوة للخارج حيث حديقة المنزل وهي تصيح بكلام يفيض حسرة:-
- أنا شوفتك .. أنا عارفة إنك رجعت ليّا صح..
يلا تعال .. أنا هنا أهو مستنياك يا نور حياتي..

أمسكها عاصم بلهفة يجذبها لأحضانه بينما تتلوى بشدة لا تطيق الإنحباس، تريد الإنطلاق إليه، يحتشد بداخلها شوق حدّ الألم، وحسرة حدّ الموت.
تحدث يُهدهدها بتريث:-
- أسوة .. حبيبتي دي تهيئات مش أكتر إهدي علشان نفسك، هتتعبي يا بنتي بالطريقة دي، إهدي يا أسوة.

لم تكن كلماته إلا وقودًا على قلب مشتـ..عل بالألم، زادت حدت إلتواءها ورغبتها في الفرار، داخلها ظلمات لا نهاية لها، تحولت ببصرها إليه، عينيها فيها حملقة الذعر، وصا'حت بوجع وتمرد ممزوج بلوعة ومرارة وهي تجهش بالبكاء:-
- إنت مش مصدقني ليه، إنت مش عايزه يرجع، بتتمنى إنه يكون مات .. طب فكر فيا .. سيبني أروح له، سيبني أروح لحبيبي وأقوله يسامحني..
والله شوفته .. هو كان بيراقبني وتعرف روحت البيت إللي قاعد فيه كان كله أبيض زي ما أنا اتمنيت بالظبط، وهو حضني جامد وكمان نمنا في حضن بعض..

 رواية "وأصبحت مأواه" - الصمت الباكي²حيث تعيش القصص. اكتشف الآن