...
حمل إيريك نورمان قدحي القهوة الساخنين ووضع أحدهما بحرص أمام ڤينسنت، رفع أطراف بذلته الرماديَّة حتى لا يجلس عليها واتخذ مقعدًا في الكرسي الفردي، كان شعره الداكن -المنكوش كعش عصافير في العادة- مثبتٌ بالجل للخلف، ساعته الفضيَّة الغاليَّة تلمع كلما رفع يده وأمسك بالكوب، وهيئته العامة تعكس صورة شبابية كانت الهدف الأساسي لقبول شركة واتنكز وستاين للمحاماة بالخرجين الجدد ودفع مبالغ طائلة لهم قبل أن يجف الحبر على أوراق شهادتهم.
ارتشف ڤينسنت من كوبه بتآنيّ، لاحظ أن إريك اكتفى لنفسه بكوب قهوة سادة بينما أضاف لكوبه بعض الحليب، رفع أحد حاجبيه باتهام صامت فوضع إيريك الكوب على الصحن.
"لقد وافقت على مقابلتك من أجل سيمون لكن هذا لا يعنيّ أني سأوافق."
"بالتأكيد لا أتوقع منك ذلك وأنت لا تعرف تفاصيل القضيّة بعد."
وضع إيريك يدًا على ركبته وانحنى للأمام والنظرة بعينيه تقول: هات ما لديك.
أعاد ڤينسنت الكوب للصحن: "هل سمعت عن سقوط جسر فيرناند؟"
"ومَنْ لم يسمع عنه؟ ارتطام عبارة مائيَّة صغيرة به ويتهشم بعدها مثل بسكويتة! يالها من مهزلة!"
هز رأسه بإنزعاج وأكمل: "كان الأمر مريعًا، شاهدت ڤيديو صوره أحد السياح بالمصادفة للحظة الارتطام والانهيار، تعلقت سيارتين بالحافة وبالكاد قفز من داخلها السائق قبل أن تهويّ على هيكل السفينة وتكمل الناقص."
أومَأ ڤينسنت ناحيته: "اتهم المهندس والطاقم بالإهمال لكن من تحمل اللوم كاملًا-"
"كريستوفر آلبا."
ارتشف إيريك من كوبه.
"شاهدتُ المؤتمر الصحفي الذي أقامه وتابعت بشكلٍ متقطع جلسات المحكمة، حسنًا رغم أنني ما أزال محامٍ غر لكن بإمكاني اخبارك هذا القدر: لم أرَ في حياتي حكمٌ أسرع من ذلك! كأن الأمر بأكمله كان مُعدًا مسبقًا."
ابتسم ڤينسنت: "لقد كان مُعدًا مسبقًا، المحامي، جهة الادعاء، القاضي، الصحافة، كلها كانت تميل ناحيَّة جهة واحدة."
"ههه تصورت ذلك لكني لم أرد تصديقه."
أخرج إيريك نفسًا عميقًا وشابك قبضتيه معًا.
"ما علاقة ذلك بك؟"
"أريدك أن تمثل السيد آلبا حينمَّا أقوم بإعادة فتح القضية."
جَعَّد إيريك جبينه: "أنت تؤمن بأنه ليس مذنبًا؟ وإن كان الأمر مسرحية معدة هذا لا يعني أنه بريء، جميعهم يدعون ذلك."
"إنه بريء. وأريد منك تمثيله."
"ولماذا أنت واثقٌ لهذه الدرجة؟"
لَوَح بيده.
"أنت لا تتوقع منيّ تصديق ذلك فقط لأنك أخبرتني."
