..بينما هو يصرخ في أعلى التلة إنتفضت الفتاة الصغيرة في القاعدة الثانية حين لمحت حوى تقيم جذعها وتفتح عينيها ثم تمسك قلبها وتتأوه.
_خالتي لا تنهضي . إنتظري هنا لحظة..
أحضرت لها كأس ماء ثم ساعدتها على الوقوف. قصدت حوى الحمام فإغتسلت فرشت سجادتها صلت حتى شكّت الصبية أنه قد أغمي عليها أثناء السجود دعت في ترج محموم وبكاء حار ثم جلست حذو االصبية التي كانت تلاعب طفلة على وشك الإستسلام للنوم أخذتها عنها وواصلت أرجحتها . وفي صوت بريئ هامس وإبتسامة طفولية سألتها الصبية:
_ماذا تنوين تسميتها يا خالة؟
لم تنبس حوى بكلمة نظرت للطفلة في دهشة تحاول إستيعاب الأمر . كانت تدرك أنها حامل في شهرها الأول ولكنها لا تتذكر إنجابها للطفلة بعد .
_كم مضى من الوقت وأنا منسدلة على السرير مغمصة الجفون؟
_تسعة أشهر. لكنني سمعت من أمي أنك إستيقظت تدريجيا أثناء الولادة و فقدت الوعي قبل أن تدركيه.
"لم يكن ذلك حلما إذن"
_ما إسمك يا حلوة؟ وإبنة من أنت؟
_ وردة إسمي وردة إبنة عمر وحور .
لم تكن أبدا لتصدق ذلك. حور! منذ متى؟ ماذا حدث؟ أسإلة كثيرة أفصحت بأههمها للبنية.
_ترى أين هم أين الرفاق؟ وعاصم؟ أشعر بشيئ غريب وكأنه حجر على صدري أتمنى أنه لم يحدث شيئ لزوجي عاصم. قلبي غير مطمإن.
_هم في الحرب. يواجهون العدو. على التلة
فغرت فاهها ثانية .
أسرعت إلى الشوال ملأته أغراض خفيفة وثياب قارورة ماء وطعاما محفوضا من خزانة التبريد
قبلت البنت ثم أوصتها على الطفلة وهي خارجة لاحظت وجود عدد لابأس به من الحراس فإطمأنّت على الفتاة والرضيعة.
غادرت تهيم على وجهها تدرك أن وجهتها هي التلة ولا شيئ آخر وحين وصلت كان المشهد مروعا موتى وجرحى ومصابين لمحت أختها من بعيد فلحقت بها.
لم يسعهما الكلام كثيرا ولكن حوى تفطنت لجرح حورية فإنشغلت بإعادة لفه وتضميده وحينها كانت الصدمة إنه يشفى أسرع كلما مررت فوقه يدها. تذكرتا أمر القوى لم يكن منسيا بتاتا ولكن ورقة رابحة وقع تهميشها وهنا وقفت حورية وأطلقت نيرانا من كف يدها على تجمعات العدو. في الأول كانت عشوائية ومليئة بالدخان وغير مجدية ومع الوقت أصبحت متقنة الصنع لا تشوبها شائبة.فصيرتهم رمادا وبحثت حوى عن المصابين وعالجتهم رغم ما يستغرقه ذلك من وقت و حين إلتفت وصعدت أعلى التلة نحو عاصم وجدته ساهما فنقلت بصرها نحو حور وجدتها عاجزة أمام السهم الذي غرس في قلب ميراندا . إقتربت منها ولكن قد فات الأوان قدرتها لا تحي الموتى. إقتربت أكثر من عاصم الذي لاحظ وجودها أخيرا فدمعت عيناه وفاضتا كشلال متدفق حضنته وبكت معه ورتبت على كتفه.
_هي إذن. أنت تعلم لقد أنقذتني .. لم يكن عليها فعل ذلك انها حقا طيبة يا عاصم .رحمها الله لقد أسأتَ الظن بها أليس كذلك؟ لقد كنت أعلم أنك تخفي أمرا ما وحين سمعت ما قالته وهي تساعدني كانت تبكي وهي تحكي قصتها كنت أظنه حلما لكنها حقيقة لقد كانت حياتها قاسية ولقد قسوت عليها...سامحك الله مثواها الجنة بإذنه تعالى.
_إستيقظتِ حقا!؟ قاطع عاصم كلامها بنبرة نستغربة وتلك الدموع الحارة تجد طريقها بين أخاديد وجنتيه.
لم يبتسم وهو يقولها لم يتجاوز الصدمة بعد ولكن رائحتها في حضنه وجواره أعادت له بعضا من رشده. زوجته قد إستفاقت حمدا لله .إنها معجزة !
لاحقا...
أبادت حورية بقواها نصف العدو بمساندة حور التي أبهرت الجميع بحسن تحكمها بقواها الجليدية الفضل يعود للمدرب عمر. الورقة الرابحة لم يتم تهميشها بل قد تركها القادة لهذه اللحظة الحاسمة لصنع الفارق بينهم وبين العدو وشاء القدر أن تكتشف حوى قواها فيحين الموعد قبل قرار إعلانه بثوان فتصرف الجميع بتلقائية فالهدف واحد إبادة العدو وإخضاع الناجين للإستسلام الفوري. كان هذا الأخير قد فتك بعديد من رؤوس المنظمة من قادة وقناصين وغيريهم بيديه أعزلا يمشي في ساحة المعركة يقاتل دون سيف .يرمي العدو بلا سهام.
الملكة لم تكن هيّنة بتاتا هي كذلك تملك مدربا ومستشارا علمها كيف تحمل سيفها ولها قائد جيوش وإبن خالة علمها كيف تكون الملكة في لوح الشطرنج وعلى أرض الواقع. هي الآن تسير ملطخة بالدماء تصيب بسيفها هذا وذاك تأمر العساكر وتأسر رهائن الحرب وتصدر الأحكام كلبؤة ترفع رأسها شامخا. قضت على نصف العدو و المتبقي منهم إما موتى أو أسرى مصابين ولنزاهة الحرب أمرت فئة بمعالجتهم.
من بعيد لمحت حورية جون وحين تتبعته ناوية قتله أمرتها زمرد بالتوقف فقد إستسلم الرجل وبل هو ينوي مد يد العون وستكون اليد اليسرى لزعيم المنظمة الراحل مفيدة طبعا ..
أصبحت ساحة المعركة أشبه لنهر من الدماء. جثث وأشلاء في كل حدب وصوب لم يتبق سوى عدد ضئيل من جنود زمرد وأسرى من العدو المصابين. تقف وسط الساحة تتكئُ عل سيفها . ثيابها غارقة في الدماء تلهث وتتصبب عرقا ولكنها لازالت قادرة على منح الأوامر وإصدار القرارات. إلتفتت لعقيق محدقة صوب عينيه ثم فوق التلة صوب عيني حور تنتظر الإجابة . ولكنها لم تصل بعد.
قبل قليل إنسحب عاصم رفقة حوى حاملا جثة ميراندا معلما عقيق بإستحالة مواصلته القتال فأمره وزوجه بإتخاذ خيمة قريبة لعلاج المصابين من الأسرى. وكان على أحد تفقد القاعدتين وجلب الفتاتين من القاعدة الثانية وتسير شؤون المدن المحيطة وإخضاعها طوعا أو غصبا لنظام الحكم الجديد . وأُختير عمر لتلك المهمة.
_وصلت وصلت ! حورية..جلاللتك إنها هنا !
إتجهت إمراردو رفقة دماء أعلى التلة بقي عقيق في مكانه متصلبا يلمح بعيني صقر ما يحيط به من دمار. حرب هي حرب وهو يعلم انها كذلك يعلم مدى بشاعتها ويدرك حجم الضرر الذي سيقع لعوائل الضحايا من الطرفين. والأشد بشاعة أنه المسؤول عما حدث وما سيحدث . الملكة قد إختارته بل القدر هو الذي إختاره. عينا تلك السمراء الغجرية وشاحها المتمرد بل ثغرها الباسم إختاره في تلك الصحراء الخاوية إلا من قصص الحب التراجيدية. أحبها بل وأحب غطرستها جنونها وإجرامها. حين يفكر في الأمر فإنه قد أصبح وغدا منذ أن غازل فتاة في قلب الصحراء. لم يفكر في الأمر مسبقا على هذا النحو قد أسرته أليس كذلك؟ بل وهو لازال يتنفس فقط لتحقيق ذاك الحلم البعيد. هي وهو في كوخ في الغابة المهجورة أتلك كفّارة لذنوبه؟ ربما قد يتوب سيحاول جاهدا اليقين برحمة الله التي يقسم أنه لا يستحقها يرجوها لكن طاغيا مثله ليس أهلا لها. ولكنه يعلم أن الله غفور رحيم. ينتظر موته بفارغ الصبر حالما بذلك اليوم هو والسمراء الغجرية وربما بعض الأطفال في ذاك الكوخ هل سيقلع عن التدخين مستحيل هو غير قادر على ذلك وزوجه المصون ليست صالحة لتبعده على ذلك يكاد يقسم انها تدخن سرا. إذن هل إنجاب الأطفال فعل وقح وأناني من مجرمين مدخنين حاصدي الأرواح؟ ربما هو لا يريد شيئا سوى الراحة ويا حبذا لو كانت قبرا. يريد الموت ولكنه يرغب في أمنية أخيرة. الزواج منها ليلة واحدة معها ثم و على الدنيا السلام.
أفاق من شروده على صوتها بل صراخها في وجهه ملوحة يدها له.
_هاي يا ستارة الحمام . يا سوء حظي أين كنت؟ ألا تسأل عني؟ سحقا لك ولعدم مبالاتك بي.! بنت سعد يتم تجاهلها بهته البساطة؟ لن أغفر لك هذا ولو قبلت رجلي
قلب عينيه بسخرية وإبتسامة صافية تزين ثغره هي أميرته وقاتلته "سمراءه الغجرية "فاتنته ""سيجارته"التي تجعله يثمل دون شرب. ويطعن دون رحمة. .
_هاي ياهذا وجدت العظام جلالتك وجدتها إنها وراء الجبل.
لم تنجح وحدها في إيجاد مكانها بل ساعدها جون في ذلك. حملت الشوال في يدها وعادت نحو ظالتها.
لاحقا...
العظام في الشوال لم يكن ايجادها صعبا فمكانها يعلمانه كلا من حورية وجون وبمساعدتهما وبعض الجنود تمكنو من جمعها في وقت قصير.
هي لاتزال تذكر صفعه لها حتى الإغماء كرهته لحد الجنون يسير الآن أمامها مكبل اليدين مستسلما حاني الرأس ولكنها رغم ذلك ترغب بشدة في الإنتقام تظاهرت طويلا بالتماسك ولم تنحني حتى أمام أقرب الناس لها. لن تهدأ ثورتها حتى تفعلها ولكن الأولوية الآن لتنفيذ الأوامر. ولن تتمكن من قتله إن صدر في حقه عفو عام كسائر المستسلمين ولا تعلم كيف ستتخطى ذلك إن فعلتها ملكتها الرحيمة.
***
أشعل سيجارة نفث دخانها و إبتسامة بين السخرية والعشق تزين ثغره ينظر صوبها سمراءه الغجرية. كيف له أن يغضّ البصر بحق خالقها؟
باغته دماء مارّا جانبه برفقة زمرد التي كانت تمشي بثقة وإتزان بعض من الدماء تلطخ ثوبها الداكن سلسال طويل يتدلى من رقبتها يحمل شمسا صغيرة ذهبية ووشاحها الأسود المزين بأحجار زمرد صغيرة تضفي رونقا على هيبتها المعهودة . لم تكن القائدة يوما ولا تحمل أي سيمات قيادية وحتى في هذه الحرب فعقيق هو القا؛ئد خلف ظلها يسيّر الأوضاع بتلقائيته وحزمه المعهود. هي تعلم أنها لا تصلح لهذا الحكم ولكن إن كان من حقها فهي ستفضل المطالبة به بدل تركه للعدو . يفعل في ملكها ما يشاء ويعيث في الأرض فسادا.
يهمس له بصوت خافت بنبرة فيها من الممازحة الشيئ الثقيل...
_ أخفض بصرك أيها القائد . هي ليست حلّك بعد
يقولها وهو يعلم أشد العلم واليقين وبل يؤمن بأن الحب أعمى ويدرك أنه قد أصيب بالعمى منذ أن أحب وقد يكون بعيدا عن أحقية لومه بذلك.
99، 98، 97 جوادا يعدّها كمن يحصي لحظات تفصله وتقف حائلا وحاجزا بينه وبين توأم روحه. يرسم على ملامحه الوسيمة تصلبا وبرودا يبنما داخله يشتعل حمما ويفور براكينا إنفعالات يكتمها بصبر نافذ ويمسكها كي لا تفر منه كإمساك الغريق بقشة في عرض البحر وكحرص فتى على نور شمعته أن لا ينطفأ هو يحبها لتلك الدرجة. ولأنها الجريئة التي أعلنت رغبة الزواج منه مرارا في حضوره وغيابه فهو الجاحد الذي أقسم على رد جميل عباراتها وفتنة إبتساماتها وهو الرمح الذي شاء أن ينشطر نصفين فقط ليصيب هدفه أن يكونا سويا.. زوجان شرعا وقانونا...
ولهذا ولأنها ليست سهلة المنال فلن ترغب إطلاقا في نظرة خاطئة منه ولو كان حبه لها وسع السماء والأرض وإتساع العوالم الخمس قرر الأخذ بنصيحة المستشار ذي المزاح الثقيل وإخفاض بصره عنها والإنشغال بعمله... سمراءه الغجرية تحسن إختيار الألقاب الفضيعة له منذ أول لقاء إلى الآن لو كان أي شخص ثان في هذا الكون الفسيح لندم أشد الندم على فعلته هذا إن إمتلك تهورا كاف لدعو ولي عهد أربع عروش بعبارات مماثلة لما تفعل هي ولكنها تفعل.. لأنها هي..
ولأنه في هذيانه بها والحمى التي أرهقته بحبه لسمارها ينسى من يكون فإن يسمع الشتائم الصادرة منها فهي مدائح وبل وتغزل بحت..
102، 101، 100 من الجياد حتى يكونا سويا
..لقد إقترب ذلك فهو قد مل أن تكون شمسه التي تبعد عنه 7 .597.870 .149 كلم. فهو يريد أن يحترق بأشعتها وأن ينصهرا سويا حتى الموت.
أربع جياد عربة كالتي تحكي عنها الجدات في حكاياتهن من أساطير خيالية عن أربع جنيان وعصفور جنة حيث تنتظر الفتاة أميرها بينما هي أميرها حذوها يذوب حبا وأعينها صوب هدفها لا تميل...
تصعد الدرج المرفق بالعربة تحمل بأطراف أصابعها ثوبها كأميرة من العهد الكلاسيكي...
أنت تقرأ
نبض الزمرد/ Emerald Pulse
Fantasíaفتاة ذات 17عاما تغفو بعد أن تقع أرضا في غرفتها لتعيش من بعد تلك السقطة أياما عصيبة وأحداثا غريبة تعلم من خلالها أن لها هدفا لتسعى خلفه و أصدقاء على إستعداد للتضحية في سبيل ذاك الهدف المنشود. .