زواج مفاجئ

44 5 4
                                    

الفصل العاشر
(زواج مفاجئ)

قبل سنة
انتظرتهم  حوى كثيرا....حتى مللت الإنتظار وحين كانت على شفير الموت جوعا أبصرت عيناها الحزينتان شابا  قادما على سفينة تشق البحر شقا ...
طويل القامة هزيل تبرز عظام وجهه فتزيد من حدة الملامح كان يميل للسمرة وعينه نجلاء تنسيك ما كان عليه وجهه من نحافة وشحوب .
تأملت كل ذاك بعد أن رسى بسفينته على حافة النهر حيث تجلسُ ووضع رجله على نهاية قاربه وانحنى واضعا كوعه على رجله واذ بها تتيقن أنه يرتدي مئزرا طويل أسود اللون يغلب على طياته البهتان تحته قميص صوفي  باهت و يبدو عليه القدم قال بصوت خشن كصوت محارب في العصور الوسطى  وقد انحنى ظهره نحوها  وهي ماكثة مكانها كقطة خائفة تطوي  قدميها خلفخا وتمد عنقها نحو الأمام :
_ما لي أراك ترتعشين أيتها البقرة السمينة؟هل تريدين علفا؟
_اولا لست بقرة سمينة. أنا حوى ثانيا ...وقاطع كلامها صوت قرقعة معدتها فاحمر وجهها الخجول وأمسكت ببطنها بشدة ودست وجهها بين ثيابها الواسعة وأنزلت  رئسها المغطى بالقلنسوة واستدارت ولكن صوت معدتها لم يشفق عل حالها بل اشتد واشتد ..
أمسك الشاب برمحه وأنزله بقوة في النهر وأخرج سمكة وقال:
_كفاك تصرفات طفولية وهيا إلى الطعام..
وإلتفّا حول النار وشرعا يأكلان بنهم وفي صمت عجيب فقد كان الغريب إثرها يخفي جوعه الذي ربما كان أشد وقعا وقوة من سغب حوّى.فيرغمها على الأكل ويتظاهر بالشبع ففي النهاية لن يظمن انه سيجد اكلا غيره.وحين كانت حوى تملأ معدتها لم تنتبه الى أن النار كانت تقترب شيئا فشيئا من فستانها الطويل حتى التهبت فيه فرأى الشاب ذلك ونادى عليها في فزع:
-انزعيه..انزعي الفستان..
فسكتت ولم تنطق بحرف من الذهول. عديد التساؤلات تدور في خاطرها ماذا أفعل أأهرب منه..ولكن حرارة النار على جسدها قد قاطعت حبل أفكارها  وأوهامها واصل الشاب النداء
_أعدك لن أنظر ...إنزعيه
ولكنها لم تستمع اليه وباتت تصارع الثوب كالمجنونة فحملها متجاهلا ما ستمسه من النيران  من على ثوبها أضف الى ذالك أنه حين اندفع اليها لم يلتف حول  النار بل داس فوقها ليقتصر المسافة
كانت الفتاة ترى في عينيه رجلا شهما وقلبا نقيا يرتدي رداء القسوة وينزعه إثر المصائب . فحينها غرقت في عينيه غاب عنها الألم فلم ترمش حتى.
وصل بها الى النهر وتقدم بها حتى انطفأ الفستان بينما لم تزح عيناها عنه..
ولكنها حين انتهت من الذهول انتبهت ان الفستان قد أكلت النار جزء ليس بقليل منه حيث بالكاد يغطي  الركبة في بعض اللفات  والثنيات فعلى حين غرت  رأت ذلك  و صاحت.
-أنزلني رجاء أنزلني فأسقطها في الماء ولكنها كانت قصيرة القامة فغرقت فحملها  وهو يظحك بشدة فسالت العبرات من محجر عينها .كيف لا وقد نفذت حينها حلول الأرض والسماء من دماغها والأنثى حين تعجز تبكي فقالت بنبرة توسلية
_رجاء أخرجني دون أن تنظر الي أكثر أخرجني ولاتزد حالي سوءا
-وحين أنهت كلامها عجبت أنه قد أغلق عينيه واستدار عائدا بها وهو يقول
_حوى ..لا تقلقي لم أر شيئا لقد تخبطت فالماء كفاية لتحجبي عني ما تحت الفستان ووشاحك او القلنسوة تلك  كذلك لاتزال ثابتة بماذا ثبتتها بحق  خالق السماء؟
_الخوف من أمثالك ثبتها
إهدئي...وجهك بدر فكيف لي حين لقياه أن أرى غيره فلا يجذبني شيئ آخر في الكون
..البدر يغني الناظر فلا يحل له النظر للنجوم
وصمت وحين وصلا أعطاها معطفه
_ ربما يفيدك هذا..
_إسمك..ماهو اسمك..
-اسمي هو عاصم
_شكرا عاصم..
وأخذ عاصم يذهب ويأوب بقاربه  يحضر لها الطعام ويرحل بعد أن فتح لها كوخه وانصرف عنها
  ومرت ستت أشهر  وفي يوم جلب معه شيخا طاعنا في السن و اثنان من سكان البلدة التي على الطرف الآخر من النهر وقال لها مع ابتسامة طفيفة وعينان تملؤهما الفرحة
_هل تقبلينني زوجا يا حوى ..

(عاصم)
تعلمت من حوى أن الفتاة الحنون ستحبك بجنون .سيرق قلبها لك كما يرق قلب الأم-وما أطهره قلبا-على إبنها المدلل.ستحترمك وستمنحك مكانتك التي تستحقها وربما أكثر .ستجعلك ملكا وتضع على رأسك تاجا لو فقط أشعرتها ببعض الإهتمام فإنها ستمنحك العالم بأسره فلو وجدت مثلها لا تفرط فيها فهي نعمة ورزق من الخالق. عطائها لا ينتهي ولكن إحذر من أن تكسر قلبها يوما فإنه كالبلور نقي صاف ويسهل كسره فلا تعالج خدوشه ثانية.
ولذلك سعيت لأن أعجل في الزواج بها واعلم انها ست افق لأنها ببساطة ستحتاج لسند لغربتها تلك..
وفعلا وافقت ولكن حين أكملنا المراسم سحبتني على حده وقالت في همس
_لي عندك طلب
_أعرف أعرف لن تَمَسّكِ يدي حتى تأتي الموافقة من أخواتك
_ليس فقط يداك بل عيناك أيضا
_أتعجبك عيناي؟
-صراحة ..هي جميلة ومخيفة في آن واحد
_كيف ذلك
_ أممم كالبحر في الليل في ظهور القمر
المشهد جميل لكنه غامض ويستدعي الرهبة فربما أشعر حين النظر لهما أني بذلك سألقى حتفي لكنني أفعل لأن التوقف عن النظر فيهما ليس أمرا بإستطاعتي فعله...
وسارت الأيام بهدوء لا يوصف وسكينة لا تقدر بثمن والإثنان ينتظران إخوة حوى في الكوخ حيث يبدوان كزوجين ولكنهما زميلا سكن فقط بباب مفتوح على الدوام..
لاحقا
جاء الجميع وحان اللقاء وإلتم الشمل ما عدى حبقة وشرح الكل للكل وبدأت عجلة الأحداث تدور فماذا سيحدث لأبطالنا الإخوة الأربعة والشابان الغريبان؟.. وهل ستوافق حور على هذا الزواج؟

نبض الزمرد/ Emerald Pulse حيث تعيش القصص. اكتشف الآن