الفصل الخامس والعشرون
العقل مهيب والقلب راهب
الضحكات مستمرة والقهقهات تتعالى .. وبخفة يدها تسحب حورية كيسا من القماش الخشن من العدم ،ملطخا بالدماء .
تجهمت الوجوه ،واختفت الملامح أو بالأحرى تجمدت بعد أن أخرجت رأس صقر أخذت تتمايل به وترقص كمن في أشد الأحوال سكرا وتقول كلاما بالكاد يفهم
_العين بالعين...هههه والسن ...بالسن ههه والبادي أظلم...قتلته كما وعدته .....قتلته كما وعدته.ههه...أيحسب أن إعتداءه على جوهرة مثلي أمر هين وجعلي اقتل جنديا لا حول له ولا قوة أمر هين ..انا القاتلة حورية لا اقتل عبثا....
سرت قشعريرة في جسد حور وصرخت لزمرده
_ساعديني على ايقافها
_عقيق عاصم ،دماء ثبتوها رجاء
_ثبتها الشبان في رثاء لحالها وأخذت حور منها الكيس واقتربت حوى من أذنها تهمس :
_حبيبتي اهدئي لن يؤذيك احد أعدك..اهدئي رجاء
تعاونت كل من حور و زمردة على تخبئة ذاك الرأس ولأن الأرض لا تصلح لدفنه فإن الفتاتان اختارتا أن ترميانه في النهر .
كانت زمردة تمسك دموعها في النهاية الرأس رأس والدها :
قامتا بما يلزم وطفقت تشيعه بنظرات انكسار يطفو على الماء فقدت الوعي ..لا أحد يعلم شيئا عن علاقتها بوالديها لكن جل الحاضرين يعلم أنها من أمر حورية في الخفاء بقتله أو سمحت لها بذلك لأن حورية كانت شديدة اللهفة لفعلها.
فقدت الوعي حيث انتبه دماء لها فترك تثبيت حورية وركض لها وحملها قبل أن تقع ليدخلها كي تستلقي على فراش الكوخ المهجور القريب الذي اتخذته مسكن تلك الفترة القصيرة.
خارت قوى الجميع ونامت حورية بعد تلك الانتفاضة ووهنت حور ففرشت على أطراف النهر حيث لا أحد غير وردة التي كانت نا ئمة في شبه خيمة من الأغصان .بكت بكت بمفردها لأنها لا تبكي أمام الجميع ولا يمكنها الانهيار أمامهم ولا فقدان الوعي ولكن من حقها البكاء بمفردها صحيح ..ليس كثيرا قليلا وحسب
كان تلك حوارات باطنية بينها وبين نفسها .
دخلت حوى لتنام مع الفتيات في الكوخ
ونام عاصم وعقيق ودماء أمامه ولكن عمر لم يجافه الحظ كي ينام فذهب الى النهر ليشرب وأثناء شربه وجد الطفلة وردة مستيقظة في أحضان حور التي كانت تبكي بلا توقف وتغني لها بصوت حسن:
سأنام سأنام ..إنتظري يا احلام حتى أغمض عيني وأغفو في سلام..
..
سأطير سأطير إنتظري ..يا عصافير...
كانت لتكمل لو لا أن رأت الغصة التي أصابت عمر وهو يشرب الماء أمامها فالتفتت هي ووردة في آن واحد وقد قالت لها الصغيرة بصوت لطيف:
_ماما من يكون؟
_فقالت أنه السيد عمر
_السيد؟ تمتم بابتسامة مستنكرة فحدفته بنظرات عتاب حتى يعود من أين أتى وقد حمدت الله على الظلام الحالك الذي لم يجعله يتعرف عن من تكون فلم يرى سوى عينيها الجميلتين في الظلام كقطة أو كبومة أن صح القول..
لعل ذلك أفضل فهو يبقى غريبا وهي لا تريد مصائب إضافية.
ولجت حور الكوخ ومعها وردة في حضنها وهي تحاول ان لا تدوس على أحد الرجال النائمين بإستمرار أمام العتبة أو تتعثر بهم وحين لمح القادم ما تفعل اخذ يبعد ويدفش تلك الأجساد الثلاثة امامها دون أن ينظر لوجهها .فشكرته بصوت لا يكاد يسمع وركضت ثم أقفلت الباب ورائها واتكأت عليه ونبضات قلبها تتسارع إلى متى ستظل فوبيا الغرباء تلاحقها ؟لم تشعر أن كل رجل غريب قد يعتدي عليها أو على أخواتها؟ أم ذاك الشعور يصاحب كل أخت كبيرة تسكن مع عائلتها المشتت في العراء؟
بعد نحو ساعة تقريبا فتحت الباب وهتفت في ذعر :
_سطل ماء رجاء... إحداهن مصابة...
_لم تكمل حين لمحت أمام قدميها ظهرا عاريا بعضلات مشدودة لكن ليس هذا ما أثار إنتباهها بل تلك الجروح الكدمات والحروق فشهقت شهقة عالية فاستيقظ حينها الجميع فقال صاحب الجسد في هدوء:
_أكملي
-دلاء ماء رجاء ...حوى مصابة بحمى شديدة إنطلق عاصم ركضا وقد لحق به عقيق ودماء في تلبية للنجدة وأخذ يرتدي عمر قميصه مهرولا وراءهم حينها بدأت حور تراجع نفسها لتعلم أن عليها تقبل شكل العائلة الجديد ففي النهاية هن يحتجنهم وهم يحتاجونهن ..وهذه سنة الله في خلقه.. ظلت تتخيل لو أن حورية لم تواسي عقيق ليتجشع وينزل أمه عن العرش أو أن حوى لم تربت على عاصم و تجعله يتقدم تتخيل لو أن امراردو لم تمنع دماء بإسم الملك او الحب أو ايا كان ان لا ينهب أرواح الأبرياء هذه الحياة أخذ وعطاء وفي الحب تضحية..معان تدركها حور اول مرة كانت تعرفها ولكن المعرفة شيئ والإدراك شيئ آخر..العقل مهيب لكن القلب راهب..
أنت تقرأ
نبض الزمرد/ Emerald Pulse
Fantasíaفتاة ذات 17عاما تغفو بعد أن تقع أرضا في غرفتها لتعيش من بعد تلك السقطة أياما عصيبة وأحداثا غريبة تعلم من خلالها أن لها هدفا لتسعى خلفه و أصدقاء على إستعداد للتضحية في سبيل ذاك الهدف المنشود. .