الفصل الاول

2K 46 3
                                    

تحت مسمى العشق
***
"في احدى قاعات الافراح."
* * *
دلف آسر بخطوات وئيدة وطوله المهيب وبشعر اسود قصير مصفف بعناية شديدة يُناسب جدا لون بشرته الحنطية مع ذقن مشذبه زينها طابع الحسن في منتصف ذقنه، دلف الى فرح حبيبته، قلبه يؤلمه بقوة لا مثيل لها، ودموعه متحجرة في مقلتيه الرماديتين تأبى النزول، لكنه رُغم كل هذا الالم كان في ابهى صوره بجسده الرياضي وحلته الانيقة رغم الصرامة التي تشع من وجهه.
كان يرتدي حُلة سوداء فاخرة، مُصفف خصلاته القصيرة للخلف مع لون شعره الاسود القاتم، كان جذابًا جدًا كعادته..
نظرات باردة وملامح وجه جامدة لا تستطيع فهم تعبيراته او فهم ما يدور في خاطره في تلك اللحظة، عندما تنظر الى وجهه وتلتقي عينيك بعيناه لا تشعر سوى بالغموض وبعضًا من الريبة والقلق!
ظل يخطو تلك الخطوات الواثقة وداخله بركان يغلي على وشك الانفجار حتى اقترب من العروسين جدًا واصبح في مكان يسهل عليه رؤيته لهم، ورؤيتهم له!
نظر لها، تلك من دعست على قلبه وواصلت سيرها كما قال الجميع، لكنه مازال لا يُصدق ما حدث بعد!
عشقه لها يُبرر ما يحدث الان على انها تحت الاجبار وحتما فعلت ذلك الشيء المُهين له لسبب معين..
رغم انه كاد ان يُقبل يدها الحاحا ورجاءا كي تعطي له تفسير مناسب عن ما حدث ولكن ما قالته كله هراء!
نقل نظره الى الجالس بجانبها..
ذلك الذي كان صديقه بيومًا من الايام..
وبين ليلة وضحاها اصبح الد اعداءه، واستقبل آسر صدمته في صديقه وقتها وحاول التعافي وعندما استعاد توازنه تلقى الضربة الثانية من احب الناس الي قلبه بعد والده ووالدته!
حبيبته.. السابقة!
* * *
"على الجانب الاخر."
* * *
نظر "أشرف" لـ "آسر" بإنتصار ونظرة متشفية في حاله بسبب غيرته العمياء من آسر وحقده الدائم عليه وبسبب ضغينته هذا اصبح هدف اشرف الوحيد في تلك الحياة هو تنغيص الحياة على آسر وسرقة كل جميل منه، ورغم عدم ظهور اي مشاعر على آسر لكن اشرف يعلم جيدا ان قلبه ينفطر من الالم، فهو كان صديقه في يوم من الايام ويعلم كم يحب حبيبته، ومن شدة كره أشرف لـ آسر قرر الزواج من حبيبته رغم انه لا يتحمل النظر اليها حتى وذلك بسبب حبه لأخرى!
رفع اشرف يد العروس الى فمه ليلثمها بقبلة وهو ينظر لآسر الذي مات غيرة وقهر في تلك اللحظة..
نقل آسر نظره بعيد عنهما ووقعت عينيه عليها!
كان تشع نورا وجمالا كاد ان يطفىء بريق الاخرين حولها..
"ليان الموجي"
ابنة عم "اشرف"، وبالنسبة لها تعتبره شقيقها مثل "احمد" اخيها.
فتاة جميلة جدا ورغم قصر قامتها ونحافة جسدها الا انها سطعت وسط باقي الحضور كالقمر في السماء وسط النجوم، كانت لامعة جدا تخطف بصر كل من يقع بصره عليها مع شعرها الطويل بلونه الكستنائي وبشرتها البيضاء الصافية وعيينها العسلية التي امتازت بكحل رباني رسم عينيها بدقه لا مثيل لها ..
وقع نظره عليه وشرد قليلًا ولمعت عينيه بلمعة شر وانتقام!
ابتسم آسر نصف ابتسامة ونظر الى أشرف نظرة خبيثة، وسار آسر بصع خطوات باتجاه ليان التي كانت تقف وحدها منتهزًا الفرصة!
وصل آسر الى ليان ووقف الى جانبها وهو ينظرة بنظرة خاطفة على الاجواء والوضع حوله ومن ثم تمتم بنبرة لطيفة وعلى وجهه ابتسامة متكلفة : -
- ازيك يا ليان؟
انفرجت اسارير ليان واجابته بترحاب : -
- اهلا يا آسر ، انا الحمدلله ، انت عامل ايه ؟
عقد آسر حاجبيه بإستغراب عندما رحبت ليان به، ولم تتجنبه او تتجاهله بسبب العدواة القائمة بين ابن عمها وبينه..
رجح آسر ان تكون ليان لا تدري بالعدواة بينه وبين ابن عمها، فـ أخر مرة رأها فيها يتذكر انه كان اثناء صداقته مع ابن عمها منذ عدة سنوات ولم يرها منذ ذلك الوقت..
ابتسم مالك بسعادة لسهولة وصوله الى مطلبه وتنفيذ خطته وسرعان ما بدء بها!
اجاب آسر على سؤال ليان عن حاله وقال بابتسامة مصطنعة : -
- الحمدلله تمام ، عقبالك..
بادلته ليان الابتسامة باخرى لطيفة وبريئة وقالت : -
- تسلم، عقبالك انت كمان..
نظرت ليان الى الارض بخجل وهي تحاول ان تخفي مشاعرها جيدًا، فـ هي معجبة بآسر منذ رؤيته منذ سنوات وعاد ذلك الاعجاب مجددًا ليتأجج عندما رأته اليوم وخاصة بهيبته وجذابيته الفريدة..
لمح آسر شقيق ليان يدلف الى القاعة ويبدو انه خرج ليبتاع شيء وعاد، لم يتردد آسر ثانية عن امساك يد ليان وجذبها للتحرك معه ورغبة الانتقام داخله هي فقط التي تحركه!
نظرت ليان لآسر بصدمة من تصرفه الجريء والمفاجيء وحاولت جذب كفها من كفه لكن كان آسر يمسك كف ليان باحكام ونظر لها آسر وقال بكذب : -
- انا عايز اتكلم معاكي في حاجة مهمة جدا يا ليان، بس مش هعرف اتكلم هنا، ممكن نخرج نتكلم برا؟
ارتبكت ليان وتوجست وقالت بنبرة متسائلة : -
- حاجة ايه؟
كان تسأله ليان وهو يسحبها خلفه وهي تشعر وكانها شُلت وتوقف عقلها عن التفكير وكل ما جاء في خاطرها ان هناك مصيبة آسر وقع فيها ويريد مساعدتها..
نظر لها آسر نظرة خاطفة وقال بارتباك : -
- مش هاعرف اقولك حاجة هنا..
صمتت ليان وسارت معه باستجابة حتى خرجوا من القاعة وترك اسر يد ليان وتوقفت ليان حتى تسئله وهي تنظر حولها : -
- في ايه يا آسر، انا مش فاهمة حاجة!
امسك آسر بيدها مرة اخرى وجذبها نحو سيارته وفتح لها الباب وقال بنبرة كاذبة : -
- لازم تيجي معايا حالا ، في حاجة مهمة لازم تشوفيها، اركبي وهشرحلك كل حاجة في الطريق..
تمتمت ليان بنبرة معترضة : -
- طيب والفرح؟
نظر آسر حوله بنظرة مضطربة وقال : -
- هنروح ونرجع قبل ما حد يلاحظ متقلقيش..
انصاعت ليان لطلب آسر واستقلت السيارة وحدسها يخبرها ان هناك شيء سيء ينتظرها..
* * *
"في سيارة آسر."
* * *
كان آسر ملتزم الصمت الطريق وكانت ليان تنظر له بقلق وتشعر بالضياع والتيه، تحدثت ليان الى آسر عدة مرات ولم يكن يجيبها او حتى ينظر اليها وكان احيانا اخرى يرد على الكلمة بمثلها مقتضبة مبهمة.
"بعد مرور ساعة تقريبا."
وصل آسر الى الفيلا الخاصة به، انا ليان فنظرت للفيلا باستغراب وقالت بنبرة متسائلة : -
- احنا فين؟ ، والفيلا دي بتاعت مين؟
نزل آسر من السيارة ولم يرد على ليان واستدار حول السيارة وفتح الباب وقال لها بملامح جامدة اخافتها وبنبرة آمرة : -
- انزلي من العربية..
نظرت ليان الى آسر بخوف وهتفت بنبرة مضطربة وهي تنظر حولها : -
- احنا فين؟
لم يجيبها آسر بل قام بامساكها من معصم يدها وجذبها خارج السيارة وجرها خلفه وسط مقاومتها الى داخل الفيلا وهي تصرخ فيه بخوف شديد : -
- سيب ايدي يا آسر ، سيبني بقولك سيبني..
رغبته في الانتقام كانت قادرة على كف بصره وصم اذانه عن خوفها..
فقط رغبته في الانتقام هي المحرك الاساسي والوحيد..
كانت تزيد مقاومة ليان وتزيد مقاومة آسر مثلها ويحكم قبضته على يدها اكثر!
شعر آسر انه قد يُفلتها فاستدار لها وحملها على كتفه وهي لم تستسلم ايضا وبدأت بضرب ظهره بقبضتيها..
وصل آسر الى احد الغرف في فيلته وامسك بالمقبض بيد وفتح الباب وهي استطاعت النزول حينها وهمت بالهروب ولكن كان آسر اسرع منها وادخلها الى الغرفة واوصد الباب جيدا بالمفتاح..
وعلى الجانب الاخر داخل الغرفة ظلت ليان تضرب الباب بقبضتيها بعنف وهي تصرخ وتبكي في آنٍ واحد..
هبط آسر على درج السلم وجلس بغرفة مكتبه وشد الكرسي وجلس واضعا راسه بين يديه وقد ادرك اخيرا حجم فعلته..
شعور بالندم واخر بالانتصار على غريمه وحرب اشتعلت داخله انتصر في الجولة الاولى فيها رغبته بالانتقام منه في احبائه مثلما فعل ولا رجعة له ابدا..
هو سرق منه حبيبته وهو سيسرق ايضا حبيبته..
هو يعلم كم يحب اشرف ليان منذ نعومة اظافرهم، هي حب طفولته ومراهقته وشبابه، مثل سارة..
مثلما كانت سارة له..
سيحترق في نفس النار ويتجرع من نفس الكأس..
والان!
يجب عليه تنفيذ الخطوة الثانية قبل ان يكتشفوا فعلته ويداهموه ويفقد كل شيء..
* * *
"في الغرفة."
* * *
كانت ليان تجلس على الارض باحدى زوايا الغرفة وتضم ساقيها الى صدرها وتحيط ساقيها بذراعيها وكأنها تحتضن نفسها بحنو لتهون على نفسها ما حدث وما سيحدث وايضا كانت تدفن راسها بين ساقيها بخوف وهي تبكي وجسدها يرتجف من البكاء..
سمعت ليان صوت المتاح وهو يفتح الباب بالخارج ودلف اسر واوصد الباب خلفه بالمفتاح ووضع المفتاح في جيبه والتفت فوجد ليان تهجم عليه بضربات قبضتها الضعيفة وهي تبكي بقوة..
قالت ليان من وسط شهقاته وهي تضربه وتدفعه حتى التصق بالباب : -
- خرجني من هنا، انا عايزة امشي، بقولك خرجني خرجني..
ارتجف داخل آسر لبكائها وخوفها المتواري خلف بكائها ولكن كان البرود يحتل ظاهره ويبدو كأنه انسان بلا قلب..
امسك آسر كفي ليان بقبضتيه لكي يتحكم في حركتها العشوائية المفرطة وهتف بهدوء قاتل : -
- اهدي واقعدي عشان عندي كلمتين مهمين ولازم تسمعيهم..
ضربت ليان الارض بقدمها عدة مرات بتمرد وقالت بصراخ : -
- احنا مفيش بينا كلام، افتح الباب دا بقولك..
هتف آسر بنبرة متصلبة وهو ينظر داخل عينيها : -
- انتي مش هتخرجي من هنا غير لما نتكلم ونتفق وتنفذي كمان اللي اقول عليه، غير كدا متحلميش تخرجي من هنا..
ابتعدت ليان خطوتين للخلف وتمتمت بنبرة غير مصدقة : -
- اسر انت مش عارف انا مين! ، انت عارف ان لو اشرف عرف اللي انت عملته دا انه عمره ما هيعرفك تاني..
غمغم آسر من بين اسنانه محاولا تمالك اعصابه : -
- ومين قالك ان اشرف يهمني اصلا!
اوعي تكوني لسه فاكرة انه صاحبي وحبيبي وهخاف على زعله..
اشرف اكبر عدو ليا يا ساذجة..
توقف عقل ليان لوهلة من شدة الصدمة وتمتمت دون وعي وعقلها يحاول ربط الخيوط ببعضها : -
- ايه!
يعني ايه، وانا مالي بعدواتكوا!
زفر آسر انفاسه بضيق وقال : -
- دا مش مهم الوقتي..
تتجوزيني يا ليان!
ازدادت نبضات قلب ليان وتمتمت بنبرة مصدومة : -
- نعم!
انت خطفتني عشان تعرض عليا الجواز!
تجاهل آسر حديث ليان واستطرد قائلًا بنبرة متصلبة : -
- مع العلم اني مش هقبل منك رد غير اها موافقة..
هتفت ليان بعند : -
- دا من رابع المستحيلات اني اوافق على الجوازة دي..
غمغم آسر ببرود قاتل وهو ينظر داخل عيني ليان : -
- خلاص انتي كدا مش سيبتي ليا حل تاني، كدا هضطر الجأ للحل اللي مكنتش حابب اعمله ..
توجست ليان من نبرته التي شعرت ان خلفها يكمن مصيبة فقالت بترقب : -
- اللي هو ايه؟
اجابها اسر بنبرة باردة : -
- اخوكي..
هقتل اخوكي..
تمتمت ليان بصدمة : -
- ايه!، ايه اللي انتَ بتقوله دا انت مستحيل تقتل اخويا..
قال آسر بلامبالاة : -
- وليه مستحيل احنا في حرب وكل حاجه مسموحه في الحرب وانتي مش سيبتي ليا خيار تاني..
غمغمت ليان بنبرة غير مصدقة : -
- حرب ايه يا آسر انت اتجننت اشرف عملك ايه لكل دا، عمل ايه عشان تفكر تتجوز واحدة مبتحبهاش، او تقتل واحد كلت معاه عيش وملح قبل كدا!!
تمتم آسر بضغينة : -
- خد مني حاجه عزيزة اوي ومفيش قدامي حل غير كدا، ها اختارتي ايه جوزانا ولا روح اخوكي
قالت ليان بعدم تصديق: -
- انتَ متقدرش تعمله حاجة واهلي زمانهم بيدوروا عليا وهيجوا ياخدوني .
رددآسر بنبرة متلاعبة بعقلها : -
- انا معاكي في انهم هيدوروا عليكي وهيلاقوكي بس انتي ايه ضمنك اني مقتلش اخوكي، هتمنعيني ازاي عندي فضول اعرف..
اخرج آسر مسدس من جيبه واكمل : -
- يعني انا الوقتي لو روحت الفرح وزي ما خدتك من وسط اهلك قتلته وهو وسط اهله هتمنعيني ازاي ؟
شهقت ليان بخوف عندما رأت آسر يُمسك بالمسدس وقالت بنبرة مرتجفة : -
- خلاص خلاص موافقة شيل المسدس دا من قدامي، انا موافقه على كل حاجه بس متأذيش اخويا..
هتف آسر بوعيد : -
- كلمتك دي لو رجعتي فيها متلوميش غير نفسك واحفظي حاجه تقوليها لاهلك بكره لما يجوا
تمتمت ليان بتساؤل : -
- هيجوا بكره ليه؟
اجابها آسر بنبرة اعتيادية : -
- عشان نكتب الكتاب وهما هيحاولوا يمنعوكي بس انتي بتحبيني ومتقدريش تبعدي عني ومش هتسمعي كلامهم مهما حصل صح يا لولو
نظرت له ليان شرزا وقالت بنبرة استنكارية : -
- انا بكرهك
اقترب آسر منها بخطوات بطيئة، وهي ظلت تبتعد عنه نفس مقدار اقترابه منها حتى صدم الجدار ظهرها بخفة معلنا عن انتهاء المسافة خلفها، لمس آسر وجه ليان بخفة متعمدا اثارة الرعب في داخلها وهتف بصوت رخيم : -
- بس عينيكي بتقول غير كدا
ادارت ليان وجهها للجانب الاخر لتتجنب التقاء عينيها بعينيه وقالت بنفور : -
- ابعد عني انا بكرهك
ابتسم آسر بسخرية وابتعد عدة خطوات للخلف قائلًا بتهكم : -
- حاضر هبعد الوقتي بس اوعدك مش كتير..
* * *
في الفرح
كان "احمد" يبحث عن شقيقته ليان في كل مكان، وفجأه ارتطم بفتاة دون قصد واختل توازن الفتاة بسبب الكعب العالي التي ترتديه وكانت ستسقط لولا احمد الذي لحق بها وامسكها قبل ان تقع وهي تشبثت به ولوهلة شردت في عينيه ولكن استعادت توازنها واعتدلت وتركته وهي تنظر له بخجل..
قالت عليا بحرج : -
- انا اسفة مشوفتكش
ردد احمد بنبرة متعجلة: -
- لا ولا يهمك انا اللي اسف عن اذنك
انهى احمد كلماته وترك عليا خلفه وذهب ليكمل البحث عن شقيقته التي اختفت فجأه عن الانظار..
اما عليا..
ظلت واقفة مكانها وتتابع احمد بنظراتها حتى اختفى عن انظارها وضربات قلبها سريعة وكأن هناك خطب ما..
* * *
في فيلا آسر..

تحت مُسمى العشق - علا فائقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن