21

405 53 47
                                    

...

فتحت تانيا باب المكتب ومن بعيد لمحت إيفرت يمشي في الرواق، عَجَلت من خطواتها لتلحق به فأصدر كعبها صوتًا مع الرخام، اِلْتفت إيفرت للوراء فابتسمت وناولته الأوراق بين يديها قائلة: "حلقة يوم الخميس."

ارتفع حاجبيه قليلًا وهو يأخذ الأوراق منها ويتصفحها: "انتهيتِ منها بهذه السرعة؟"

أومَأت: "أعتقد أني اعتدت على الأمر أخيرًا."

تذكر إيفرت نوبات الذعر المتكررة التي كانت تعتريها قبل كل حلقة، صحيح أنها كانت تحاول جاهدة إخفاءها، لكن حَدَث وتناول كوب قهوة يحويّ خمس ملاعق سكر بسبب إحدى تلك النوبات، رفع قبضته وسعل حتى يمنعها من رؤيَّة التواء شفتيه في ابتسامة.

"حسنًا، شكرًا لك."

"على الرحب."

قالت تانيا وتوقفت عن المشي بجواره، لمْ يرها لكنها منحته تلويحة صغيرة وعادت أدراجها، ممسكة كوعها باليد اليمنى رفعتهما عاليًا وتمطت فصدر صوت طقطقة عظام، جحظت عيناها لدى سماعها الصوت وتمتمت برعب: "إلهي إني أكبر في السن."

وبينما مرت بجانب أحد المكاتب فُتِح بابه بسرعة وخرجت منه مراسلة عشرينيّة ترتدي بزة عمل وشعرها البني معقوصٌ للأعلى، لم ترَ تعابير وجهها ولكن من خطواتها المتعجلة ناحية دورة المياه استنتجت ما حدث، لا بُّد أن ذلك الشيطان هو السبب.

مانفريد شيڤا، مذيع أخبار الساعة السادسة ومدير القسم المالي، رجلٌ يمتلك مقوماتٍ متوسطة، لسانًا لاذعًا وقدرة لا محدودة على الإحباط، قطبت تانيا باستياء وفكرت: لا بد أنه يعيد تكرار كل السيناريوهات السيئة التي عانى منها قبل وصوله لمنصبه المرموق هذا. تنهدت من الأعماق إثر تفكيرها بذلك.

إلى متى ستظل المعاملة السيئة تنتج حلقة مفرغة من المعاملة سيئة؟ ومَنْ سيكسر هذه الحلقة إذًا إن كان كل شخصٍ يفرغ معاناته الخاصة في الآخر؟

تشبثت بسوار حقيبتها وازدادت خطواتها سرعة، هي لن تصبح أبدًا من أمثال شيڤا، أبدًا أبدًا!

ما إن وصلت دورة المياه انتظرت تانيا بضع دقائق قبل أن تفتح الباب وتدخل.

كانت المُراسِلة الشابة تقف أمام المرآة، تحاول إصلاح زينتها لكنها لم تنسَ منح تانيا ابتسامة مقتضبة عندما اِلْتقت عيناهما، وقفت تانيا في المرآة المجاورة لها وأخرجت حقيبة المكياج الخاصة بها، بدأت بتعديل خصل شعرها، رفعته عاليًا على شكل ذيل حصان فلاحظت لتحديق الفتاة فيها عبر المرآة، ابتسمت الثانيَّة وقالت: "شعرك جميل."

"آه." إحمّر وجه تانيا التي لم تتوقع ذلك، كانت ترغب بمواساتها فكيف انتهى الأمر بها من يُمدَح، "شكرًا لكن لا يخدعك مظهره، إنه نتاج العديد من ساعات التصفيف والصراخ على مجفف الشعر."

「 مُحَـاولة الغـرق 」حيث تعيش القصص. اكتشف الآن