تحت السواهي دواه

22 4 1
                                    

كان الدبوس يلمع حين تنعكس عنه أشعة الشمس فتتقد عينا ميراندا شرارا وغبطة لم تعد في حاجة الى المكوث في هذا الكوخ الذي تحتقر أصحابه بعد الآن .تمسكه بقوة . لحسن حظها انه تركها بلا قيد.ركضت نحو الباب وأخذت تدير دبوسها في القفل بدل المفتاح وحين خرجت وتحررت من سجنها أخذت تمشي بخطوات سريعة أشبه بالركض فلا تلوي على شيئ ...
ثم تخف الخطى وكأن حماسها بدأ يخف تدريجيا أخذت ذكريات طفولتها المريرة تصعد فوق سطح السعادة كما يطفو الزيت فوق الماء لم تقاوم إستسلمت لأفكارها وآهاتها.
  الآمال عليها شديدة كانت جميلة بحق . وكانت تلك الصفة مطلوبة لدى الساحرات.كل يمشي على خطى خطة صاحب الأعين القرمزية .كان إسمه يلفظ في همسات يملؤها الفزع والخوف . كل من كان يعارض أمره يسجن في زنزانة فلا يرى نور الشمس لكن ولأن أوامره كانت كثيرة وأعوانه أكثر فإن أولئك العصاة كانو بدورهم كثرا وكان يعجبه ذلك لغاية في نفسه.
ميراندا تعلم انها ان عادت ستكون سجينة مرة اخرى ولكن ذلك السجن أقسى سيعيدون تأهيلها كما يقومون بتجنيد سائر المسجونين .في ذلك القبو لا أحد يرحم .انهم وحوش وليسوا بشر كل قصر في ممالك المنظمة كان تحته سرداب ظخم يعذب فيه الصغير والكبير النساء والعجائز وكل على الطريقة التي تلتهب بها نفسه والسبيل الذي يصبح بعده كائنا بلا كيان وحرا بقيود حريته وعبدا لغير الخالق لصاحب العيون دكتاتور وان إختلفت التسميات.
كانت من القليلات اللاتي تعلمن بأمر ما تحت القصور وأن ماتحت السواهي دواهي كانت تبتسم  إبتسامة ساخرة حين تطرأ على مسامعها إطرائات أهالي القرى من من مكثت معهم فترة إستعدادها للحرب عن جمال القصور المشيدة لأنها تعلم حقيقة الأمر. 
لم تكن طفولتها هنيئة بتاتا .كانت تتمنى لو ولدت إبنة مزارعين في أقاص الشمال أو في أرض الجنيات او بين أحضان قبيلة ما. كل مكان كان ليكون باهرا بالنسبة لها ما دامت ولدت بأرض الساحرات  أرض شمسها غائبة صباحا ومساء والغمام يجتاح السماء .لم تكن ولادتها بشرا وسرورا لأهلها بل كان نذير شؤم لأنها فعلا البنت العاشرة للساحرة سحر .كانت الساحرات نادرا ماتنجبن أولادا والوحيدة التي فعلت من الولادة الأولى كانت الساحرة التائبة  المسماة جمر.
ولدت عاصم بعد أن هربت من ذلك القصر المشؤوم لتفزع ووليدها بإعدام رب الأسرة .
أربعة إخوة سحر أكبرهن تليها جمر ثم قمر والصغرى سمر .هذا الأمر شبيه بشكل ما بقصة البتلات الأربع. مؤكد أنها ليست صدفة لانه القدر وإن شئنا قلنا أنها صدفة كتبت بحبر القدر أو بذرة زرعت بأرض القدر.
المهم أن الفتاة ميراندا هي إبنة سحر العاشرة لذا لم تكن أبدا معاملة بأسلوب يناسب مكانتها بل وكانت ربما الأشد معاناة كانت أخواتها تسخرن منها يحقدن لأنها أجمل منهن ولكنها تبقى بنظر أمها فاشلة لأنها لم تحقق إنجازا بعد . وحين تشجعت وذهبت لأمها لتستفسر منها ما العمل وجدت إجابتها تصعق وتبرق وترعد كل كيان في روحها الضئيلة .
_عليك بفولان إنها عسكري ذا شأن هام يقول الملك إن نجحت في إغواءه تمنحين فرصا عظيمة
كان إمتحانا لكلا الطرفين ففي الواقع ذاك العسكري إن لم يقتله عاصم إبن خالتها فسيقضى عليه غدا بأمر من الملك لكونه تقاعص في عمله ونجحت معه تلك الوسيلة القذرة في إلهائه.
كانت فتاة يافعة ولكنها لم تفكر كثيرا ببشاعة الأمر أو بالأحرى كانت محاطة بتلك الأفعال من كل جانب كان ذالك هو مفهوم الساحرة الشابة تماما فإن إستحالت عجوزا بشعة تجلس على كرسيها الهزاز وتعد العقاقير السامة للعدو .
***
قاطع صراخ حاد تلك الخواطر المظطربة.عادت دون تفكير عادت وهي تصرخ وتجهش بالبكاء.لا تعلم لم عادت ولكن قدماها ليستا ملكها الآن .وحين أصبحت أمام الكوخ وجدت عاصم كما لم تعرفه من قبل هائجا محتارا يجيئ ويذهب في الكوخ كمن أصابته مصيبة وحين إقتربت منه ناداها:
_ميراندا ؟حوى حوى..اا إنها تلد ...كيف أفعل؟
_إهدأ..سأساعد هات المناشف وو...ووعاء من الماء الدافئ.
ولجت الغرفة لتجد حوى تتأوه وتصرخ ووجها ممتقع متعرق يميل لونه من الحمرة إلى الزرقة
يبدو أن الولادة ستكون صعبة ...

نبض الزمرد/ Emerald Pulse حيث تعيش القصص. اكتشف الآن