68

236 48 115
                                    


...

"نعم، هذا جيد، ابقني على إطلاع." 

قال روزيفلت عبر سماعة الهاتف الأرضي ثم أعادها إلى مكانها، حرك الكرسي الوثير وثبت نظره على ڤينسنت الجالس في مقعد الضيوف، يداه معقودتان أمام صدره وعيناه مغلقتان بإحكام، حركة صدره الخفيفة تشي بكونه نائمًا لكنه لم يكن ذلك، راقبه ثيودور بعض الوقت وهو صامت. 

"كان هذا اتصالًا من المشفى." 

فتح ڤينسنت عينيه دفعة واحدة ونظر إليه. 

"لقد أحسنت فعلًا بإنعاشه في الموقع، لولا ذلك لكان مات وحينها كانت الأمور..." 

ترك روزيفلت صوته يخفت تدريجيًا إلى أن اختفى، حَوَل نظره إلى لوح الباب الموارب قليلًا والفتى الجالس بالخارج على مقاعد الانتظار، بدا هادئًا، يداه معقودتان وعيناه تنظران للحائط المقابل بلا تعبيرٍ معين. 

"إنهم يعملون على جعل حالته تستقر، لن نتأكد أنه عبر حافة الخطر إلا بعد مضي 42 ساعة، سيضعونه في غيبوبة اصطناعية، لكن عملية الترميم كانت ناجحة." 

أومَأ ڤينسنت دون قول شيء وهو ينظر إلى طبعات أكواب القهوة على سطح الطاولة. 

"لن نقوم بأي إجراءات رسمية حتى يستيقظ." 

سكت قليلًا وطرق طرقة واحدة بإصبعه، رفع عينيه إليه وأكمل: "سأضطر للاتصال بسيرينا غودفري، العاملة الاجتماعيَّة المسؤولة عن الفتى، بما أنه ما يزال تحت السن القانوني سيحتاج شخصًا بالغًا لينوب عنه." 

أغمض ڤينسنت عينيه وفرك أجفانه، وضع قدمًا فوق الأخرى وتجهم. 

"لِمَ لم تخبرني أنك مستهدف؟" 

أخرج ثيودور ملفًا ثخينًا من الدرج، قلب صفحاته وقال: "الرجل معروفٌ لدينا، آرنو ديلان، تسعة قضايا سابقة لكننا لم نستطع إثبات شيءٍ عليه، هذه المرة ستكون مختلفة." 

عاوّد ڤينسنت إغماض عينيه والغوص داخل حالةٍ من السكون التام، تجمدت كل اختلاجاته، الدم بجرح أذنه تخثر وترك لونًا قرمزيًّا داكنًا. 

نظر روزيفلت للجرح، وضع ساعده على حافة المكتب وقال: "اذهبْ للمشفى دعهم يعالجون هذا الجرح، وخذ الفتى للمنزل، ما جرى في ليلةٍ واحدة كان كثيرًا عليه، أرجح أنه مصدوم أكثر مما يبدو عليه." 

انتفض ڤينسنت واقفًا واِتَّجه نحو الباب، وقف روزيفلت وراء المكتب ونده بصوتٍ خافت: "ڤينسنت، لا تقسُ عليه." 

صفق ڤينسنت الباب وراءه ومشى في الردهة، نهض مادوكس من المقعد وتبعه الخطا إلى خارج المخفر، فُتِح الباب السحاب على مصراعيه، كان القمر بدرًا في وسط السماء وحوله هالة مشوشة من الضباب، الشارع خالٍ من المارة، أمام المخفر توقفت سيارة دوريَّة ومضت سيرنتها وسط الظلام بالأبيض والأزرق، سقط الضوء الشاحب على سترة ڤينسنت وبشرته. 

「 مُحَـاولة الغـرق 」حيث تعيش القصص. اكتشف الآن