١٨.

499 29 128
                                    



_



متى كانت مهمة الإستيقاظ على هذا القدر من الصعوبة؟

كان ذلك أول ما طرأ بفكره حالما باشر إستعادة وعيهِ،

بَيْدَ أن شعور الغرابة تسلل لدواخلهِ حينما لم تكن الأغطية الدافئة لسريره المريح ولا ظلمة حجرته الوسيعة هو أول ما قابله

بل و على النظير،
عظامه طقطقت بإنعدام راحةِِ حالما رفرف بأهدابه وقوبل بالسقف المرتفع و الغرفة ذات البياض الناصعِ.

السقف المرتفع ما إرتفع إلا لأن جسده إرتخى بأواسط مفرش أرضيِِ ، و بياض الحجرة ما سطع إلا لأن صاحبها إرتأى أن شراء ستار لنافذته مجرد مضيعة للمال،

إضافة إلى تواجد سلة الغسيل التي تحتاج تنظيماً، الغيثار المهمل بالركن هنالك و كذا الدولاب الضخم الضام لمتجر بأكمله من الملابس الأنيقة هو علم أين قضى ليلته..

جسده إنقلب يميناً و شمالاً ضمن الأغطية الحاملة لعبقِ رجلِ عصابةِِ معينِِ، ذاك و حينما حطّ بذهنه بعض من ذكريات بارحته المشوشةِ،

و لنقل أنه تمنى لو أنه ما إستيقظ حينها أبداً.

تنهيدة مثقلة غادرت ثغره و كذا زادته صداعاً فوق صداعهِ، فما لبث يشتم الهراء الذي وضع به ذاته إلا و رصد مقبض الباب و هو يُحَرّك بمكانه،

هو فكر لوهلة أنه يجدر به إدعاء النوم أو القفز من على النافذة عديمة الستارة لكنه و للحقيقة كان أكثر إقتناعاً بتحمل نتاج أقواله و أفعاله فحسب،

بالأخير هو كان على علم بما ستؤول إليه الأمور منذ أن سار نحو الحانة مطالباً ساقيها بإمداده بكأسِِ يُثمل روحه،

و هو فقط سيتقبل أنه ضاجع الوضع بكل روح رياضية و يواجه الرجل الذي إشتهى تقبيله بحقيقة أنه حقا إشتهى تقبيله
-و مايزال بالمناسبة- .

كشف باب الحجرة الذي فُتِح عن هيئةِ ذات الرجل و هو يلتحف بمريلته الزهرية المعتادة، على ملامحه رقدت تعابير مُركِّزة و أعينه خاضت تبحث عن أمر ما

النائم بمحله ناظر المشهد الصباحي بمبسم فاترِِ، و حالما فعل أعين الوافد الذي غدَا يحمل أحد القمصان الغير مكوية وقعت على هيئتهِ..

"اوه،
أيقظتك بتحركاتي؟"

بالنبرة الخفيضة التي ما فشلت بالعبث بدواخل المستيقظ لتوه سأل، كفه تخلت عن القميص الذي على ما يبدو كان سبب وفوده و سرعان ما راح يجول بالحجرة بحثاً عن غرض آخر

-Triple Miserable. |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن