Prologue

3.6K 134 177
                                    

...

1999 - التاسع والعشرين من شهر ديسمبر-
نيويورك - مانهاتن.
مشفى سولان مومريال التعليمي.


ألقت الطبيبة ساندرا أوبريان إزارها الأبيض في الكرسي المجاور لها وأسندت رأسها للحائِط ثم أطلقت نفسًا عميقًا، نزعت السماعات عن عنقها وتناولت كوب القهوة الموضوع في الحامل، أخذت رشفة ومباشرةً بصقتها مجددًا في الكوب، كانت القهوة قد صارت باردة ومُّرة غير أنها في الأصل رديئة ونسيانها لمدة ثلاث ساعات كاملة لمْ يُحسِن من طعمها، بتذمر ألقت بالكوب في حاويَّة النفايات التي طبعت عليها علامة "قابل للتدوير" وعندما اصطدم الكوب بقاعها أصدر ضجةً لفتت انتباه بعض المرضى إليها فابتسمت ناحيتهم.

أطلقت نفسًا آخر من صدرها وعقدت يديها بإحكام. "اللعنة على ذلك السكير لو كان يقوم بعملِه كما يجب لكنتُ الآن أنعم بالنوم في غرفة الاستراحة الضيقة، لا بل اللعنة عليّ. الطب؟ حقًا ساندرا؟ بدلًا عن تصبحي مُطرِبة مشهورة كما كنتِ تحلمين في أيام المراهقة، هاه بالله عليكِ كيف تحول الحلم من الغناء والرقص...إلى الرقص مع المعاناة؟!"

- أوبريان!

هتف لوكاس وحذاؤه البلاستيكي يحتك بالأرضيَّة اللامعة، كان يركض بهلع وعندما توقف أمامها وضع يديه على ركبتيه محاولًا اِلْتقاط أنفاسه، في هذه الأثناء تحفزت ساندرا وارتدت إزارها والسماعات بحركة عفويَّة سريعة وعيناها مثبتتان عليه.

- كود أورانج! أسرعي! غرفة الطَوارِئ في فوضى عارمة!

- إلهي الرحيم! لماذا يحدث هذا دائمًا في مناوبتيّ!

- ساندرا!

- أعلم أعلم!

ركضت عبر الممر فترنح شعرها العسليّ والمسدل على ظهرها وراءَها، أخرجت نظاراتها الطبية من جيب الإزار العلويّ وما إن دلفت غرفة الطوارئ اقتربت من الطاولات في منتصفها وقالت لليزا (إحدى الممرضات اللائِي ارتدين زيًّا زهريًا فاتِحًا): "كم حالة؟"

قالت ليزا: "لا نعلم بعد، لكنه باص حضانة، انحرفت شاحنة وقود وارتطمت به فانقلب عدة مرات."

وضعت ساندرا يديها على رأسها وفي تلك اللحظة عبر الباب الخارجي ندَّه مسعفان: "آرون بلاكويل." "أربعة أعوام" "إصابة في الرأس والعنق." "اضطررنا لاسعاف قلبه في الطريق." "ارتجاج وفقدان وعيّ كامل."

اقتربت ساندرا من النقالة المُتحرِكة وأجرت كشفًا سريعًا على حالته، عندما فرغت أشارت لهما بأخذه إلى غرفة الحوادث الأولى، دخلت وراءَه مباشرةً نقالة أخرى، هتف المسعف: "روزا جونز." "أربعة أعوام." "إصابة في الصدر." "تعجز عن التنفس من دون الأنبوب." "ارتجاج وحالة نزيف حاد."

"لوكاس!" هتفت ساندرا فاِتَّجه لوكاس ناحيَّة المسعفين ليكشف على الحالة الجديدة، وراءَها دلف مسعف آخر وقبل أن يعلن عن الحالة أمسكت ساندرا مرفقه وقالت: "كم حالة؟!"

「 مُحَـاولة الغـرق 」حيث تعيش القصص. اكتشف الآن