49

281 46 69
                                    


...

فُتِح باب الراكب وباب السائِق بذات الوقت، دلفت آيمثيست من جانب ودلف هولدن بالجانب الآخر، كل منهما يحمل بيده عدة أكياس وحامل ورقيّ مقوى، مررت آيمثيست كوب ميلك شيك بالشوكولا لهولدن وناوّلها كعكة فوليكنو مع شوكة بلاستيكيَّة، وضعا بقية الأكياس بينهما وبدأ كل منهما بحشو فمه.

"ذكريني، لمَّ عليكِ مقابلته الساعة السابعة صباحًا؟"

"لأنه ينام الساعة الثامنة صباحًا."

كشر هولدن، من الواضح أن مبدَأ نوم شخصٍ بعد استيقاظ العصافير بدا له غريبًا ويستحيل حدوثه.

غرزت آيمثيست الشوكة بمنتصف الكعكة فتدفقت الشوكولا الذائبة للخارج غامرةً السيارة برائحة الكاكاو الحُّلوة، تناول هولدن من أحد الأكياس قطعة كراوسون فرنسيّة وأخذ قضمة كبيرة، لمدة عشرة دقائق لم يسمع سوى صوت خشخشة الأكياس وصوت القضم والمضغ المتزامن.

أنهى هولدن طعامه وأخذ أخر شفطة من كوب الميلك شيك قبل أن يلتفت بجسده ناحية آيمثيست، فتح فمه لقول شيءٍ ما لكن تركيزها المطلق مع شطيرتها جعله يطبق شفتيه بخطٍ مستقيم، طوى ساعديه ونظر للأمام، عيناه تتآلقان بالتسليّة، قضيا الأسبوع السابق كله يعملان سويًا، تنقلت آيمثيست بحثًا عن الصحفيين والمذيعين المتقاعدين اللذين ذاع صيتهم في حقبةٍ ما لاجراء مقابلاتٍ معهم، كان تقريرها يدور حول المصاعب التي لاقوها في مجتمع العمل ودائمًا تنهي المقابلة بسؤالها عن نصيحة يرغبون بتوجيهها للنسخ اليافعة من أنفسهم في الماضي، عند ذلك السؤال تحمر أعينهم، تعبث بها أمواج الذاكرة وتبدو عليها رقة شفافة، وحتى الآن، أذهلتها جميع النصائح وحركت قلبها.

ساعدها هولدن في نقل الأدوات وضبط كاميرات التصوير ووجد نفسه فجأة بمثابة سائِقها الخاص، لكنه لم يعترض، فقد شكلا فريقًا عمليًا، تبادل منافع مشتركة، تساعده بقضية سوليفان بُولك ويساعدها على انجاز بحث التخرج الخاص بها، التقرير يمضيّ بشكلٍ جيد، كل القطع بمكانها، تبقى فقط حصوله على الأوراق الرسمية وسيتمكن من إيداع بُولك والشبكة التي يديرها البنك برفقة أون-أويل للنفط وراء القضبان.

أكملت آيمي أكلها ثم أخرجت من حقيبتها الصغيرة منديلًا كحوليًا وعرضت الصندوق ذو طبعات الأرانب على هولدن، ابتسم وأخذ أحدها، عندما وضع يديه على المقود لَاحظَّ أنها باتت برائحة الفراولة.

"أنهيت التقرير؟"

مع سؤال آيمي فتح هولدن حاسبه المحمول وحَرَك الشاشة، أخرج نظارته الواقيَّة من الأشعة الزرقاء وقال: "حسنًا، لن أستطيع وضع اللمسات الأخيرة دون المستندات الرسميّة، لكن التصور العام انتهى."

من بين الأكياس الموضوعة بينهما، أخرجت آيمثيست كرتونة بيتزا، ناولتها إلى هولدن الذي أخذها منها باستغراب: "شكرًا ولكني شبعت."

「 مُحَـاولة الغـرق 」حيث تعيش القصص. اكتشف الآن