الفصل العاشر( 10 )

60 17 0
                                    

في صباح اليوم التالي استيقظ مجد على صوت طرقات سريعة فنهض من فراشه وذهب ليرى من بالباب فتفاجأ بريماس تقف امامه بلباس النوم فسألها بقلق:
ماذا حدث؟
لم تجبه ولكنها سحبته من يده وسارت به نحو شرفة القصر، وما ان وصلا حتى جلست على ارضية الشرفة ونظرت امامها في صمت، حدق بها مستنكرا ما تفعله ثم قال:
هل تمزحين؟
نظرت نحوه فتابع:
هل ايقظتني من نومي وجئتي بي الى هذا المكان لتجلسي صامتة؟
فقالت بهدوء:
هلا جلست قليلا
اطلق تنهيدة قوية تنم عن استيائه ولكنه جلس الى جوارها ثم سألها لما طال صمتها:
هل جئنا هنا لنصمت؟
نظرت نحوه ثم قالت برجاء:
انتظر قليلا
ثم نظرت امامها مرة اخرى، فما كان منه الا ان نظر امامه كما فعلت ثم اسند مرفقه الى فخذة واسند خده الى راحته في ملل منتظرا ما تنتظره فاتسعت عينيه في ذهول
كانت الشمس تبزغ في السماء وكأنها جنين يخرج من رحم امه مرسلة سهامها الذهبية لتضئ الكون جاعلة الظلام ينقشع خجلا من جمالها
فقال مجد الذي كان مسحورا بهذا المشهد الذي لم ينتبه له طيلة حياته:
لم ار مثل هذا الجمال في حياتي من قبل
سحبت نفسا عميقا واخرجته ببطء ثم قالت:
هذا اجمل مشهد احب رؤيته في يومي
ثم نظرت نحوه وتابعت بابتسامة:
الشروق
نظر نحوها ولما رأى ابتسامتها التي كشفت اللثام عن اسنان لؤلؤية قال بدون ادراك:
ولكنك الاجمل على الاطلاق، فمن يرى هذه الابتسامة لابد وان يقع اسيرا في سحر جمالها
توردت وجنتاها خجلا اثر كلماته الساحرة فنهضت من جواره واسرعت هاربة من نظراته
عندها انتبه لما قاله فقال موبخا نفسه:
ما الذي قلته ايها الاحمق؟ هل كنت تغازلها؟
ثم نظر في اتجاه الشمس وتابع:
هي فعلا اجمل

                           **********

عادت ريماس الى مخضعها بانفاس لاهثة من فرط انفعالها
كان قلبها يخفق بقوة فقد كان لكلمات مجد اثر كالسحر عليها فهمست الى نفسها:
هل سمعتُ ما قاله حقا ام انني اتخيل؟
ثم تابعت:
لابد وانني احلم
ـ بالتأكيد احلم
ثم سارت باتجاه النافذة ووقفت تنظر الى السماء فخطر في بالها ان تنظر عن يمينها حيث الشرفة فكانت المفاجئة التي كانت تكذبها منذ لحظات، فقد وجدته جالسا على ارضية الشرفة محتضنا ساقيه بذراعيه ينظر باتجاه الشمس وعلى وجهه ابتسامة عذبة
وكأنه احس بوجودها فنظر نحوها فالتقت عيناهما لبعض الوقت، شعرت بالخجل منه فبعثرت نظراتها ثم عادت الى
الداخل وجلست على مقعدها لا تفكر سوى في ذلك الذي سرق قلبها واستولى على كل كيانها دون استئذان
كانت الابتسامة لا تزال مطبوعة على شفتيها حين رأتها حور بعد مضي ما يزيد عن الساعة منذ اشرقت الشمس، فسألتها بتعجب:
ما سر هذه الابتسامة في الصباح الباكر يا مولاتي؟
فقالت الاخيرة بشرود:
لابتسامتي سحر يأسره
قطبت حور جبينها وقالت بتساؤل:
ماذا؟
فقالت ريماس وهي على نفس الحالة من الهيام:
نعم يا حور، هو من اخبرني بذلك
ـ هو؟! من هو؟
ـ مجد
فقالت حور قاطعة عليها حبل شرودها:
هل عدنا للجنون يا مولاتي؟
فصرخت فيها ريماس عاليا:
اي جنون هذا الذي تتحدثين عنه يا حور اي جنون؟!
فقالت الاخيرة بثقة:
نعم يا مولاتي، ما تقولينه ضرب من الجنون
ـ وهل الحب جنون يا حور؟!
فقالت حور لتقطع عليها اخر امل قد تتعلق به:
الحب هو الجنون نفسه، وأن تحب ابنة ملك اكاسيا شابا من عامة شعب المملكة امر لن يقبل به الملك ابدا ولو كان على حساب قلبك
صدمت الاميرة حين سمعت تلك الحقيقة التي كانت تعرفها مسبقا فوالدها قد يتهاون في اي شئ الا ان تكون ابنته الوحيدة ووريثة عرشه زوجة لشاب فقير
لما رأت حور حال الاميرة قالت تواسيها:
مولاتي، اعلم ان ما قلته قد احزن قلبك، ولكني لا اريدك ان تعيشي في ارض الاحلام كثيرا فيصدمك الواقع
كانت ريماس مخفضة بصرها نحو الارض في حزن، ولكن بمجرد سماعها لتلك الكلمات، رفعت بصرها ونظرت في عيني حور بتحد وقالت:
لن اعيش في ارض الاحلام، بل سأجعل حلمي واقعا اتباهى به بين الجميع
ثم رحلت تاركة حور في حيرتها

{ملك الذئاب} حيث تعيش القصص. اكتشف الآن