10

426 66 3
                                    


...


"عذرًا على تأخريّ."

قال إيفرت وهو يزيل رذاذ الماء عن شعره، أخطَأت الأرصاد الجويَّة بتكهناتها وما إن خرج من الأستوديو هطل المطر غزيرًا، وقف أمام الرجلين الذين كانا ينتظرانه بالقرب من مدخل مطعمٍ آسيوي فخم، رمقه السيد شيڤا مذيع أخبار الساعة السادسة بنظرة مُحتقِرة، أعاد شعره الأسود إلى الخلف وتجاهله، أما الرجل الخمسيني برفقته، كانت ملامحه تدل على الهدوء والحنكة، هندم ربطة عنقه وقال: "لا بأس، لا بُّد أن الشارع كان مزدحمًا بسبب المطر."

"نعم."

تابع السيد هيربرت مشيه إلى داخل المطعم، كان الممر مغطى بسجادة حمراء طويلة، تدلت نجفات كريستاليّة لامعة من السقف وأصدرت رنينًا، لمعت أضواؤها بتآلق وانعكست على أحذيتهم الجلدية الغاليَّة.

انحنى شيڤا ناحية إيفرت وهمس له: "لا تحرجنا. ولا تطلب شيئًا. فقط اجلس كأنك خزفية بالية. لا أعلم لم أحضرك السيد هيربرت هنا لكني أؤكد لك سأحرص على أن تكون أخر مرة."

نظر إليه إيفرت وابتسم، لمْ يقصد أن يضحك بتهكم لكن منظر شيڤا القلق وخنقه لنفسه بربطة عنق حمراء جعله يبدو سخيفًا، كطالبٍ في الثانويَّة يرغب بنيّل رضا معلمه، جز شيڤا على أضراسه وقال بصوتٍ كالفحيح: "حذرتك! قم بأي شيء غبيّ وستندم!"

قال إيفرت: "سيد هيربرت. لماذا أحضرته معنا؟ إن سماع صوته فقط سيفسد عليّ طعم النبيذ."

اِلْتفت السيد هيربرت ناحيته بابتسامة ولم يعلق أما شيڤا تباعدت شفتيه بصدمة باديَّة ولم تسعفه بديهته للرد عليه وقبل أن يتمكن من قول شيء طرق السيد هيربرت على بابٍ ودلف، بداخل الغرفة الخاصة جلس خمسة رجال حول طاولة مستطيلة، تباينت أعمارهم من الخمسينيات إلى الستينيات، كانت هيئاتهم تدل على تنشئة حسنة ومترفة، بذلات من ماركات معروفة وحقائب جلدية غالية، كانوا يتناولون بعض المقبلات وبدا أنهم بدأوا بالشرب مسبقًا.

"لقد تأخرت يا كلارك، لا يمكنك لومنا على البدأ."

جلس السيد هيربرت جوار الرجل الذي قال ذلك، أخذ من يده زجاجة نبيذ أبيض وصبَّ لنفسه كأسًا قبل أن يقول: "تأخرت، لأني لبيت طلبك."

حوّل نظره إلى إيفرت وشيڤا الذين كانا واقفين قرب الباب وأكمل كلامه: "إيفرت والس. هل تستطيع التعرف عليه أم أنك شربت كثيرًا؟"

أضاف باسمًا: "ديريك هنا أحد أكبر المعجبين بك."

صافح إيفرت الرجال، كانت قبضته صلبة ورأسه مرفوع، كأنما هو معتاد على مثل هذه الأجواء، عكس شيڤا الذي انزعج في البدأ لكنه تبعه وفعل المثل، جلس إيفرت مقاصدًا للسيد ديريك ثم قال: "يسعدني سماع ذلك، فأنا أعرف نوعين من الأشخاص فقط."

قهقه ديريك: "مولعون بك أو يرغبون بقتلك."

رمقه هيربرت بنظرة كسولة: "وأحيانًا مزيجٌ من الاثنين معًا."

「 مُحَـاولة الغـرق 」حيث تعيش القصص. اكتشف الآن