22

325 54 28
                                    

...

وقف إيفرت أمام كابينة عرض الحلويات وهو مكشرٌ بشدة، كان ينظر إلى الأنواع المعروضة كمَّا لو أنه يمتلك تجاهها ضغينة، زمَّت إيثر شفتيها وانتظرت بصبر، ورغم محاولتها للحفاظ على واجهة جادة إلى أن عينيها لمعتا بتسليّ فقد تعرفت على هويَّة إيفرت ما إن دلف إلى المقهى، توقعت أن يطلب قهوة مركزة أو شيئًا من هذا القبيل لذا عندما وقف أمام قسم الحلويات رمشَّت ناحيته كما لو نما له رأس ثاني ثم تبعته الخطا وانتظرت وراء درج المحاسب، لكن زبونها المشهور جدًا كان يجد صعوبة في التوصل إلى قرارٍ مصيري هام، مما قادنا من حيث بدأنا، إيثر تزم شفتيها وتفكر إن كان عليها مساعدته بإقتراح نوعٍ معين، لكن عندما رأت النظرة الجادة بعينيه امتنعت وقررت أنها ستكتفي بالانتظار.

أطلق نفسًا مسموعًا ومَسَح وجهه، اقترب من طاولة الحساب دون أن يزيح نظره عن الحلويات المعروضة، "هل كان لديكم في السابق..."

صَمَت برهة كما لو أنه يحاول تجميع الجملة وصياغتها في عقله كما يجب.

"كعك..." نظر بعيدًا ويده تمسد لحيته المشذبة، "لكنه كعك قصير، أو صغير، لا أعلم يمتلك منزلًا!"

قال الجزئيَّة الأخيرة بغيظٍ من فشله بتذكر الاسم وفي تلك اللحظة شعرت إيثر أنها تستحق جائزة لسيطرتها على موجة الضحك التي جعلت شفتيها تهتزان لكنها قمعتها بكل ما تمتلكه من احترافيَّة.

"سيدي، أتعني كب كيك بالزبدة؟"

"نعم!" أشرقت ملامح إيفرت وأومَأ ناحيتها، "فوقه تلك الزهرة التي تحبها الفتيات."

"دوّار الشمس؟"

ابتسم إيفرت ودون أن تشعر وجدت إيثر نفسها تبتسم أيضًا.

"لدينا كب كيك لكن الثيم لهذا الأسبوع هو الورد الأحمر..."

"آه..." قال إيفرت واِلْتفت ناحيَّة الحائط المقابل يفكر بحلٍ لمعضلته.

أمعنت إيثر النظر بإطاره الجانبي، كانت تشاهد نشرة الأخبار كل ليلة ومعجبةٌ كبيرة بأسلوبه -والذي يجده كثيرون باردًا- في طرح القضايا ومناقشتها، كما أنها كانت في بعض الأحيان تتابع برنامج الكلمة الأخيرة، لديها بعض التحفظات تجاهه ولطالما شعرت أن البرنامج مُسيس ويخدم أغراض مَنْ يدفعون أكثر ولكن الآن وهي ترى إيفرت أمامها، وجهًا لوجه، تساءَلت عن مدى مصداقيَّة حكمها.

نظرت إيثر إلى يده اليمنى، لمَّع خاتم زواج فضي مع إضاءة السقف البيضاء، تنفست بارتياح وفكرت: من الجيد إنه متزوج، أمثاله خطر على قلوب العزباوات. أكملت حديثها مع نفسها ثم قالت بصوتٍ عالٍ: "سيدي، انتظر لحظة."

「 مُحَـاولة الغـرق 」حيث تعيش القصص. اكتشف الآن