الجزء الثاني【رحلة ثلاثيني】
الفصل السابع
ْ
_تلا : مبقاش ينفع يا راجح .
_راجح ببكاء : مبقاش ينفع ترحميني يا تلا .. هي وصلت بيكي لدرجة أنك تستخسري فيا أني أعيش بسلام من غير أي حاجه .. طب ..طب هو أنا أستاهل أني عايش سبع سنين أتقهر و أتخنق بسبب كلامك يا تلا .. طب أنا عمري أذيتك بكلامي أو حتي كرهتك في نفسك .. أنتي شوفتي مني شر أو أي أذي أنا قاصده ... مش عايز جواب منك دلوقتي .. كل إللي عايزه أنك ترحمي عزيز قومٍ ذل يا تلا .. أقعدي وفكري مع نفسك و سيبيني مع نفسي عشان أنا بجد مش حمل أي تقاطيم منك تاني ... و كفايه بقي تكسير فيا و إضعافي قدام نفسي .. سلام يا تلا .
ْ
أغلق الخط .. و قام بإلقاء جسده علي سريره ليجلس بألم يحاول قدر الإمكان كمد دموعه و إجبارها أن تكف عن إزعاجه .. تنهد بثقل و أغمض عيناه قليلاً .. ليستمع إلي صوت أحد ما قام بفتح الباب و دلف تجاهه سريعاً كاد أن يفتح أعينه ولكنه شعر بمَن يجذبه من يده إلي داخل أحضانه سريعاً مردفاً بإختناق .
ْ
_حمزه : معلش يا صاحبي .. معلش .
شدد راجح علي إحتضان حمزه و سمح لدموعه أن تنهمر أمام صديقه .. لم يستطيع التحدث إلا بجمله واحده و بعدها إنهار في البكاء .
_راجح : بتقتلني و بتشيلني فوق طاقتي يا حمزه .
ْ
ليبكي بحرقه و صوت مرتفع كطفل صغير .. بكائه جعل حمزه يقسم بأنه و للمره الأولي له أن يري راجح بهذا الضعف .. كم هي قاسية القلب تلك ''التلا'' برغم أن راجح قد أعترف لها بأنه مازال يعشقها ولكنها إستمرت في تحطيم ذاك الخافق الصغير لديه .. كان حمزه يمسد علي ظهر صديقة و يحاول حبس دموعه هو الآخر فهو لا يحتمل رؤيته هكذا .. حمزه لم يفارق راجح يوم منذ صغره إلي أن وصل لمرحلة المراهقه في الخامسة عشر له و ترك منزله ليستقر مع راجح سبعة عشر عام متواصلين .. و الآن راجح صديقه و كل من يملك في تلك الحياه يبكي .. أيعقل!! .. لم يستطيع التحمل أكثر حتي شعر بدموعه تنهمر فأردف بإختناق و هو يمرح معه كي يخفف عنه .
ْ
_حمزه بدموع : شرسه أوي تلا دي .. قدرت تعيط أتنين رجاله بمكالمة تليفون واحده .
و قد نجح في جعله يبتسم .. فأردف بمرح أكثر .
_حمزه : أنا جالي فوبيا من الأسم .. رغم أنه رقيق و هادي إلا أن صاحبة الأسم مفتريه .
خرج راجح من أحضانه و أردف و هو يمسح حدقتيه .
_راجح : متقولش عليها مفتريه .
ضحك حمزه لإدراكه بأن راجح مازال مُتيّم بها .. فجذبه مرةً أخري إلي أحضانه و أردف .
_حمزه : أنا اللي مفتري .. بس متزعلش نفسك .
ضحك راجح و شدد مرةً أخري علي أحتضان صديقه و أردف .
_راجح ببرود و هو يبكي : و أنت بقا كنت بتتصنت عليا.
ْ
أوه يا رفاق أوووه حقاً القالب يغلب و يربح .. فراجح رغم حزنه و بكائه لم يتخلي عن تلك الصفه التي يحملها ألا و هي البرود ... ضحك حمزه و أردف ببرود .
ْ
_حمزه : الصراحه أه كنت بتصنت .. يعني يا راجح هي عادتي ولا هشتريها .. و بعدين أنت صوتك كان عالي أوي لدرجه إني متأكد أن دهب قاعده في أوضتها بتعيط بسببك .
ضحك راجح .. فأكمل حمزه مرحه .. و هو يخرجه من بين أحضانه و ينظر إلي قطرات الدموع التي تركها راجح علي قميصه .
_حمزه : يادي النيله منابنيش أنا غير إني أتنجست ٤٠ يوم .
نظر له راجح بعدم فهم .. فضحك حمزه و أردف .
_حمزه : وحيات أبوك اللي منعرفش راح فين من سنتين معكش رقم حد من دار الإفتاء عشان أسأل إذا كانت دموع الكلاب بتنجس ولا لأ .
ضحك راجح كثيراً و هو يلكمه في وجهه .. فضحك حمزه تلقائياً علي ضحكات صديقه .. و قام بإحتضانه مردفاً .
_حمزه : أيوه كده يا عم أضحك .
ْ
__________________________________________
ْ
وصل أنس و رماح أمام العماره السكنيه الكبيره '''برج''' التي يقطن بها سيف .. لينطلقا راكضين إلي الأعلي إلي حيث شقة سيف .. ليتوقفا أمامها بقلق شديد و هم يطرقا الباب بعنف و بطريقه هوجاء مردفين بصراخ .
ْ
_أنس : أفتح يا سيف ... أفتح أنا أنس .
_رماح بصوت مرتفع مع طرقاته التي لم تتوقف : أفتح بقى يا سيف متقلقناش عليك .
ْ
ْ
في الداخل .. كان يقف سيف بنفس هيئته التي كان عليها البارحه بقميصه المتمزق بسبب أنس و جرح صدره الذي لم يكلف نفسه عناء إيقاف نزيفه .. يستند علي الحائط بألم .. يحاول أن يتحرك ببطء بسبب ألمه الذي أحتل جسده كله و محاولة مقاومة إرادة عقله و جسده بأن يغيبا عن الوعي بسبب عدم قدرته علي التحمل .. يخطو ببطء و هو يحاول إخراج الحديث من حلقه ليخبرهم بأنه قادم ولكنه لم يستطيع .. خرج منه تأوه عالي فسمعه كلاً من رماح و أنس اللذان أذادت طرقاتهم بقلق .. ليصرخ أنس بأنه سيقوم بكسر الباب إن لم يفتحه .
ْ
_أنس من الخارج : هكســــــر الباب يا سيف لو مفتحتش .
ْ
عيناه تغيب عن وعيها ولكنه يقاوم .. حتي توقف أمام الباب .. ليقترب إليه بيد واحده و الأخري تستند علي الحائط كي لا يفقد توازنه و يسقط أرضاً .. فتح الباب بعناء .. ليجد كلاً من رماح و أنس ينظران له بقلق شديد بسبب هيئته .. فجاهد هو علي الحديث مردفاً و هو يتحدث إلي رماح الذي وقعت عليه أعينه أولاً .
ْ
_سيف : الحقني ... يا رماح ... آه .
لينهي حديثه و يسقط جسده تجاه أنس و رماح اللذان نجحا في الإمساك به قبل أن يرتطم جسده أرضاً .. ليحمله أنس مردفاً بصراخ في رماح و هو يدلف إلي الداخل .
ْ
_أنس : أدهــــــــم يا رماح ... أتصل بأدهــــــــم .
ْ
فيُخرِج رماح هاتفه سريعاً و يقوم بمهاتفته و هو يدلف خلف أنس بقلق .. أنتظر قليلاً حتي جائه الرد .. فأردف هو سريعا دون أي مقدمات و بصراخ .
ْ
_رماح : أدهم تعالي بسرعه شقة سيف .. بسرعه يا أدهم .
_أدهم بتساؤل : ليه يابني فيه حاجه ؟؟
_نظر رماح لأنس الذي يحاول إفاقة سيف بأي طريقه .. و أردف : سيف تعبان .. تعالي بسرعه متأخرش يا أدهم وحياة أبوك .
توقف أدهم من مكانه و أتجه سريعاً إلي حقيبته التي بها كل مستلزماته الطبيه مردفاً .
_أدهم : ماشي يا رماح .. مش هتأخر سلام .
....
أغلق رماح الهاتف .. و أتجه إلي الأريكه التي كان أنس قد مدد عليها سيف و هو يحاول أفاقته مع مساعدة يده التي أخذت تفرك صدر سيف بهدوء بعيداً عن جرحه ليحاول طمئنته و جعله يحاول أن يتنفس بانتظام فهو لاحظ أن سيف رغم فقده وعيه إلا أنه يتنفس بصعوبه مع صدره الذي يعلو و يهبط سريعاً و كأنه يركض خلف أحد ما ... ذهب رماح سريعاً تجاه المطبخ ليجلب القليل من الماء ليرحم سيف مما يواجهه الآن داخل عقله الباطن و يجعله يستعد وعيه عن طريق إصتدام الماء علي جسده .. لم يتأخر بالداخل حتي عاد سريعًا ليجلس قبالة الأريكه أرضًا و هو يرمي بقطرات من الماء علي وجه صديقه الذي أبي أن يفتح جفونه ليرحم أصدقائه من القلق الذي أحتل صدورهم .
ْ
__________________________________________
ْ
_خلاص يا راجح بجد أنت مش عارف أنا بغلي أزاي بسبب دموعك دي .
ْ
كان هذا صوت حمزه الحانق الذي كان يجلس بجوار راجح .. و يحاول إيقافه عن البكاء بعدما عاد راجح يبكي مرةً أخري و هو يرثي حاله بحزن علي ما آل إليه من حزن و قهر .. و هو يرمي بحاله داخل أحضان صديقه و رفيقه الدائم .. ظل راجح يسب حاله بجميع أنواع السباب التي يعلمها بسبب شعوره الذي طغي بأنه حقاً المذنب في خسارته ولده و صغيره اللطيف .
ْ
_حمزه بإختناق : خلاص يا راجح معلش .
_راجح ببكاء : يعني النهارده اليوم اللي أتوفي فيه ابني بسببي يا حمزه .. بسببي ... تخيل كمية الوجع النفسي اللي هيقتلني ، ده لو مكنتش أتقتلت مع موته .
ْ
اليوم!!! حقاً!!! كيف ذهبت تلك الذكري عن بال حمزه .. كيف تناساها و هو الذي كان يحاول كل سنه بقدر إمكانة أن يظل مع صديقه في مثل هذا اليوم .. الآن تيقن بأن راجح يجني حصاد دموع السنه بأكملها .. لذا عزم علي تركه يبكي ليهدئ قليلاً .. فأردف راجح بصوتٍ موجع حقاً .
ْ
_الثقه بتتقلب لخذلان لما بتتحط للشخص الغلط .. و انا عمري ما حطيت ثقتي في حد صح ..
خرج من أحضان رفيقه و أردف .
_أنت الوحيد يا حمزه اللي حاسس إني أختارته صح .. خايف أقولك متحاولش تسيب صاحبك يجاهد لوحده و فجأه الاقيك عملت زي تلا .
بكي أكثر بسبب تلك الفكره اللعينه التي أحتلت عقله في خسارته لأكثر شخص هو يأتمنه علي حياته .. و أردف .
_أوعي يا حمزه تعمل كده .. ده أنا أموت فيها يا صاحبي .. أوعي تكسرني زيها و تذوّد سكينه في وسط كل السكاكين اللي فيا يا حمزه .. ده أنا أموت يا صاحبي .. عارف يعني إيه أموت .
ْ
كيف صار هذا الراجح هكذا بسبب يومٍ واحد و مكالمه هاتفيه واحده .. كلماته تلك حقاً أخذت تقطع فؤاد حمزه إرباً .. لِمَ يا صديقي أضحيت هكذا .. حقاً إنك تحمل الكثير من المآسي .. أعان الله خافقك علي تحمل كل تلك الصدمات و ... خرج من أفكاره بسبب صوت راجح الذي أردف بصوتٍ متهدج بين دموعه .
ْ
_أنا مستاهلش إني أبقا أب صح .. صح يا حمزه .. مستاهلش إني أكوّن عيله صغيره تحبني و تعوضني عن ال.... الكلاب اللي أنا كنت عايش ليهم و عشانهم .
_أحتضنه حمزه و أردف : أنت تستاهل كل خير يا راجح .. تستاهل أنك تفرح و تعمل كل حاجه تسعد قلبك .
_راجح بصوتٍ مكتوم و هو يضع وجهه في كتف صديقه بألم : طب ليه هي بتعمل فيا كده ؟؟ أنا بموت يا حمزه و هي عايشه عادي .. أنا كل ما أحاول أنساها بلاقيها بتكلمني عشان تشوفني عايش ولا لأ ..و لو عايش بتقتلني نفسياً .. هي اللي بتجلد ذاتي مع كل محاوله ليا أني أعيش و أردم علي زعلي يا حمزه .. هي .. هي ... آه يا حمزه آه .
لم يكمل حديثه و أجهش في البكاء بطريقه مؤلمه .. ليربت علي ظهره حمزه أكثر و يحاول أن يطمئنه قليلاً .. فخرج راجح من أحضانه ببكاء و هو يشر بيده علي صدره مردفاً بطريقه جعلت حمزه يتمني بأن يكون هو الموجوع ليس صديقه .. و إن لم يستطيع أن يحمل عنه كل ذاك الحزن علي الأقل .. فيتمني أن يقسمه و يشاركه فيه .. تمني أن يكون الحزن شيء مادي و ملموس ليحمله و يلقيه بعيداً عن راجح ولكن _ لأسف الأسف _ حزنه هذا معنوي و نفسي .. كان يشير راجح إلي صدره بيده مردفاً .
ْ
_راجح : هنا .. هنا يا صاحبي .. الوجع هنا .. حاسس أني بموت بسببه بس متأكد أنه مش هيموتني .. تعرف ليه .
رامقه حمزه بهدوء ... فأردف راجح و هو يصرخ و يتحرك بعشوائيه .
_عشــــــان الأحساس ده مش جديد ولا أول مره أحس بيه .
_تحدث حمزه بقلق مردفاً : أهدي يا راجح .. براحه علي نفسك .
_راجح : ما أنا كنت هادي .. أنا كنت.........
لم يكمل حديثه بعدما أستمع إلي صوت هاتفه يصدح فنظر له فوجد أن المتصله هي ''تلا'' فنظر للهاتف و عزم علي أن يجيبها .. ولكن حمزه أخبره بأن لا يفعل ذلك فهو يحمل الكثير من الألم و هي تريد أن تزيده .. فأومأ له راجح و حاول أن يصبح أقوي و يكف عن البكاء و النحيب .. حتي أنهت تلا إتصالها .. دقائق و أتي لراجح إشعار لرساله نصيه منها محتواها .
(أنا هرجع مصر النهارده ، و مش هعيش بعيد تاني يا راجح ، هروح أعيش مع مروان أخويا ، و ياريت تقول للناس اللي فاكره إني مش واخده بالي منهم و أنك حاطتهم عشان يراقبوني إن خلاص شغلهم خلص لحد النهارده) .
نظر راجح للهاتف و أغمض أعينه قليلاً مردفاً .
ْ
_راجح : جايه تدبحني ، أتحكم علي صاحبك يا حمزه و التنفيذ النهارده .
ْ
__________________________________________
ْ
جاء أدهم إلي منزل سيف و دلف سريعاً إلي الداخل بعدما وجد الباب مفتوح .. ما إن دلف حتي وجدهم في غرفة المعيشه و سيف يفترش تلك الأريكه .. فتقدم إليهم سريعاً و هو ينظر إلي حالته و جرحه مردفاً و هو يخرج بعض الأشياء من حقيبته .
ْ
_أدهم : هو إيه اللي حصل؟
_رماح سريعاً : معرفش .. هو أتصل و قال انه تعبان .
_نظر أدهم لجرحه و تيقن بأن هذا الجرح ليس جديد و أنه لربما يكون من يوم و لكنه فُتِح مراراً فأردف : من أمتي و هو متعور كده؟
_أنس و هو يبتعد عنه ليفحصه أدهم جيداً : أمبارح .. من أمبارح يا أدهم .
أومأ له أدهم و قام بإخراج ورقه و قلم و قام بتسجيل بها بعض الكلمات ... و أعطاها لأنس مردفاً .
_أدهم : بسرعه يا أنس معلش هتعبك .. روح هاتهم من الصيدليه .
أومأ له أنس و ذهب سريعاً .. أما أدهم فأخرج أدواته و مستلزماته من القطن و المطهر ليقوم بتنظيف جرحه قبل أن يقوم بإغلاقه بالعديد من الغرز .. و نظر إلي رماح القلق مردفاً .
ْ
_أدهم : متقلقش يا رُمح .. ده جرح سطحي بس هو عشان مهتمش بيه أو وقف نزيفه حصله كده .
جلس رماح بجواره براحه قليلاً .. فأردف أدهم و هو ينظر إلي وجه سيف الشاحب .
ْ
_أدهم : ..........
يـــــــــتبــــــــــــع ❁......
❁رحـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓمٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓه أحـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓمٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓـٍٓد ❁...
أنت تقرأ
في الماضي ٢ 『رحلة ثلاثيني』
Mystery / Thrillerروايتي تتحدث عن أشخاص و لحظات تكاد تكون حقيقة ، نعم أعترف بأنها من وحي خيالي ولكنها أقرب من الواقع .. أتمنى لكم قرآءة ممتعه و دمتم في أمان الله🌍❤